المملكة جعلت زيادة دخل الأسرة الحقيقي هدفا رئيسيا في رؤيتها الاقتصادية
كتبت: ياسمين العقيدات
كشف تقرير «واقع وسياسات الحماية الاجتماعية بدول مجلس التعاون الخليجي»، الصادر عن المركز الإحصائي لدول المجلس، عن تميز التجربة الخليجية في مجال الحماية الاجتماعية، مؤكدًا أن الاستثمار في الإنسان يمثل الركيزة الأساسية لبرامج التنمية الشاملة في المنطقة، مشيرا إلى أن دول التعاون شهدت خلال السنوات الأخيرة تطورا ملحوظا في أنظمة الحماية الاجتماعية، حيث اتسعت مظلة البرامج والمبادرات الموجهة الى الفئات الأكثر حاجة بمن في ذلك كبار السن، والأسر ذات الدخل المحدود وذوو الإعاقة، كما تعززت البنية المؤسسية والتشريعية الداعمة لهذه الأنظمة، ما يعكس التزاما واضحا من دول المجلس بتعزيز العدالة الاجتماعية وتحقيق الاستقرار المجتمعي.
ووصف التقرير مملكة البحرين بأنها نموذج متقدم عبر التزامها برؤية اقتصادية شاملة تقوم على الاستدامة والتنافسية والعدالة، وتسعى لمضاعفة دخل الأسرة وتحقيق مجتمع مزدهر يتمتع بخدمات تعليمية وصحية متطورة، ما يعكس موقعها الريادي في منظومة الحماية الاجتماعية على المستوى الإقليمي.
وأشار التقرير إلى أن جميع دول المجلس تصنف ضمن فئة التنمية البشرية المرتفعة جدًا، ما يعكس تقدمها في مجالات الصحة والتعليم وجودة المعيشة، إضافة إلى تفوقها على المتوسط العالمي في مؤشر التقدم الاجتماعي، واحتلالها المراتب الستة الأولى في مؤشر التنافسية الإقليمي لدول غرب آسيا وإفريقيا. كما أفاد بأن متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في دول المجلس خلال عام 2024 يفوق المتوسط العالمي بثلاثة أضعاف، ما يعكس متانة الاقتصاد الخليجي.
وأكد التقرير أن استراتيجية التنمية الشاملة لدول المجلس (2010 – 2025) قامت على بناء مجتمع مزدهر وآمن ومتماسك، عبر استراتيجيات متخصصة تشمل استراتيجية شؤون المرأة، والاستراتيجية السكانية الموحدة، واستراتيجية الخدمة المدنية وتنمية الموارد البشرية، واستراتيجية العمل والقوى العاملة، بهدف توفير تغطية شاملة للخدمات الأساسية وضمان استدامة التنمية.
كما أشار التقرير إلى أن جميع السكان في دول المجلس يحصلون على خدمات التعليم والصحة والمياه النظيفة والكهرباء بنسبة 100%، فيما بلغت نسبة تسجيل الأطفال دون سن الخامسة في السجل المدني 100% مقارنة بنسبة 77.2% عالميًا، كما تراوحت نسبة الإنفاق الحكومي على الحماية الاجتماعية بين 19.2% و22.9% من إجمالي الإنفاق الحكومي لعام 2022، ولم تسجل أي دولة خليجية وجود أحياء فقيرة أو مساكن غير لائقة، مقارنة بـ24.7% عالميًا.
وأضاف التقرير أن جميع دول المجلس لديها أطر قانونية تضمن المساواة للمرأة، إضافة إلى استراتيجيات وطنية مكتملة لتشغيل الشباب، وهو ما يعكس التزام المنطقة بالعدالة الاجتماعية وتمكين جميع الفئات.
نجاحات المبادرات الخليجية في
الحماية الاجتماعية
أبرز التقرير نجاح مبادرة مد الحماية التأمينية، التي مكنت أكثر من 34 ألف مواطن خليجي من الاستفادة من أنظمة التقاعد والتأمينات الاجتماعية في الدول الأعضاء الأخرى عام 2023، بنسبة نمو بلغت 330% منذ 2007 ولفت إلى أن إجمالي المؤمن عليهم في أنظمة التقاعد بدول المجلس تجاوز 15 مليون شخص، فيما بلغ عدد المتقاعدين نحو 985 ألفًا، وعدد الورثة المستفيدين أكثر من 497 ألفًا، بإجمالي منافع تأمينية تتخطى 31 مليار دولار أمريكي.
كما كشف التقرير عن بيانات مسارات السوق الخليجية ذات الصلة بالحماية الاجتماعية لعام 2023، حيث يعمل 32.4 ألف مواطن في القطاع الحكومي والخاص بالدول الأعضاء الأخرى بنسبة نمو 7.6% مقارنة بعام 2007، بينما يدرس 39.5 ألف طالب في المدارس الحكومية بالدول الأخرى بنسبة نمو 1.3%، فيما تلقى 204.3 آلاف مواطن خدمات صحية في المستشفيات والمستوصفات الحكومية بالدول الأخرى بانخفاض قدره 31.5%.
الريادة البحرينية
وبين التقرير تجربة مملكة البحرين مؤكداً ريادتها الإقليمية في مؤشرات التنافسية العالمية، حيث جعلت من زيادة دخل الأسرة الحقيقي إلى أكثر من الضعف بحلول 2030 هدفًا رئيسيًا في رؤيتها الاقتصادية القائمة على مبادئ الاستدامة والتنافسية والعدالة، واصفًا إياها بعنوان «من الريادة إقليميًا إلى المنافسة العالمية».
وأشار التقرير إلى أن البحرين تمكنت من بناء مجتمع عادل ومزدهر عبر سياسات ركزت على المساواة في الفرص، وتوفير رعاية صحية عالية الجودة، وضمان حصول المواطنين على أفضل مستويات التعليم، إضافة إلى توفير بيئة آمنة جاذبة للعيش والثقافة.
وأفاد التقرير بأن عدد المؤمن عليهم في البحرين بلغ في يونيو 2025 أكثر من 626 ألفًا، منهم 470 ألفًا من غير البحرينيين، فيما تجاوز عدد المتقاعدين 85 ألفًا، ووصل عدد الورثة المستفيدين إلى أكثر من 25 ألفًا. كما سلط الضوء على اهتمام البحرين بفئة كبار السن عبر منظومة متكاملة من القوانين والسياسات التي تضمن لهم جودة حياة كريمة ومشاركة فاعلة في المجتمع، انسجامًا مع أهداف رؤية البحرين الاقتصادية.
تحقيق أهداف التنمية المستدامة
وأظهر التقرير أن دول المجلس حققت نتائج متقدمة في عدد من أهداف التنمية المستدامة مقارنة بالمعدل العالمي، حيث سجلت نسبة أعلى من المتوسط العالمي في المقاعد التي تشغلها النساء في البرلمانات، بينما بلغت النسبة العالمية لمشاركة النساء 26.2% عام 2022، فيما لا تتمتع 58% من النساء عالميًا بالحماية القانونية الكاملة فيما يخص المساواة وحق التملك.
وفي الهدف الخاص بضمان توافر المياه وخدمات الصرف الصحي، وصلت نسبة المستفيدين في دول المجلس إلى 100%، مقابل 72.9% عالميًا، بينما بلغت نسبة المستفيدين من خدمات الكهرباء الحديثة 100% مقابل 91.4% عالميًا. كما وضعت جميع دول المجلس استراتيجيات مكتملة لتشغيل الشباب، بينما على المستوى العالمي تبنت 36 دولة فقط استراتيجيات مشابهة من أصل 80.
وفي الهدف الخاص بالمدن المستدامة، لم تسجل أي من دول المجلس تعاونًا رسميًا أو غير رسمي للحد من الكوارث، مقابل 24.7% عالميًا لسكان العشوائيات، بينما تبنت 156 دولة استراتيجيات حضرية وطنية أو خططًا إنمائية محلية. وفي هدف السلام والعدل والمؤسسات القوية، بلغت نسبة السكان الذين يشعرون بالأمان في دول المجلس 100% مقارنة بنسبة 94.9% عالميًا، كما سجلت نسبة 100% للأطفال دون سن الخامسة المسجلين في السجل المدني، مقابل 77.2% عالميًا.
التحديات والتوصيات
رصد التقرير استمرار بعض الفجوات في التغطية خاصة للعاملين في القطاع غير الرسمي الذين يفتقرون الى الحماية الاجتماعية، إلى جانب محدودية كفاية المنافع أمام ارتفاع تكاليف المعيشة والتضخم. كما أشار إلى التغيرات الديموغرافية المتمثلة بارتفاع نسبة كبار السن، ما يفرض ضغوطًا متزايدة على أنظمة التقاعد والرعاية الصحية. وبيّن أن اعتماد اقتصادات المنطقة على الموارد الطبيعية يجعلها عرضة لتقلبات أسعار الطاقة وتأثيرها على تمويل برامج الحماية، إضافة إلى صعوبات مرتبطة بتعدد الجهات المسؤولة وغياب قواعد بيانات موحدة.
وخلص التقرير إلى جملة من التوصيات لتعزيز أنظمة الحماية الاجتماعية، شملت تطوير سياسات شاملة تضمن تغطية جميع الفئات، وتعزيز الاستدامة المالية عبر تنويع مصادر التمويل، وتوسيع دور القطاع الخاص والمجتمع المدني في دعم البرامج، إلى جانب تعزيز التنسيق المؤسسي بين الجهات المعنية، وإنشاء قواعد بيانات وطنية موحدة لتطوير التخطيط وقياس الأثر. كما أوصى بتوسيع التعاون الخليجي في تبادل الخبرات والممارسات الناجحة بما يعزز التكامل الاجتماعي والاقتصادي بين دول المجلس.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك