«أخبار الخليج» تحاور نائب رئيس هيئة التميز الأكاديمي
حوار: مروة أحمد
أطلقت مملكة البحرين العديد من المبادرات الداعمة للشباب البحريني في مختلف المجالات، وجاءت هيئة التميز الأكاديمي التي تم تدشينها وفق توجيه سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة ممثل جلالة الملك للأعمال الإنسانية وشؤون الشباب رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة، لتشكل إحدى هذه المبادرات الشبابية التي تستهدف تعزيز نشر المعرفة وتوفير بيئة داعمة للطاقات العلمية وتوسيع نطاق المشاركة البحرينية في المشهد العلمي الإقليمي والدولي.
«أخبار الخليج» تواصلت مع الدكتورة الشيخة هالة بنت علي آل خليفة نائب رئيس مجلس إدارة هيئة التميّز الأكاديمي لتسليط الضوء على دور الهيئة كمنصة لتشجيع الابتكار والإبداع لدى الشباب البحريني، والتعرف عن قرب على نشاط الهيئة وتفاعل الشباب معها.. وهذا نص الحوار:
ما هي أهمية استحداث هيئة التميّز الأكاديمي؟
انطلقت فكرة تأسيس الهيئة بتوجيه كريم من سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة، بعد اطلاعه على تقرير أعده موهوبو «الأمل»، والذي تناول متابعة مسيرة الطلبة المتفوقين خلال العشرين عامًا الماضية. وقد أظهر التقرير الحاجة إلى إيجاد بيئة محفزة تحتضن هذه العقول النابغة، وتدعم التميز المستمر والطموح، مع إبراز قصص نجاحهم لتكون مصدر إلهام للأجيال القادمة.
وتم إعلان هذا التوجيه خلال الاجتماع الثالث من العام الماضي للمجلس الأعلى للشباب والرياضة، ومنه بدأت مرحلة التأسيس، حيث تم تشكيل فريق تأسيسي مكوّن من 20 عضوًا مؤسسًا، وبعده اختيار مجلس الإدارة، ثم إعداد النظام الأساسي ونشره في الجريدة الرسمية. توالت بعدها خطوات بناء الهيئة، بدءًا من صياغة الرؤية والاستراتيجية، مرورًا بإعداد نظام العضويات، وإطلاق الموقع الإلكتروني غدا لاستقبال طلبات الانضمام، وصولًا إلى تنظيم لقاء تعريفي، وفعاليات معرفية، واجتماعات مع شركاء محتملين.
ما هي أبرز أهداف الهيئة؟ وكيف ستُسهم في تمكين الشباب؟
أُسست هيئة التميز الأكاديمي بهدف بناء شبكة تواصل فعالة بين المتميزين أكاديميًا، وتعزيز ثقافة التفوق من خلال برامج تحفيزية تشجع على تحقيق أعلى مستويات الأداء الأكاديمي.
وتهدف هيئة التميّز الأكاديمي إلى:
- بناء شبكة تواصل فعّالة بين الشباب المتميزين أكاديميًا.
- تحفيز التميّز الأكاديمي من خلال برامج تشجيعية تدفع الشباب إلى تحقيق أعلى مستويات الأداء.
- توفير بيئة شبابية تضم نخبة من المتميزين أكاديميًا لتمكينهم من تبادل المعرفة والخبرات وتطوير المهارات الداعمة للتميّز الأكاديمي.
- بناء شراكات وتعاون مع مختلف الجهات لتعزيز إمكانيات الشباب وتمكينهم من تحقيق إنجازات أكاديمية بارزة.
هذه الأهداف تصب في تمكين الشباب عبر منحهم فرصًا أوسع للنمو الشخصي والمهني، وتزويدهم بالأدوات التي تعزز قدرتهم على الإبداع والابتكار.
ما هي أبرز الانعكاسات المتوقعة من استحداث الهيئة؟
إننا في هيئة التميز الأكاديمي نؤمن بأن تأسيس هذه المنصة الوطنية سيُحدث تحولًا نوعيًا في مسيرة التميّز الفردي والجماعي على حدٍ سواء. من خلال شبكة الأعضاء التي تضم نخبة من الطلبة المتفوقين والموهوبين، نطمح إلى تمكينهم من مواصلة مسيرتهم نحو النجاح، ليس فقط على المستوى الأكاديمي، بل في مختلف مجالات الحياة المهنية والاجتماعية.
إن أحد أهم أهدافنا يتمثل في خلق منظومة مستدامة من التأثير الإيجابي، وذلك عبر برامج الإرشاد الأكاديمي والمهني التي تتيح للأعضاء تبادل الخبرات وتقديم الدعم للجيل الصاعد. كما نعمل على تنظيم ورش تعليمية متخصصة، تهدف إلى تطوير المهارات الفكرية والقيادية، بالإضافة إلى فتح آفاق البحث العلمي والتعاون المعرفي بين الأعضاء والمؤسسات الأكاديمية.
ونحن على يقين بأن هذه المبادرات لن تقتصر آثارها على الأفراد فحسب، بل ستنعكس بشكل مباشر على المجتمع بأسره، من خلال بناء ثقافة التميز، وتعزيز روح المبادرة، وترسيخ قيم العطاء العلمي والمعرفي. فالهيئة ليست مجرد تجمع للنخبة، بل هي حاضنة وطنية للقدوة، ورسالة مستمرة نحو مستقبل أكثر إشراقًا.
ما هي الجهات المعنية بالهيئة؟ وما علاقة الهيئة بالجهات الأكاديمية الأخرى مثل وزارة التربية والتعليم والجامعات؟
تعمل الهيئة ضمن قاعدة منظمة واستراتيجية وطنية متكاملة لتمكين الشباب، وضعتها بعناية قيادة المجلس الأعلى للشباب والرياضة، وتُعد من أهم ركائزها اكتشاف وصقل وإبراز الطاقات الشبابية. وللهيئة دور يتمثل في احتضان الشباب الذين أثبتوا تميّزهم الأكاديمي، وتمكينهم، ومنحهم منصة وصوتًا مسموعًا يستطيعون من خلاله تحويل أفكارهم إلى مشاريع واقعية ذات أثر ملموس.
والجدير بالذكر أن انضمام الشباب المتميزين إلى الهيئة يُعد اعترافًا رسميًا بإنجازاتهم وتسليطًا للضوء على قدراتهم، كما أن أهداف الهيئة تسير دائمًا وفق التوجهات الوطنية، ويمكن اعتبارها جزءًا مكمّلًا للمنظومة الشاملة لتمكين الشباب في مملكة البحرين. أما فيما يخص العلاقة مع الجهات الأكاديمية، فتعمل الهيئة على بناء شراكات استراتيجية مع وزارة التربية والتعليم، بهدف الوصول إلى الطلبة المتفوقين في المدارس الحكومية والخاصة، وذلك من خلال تنظيم مسابقات أكاديمية وورش تحضيرية للمرحلة الجامعية، بما يعزز من فرصهم في التميز المستقبلي.
كما أبرمت هيئة التميّز الأكاديمي عددًا من الشراكات ولقاءات تشاورية مع مؤسسات حكومية ومجتمعية رائدة، مثل مركز «دِراسات» لدعم الأبحاث والمنح العلمية، ومتحف «كانو» لتعزيز التواصل المجتمعي، ومبادرة «موهوبي الأمل» لتطوير المواهب، وذلك في إطار رؤيتها لبناء شبكة متكاملة من الدعم والتمكين.
هل سيقتصر الانتساب إلى الهيئة على الخبراء المحليين أم سيتم الاستعانة بخبرات دولية؟
إن هيئة التميّز الأكاديمي تنطلق من رؤية شمولية وطموحة لا تقتصر على الإطار المحلي، بل تمتد لتشمل التعاون الدولي مع نخبة من المؤسسات الأكاديمية حول العالم. وتؤمن بأن التميّز لا يعرف حدودًا، وأن الانفتاح على الخبرات العالمية هو أحد مفاتيح التطوير المستدام.
وفي هذا السياق، تسعى الهيئة إلى بناء شراكات استراتيجية مع أفضل 100 جامعة عالميًا، بهدف تنفيذ برامج محلية مشتركة، وتبادل الخبرات، وتطوير المبادرات النوعية التي تعزز من جودة التعليم والبحث العلمي في المملكة. ومن أبرز هذه المبادرات التي نعمل على إطلاقها حاليًا هو «برنامج سفراء تميز»، والذي يستهدف الطلبة البحرينيين الذين يدرسون حاليًا في تلك الجامعات المرموقة، لتمكينهم من نقل المعرفة، والإسهام في تطوير برامج الهيئة، وتمثيلها دوليًا.
هذا التوجه يعكس حرص الهيئة على الاستفادة من التجارب العالمية، ودمجها مع السياق المحلي، بما يضمن بناء منظومة متكاملة من التميز الأكاديمي، ويُسهم في إعداد جيل قادر على المنافسة عالميًا، والإسهام في نهضة وطنه.
- هل دور الهيئة استشاري أو تنفيذي؟
هيئة التميّز الأكاديمي تضطلع بدور تنفيذي بالدرجة الأولى، حيث تركز جهودها على تنفيذ البرامج والمبادرات النوعية التي تهدف إلى تمكين الشباب المتميزين، وتعزيز ثقافة التميز في المجتمع. ويتم ذلك من خلال شراكات استراتيجية مع مؤسسات وطنية ودولية، وتنظيم فعاليات وورش عمل تعليمية، وبرامج تطويرية تستهدف مختلف الفئات العمرية والمجالات الأكاديمية.
ومع ذلك، فإن الهيئة لا تقتصر على الجانب التنفيذي فقط، بل تسعى أيضًا إلى لعب دور استشاري محوري، من خلال التحوّل إلى منصة فكرية «Think Tank» تجمع العقول اللامعة من أعضاء شبكتها، والذين يمثلون طيفًا واسعًا من التخصصات والقطاعات. ومن خلال هذا الدور، تهدف الهيئة إلى تقديم رؤى وحلول مبتكرة للتحديات الوطنية الملحّة، والإسهام في صياغة السياسات والمبادرات التي تخدم مستقبل البحرين.
ويمكن الإشارة إلى أن المزج بين الدورين التنفيذي والاستشاري يمنح الهيئة قدرة فريدة على التأثير، ليس فقط عبر تنفيذ المشاريع، بل أيضًا عبر التأثير في صناعة القرار، وتوجيه مسارات التنمية بما يتماشى مع طموحات المملكة ورؤيتها المستقبلية.
ما هي أبرز مبادرات الهيئة المستقبلية؟ وكيف لهذه المبادرات أن تسهم في تمكين الشباب؟
إن هيئة التميز الأكاديمي تضع في صميم خططها المستقبلية مجموعة من المبادرات النوعية التي تهدف إلى تعزيز دور الشباب في بناء مستقبل الوطن، من خلال تمكينهم معرفيًا ومهنيًا، وتوفير المساحات التي تتيح لهم الإبداع والإسهام الفاعل، وعلى رأس هذه المبادرات إطلاق الموقع الإلكتروني الخاص بالهيئة بنسخته المطورة والذي سيتم تدشينه غدًا الأربعاء.
من بين المبادرات التي نعمل على إطلاقها قريبًا، برنامج المنح البحثية المخصص لحملة الماجستير والدكتوراه، والذي يستهدف دعم الأبحاث التطبيقية في المجالات الحيوية التي تمثل أولويات وطنية، مثل التنمية الاقتصادية، والتعليم، والرعاية الصحيّة. ويأتي هذا البرنامج إيمانًا بأهمية البحث العلمي كأداة للتغيير، وكوسيلة لربط المعرفة الأكاديمية باحتياجات المجتمع الفعلية.
كما نخطط لتنظيم مسابقات أكاديمية موجهة الى طلبة المرحلة الثانوية تهدف إلى تحفيز التفكير النقدي، وتعزيز روح التنافس الإيجابي، واكتشاف المواهب الواعدة في سن مبكرة. إلى جانب إطلاق سلسلة من الورش التعليمية المستمرة، تستهدف المهنيين في مختلف القطاعات، بهدف تطوير مهاراتهم، وتزويدهم بأحدث المعارف التي تواكب تطورات العصر، كما سيتم تنظيم ورش عمل ومشاريع بحثية لأعضاء الهيئة.
كيف يتم اختيار الشباب المدرجين ضمن الهيئة؟ هل يتم ترشيحهم من قبل جهة معيّنة أم يتم رصدهم عبر آلية محددة؟
في هيئة التميز الأكاديمي نعتمد آلية دقيقة وشفافة لاختيار الشباب المدرجين ضمن الهيئة، وذلك بما ينسجم مع رؤيتنا في دعم وتمكين الكفاءات الوطنية ذات التميز العلمي. تبدأ عملية الاختيار بإعلان مفتوح عبر قنواتنا الإعلامية الرسمية، حيث ندعو من خلاله جميع المرشحين المؤهلين الى التقديم، بما يشمل:
• طلبة المرحلة الثانوية الذين أنهوا دراستهم بمعدل تراكمي لا يقل عن 99%.
• الحاصلين على درجات البكالوريوس أو الماجستير أو الدكتوراه من أفضل 100 جامعة على مستوى العالم، وفق التصنيفات المعتمدة دولياً.
ولتعزيز شمولية عملية الترشيح، نحن على تواصل مباشر مع منصة «Hope Talent» ومع وزارة التربية والتعليم، حيث نعمل على الاستفادة من قواعد بياناتهم الخاصة بالطلبة المتفوقين، ما يتيح لنا رصد الكفاءات الواعدة بشكل أكثر دقة.
بعد الإعلان، يخضع المتقدمون لعملية تقديم إلكترونية عبر منصتنا، تتضمن تعبئة نموذج الطلب وتقديم الوثائق المطلوبة. يتم بعد ذلك إجراء عملية فرز دقيقة للتحقق من استيفاء الشروط والمعايير المحددة. وفي حال استيفاء المتطلبات، يتم ضم المرشح إلى الهيئة كعضو رسمي، ليكون جزءاً من منظومة التميز التي نسعى إلى بنائها وتعزيزها.
نحن نؤمن بأن التميز لا يُحتكر، ولذلك فإن باب الانضمام مفتوح لكل من يثبت جدارته، وفقاً للمعايير الأكاديمية التي وضعتها الهيئة، وبما يضمن استقطاب نخبة من العقول الشابة التي تمثل مستقبل الوطن.
ما هي أبرز المخرجات المأمولة من استحداث هيئة التميّز الأكاديمي؟
من المخرجات المرجوة من إطلاق هيئة التميّز الأكاديمي هي بناء شبكة فعّالة من المتميزين علميًا، وبيئة محفّزة للدعم الأكاديمي، ومنح فرص التطوير المهني، وتعزيز التعاون البحثي والتعليم الأكاديمي بين الأعضاء والمؤسسات.
كيف يمكن لهيئة التميّز الأكاديمي أن تنعكس إيجابيًا على مستقبل البحرين؟
من خلال دعم الشباب الأكاديمي وبناء قادتهم المستقبليين، تُسهم الهيئة في رفع مستوى التعليم والبحث العلمي في البحرين، وتعزيز مكانتها كمركز للتميّز الأكاديمي في المنطقة.
كم يبلغ عدد الشباب المسجلين في الهيئة؟
إن هيئة التميز الأكاديمي تسعى إلى أن تكون منصة وطنية رائدة لتمكين الشباب المتميز علمياً، وتوفير البيئة المثلى لتطوير قدراتهم وصقل مهاراتهم. وحتى الآن، تم تسجيل 230 شاباً وشابة ضمن الهيئة، يمثلون نخبة من الطلبة والخريجين الذين استوفوا معايير التميز الأكاديمي التي وضعتها الهيئة.
ونحن على أعتاب فتح باب التسجيل بشكل مستمر وعلى أساس متجدد «rolling basis»، بما يتيح الفرصة لأكبر عدد ممكن من الشباب المؤهل للانضمام والاستفادة من برامج الهيئة.
أما عن الفوائد التي يحصل عليها العضو بعد انضمامه، فهي متعددة وتشمل:
• فرصا بحثية: تقديم منح بحثية للمشاريع العلمية المتميزة، ودعم المبادرات التي تعزز الابتكار والمعرفة.
• المسابقات الأكاديمية: تنظيم مسابقات دورية في مجالات متعددة، تهدف إلى تحفيز التفكير النقدي والإبداعي.
• فرص التواصل وبناء العلاقات: تمكين الأعضاء من التواصل مع نظرائهم من مختلف التخصصات، بالإضافة إلى لقاءات مع خبراء ومؤسسات أكاديمية مرموقة.
• ورش عمل تعليمية: تقديم برامج تدريبية وورش عمل تهدف إلى تطوير المهارات الشخصية والأكاديمية.
• الإرشاد والتوجيه: توفير فرص للتوجيه الأكاديمي والمهني من قبل نخبة من الأكاديميين والمختصين.
نحن نؤمن بأن الاستثمار في الشباب هو استثمار في مستقبل الوطن، ولهذا نحرص على أن تكون الهيئة مساحة حقيقية للنمو والتطور، لا تقتصر على الاعتراف بالتميز، بل تمتد إلى دعمه وتفعيله في الواقع العملي.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك