أكدت الدكتورة جهاد عبدالله الفاضل النائب الثاني لرئيس مجلس الشورى، على ما حققته مملكة البحرين من إنجازات نوعية في مجال الفضاء، والدور المحوري الذي اضطلعت به السلطة التشريعية في دعم الخطط الوطنية في هذا المجال والمستلهمة من رؤية وتوجيهات حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه، في ظل الجهود الحثيثة والدعم المستمر من صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله، لافتة إلى أن السلطة التشريعية عملت يدًا بيد مع السلطة التنفيذية لضمان توفير المتطلبات والموارد اللازمة لقطاع الفضاء.
جاء ذلك خلال الكلمة التي ألقتها أمام الاجتماع الدولي الخامس عشر للوزراء وأعضاء البرلمانات (MMop) الذي ينظمه الاتحاد الدولي للملاحة الفضائية (IAF)، وينعقد حاليًا في مدينة سيدني باستراليا، بحضور سعادة السيدة فاطمة بنت جعفر الصيرفي وزيرة السياحة، حيث ضم الاجتماع ممثلين عن حكومات وبرلمانات حوالي 24 دولة، إلى جانب الخبراء والمهتمين بمجال الفضاء، وذلك تحت شعار (الفضاء الحليف الذي لا غنى عنه لصناع القرار).
وأوضحت الفاضل ضمن كلمتها في المحور الخاص بـ "الفضاء لتحسين الخدمات العامة"، أن جهود السلطة التشريعية لا تقتصر على التشريع فقط، حيث نتطلع لقانون خاص بالفضاء، إذ يعمل البرلمان كشريك من خلال إقرار الميزانيات اللازمة لتمويل المشاريع الوطنية في مجال الفضاء، ومراقبة الاستخدام الفاعل للموارد المتاحة، وتشجيع الشراكة مع الجامعات ومراكز الدراسات والوكالات الدولية، إلى جانب تعزيز الوعي المجتمعي بفوائد تكنولوجيا الفضاء على الحياة العامة.
وبينت أنه من خلال تحويل البيانات والصور الفضائية إلى معلومات دقيقة وموثوقة، تتمكن الحكومات من وضع سياسات أكثر فاعلية وخدمات أكثر كفاءة، فالفضاء يساعد على رصد التغيرات البيئية، وإدارة الكوارث الطبيعية، وتحسين التخطيط العمراني، وضمان سلامة الموارد المائية، وقياس جودة الهواء والمناخ.
وأضافت النائب الثاني لرئيس مجلس الشورى أن "الدعم المتكامل لقطاع الفضاء في مملكة البحرين، حققت بفضله المملكة إنجازات مهمة على مدار السنوات العشر الماضية، منذ إنشاء وكالة البحرين للفضاء، حيث تم تطوير أكثر من 25 تطبيقًا فضائيًا يخدم أكثر من 30 مشروعًا وطنيًا، جميعها تصب في خدمة المجتمع بشكل مباشر، وتدعم تحقيق أهداف التنمية المستدامة، ونمو المشاريع البحثية المتعلقة بصور الأقمار الصناعية بنسبة 42%، وتضاعف عدد المشاريع المشتركة على المستويين الوطني والدولي، وارتفاع الطلب على خدمات الوكالة بنسبة 167%، فيما بلغت نسبة رضا المستفيدين من هذه الخدمات إلى 92%، وهو مؤشر يعكس ثقة المجتمع بهذه الحلول".
وأشارت إلى التطبيقات العملية التي تم توظيفها في برامج التشجير الوطنية، التي ساهمت في زيادة الغطاء الأخضر بنسبة 16% خلال الفترة من 2021 و2024، ومراقبة الجزر الحرارية في المناطق الحضرية، وتتبع جودة المياة للحد من المخاطر الصحية، وتقييم آثار ارتفاع مستوى سطح البحر لتوجيه التخطيط العمراني.
وتطرقت الفاضل في كلمتها إلى حرص مملكة البحرين على الانفتاح على الشراكات الدولية والإقليمية لإدراكها أن الفضاء هو مسؤولية وفرص مشتركة، حيث شاركت المملكة في مبادرة Space4Water التابعة للأمم المتحدة، والتعاون مع المملكة المتحدة في تطوير حملة أقمار صناعية لرصد الانبعاثات الكربونية، دعمًا للجهود الدولية في تحقيق الحياد الصفري، علاوة على ذلك أطلقت مملكة البحرين مع دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة برنامج Space for Sustainability، الذي يوظف الذكاء الاصطناعي لتحليل بيانات الاستشعار عن بُعد لخدمة أهداف الاستدامة.
وأعتبرت أن هذا الاجتماع يمثل فرصة ثمينة لتبادل الرؤى والخبرات، ولتعزيز التعاون الدولي في مجال أصبح من أكثر المجالات تأثيرًا في مستقبل التنمية البشرية، وصياغة السياسات العامة، مبينة أن الحديث عن مجال الفضاء اليوم لا يعني الحديث عن البًعد العلمي أو التكنولوجي فقط، بل هناك البًعد الاستراتيجي والتنموي والإنساني، حيث باتت تقنيات الفضاء والاستشعار عن بُعد توفر حلولًا عملية لمواجهة التحديات التي تواجه المجتمعات في إدارة الموارد الطبيعية، وتحسين الخدمات العامة، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وفي ختام كلمتها، أكدت الفاضل أن ما تحقق في مملكة البحرين خلال عقد من الزمن ليس سوى بداية لطريق طويل في مجال العلوم الفضائية، فالتكنولوجيا في تطور مستمر والتحديات في ازدياد، ولا سبيل أمام ذلك إلا بتعزيز التعاون الدولي وتبادل الخبرات، ليبقى الفضاء حقًا الحليف الذي لا غنى عنه لصانعي القرار، وأداة لخدمة الشعوب وتعزيز السلام، وتحقيق التنمية المستدامة، منوهة إلى التزام مملكة البحرين الراسخ بمواصلة الاستثمار في قطاع الفضاء، وتعزيز التعاون الدولي، وضمان أن تبقى ثمار هذه التكنولوجيا موجهة لخدمة الإنسان، وتحقيق تطلعات الشعوب في مستقبل أكثر إشراقًا واستدامة.
ويضم الوفد المشارك السيدة كريمة محمد العباسي الأمين العام لمجلس الشورى، حيث بدأ الاجتماع بكلمة افتتاحية لرئيس الاتحاد الدولي للفضاء (IAF)، التي رحب خلالها بمشاركة وفد مملكة البحرين للمرة الأولى في هذا الاجتماع.
وتناولت المناقشات العامة للبرلمانيين والوزراء ثلاث موضوعات أساسية، بحثت استخدامات الفضاء في إدارة المخاطر والكوارث، ودوره لتحسين الخدمات العامة، إلى جانب الحلول المستمدة من الفضاء لتحسين الحياة على الأرض، حيث استعرض البرلمانييون عبر كلماتهم أفضل الممارسات في دولهم تجاه استخدامات الفضاء في هذه المجالات.
