كتبت ياسمين العقيدات:
تشارك مملكة البحرين العالم الاحتفاء بيوم المعلم الذي يصادف الخامس من أكتوبر من كل عام، تلك المناسبة التي يتجدد فيها الاعتزاز بدور أصحاب المهنة الأسمى الذين يقفون اليوم أمام تحديات العصر الرقمي والذكاء الاصطناعي، محافظين على جوهر رسالتهم في بناء الإنسان قبل المعرفة، وبينما تغزو المنصات التعليمية الذكية الصفوف الدراسية وتعيد تشكيل مفاهيم التعليم التقليدي.
وأكد عدد من الكوادر التعليمية في المدارس لـ«أخبار الخليج»، أن دور المعلم يظل أساس العملية التربوية مهما تطورت أدوات التعليم ودخلت التكنولوجيا الذكية بقوة إلى الصفوف الدراسية، مشيرين إلى أن الذكاء الاصطناعي أصبح وسيلة مساندة للمعلم لا بديلاً عنه.
وأوضحوا أن التعليم في جوهره يظل إنسانيًّا، يقوم على بناء الشخصية وتنمية القيم والدافعية لدى الطلبة، مؤكدين أن التكنولوجيا مهما بلغت من تطور لا يمكنها أن تحاكي الأثر الإنساني للمعلم في التوجيه والدعم النفسي والإلهام.
وأضافت الكوادر: «أن الذكاء الاصطناعي يقدم فرصًا كبيرة لتسهيل التعليم وتخصيص المحتوى وفق احتياجات الطلبة، إلا أن نجاح التجربة مرهون بقدرة المعلم على توظيف هذه الأدوات بحكمة لتحقيق التوازن بين الجانب الرقمي والتفاعل الإنساني المباشر».
تحديات المعلم في ظل المنصات التعليمية الذكية
في البداية أكدت الإدارية تهاني يوسف إبراهيم أن دور المعلم يظل محورياً وأساسياً رغم دخول التكنولوجيا الذكية بقوة إلى الصفوف الدراسية، مشيرةً إلى أن المعلم لم يعد ناقلاً للمعرفة فحسب، بل أصبح ميسراً وموجهاً لعملية التعلم، حيث تمنحه التكنولوجيا أدوات أقوى لفهم المفاهيم وتعزيز التفاعل وفتح آفاق جديدة أمام الطلبة لاكتشاف المعرفة بأنفسهم، مؤكدة أن المعلم يبقى القائد والمرشد الذي يربط بين الأدوات الرقمية والإنسانية ليخلق تجربة تعليمية متكاملة تجمع بين التقنية والفهم العميق وقيم التواصل والثقة.
وأضافت أن توظيف الذكاء الاصطناعي في التعليم أصبح ضرورة ملحة لا خياراً إضافياً، مشيرةً إلى أن عدداً من المدارس بادرت إلى تنظيم ورش ودورات تدريبية للمعلمين حول كيفية استخدام تطبيقاته في العملية التعليمية، لافتةً إلى أن المعلمين الذين يوظفون الذكاء الاصطناعي بطريقة صحيحة يجعلون حصصهم أكثر متعة وفاعلية ويوفرون الجهد والوقت في الإعداد والمتابعة، إلى جانب تعزيز الفهم لدى الطلبة عبر طرق تناسب قدراتهم واحتياجاتهم الفردية.
وشددت على أن الآلة ولا حتى الذكاء الاصطناعي يمكنهم أن يعوضوا الدور الإنساني للمعلم في التربية والتأثير النفسي، موضحة أن مهمة المعلم باتت أصعب في ظل الإدمان المتزايد للأجهزة ومواقع التواصل الاجتماعي.
وبينت أن الذكاء الاصطناعي رغم قدرته على تحليل بيانات الطلاب وتقديم محتوى متناسب مع مستوياتهم، إلا أن فهمه للفروق الفردية يظل محدوداً مقارنة بالمعلم القادر على إدراك الجوانب الإنسانية والعاطفية والاجتماعية لكل طالب، مؤكدة أن الذكاء الاصطناعي يبقى أداة مساعدة قوية لكنه لا يغني عن البصيرة الإنسانية.
وشددت على أن المعلم يمكنه الاستفادة من أدوات الذكاء الاصطناعي دون أن يفقد دوره في بناء شخصية الطالب، عبر استخدامها كوسائل مساندة لتبسيط الشرح وتقديم الأنشطة التفاعلية، مما يتيح له التركيز على تنمية القيم والمهارات الاجتماعية والوجدانية، مؤكدة أن المعلم هو الجسر الذي يربط المعرفة بالقيم ويغرس التفكير الناقد.
وأوضحت أن أبرز التحديات التي يواجهها المعلم اليوم تتمثل في الخوف من تراجع دوره الإنساني في ظل المنصات التعليمية الذكية، مبينة أن الاعتماد المفرط على التقنية قد يخلق فجوة إنسانية بين المعلم والطالب، وأن التحدي الحقيقي يكمن في الموازنة بين التطور التكنولوجي والحفاظ على الرسالة التربوية القائمة على القيم.
وأكدت أن الاعتماد الكامل على التعليم الذكي دون تفاعل بشري مباشر يؤثر سلباً في الطالب، لأن التعليم تجربة إنسانية تنمي الشخصية والمهارات الاجتماعية والعاطفية، لافتة إلى أن التواصل المباشر مع المعلم يزرع الثقة والدافعية والتفاعل الإيجابي، وهو ما لا يمكن للتقنية أن تحاكيه بالكامل.
وبينت أن إعداد المناهج لتوظيف الذكاء الاصطناعي يجب أن يتم بطريقة تدعم المعلم لا أن تلغيه، من خلال تصميم محتوى مرن ودمج الأنشطة الرقمية مع الصفية وتدريب المعلمين على استخدام الأدوات الحديثة بفعالية، مشددة على أهمية أن يبقى المعلم هو محور العملية التعليمية وقائدها الإنساني.
التكنولوجيا لا تلغ
ي دور المعلم بل تعززه
ومن جانبها، أكدت المهندسة دانا دلول، مسؤولة تقنية المعلومات في إحدى المدارس، أن المعلم يظل محور العملية التعليمية رغم دخول التكنولوجيا الذكية بقوة إلى الصفوف الدراسية، مشيرةً إلى أن دوره اليوم يتطور ليصبح موجهاً ومرشداً أكثر من كونه ناقلاً للمعلومة فقط.
وقالت إن الآلة لا يمكن أن تعوض دور المعلم الإنساني في التربية والتأثير النفسي، لأن بناء القيم والعلاقات يحتاج إلى مشاعر وتواصل بشري لا يمكن للذكاء الاصطناعي تقليده، مؤكدةً أن الجانب التربوي يظل جوهر مهنة التعليم.
وأوضحت أن المعلم يستطيع توظيف الذكاء الاصطناعي في التعليم اليومي من خلال إعداد الخطط الدراسية الذكية، وتصحيح الواجبات بسرعة، وتتبع تقدم الطلبة، وتقديم محتوى مخصص يتناسب مع احتياجات كل طالب، مما يرفع من كفاءة العملية التعليمية.
وأكدت أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يساعد في تحليل بيانات الطلبة وتحديد نقاط القوة والضعف لديهم، لكنه يظل عاجزاً عن فهم البعد النفسي والعاطفي مثل المعلم، مشددةً على أن استخدامه يجب أن يكون وسيلة مساندة لا بديلاً عن الدور الإنساني.
وأضافت أن أبرز التحديات التي يواجهها المعلم اليوم مع انتشار المنصات التعليمية الذكية تتمثل في الخوف من فقدان دوره التقليدي، وقلة التدريب على استخدام الأدوات الحديثة، إلى جانب صعوبة تحقيق التوازن بين التعليم الرقمي والتفاعل الواقعي.
وحذرت من أن الاعتماد الكامل على التعليم الذكي دون تفاعل بشري مباشر قد يؤثر سلباً في الطالب، لأنه يفقده مهارات التواصل والجانب الاجتماعي والعاطفي الذي يكتسبه من المعلم وزملائه، مؤكدة أن التربية لا يمكن أن تكون رقمية بالكامل.
وأشارت إلى أن إعداد المناهج لتوظيف الذكاء الاصطناعي يجب أن يتم بطريقة متوازنة، عبر تضمين أنشطة تفاعلية ذكية دون إلغاء النقاشات الصفية المباشرة، بحيث تكمل التقنية الدور الإنساني ولا تحل محله.
وشددت على أن الذكاء الاصطناعي لا يستطيع تقييم مهارات مثل الإبداع والتعاطف والعمل الجماعي بعمق إنساني، داعيةً إلى دمج الأنشطة التقنية مع الحوارات الصفية وتنمية التفكير النقدي لدى الطلبة.
قلب العملية التعليمية
وفي الوقت نفسه، أكدت المعلمة حنان عنزاوي، أن دور المعلم في عصر التكنولوجيا الذكية لم يتراجع، بل أصبح أكثر عمقًا وإنسانية، مشيرةً إلى أن المعلم اليوم هو القدوة والملهم الذي يوجّه العقول، ويغرس القيم والأخلاق، ويساعد الطلبة على توظيف الذكاء الاصطناعي بشكل إيجابي ومسؤول.
وقالت عنزاوي إن الآلة لا يمكن أن تعوض دور المعلم الإنساني في التربية والتأثير النفسي، موضحةً أن التعليم لا يقتصر على تلقين المعلومات، بل يمتد لإشعال الفضول وغرس الشغف بالعلم، مؤكدة أن المعلم الحقيقي يرى في كل طالب مشروع نجاح، ويمدّه بالدعم النفسي والكلمة التي تمنحه الثقة ليجعل من التعليم تجربة إنسانية دافئة.
وبينت أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون أداة فعالة إذا استُخدم بطريقة صحيحة، إذ يمكن للمعلم توظيفه لتصميم أنشطة تراعي الفروق الفردية بين الطلبة، وتتيح فرص نمو متكافئة وفق قدراتهم واهتماماتهم، مما يضمن العدالة التعليمية داخل الصفوف.
وأضافت أن التطبيقات الذكية، مثل المختبرات الافتراضية، وبرامج التقييم الفوري، ومقاطع الفيديو التعليمية، تسهم في تعزيز الفهم العميق لدى الطلبة بدلًا من الحفظ التقليدي، لافتةً إلى أهمية أن يكون المعلم هو الموجّه في كيفية استخدامها.
وأوضحت أن دور المعلم لا يفقد أهميته مع وجود الأدوات الرقمية، بل يتعزز من خلال قدرته على بناء شخصية الطالب وتنمية مهاراته الاجتماعية والوجدانية، مع توظيف التكنولوجيا كوسيلة مساعدة لا كبديل عن التفاعل الإنساني.
وأضافت أن أبرز التحديات أمام المعلم اليوم تتمثل في الحفاظ على جوهر رسالته التربوية وسط الاعتماد المتزايد على المنصات الرقمية، مؤكدةً أن التوازن بين التعليم الرقمي والواقعي هو مفتاح نجاح التجربة التعليمية.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك