العدد : ١٧٢٧٢ - الاثنين ٠٧ يوليو ٢٠٢٥ م، الموافق ١٢ محرّم ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٢٧٢ - الاثنين ٠٧ يوليو ٢٠٢٥ م، الموافق ١٢ محرّم ١٤٤٧هـ

أخبار البحرين

لا خوارزمية تستطيع قراءة الصمت أو فهم نظرة العين:
خبيرة في الإرشاد النفسي: الذكاء الاصطناعي مكمل للمختص وليست بديلا عنه

{ د. مي مبارك العازمي.

الاثنين ٠٧ يوليو ٢٠٢٥ - 02:00

كتبت‭ ‬ياسمين‭ ‬العقيدات‭: ‬

 

أكدت‭ ‬الدكتورة‭ ‬مي‭ ‬مبارك‭ ‬العازمي،‭ ‬المختصة‭ ‬في‭ ‬الإرشاد‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والنفسي‭ ‬والحاصلة‭ ‬على‭ ‬دكتوراه‭ ‬في‭ ‬الإرشاد‭ ‬النفسي،‭ ‬أن‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬قد‭ ‬دخل‭ ‬بالفعل‭ ‬ميادين‭ ‬التعليم‭ ‬والإرشاد‭ ‬النفسي،‭ ‬مشيرة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬التوجه‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬محصورًا‭ ‬في‭ ‬التوقعات‭ ‬المستقبلية،‭ ‬بل‭ ‬أصبح‭ ‬واقعًا‭ ‬ملموسًا‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬متزايد‭ ‬من‭ ‬المدارس‭ ‬والمؤسسات‭ ‬التعليمية‭ ‬حول‭ ‬العالم،‭ ‬ومنها‭ ‬بعض‭ ‬البيئات‭ ‬المحلية‭.‬

وأضافت‭ ‬العازمي‭ ‬أن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬التطبيقات‭ ‬والبرمجيات‭ ‬الذكية‭ ‬باتت‭ ‬اليوم‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬رصد‭ ‬أنماط‭ ‬سلوك‭ ‬الطلبة‭ ‬وتحليلها،‭ ‬بل‭ ‬وحتى‭ ‬التنبؤ‭ ‬بمؤشرات‭ ‬اضطرابات‭ ‬نفسية‭ ‬مثل‭ ‬القلق‭ ‬والاكتئاب،‭ ‬بناءً‭ ‬على‭ ‬تفاعلاتهم‭ ‬اليومية‭ ‬أو‭ ‬أدائهم‭ ‬الأكاديمي‭ ‬والسلوكي،‭ ‬مشيرة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬يوفر‭ ‬أدوات‭ ‬تساعد‭ ‬الطلبة‭ ‬على‭ ‬تقييم‭ ‬حالتهم‭ ‬النفسية‭ ‬بأنفسهم،‭ ‬وتعلم‭ ‬مهارات‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬التوتر‭ ‬والغضب،‭ ‬مما‭ ‬يسهم‭ ‬في‭ ‬رفع‭ ‬مستوى‭ ‬الوعي‭ ‬بالصحة‭ ‬النفسية‭.‬

ورغم‭ ‬هذه‭ ‬التطورات‭ ‬التقنية‭ ‬المبهرة،‭ ‬شددت‭ ‬العازمي‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬يملكه‭ ‬من‭ ‬إمكانيات‭ ‬تحليلية‭ ‬متقدمة‭ ‬يبقى‭ ‬أداة‭ ‬داعمة‭ ‬لا‭ ‬بديلاً‭ ‬عن‭ ‬المختص‭ ‬النفسي‭ ‬أو‭ ‬الاجتماعي‭ ‬البشري‭ ‬في‭ ‬المدرسة،‭ ‬مؤكدة‭ ‬أن‭ ‬الجانب‭ ‬المهني‭ ‬في‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬الطالب‭ ‬والمختص‭ ‬لا‭ ‬يُبنى‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬البيانات‭ ‬بل‭ ‬على‭ ‬التفاعل‭ ‬الإنساني‭ ‬الحقيقي،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬الإصغاء‭ ‬المتعاطف‭ ‬وفهم‭ ‬السياق‭ ‬الشخصي‭ ‬والتفاعل‭ ‬مع‭ ‬مشاعر‭ ‬الطالب‭ ‬تتطلب‭ ‬حضورًا‭ ‬إنسانيًّا‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تقليده‭ ‬برمجيًّا‭.‬

وقالت‭: ‬هناك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬التفاصيل‭ ‬الدقيقة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬ترصدها‭ ‬الخوارزميات‭ ‬مهما‭ ‬تطورت،‭ ‬مثل‭ ‬لغة‭ ‬الجسد،‭ ‬ونبرة‭ ‬الصوت،‭ ‬وحتى‭ ‬الصمت‭ ‬الذي‭ ‬قد‭ ‬يحمل‭ ‬رسائل‭ ‬عميقة‭ ‬لا‭ ‬تُقال‭ ‬إن‭ ‬الحدس‭ ‬المهني‭ ‬والخبرة‭ ‬الميدانية‭ ‬والحنكة‭ ‬النفسية‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬برمجتها‭.‬

اما‭ ‬بخصوص‭ ‬مدى‭ ‬تشجيعها‭ ‬لاستخدام‭ ‬التطبيقات‭ ‬الذكية‭ ‬في‭ ‬المدارس،‭ ‬أوضحت‭ ‬العازمي‭ ‬أن‭ ‬استخدامها‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬مفيدًا‭ ‬وذا‭ ‬قيمة‭ ‬مضافة‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬وضع‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬مكمل‭ ‬للعمل‭ ‬الإرشادي‭ ‬وليس‭ ‬بديلا‭ ‬له،‭ ‬وقالت‭: ‬‮«‬نحن‭ ‬نؤمن‭ ‬بأهمية‭ ‬توظيف‭ ‬التقنية‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬الإنسان،‭ ‬وتوظيف‭ ‬التطبيقات‭ ‬لمساعدة‭ ‬الطلبة‭ ‬على‭ ‬فهم‭ ‬أنفسهم‭ ‬ومراقبة‭ ‬سلوكهم‭ ‬وتعلم‭ ‬مهارات‭ ‬التكيف،‭ ‬لكن‭ ‬من‭ ‬الضروري‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬مرشد‭ ‬أو‭ ‬مختص‭ ‬يفسر‭ ‬هذه‭ ‬النتائج‭ ‬ويضعها‭ ‬في‭ ‬السياق‭ ‬الصحيح،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬بيئاتنا‭ ‬التعليمية‭ ‬المحلية‭ ‬التي‭ ‬لها‭ ‬خصوصية‭ ‬ثقافية‭ ‬واجتماعية‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تجاهلها‮»‬‭.‬

كما‭ ‬حذرت‭ ‬المختصة‭ ‬في‭ ‬الإرشاد‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والنفسي‭ ‬من‭ ‬المخاطر‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تترتب‭ ‬على‭ ‬الاعتماد‭ ‬الكامل‭ ‬على‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال،‭ ‬قائلة‭: ‬‮«‬أهم‭ ‬المخاوف‭ ‬تتعلق‭ ‬بغياب‭ ‬الجانب‭ ‬الإنساني‭ ‬الحقيقي،‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬لأي‭ ‬تقنية‭ ‬أن‭ ‬توفره،‭ ‬مهما‭ ‬بلغت‭ ‬دقتها‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬البيانات‭ ‬النفسية‭ ‬للطلبة‭ ‬يطرح‭ ‬تحديات‭ ‬كبيرة‭ ‬تتعلق‭ ‬بالخصوصية‭ ‬وسرية‭ ‬المعلومات،‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬تحكمه‭ ‬سياسات‭ ‬صارمة‭ ‬وواضحة‮»‬‭.‬

وأضافت‭ ‬ان‭ ‬هناك‭ ‬خشية‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يؤدي‭ ‬الاعتماد‭ ‬الزائد‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الأدوات‭ ‬إلى‭ ‬تراجع‭ ‬مهارات‭ ‬التواصل‭ ‬الإنساني‭ ‬لدى‭ ‬الطلبة،‭ ‬بل‭ ‬وحتى‭ ‬لدى‭ ‬الكوادر‭ ‬التعليمية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعد‭ ‬خطرًا‭ ‬حقيقيًا‭ ‬على‭ ‬العملية‭ ‬التربوية‭ ‬بأكملها‭ ‬فالتربية‭ ‬لا‭ ‬تُختزل‭ ‬في‭ ‬المحتوى،‭ ‬بل‭ ‬في‭ ‬القيم،‭ ‬والعلاقات،‭ ‬والقدرة‭ ‬على‭ ‬التواصل‭ ‬الحقيقي‭.‬

ورغم‭ ‬هذه‭ ‬التحفظات،‭ ‬أكدت‭ ‬العازمي‭ ‬أن‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يخفف‭ ‬وبشكل‭ ‬ملموس‭ ‬من‭ ‬الأعباء‭ ‬الإدارية‭ ‬والتنظيمية‭ ‬عن‭ ‬كاهل‭ ‬المختصين،‭ ‬موضحة‭ ‬أن‭ ‬تحليل‭ ‬البيانات‭ ‬وتوليد‭ ‬التقارير‭ ‬التلقائية‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يوفر‭ ‬وقتًا‭ ‬وجهدًا‭ ‬ثمينًا‭ ‬للمختص،‭ ‬يسمح‭ ‬له‭ ‬بالتركيز‭ ‬أكثر‭ ‬على‭ ‬التفاعل‭ ‬المباشر‭ ‬مع‭ ‬الطلبة،‭ ‬وهو‭ ‬الجزء‭ ‬الأهم‭ ‬في‭ ‬عمله‭.‬

ودعت‭ ‬العازمي‭ ‬إلى‭ ‬تبني‭ ‬رؤية‭ ‬متوازنة‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬التكامل‭ ‬بين‭ ‬الإنسان‭ ‬والتقنية،‭ ‬مؤكدة‭ ‬أن‭ ‬الطريق‭ ‬الأمثل‭ ‬ليس‭ ‬في‭ ‬استبدال‭ ‬المختصين‭ ‬بالآلات،‭ ‬بل‭ ‬في‭ ‬دعمهم‭ ‬بالأدوات‭ ‬التي‭ ‬تعزز‭ ‬من‭ ‬دورهم‭ ‬وتمنحهم‭ ‬فرصًا‭ ‬أكبر‭ ‬للتأثير،‭ ‬مضيفة‭: ‬‮«‬نثق‭ ‬أن‭ ‬التقنية‭ ‬مهما‭ ‬تطورت،‭ ‬ستبقى‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬قلب‭ ‬حي‭ ‬يسمع،‭ ‬وعقل‭ ‬مدرب‭ ‬يُدرك‭ ‬الفروق‭ ‬الفردية،‭ ‬ويحتوي‭ ‬الإنسان‭ ‬بخصوصيته‭ ‬وضعفه‭ ‬ومشاعره‮»‬‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا