القاتل ارتكب جريمته مع سبق الإصرار والترصد
اشترى سكين الجريمة وتربص بالمجني عليه وباغته بطعنات قاتلة
«أخبار الخليج» تنشر حيثيات الحكم.. والمحكمة تؤكد: القاتل مدرك لتصرفاته
حكمت هيئة المحكمة الكبرى الأولى بإجماع الآراء بإعدام متهم بحريني قتل جاره عمدا مع سبق الإصرار والترصد، بسبب تركيب الضحية كاميرات أمنية بمحيط منزله المقابل لمنزل القاتل، حيث تحضر الأخير لارتكاب جريمته وتوجه الى شراء سكين ثم تربص بالضحية فجر يوم الجريمة متخفيا بين سيارات مواقف سيارات البناية، وما أن ظهر الضحية حتى انقض عليه القاتل وباغته بعدة طعنات قاتلة في أنحاء متفرقة من جسده أودت بحياته، بعدها تخلص من أدوات جريمته بعد أن ترك ضحيته غارقا في دمائه ويلفظ أنفاسه الأخيرة، وعلى مدار عدة جلسات اطلعت المحكمة على أدلة النيابة العامة المؤيدة للاتهام سواء الكاميرات الأمنية التي وثقت الواقعة واعترافات المتهم بمحاضر التحقيقات، كما استمعت لشهود الواقعة الذين تصادف وجودهم بمحيط موقع الجريمة قبل وبعد تنفيذ المتهم لها، واستعمت لدفاع المتهم الذي حاول مرارا في جلسات سابقة إثبات معاناة المتهم من مرض نفسي جعله غير مسؤول عن تصرفاته، إلا أن هيئة المحكمة تيقنت من ارتكاب المتهم لجريمته قاصدا ومترصدا ومتعمدا.
وأكدت المحكمة في حيثيات الحكم أنه في سبيلها للبحث عن الحق وتحقيقًا لدفاع المتهم أمرت بعرضه على لجنة طبية للكشف على قواه العقلية، وجاءت نتيجة التقرير أن المتهم على معرفة ودراية بما ألحقه الفعل الذي قام به من ضرر على المجني عليه، ولم تؤثر الأعراض التي لديه على تصور البدائل الممكنة للتعامل مع المجني عليه، كما ثبت أنه مسؤول عن تصرفاته، وتعزيزًا لذلك أكدت أن المتهم اعترف بالاتهام أمام سلطة التحقيق، وأجاب عن سير الأسئلة التي وُجهت اليه في هدوء واتزان وإدراك كامل على مدار التحقيق، وثبتت سلامة عقله وتمتعه بالشعور والإدراك والاختيار من واقع مثل سلوكه.
أدلة الاتهام
وكانت النيابة العامة قد تلقت إخطاراً من مديرية المحافظة الشمالية بالعثور على جثة شخص بالطريق وبالقرب من مسكنه بمنطقة الشاخورة وبها عدة طعنات، وعليه باشرت النيابة العامة التحقيق فور تلقيها ذلك الإخطار، فانتقل آنذاك فريق من أعضاء النيابة إلى مكان الواقعة رفقة الطبيب الشرعي وشعبة مسرح الجريمة، وتمت مناظرة جثة المجني عليه ومعاينة مكان العثور عليها، وأمرت النيابة برفع الآثار المشاهدة به. كما انتدبت الطبيب الشرعي لفحص الجثة لبيان ما بها من آثار إصابة.
وكلفت خبراء الأدلة الجنائية لفحص العينات المأخوذة من مسرح الجريمة، واستمعت إلى شهادة الشهود التي أمكن من خلالها ومن تسجيلات الكاميرات الأمنية التعرف على شخصية الجاني الذي تبين أنه جار للمجني عليه ومن أقربائه، ومن ثم تم القبض عليه بناء على أمر النيابة، وباستجوابه اعترف بارتكابه الواقعة مفصلاً ذلك بأنه قد عقد العزم على قتل المجني عليه على إثر خلافات سابقة، وتربص به عند خروجه من منزله وانهال عليه طعناً بسكين.
وكشفت تحقيقات النيابة أن المتهم كان دائم الخلافات مع المجني عليه بسبب تركيب الأخير لكاميرات أمنية بمحيط منزله، وهو الأمر الذي رفضه المتهم وكان دائم اعتراض طريق المجني عليه بسبب تلك الكاميرات وتكسيره لها وتقديم المجني عليه بلاغات وكان يتدخل أهل المتهم لدى المجني عليه بهدف التصالح، إلا أن المتهم ظل يترصد للمتهم حاملا الضغينة بداخله ضد المتهم.
حيث دلت التحقيقات ان المتهم قبل ارتكاب الواقعة توجه إلى أحد المحلات واشترى سكينا بغرض ارتكاب الجريمة وتجهز لها مرتديا قفازات وحاملا أداة الجريمة، مترصدا للمجني عليه يوم الواقعة في موقف سيارات البناية، حيث ظل متخفيا بين السيارات في ساعات الصباح الأول من يوم الواقعة وبمجرد رؤيته للمجني عليه توجه إليه مستغلا مفاجأته له وارتباك الأخير موجها إليه عدة طعنات قاتلة في انحاء متفرقة من جسده حتى سقط على الأرض واستمر القاتل في توجيه الطعنات إليه حتى لفظ أنفاسه وغادر موقع الجريمة على أمل التخلص من الأداة المستخدمة في ارتكاب الجريمة، إلا أنه تم القبض عليه واعترف بجريمته امام النيابة التي أحالته الى المحكمة الجنائية.
حيث أسندت النيابة الى المتهم أنه قتل عمدًا المجني عليه مع سبق الإصرار والترصد، بأن بيّت النية، وعقد العزم على قتله، وأعد لذلك الغرض سكينًا، وقام بمراقبة المجني عليه لتحديد أوقات مغادرة مسكنه، وتربص به يوم الواقعة أمام منزله حاملاً السكين ومرتديًا قفازات في يده بغرض الحيلولة دون ترك بصمات عليه، وما إن صادف المجني عليه عقب خروجه من منزله، حتى انهال عليه طعنًا بالسكين في مواضع متفرقة من جسده، قاصدًا من ذلك إزهاق روحه، فأحدث به الإصابات الموصوفة في التقرير الطبي الشرعي.
وعلى مدار عدة جلسات اطلعت المحكمة على أدلة الاتهام وتسجيلات الكاميرات الأمنية واعترافات المتهم كما استمعت إلى شهادة شهود الواقعة الذين تصادف وجودهم في مواقف السيارات وشاهدوا المتهم قبل لحظات من ارتكاب الجريمة اثناء انتظاره متربصا في مواقف السيارات مرتديا قفازاته، وحاملا السكين، بالإضافة إلى شهادة المقربين من الطرفين، واطلعت إلى تقرير الطبيب الشرعي الذي باشر الكشف على جثمان الضحية، واستمت المحكمة لشهادة شهود النفي التي جاءت شاهدتهم تأكيدا لمذكرات دفاع المتهم بأنه يعاني من اضطرابات نفسية جعلته غير مسؤولا عن تصرفاته.
لا يستحق العذر المخفف
وردت المحكمة على طلب دفاع المتهم بتطبيق العذر المخفف عملًا بالمادة 33 من قانون العقوبات، بزعم أن المتهم ناقص الإدراك، بأن المرض العقلي الذي يوصف بأنه جنون أو عاهة عقلية وتنعدم معه المسؤولية قانونًا، هو المرض الذي من شأنه أن يعدم الشعور والإدراك.
وقالت المحكمة: إن النيابة سبق وطلبت من قاضي المحكمة الصغرى عرض المتهم على لجان ثلاثية بعد القبض عليه وارتكابه الواقعة، لبيان عما إذا كان مسؤولًا عن أفعاله وأقواله أثناء الواقعة، وقد ورد تقرير اللجان الطبية أنه بعد الكشف عليه تبين أن المتهم لديه بعض الأعراض الذهنية ولكن لم تؤثر على إدراكه وقدرته على الاختيار، وبالتالي فهو مسؤول عن تصرفاته أثناء ارتكاب الوقائع.
وأكدت أنها وفي سبيلها للبحث عن الحق وتحقيقًا لدفاع المتهم، قامت بدورها بإعادة عرض المتهم على اللجان الطبية لبيان تلك الأعراض، وقد ورد التقرير بأنه أثناء إيداع المتهم، ونتائج الأشعة المقطعية للدماغ، وتحليل سموم البول، ومقابلة المتهم، وأبعاد التشخيص النفسي، وتأثير المرض النفسي على إدراكه، وخلص التقرير إلى أن المتهم على معرفة ودراية بما ألحقه الفعل الذي قام به من ضرر على المجني عليه، ولم تؤثر الأعراض التي لديه على تصور البدائل الممكنة للتعامل مع المجني عليه والقيام بالفعل، كما لم تؤثر على إرادته، وبالتالي يعتبر مسؤولًا عن تصرفاته إزاء ارتكاب الواقعة.
الأمر الذي يستقيم معه في يقين المحكمة سلامة عقل المتهم، وتمتعه بكامل الشعور والإدراك والاختيار وقت ارتكاب الجريمة، ومسؤوليته عن الجريمة، وتعزيزًا لذلك، أكدت أن المتهم اعترف بالاتهام أمام سلطة التحقيق، وأجاب عن سير الأسئلة التي وُجهت اليه في هدوء واتزان وإدراك كامل على مدار التحقيق، وثبتت سلامة عقله وتمتعه بالشعور والإدراك والاختيار من واقع مثل سلوككم.
وتبيّن للمحكمة أن المتهم فكر وتدبر، وعقد العزم على الانتقام من المجني عليه وقتله، وكان يتربص له، ونفذ الواقعة، واستمر في طعنه أكثر من مرة، وهذا كله يدل على توافر عنصري الإدراك والإرادة، وأن المتهم كان في حالة كامل إدراكه ووعيه، فحكمت المحكمة بإجماع الآراء بمعاقبة المتهم بالإعدام عما أُسند إليه، وبإلزام المتهم أن يؤدي للمدعين «ورثة المجني عليه» في الحكم المدني تعويضًا مؤقتًا، ومصادرة الأدوات المستخدمة في الجريمة.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك