أُغلقت إحدى أقدم المدارس الابتدائية في لندن، التي تأسست في القرن السادس عشر مع نهاية العام الدراسي، نتيجة التراجع الحاد في أعداد الطلاب، في خطوة تعكس أزمة متفاقمة تواجهها المدارس في العاصمة البريطانية مع مغادرة العائلات المدينة.
ووصفت معلمات وموظفات في مدرسة «سانت ماري» الابتدائية التابعة لكنيسة إنجلترا، والواقعة في منطقة ستوك نيوينغتون بشرق لندن، شعورهن بـ«الدمار التام» بعد القرار بإغلاق المدرسة، التي تعود جذورها إلى عام 1563 في عهد الملكة إليزابيث الأولى. وتُعد المدرسة من أعرق المؤسسات التعليمية في المنطقة، حيث لا تزال أجزاء من مبناها التاريخي، الذي افتُتح في موقعه الحالي عام 1831 خلف شارع الكنيسة، قيد الاستخدام حتى اليوم.
وصرّحت مديرة المدرسة بريدا ماكيلفي لهيئة الإذاعة البريطانية BBC، أن انخفاض أعداد الطلاب كان ملحوظًا خلال السنوات الأخيرة، مشيرة إلى أن المدرسة بدأت العام الدراسي الجاري بنحو 70 طالبًا فقط. وأضافت: «كنت أعلم في قرارة نفسي أنني لا أستطيع تحمّل عام آخر تحت ضغط الميزانية ورواتب الموظفين، لذا أصبح الأمر حتميًا».
وذكرت ماكيلفي أن إغلاق المدرسة يُعد «خسارة فادحة للمجتمع المحلي، وللشركات التي تعتمد جزئيًا على النشاط المدرسي، وللكنيسة، وللعائلات التي تربّت في هذا الحي ودرّست أبناءها في المدرسة»، مؤكدةً أن «المدرسة الصغيرة المرتبطة بالكنيسة كانت محط اهتمام كثير من العائلات في هذا المجتمع المتماسك».
ووفقًا لتقارير محلية، فقدت المدرسة نحو 50 تلميذًا منذ إعلان نية الإغلاق بداية العام الدراسي، ولم يتبقّ فيها سوى 21 طالبًا فقط موزعين على مختلف المراحل الدراسية.
وذكرت غلوريا روز، التي عملت في المدرسة لمدة 24 عامًا، أن المؤسسة شهدت تطورًا ملحوظًا على مر السنين، قائلة: «كنا دائمًا نضع الأطفال في المقام الأول، ونبني علاقات قائمة على المحبة والانتماء للمجتمع».
وذكرت جاي كينيدي، موظفة الاستقبال التي أمضت أكثر من عقدين في المدرسة ولديها أربعة من أحفادها التحقوا بها، أنها تشعر «بالحزن العميق»، موضحة: «أتفهّم الأسباب، لكن هذا مؤلم للغاية. إنها مدرسة صغيرة كأنها قرية، وإغلاقها أمر مفجع».
ويجري في الوقت الراهن نقل الكتب والموارد التعليمية من المدرسة إلى مؤسسات تعليمية مجاورة لإعادة استخدامها، في حين تتوالى التحذيرات بشأن تكرار مثل هذه الإغلاقات في مناطق مختلفة من العاصمة.
وكشفت صحيفة «ستاندرد» The Standard الأسبوع الماضي أن أكثر من 30 مدرسة ابتدائية في لندن تواجه خطر الإغلاق أو الدمج خلال أسابيع، في ظل ما وصفته بـ«عاصفة قاسية» من التحديات التي دفعت العائلات إلى مغادرة المدينة، بما في ذلك تداعيات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وجائحة كوفيد-19، وغلاء المعيشة، وأزمة الإسكان.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك