العدد : ١٧٢٩٩ - الأحد ٠٣ أغسطس ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٩ صفر ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٢٩٩ - الأحد ٠٣ أغسطس ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٩ صفر ١٤٤٧هـ

الصفحة الأخيرة

«الوظائف إلى زوال؟ عندما يصبح الـذكـاء الاصـطـنـاعـي ربّ عملك»

الأحد ٠٣ أغسطس ٢٠٢٥ - 02:00

تثير‭ ‬شركة‭ ‬‮«‬ميكانايز‮»‬‭ ‬جدلاً‭ ‬عالميًا‭ ‬بعد‭ ‬إطلاقها‭ ‬وكلاء‭ ‬ذكاء‭ ‬اصطناعي‭ ‬قادرين‭ ‬على‭ ‬تنفيذ‭ ‬المهام‭ ‬المكتبية‭ ‬بكفاءة‭ ‬تتفوق‭ ‬على‭ ‬البشر،‭ ‬ما‭ ‬تسبب‭ ‬في‭ ‬موجة‭ ‬من‭ ‬القلق‭ ‬حول‭ ‬مصير‭ ‬الوظائف‭ ‬التقليدية‭. ‬

التقنية،‭ ‬رغم‭ ‬إمكاناتها‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الهائلة،‭ ‬طرحت‭ ‬أسئلة‭ ‬أخلاقية‭ ‬واجتماعية‭ ‬عميقة‭ ‬حول‭ ‬العدالة‭ ‬وتوزيع‭ ‬الثروة‭ ‬في‭ ‬عصر‭ ‬يتحول‭ ‬بسرعة‭ ‬نحو‭ ‬الرقمنة‭ ‬الشاملة‭.‬

في‭ ‬قلب‭ ‬المشروع،‭ ‬يسعى‭ ‬مبتكرو‭ ‬‮«‬ميكانايز‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬إعادة‭ ‬هيكلة‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭ ‬البشري‭ ‬الذي‭ ‬يقدّر‭ ‬بتريليونات‭ ‬الدولارات،‭ ‬عبر‭ ‬أتمتة‭ ‬تامة‭ ‬للوظائف‭ ‬المكتبية‭. ‬

هم‭ ‬لا‭ ‬يطمحون‭ ‬إلى‭ ‬دعم‭ ‬الموظف‭ ‬بل‭ ‬لاستبداله،‭ ‬مدفوعين‭ ‬برؤية‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬خفض‭ ‬تكاليف‭ ‬الإنتاج‭ ‬ورفع‭ ‬مستوى‭ ‬المعيشة‭ ‬عبر‭ ‬اقتصاد‭ ‬تقوده‭ ‬الآلات‭ ‬لا‭ ‬البشر‭. ‬

الفكرة‭ ‬تبدو‭ ‬واعدة‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬الكفاءة،‭ ‬لكنها‭ ‬تهدد‭ ‬النسيج‭ ‬الاجتماعي‭ ‬الحالي‭.‬

ويقدّم‭ ‬مؤسسو‭ ‬‮«‬ميكانايز‮»‬‭ ‬سيناريو‭ ‬تفاؤليًا‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬تعويض‭ ‬الأفراد‭ ‬عبر‭ ‬الدخل‭ ‬الأساسي‭ ‬العالمي‭ ‬أو‭ ‬أرباح‭ ‬من‭ ‬أسهم‭ ‬التكنولوجيا،‭ ‬متخيلين‭ ‬عالمًا‭ ‬بلا‭ ‬وظائف‭ ‬تقليدية‭ ‬لكنه‭ ‬مليء‭ ‬بالفرص‭ ‬الشخصية‭ ‬والحرية‭.‬

‭ ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬تواجه‭ ‬هذه‭ ‬الرؤية‭ ‬تحديات‭ ‬عملية‭ ‬في‭ ‬التمويل‭ ‬والتنفيذ،‭ ‬وخصوصًا‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬أزمات‭ ‬اقتصادية‭ ‬مزمنة،‭ ‬حيث‭ ‬قد‭ ‬تبدو‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الوعود‭ ‬ترفًا‭ ‬بعيد‭ ‬المنال‭.‬

تجسّد‭ ‬ردود‭ ‬فعل‭ ‬الشارع،‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬البلدان‭ ‬النامية،‭ ‬المخاوف‭ ‬من‭ ‬تحوّل‭ ‬الأتمتة‭ ‬إلى‭ ‬وسيلة‭ ‬إقصاء‭ ‬جماعي‭. ‬

إذا‭ ‬ما‭ ‬احتُكرت‭ ‬هذه‭ ‬التقنية‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬شركات‭ ‬كبرى،‭ ‬قد‭ ‬يتحوّل‭ ‬اقتصاد‭ ‬الوفرة‭ ‬إلى‭ ‬نظام‭ ‬تكنوقراطي‭ ‬تهيمن‭ ‬عليه‭ ‬أقلية‭ ‬رقمية،‭ ‬بينما‭ ‬تزداد‭ ‬البطالة‭ ‬وتتآكل‭ ‬الطبقات‭ ‬الوسطى‭. ‬

‮«‬التكنو‭-‬إقطاعية‮»‬‭ ‬ليست‭ ‬مجرد‭ ‬مصطلح‭ ‬بل‭ ‬تحذير‭ ‬من‭ ‬مستقبل‭ ‬غير‭ ‬متوازن‭.‬

ورغم‭ ‬التقدم‭ ‬التقني،‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬‮«‬ميكانايز‮»‬‭ ‬تواجه‭ ‬عوائق‭ ‬تتعلق‭ ‬بفهم‭ ‬السياق،‭ ‬وإدارة‭ ‬التعقيد،‭ ‬والتفاعل‭ ‬الإنساني‭. ‬

كما‭ ‬أن‭ ‬غياب‭ ‬خطة‭ ‬واضحة‭ ‬لإعادة‭ ‬تأهيل‭ ‬العاطلين‭ ‬عن‭ ‬العمل‭ ‬يعمّق‭ ‬المخاوف‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الأتمتة‭ ‬الكاملة‭ ‬قد‭ ‬تفاقم‭ ‬الأزمات‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬حلها‭. ‬المعلم،‭ ‬الطبيب،‭ ‬أو‭ ‬المستشار،‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬استبدالهم‭ ‬بسهولة‭ ‬بوكلاء‭ ‬رقميين‭ ‬بلا‭ ‬عاطفة‭ ‬أو‭ ‬تعاطف‭.‬

ختامًا،‭ ‬تشكل‭ ‬‮«‬ميكانايز‮»‬‭ ‬مفترق‭ ‬طرق‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمي‭: ‬إما‭ ‬أن‭ ‬تقود‭ ‬إلى‭ ‬عصر‭ ‬ازدهار‭ ‬مشترك،‭ ‬وإما‭ ‬تعمّق‭ ‬الفجوة‭ ‬بين‭ ‬البشر‭ ‬والتكنولوجيا‭. ‬

نجاحها‭ ‬مرهون‭ ‬بقدرة‭ ‬المجتمعات‭ ‬على‭ ‬وضع‭ ‬أطر‭ ‬قانونية‭ ‬وأخلاقية‭ ‬تمنع‭ ‬الاحتكار‭ ‬وتضمن‭ ‬عدالة‭ ‬التوزيع‭. ‬وإلا،‭ ‬فإن‭ ‬الحلم‭ ‬سيتحول‭ ‬إلى‭ ‬كابوس‭ ‬لا‭ ‬يستيقظ‭ ‬منه‭ ‬كثيرون‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا