المصدر: الشرق
بينما نعيش لحظة محورية تتصاعد فيها التوترات العسكرية بين إسرائيل وإيران إلى مستوى غير مسبوق، تطال شظايا الضربات الأسواق العالمية للطاقة أيضاً. فقد أدى الهجوم الإسرائيلي على منشآت داخل إيران إلى ردود أفعال سريعة ودراماتيكية في أسواق النفط والغاز، يوم الجمعة، ما أعاد رسم خطوط التحليل الجيوسياسي والاقتصادي للمنطقة والعالم معاً.
السؤال الأهم الآن هو: لماذا يحدث هذا التأثير في الأسعار؟ وهل نحن أمام موجة عابرة، أم بداية مرحلة جديدة في سوق الطاقة العالمية؟.. السطور التالية يمكن أن تجيب.
1) لماذا تتحرك أسواق الطاقة بقوة عند كل تصعيد بين إسرائيل وإيران؟
يرجع هذا التفاعل القوي إلى موقع إيران الاستراتيجي في قلب المنظومة العالمية للطاقة، سواء بصفتها رابع أكبر دولة من حيث احتياطات النفط، أو باعتبارها عنق الزجاجة لشحنات الطاقة في المنطقة من خلال مضيق هرمز.
وبالتالي، فإن كل تصعيد يثير المخاوف من احتمالية تعطل الإمدادات أو إغلاق مضيق هرمز الذي يمر من خلاله نحو 20% من شحنات النفط العالمية، وفق تحليل صادر عن معهد «بروكنغز»، قد يدفع الأسواق إلى التسعير بناء على سيناريوهات كارثية محتملة، وليس على الوقائع وحدها.
ويربط الممر المائي الخليج العربي بالمحيط الهندي، وتحده إيران من الشمال والإمارات وسلطنة عمان من الجنوب. ويقارب طوله 100 ميل (161 كيلومتراً) وعرضه 21 ميلاً في أضيق نقطة، مع ممرات شحن في كل اتجاه بعرض ميلين فقط.
ورغم أن هذا الممر البحري الضيق لا يتجاوز عرضه 33 كيلومتراً، لكنه يمر من خلاله أكثر من 17 مليون برميل نفط يومياً، إضافة إلى شحنات الغاز المسال من قطر وإيران.
وشحنت الناقلات نحو 15.5 مليون برميل يومياً من الخام والمكثفات من السعودية والعراق والكويت والإمارات وإيران عبر المضيق في الربع الأول من 2024، وفق بيانات بلومبرغ. والمضيق مهم أيضاً للغاز الطبيعي المسال، إذ مر منه أكثر من خُمس إمدادات العالم (معظمها من قطر) خلال الفترة نفسها.
وبالتالي فإن أي اضطراب في هذا المضيق، قد يؤدي إلى ارتفاعات كبيرة في الأسعار، ويُجبر الناقلات على اتخاذ مسارات بديلة مكلفة وطويلة.
2) كيف يمكن أن تؤثر هذه الضربات على أسعار النفط؟
بعد الضربات الإسرائيلية الأولى ارتفعت أسعار النفط بنسبة تصل إلى 13% قبل أن تتراجع لتغلق على مكاسب بنسبة 8% يوم الجمعة بعدما اتضح أن المنشآت النفطية لم تُستهدف مباشرة في الضربات، ويتداول خام برنت حالياً في حدود 74 دولاراً للبرميل، وهو أعلى مستوى له منذ شهور. هذه القفزة ليست نتيجة لتعطل فعلي في الإنتاج، بل انعكاس مباشر لحالة الذعر في الأسواق، حيث يسارع المستثمرون إلى تأمين إمداداتهم المستقبلية، ما يرفع الأسعار بشكل لحظي.
وأثرت الضربات بشكل مباشر على تحسن آفاق أسعار النفط على المدى الطويل لدى المحللين، وكأن أكثرها تفاؤلاً ذلك الخاص بالمحلل وارن باترسون، رئيس استراتيجية السلع في »آي إن جي غروب« في سنغافورة، الذي قال: «إذا شهدنا تصعيداً مستمراً، فقد تتعطل حركة الشحن عبر مضيق هرمز. وهذا السيناريو قد يعرض نحو 14 مليون برميل يومياً من الإمدادات النفطية للخطر. وأي تعطيل كبير لتلك الإمدادات قد يدفع الأسعار نحو 120 دولاراً للبرميل«.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك