قد يبدو اختيار اللون المفضّل أمرا شخصيا بحتا، لكنه في الحقيقة يعكس أكثر مما نتصور، فهو مرآة للقيم، والمشاعر، بل حتى للسياق التاريخي والثقافي الذي نشأ فيه كل جيل.
وفقًا لموقع The Conversation أجرى باحثون فرنسيون دراسة استكشفوا فيها كيف يعبّر لون واحد عن هوية كل جيل، وشكّلت نتائجها أساس كتاب بعنوان «أسرار الإبداع: اكتساب الثقة الإبداعية والتغلب على التحديات».
ويوضح المؤرّخ الفرنسي ميشيل باستورو أن إدراكنا للألوان لا يعتمد فقط على البصر، بل يتأثر بشكل كبير بالسياق الاجتماعي، والثقافي، والآيديولوجي، فضلا عن تأثير وسائل الإعلام؛ فمعاني الألوان تتغيّر من عصر إلى آخر، وتمنح دلالات جديدة بحسب روح الزمن.
وفي الدراسة، حلّل الباحثون تفضيلات خمسة أجيال:
* جيل طفرة المواليد (1945–1960).
* الجيل X (1965–1980).
* الجيل Y أو جيل الألفية (1980-منتصف التسعينيات).
* الجيل Z (1995–2010).
* جيل ألفا (المولودون من 2010 فصاعدًا).
وأظهرت النتائج أن الجيلين الأولين (طفرة المواليد والجيل X) فضّلا ألوانا تقليدية وهادئة، غالبا ما تكون محايدة أو فاتحة. ومع تطوّر العقود بدأ يظهر تأثير الطبيعة، فدخلت ألوان مثل الأخضر، والبني، والصدأ الأحمر إلى ذوقهم، وخاصةً منذ السبعينيات.
أما جيل الألفية فكان لونه المميز هو الوردي، ليس كرمز جندري تقليدي، بل كتعبير عن التمرّد على المعايير الاجتماعية واحتضان التنوّع.
في المقابل، اختار الجيل Z الأصفر أولا، ثم الأرجواني؛ اللون المرتبط بالقوة، والإبداع، والنسوية.
أما جيل ألفا فتفضيلاته أكثر تناقضًا؛ فهو يجمع بين الألوان الطبيعية الهادئة والألوان الصناعية المشبعة، فنجدهم يختارون، على سبيل المثال، الأخضر الساطع الذي روجت له المغنية البريطانية تشارلي XCX، جنبًا إلى جنب مع البني، رمز الراحة والاستقرار.
ويشير الباحثون أيضا إلى أن اسم اللون نفسه يلعب دورا مهما؛ فالأسماء الجذابة أو ذات الرنين العاطفي تترك انطباعا أقوى من التسميات البسيطة. والأهم أن رمزية الألوان ليست ثابتة؛ فهي كالموضة تمامًا، تختفي ثم تعود، لكنها هذه المرة تحمل معاني جديدة.
لهذا، إذا كانت علامة تجارية تطمح إلى التواصل بفعالية مع جمهور متعدّد الأجيال، فعليها أن تتقن «اللغة البصرية» لكل جيل.. أو أن تبتكر لغة بصرية جامعة تتحدث إلى الجميع في آن واحد.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك