تسلّمت النائبة العمالية شابانا محمود منصب وزيرة الداخلية البريطانية، لتسجّل سابقة تاريخية كأول مسلمة تتولى أحد أرفع مناصب الحكومة. وجاء تعيينها في وقت حساس تتشابك فيه ملفات الهجرة والأمن القومي والشرطة، وسط ضغوط متزايدة من صعود حزب الإصلاح بزعامة نايجل فاراج.
محمود، نائبة برمنغهام ليدي وود، راكمت سمعة قوية خلال عملها كوزيرة للعدل بعد أن طرحت سياسات مثيرة للجدل مثل الإفراج المبكر عن السجناء واعتماد نظام أحكام جديد. واليوم، تواجه على رأس وزارة الداخلية أربعة ملفات معقدة أبرزها وقف عبور القوارب الصغيرة عبر القنال، حيث تجاوز عدد الواصلين منذ تولي حزب العمال السلطة خمسين ألف شخص، في ظل خطط لتشديد القوانين على طالبي اللجوء «غير النظاميين» وتفكيك شبكات التهريب الناشطة في شمال فرنسا.
ملف الإيواء يشكل بدوره تحدياً ضاغطاً، إذ يقيم أكثر من 32 ألف طالب لجوء في فنادق مؤقتة، ما فجّر احتجاجات وأحداث عنف. وتسعى الوزارة إلى بدائل مثل الثكنات المهجورة والمساكن الفارغة والمستودعات، إلى جانب إصلاح نظام الاستئناف لتسريع البت في الطلبات.
كما يتصدر خفض أعداد المهاجرين النظاميين أجندة الحكومة بعد خسارة العمال مقعداً انتخابياً لصالح حزب الإصلاح. ويتعهد كير ستارمر بخفض صافي الهجرة بمائة ألف سنوياً عبر قيود جديدة على تأشيرات العمل والدراسة واختبارات لغة إضافية، غير أن هذه السياسات تواجه اعتراضاً من الجامعات وقطاعات الاقتصاد والخدمات الصحية التي تعتمد على العمالة الأجنبية.
إلى جانب ذلك، ورثت شابانا محمود قراراً مثيراً للجدل بتصنيف جماعة «Palestine Action» المناهضة لإسرائيل منظمة إرهابية، بعد تسببها بأضرار مادية قُدرت بسبعة ملايين جنيه إسترليني. القرار أثار انتقادات حادة بوصفه توسعاً في تعريف الإرهاب، وخصوصاً في ظل تراجع شعبية حزب العمال في دوائر متعاطفة مع فلسطين، حيث انخفضت أغلبية محمود البرلمانية في انتخابات 2024 إلى 3500 صوت فقط أمام مرشح مستقل اتهمها بـ«خذلان أطفال غزة».
بهذا المشهد المليء بالتحديات تبدو وزارة الداخلية في عهد شابانا محمود أمام اختبار سياسي عسير يحدد مستقبل سياسات حكومة ستارمر، وقدرتها على الموازنة بين تشديد القيود وكسب ثقة الناخبين في بريطانيا.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك