مع حلول فصل الصيف في مملكة البحرين، تعود إلى الواجهة نكهة موسمية تحمل عبق الأرض ودفء الذاكرة، نكهة ارتبطت بالهوية البحرينية وباتت جزءًا أصيلاً من تراثها الغذائي والاجتماعي. إنها الرطب، الثمرة التي تتوسط طريق التمر، وتقدم بطابع خاص يعكس الكرم والترحاب المتأصلين في المجتمع البحريني.
الرطب ليست مجرد ثمرة ناضجة تنضج في شمس يوليو، بل قصة يتناقلها جيل بعد جيل، تمتزج فيها النكهة بالقيم، والبساطة بالأصالة. وهي حاضرة بقوة في المائدة البحرينية من خلال أطباق تقليدية تصنع في هذا الفصل، يتجدد فيها طعم الماضي وتستعاد بها ذكريات المجالس العائلية والمناسبات الخاصة.
بدورها أكدت الشيف منى سليس، المتخصصة في المطبخ البحريني، أن الرطب تمثل أكثر من مجرد ثمرة صيفية، قائلة: »الرطب نكهة الروح في المطبخ البحريني، يحمل عبق الزمن الجميل، ويُقدَّم في المجالس والمناسبات كرمز للضيافة والحنين. إنه ليس فاكهة فحسب، بل قصة نعيشها كل صيف«.
وتابعت سليس بالحديث عن أبرز الأطباق التقليدية التي تعتمد على الرُطَب، حيث أشارت إلى أن «الـرُنقينة» تأتي في مقدمة هذه الأطباق، وهي وصفة دافئة تتكون من مهروس الرطب مع الطحين المحمّص والسمن، وتُقدَّم في الجلسات العائلية لتمنح دفئًا ومذاقًا متأصلًا. كما برز خبز الرطب المحبوب على مائدة الإفطار، والعصيدة بالرطب التي تعد بديلًا صحيًا عن السكر، والبلاليط المحلاة بالرطب التي تضيف لمسة تراثية محببة إلى الشعيرية.
كما تحدثت عن عصير الرطب بالحليب الذي يلقى رواجًا واسعًا في الصيف، ودبس الرطب الذي يستخدم كتحلية طبيعية، ومحشي الرطب بالمكسرات الذي يمنح المجالس البحرينية مظهرًا من الأناقة والفخامة.
وأوضحت الشيف سليس أن هذه الوصفات ليست مجرد مأكولات، بل امتداد لذاكرة غذائية تشكّلت عبر الأجيال، مشددة على أن: «الرطب ليس مجرد مكون غذائي، بل رمز للكرم، وذكرى حية توحد الأجيال على نكهة وهوية واحدة. مع كل طبق يحضر، نعيد إحياء قصص الجدات، ونستعيد أصواتهن وهن يعددن تلك الوصفات بحب وحنان».
وعلى الرغم من تنوع المكونات الحديثة وتبدل أنماط الطهي، يبقى الرطب حاضرًا في الثقافة البحرينية كأحد أبرز رموز الوفاء للأصل، وحارسًا لذاكرة النكهات التي صنعت هوية المكان والناس. وبين مجالس اليوم وموائد الأمس.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك