تثير شركة «ميكانايز» جدلاً عالميًا بعد إطلاقها وكلاء ذكاء اصطناعي قادرين على تنفيذ المهام المكتبية بكفاءة تتفوق على البشر، ما تسبب في موجة من القلق حول مصير الوظائف التقليدية.
التقنية، رغم إمكاناتها الاقتصادية الهائلة، طرحت أسئلة أخلاقية واجتماعية عميقة حول العدالة وتوزيع الثروة في عصر يتحول بسرعة نحو الرقمنة الشاملة.
في قلب المشروع، يسعى مبتكرو «ميكانايز» إلى إعادة هيكلة سوق العمل البشري الذي يقدّر بتريليونات الدولارات، عبر أتمتة تامة للوظائف المكتبية.
هم لا يطمحون إلى دعم الموظف بل لاستبداله، مدفوعين برؤية تقوم على خفض تكاليف الإنتاج ورفع مستوى المعيشة عبر اقتصاد تقوده الآلات لا البشر.
الفكرة تبدو واعدة من ناحية الكفاءة، لكنها تهدد النسيج الاجتماعي الحالي.
ويقدّم مؤسسو «ميكانايز» سيناريو تفاؤليًا يعتمد على تعويض الأفراد عبر الدخل الأساسي العالمي أو أرباح من أسهم التكنولوجيا، متخيلين عالمًا بلا وظائف تقليدية لكنه مليء بالفرص الشخصية والحرية.
ومع ذلك، تواجه هذه الرؤية تحديات عملية في التمويل والتنفيذ، وخصوصًا في دول تعاني من أزمات اقتصادية مزمنة، حيث قد تبدو مثل هذه الوعود ترفًا بعيد المنال.
تجسّد ردود فعل الشارع، وخاصة في البلدان النامية، المخاوف من تحوّل الأتمتة إلى وسيلة إقصاء جماعي.
إذا ما احتُكرت هذه التقنية من قبل شركات كبرى، قد يتحوّل اقتصاد الوفرة إلى نظام تكنوقراطي تهيمن عليه أقلية رقمية، بينما تزداد البطالة وتتآكل الطبقات الوسطى.
«التكنو-إقطاعية» ليست مجرد مصطلح بل تحذير من مستقبل غير متوازن.
ورغم التقدم التقني، لا تزال «ميكانايز» تواجه عوائق تتعلق بفهم السياق، وإدارة التعقيد، والتفاعل الإنساني.
كما أن غياب خطة واضحة لإعادة تأهيل العاطلين عن العمل يعمّق المخاوف من أن الأتمتة الكاملة قد تفاقم الأزمات بدلاً من حلها. المعلم، الطبيب، أو المستشار، لا يمكن استبدالهم بسهولة بوكلاء رقميين بلا عاطفة أو تعاطف.
ختامًا، تشكل «ميكانايز» مفترق طرق في تاريخ الاقتصاد العالمي: إما أن تقود إلى عصر ازدهار مشترك، وإما تعمّق الفجوة بين البشر والتكنولوجيا.
نجاحها مرهون بقدرة المجتمعات على وضع أطر قانونية وأخلاقية تمنع الاحتكار وتضمن عدالة التوزيع. وإلا، فإن الحلم سيتحول إلى كابوس لا يستيقظ منه كثيرون.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك