أكد المحامي العام الأول المستشار وائل رشيد بوعلاي مساعد النائب العام المؤتمر الدولي الأول للعقوبات البديلة الذي نظمته وزارة الداخلية يُمثل محطة بارزة في مسيرة مملكة البحرين نحو إرساء نموذج متقدم في العدالة الجنائية، حيث يقوم على مبدأ التوازن بين حماية المجتمع وصون كرامة الإنسان، ويعكس التزام الدولة بالتوجهات الملكية السامية في ترسيخ منهج العدالة المستنيرة، خاصة في ظل ما حققته مملكة البحرين من تقدم بارز في تطبيق قانون العقوبات والتدابير البديلة والذي يُعد نموذجًا يُحتذى به في الجمع بين فاعلية الردع واعتبارات الكرامة الإنسانية.
وأشار مساعد النائب العام إلى أن إعلان وزير الداخلية إنشاء «مركز التميز الإقليمي للعقوبات البديلة والسجون المفتوحة» يمثل خطوة استراتيجية متقدمة لتعزيز الكفاءات العاملة في هذا المجال على المستوى الإقليمي، ولتأصيل الممارسات الفضلى في تنفيذ العقوبات البديلة وفق أُطر مهنية وتدريبية حديثة، كما يُكرس ريادة مملكة البحرين في هذا المجال.
وأضاف أن النهج الذي تبنّته البحرين في سياستها الجنائية الحديثة يجسد توازنًا حقيقيًا بين إنفاذ القانون ومراعاة الأبعاد الإنسانية، ويُعطي الفرصة لمن ارتكب خطأً أن يُعيد تصحيح مساره، من خلال برامج إصلاحية تركز على التأهيل والدمج لا على العزل والإقصاء، وأن النيابة العامة تجدد التزامها الراسخ بالمضي قدمًا في دعم هذا التوجه الوطني الرائد، والعمل مع كل الشركاء في منظومة العدالة من أجل تطوير بيئة قانونية وإنسانية أكثر توازنًا وفعالية، تسهم في تعزيز السلم المجتمعي وحماية الحقوق، بما ينسجم مع التوجيهات الملكية السامية ورؤية البحرين الوطنية.
كما أكد المستشار الدكتور محمد مجبل الوكيل المساعد لقضايا الدولة والتعاون الدولي بوزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف في مملكة البحرين، خلال المؤتمر الدولي الأول للعقوبات البديلة، أن تجربة مملكة البحرين في مجال العقوبات البديلة من التجارب المثلى التي استفادت منها الدول الأخرى، لأن اليوم في البحرين تغير مفهوم السياسية العقابية تماما مع بدء تنفيذ العقوبات البديلة، فاليوم أصبحت العقوبة إصلاح وتأهيل ورؤية تسلط الضوء على الأمور الإنسانية والاجتماعية، ووزارة الداخلية ممثلة بالإدارة العامة لتنفيذ الأحكام والعقوبات البديلة كانت قادرة على التطبيق الأمثل للنظام الجدد من خلال اطلاعها على التجارب الأوروبية والأمريكية والعربية.
وأشار اللواء أحمد جمال الدين عفارة وكيل إدارة عامة بقطاع الحماية المجتمعية من جمهورية مصر العربية، أن هناك تحولًا كبيرًا في فلسفة التعامل مع السجون، حيث انتقلت الدولة من مفهوم العقوبة التقليدية إلى نموذج الإصلاح والتأهيل، عبر إنشاء مراكز متخصصة توفر بيئة مناسبة لإعادة تأهيل النزلاء. وأكد أن هذه المراكز تضم مرافق حديثة، تشمل غرفًا مجهزة بأسِرَّة، و«تلفزيونًا»، ومياهًا ساخنة، وتهوية جيدة، بما يضمن توفير بيئة إنسانية تحترم حقوق النزلاء.
واستعرض العميد أسامة ماجد الماجد مساعد مدير عام المؤسسات الإصلاحية بوزارة الداخلية بدولة الكويت، جهود بلاده في تعزيز العقوبات البديلة، مشيرًا إلى أن الكويت تبنت نهجًا إصلاحيًا حديثًا يسهم في تحقيق التوازن بين العدالة الجنائية وإعادة تأهيل الجناة. وأوضح أن قانون الحماية من العنف الأسري الذي صدر حديثًا يتيح فرض عقوبات بديلة، مثل الخدمة المجتمعية غير المدفوعة، كإجراء يهدف إلى تعزيز مفهوم العدالة التصالحية. وقد تم تقدير الآلية التنفيذية لهذا القانون عام 2023 لضمان تحقيق أهدافه في الحد من العنف الأسري وإعادة دمج المحكومين في المجتمع.
ومن جهته، أكد العقيد الدكتور علي الزعابي مدير إدارة المتابعة الشرطية الاتحادية بدولة الإمارات العربية المتحدة، أن استراتيجية الدولة في مجال الأمن تعتمد على نهج الاستباق الجزائي، وهو أسلوب وقائي يهدف إلى منع الجريمة قبل وقوعها، مستفيدًا من التجارب الإقليمية مثل التجربة البحرينية. وشدد على أهمية استخدام التكنولوجيا المتقدمة، حيث يتم الاعتماد على الذكاء الاصطناعي وأدوات المراقبة الذكية لضبط الأمن، مع مراعاة الحقوق والحريات الفردية.
وشدد السيد عبدالله بن محمد المالكي المحامي العام الأول مدير إدارة التفتيش القضائي من دولة قطر، على التحول نحو العقوبات البديلة كاتجاه عالمي جديد يهدف إلى التركيز على الإصلاح والتأهيل بدلاً من العقوبات التقليدية، مشيرا إلى أهمية العدالة التصالحية كإطار قانوني جديد يركز على إصلاح الجاني وإعادة دمجه في المجتمع، مع مراعاة حقوق المجني عليه، وهو نهج ينسجم مع التوجهات الحديثة في التشريعات الدولية. وأكد أن سلطة القاضي التقديرية في اختيار العقوبات المناسبة تُعد خطوة مهمة نحو إرساء العدالة المتوازنة، حيث يتم منح القضاة حرية أكبر لتكييف العقوبات وفقًا لظروف كل قضية.
ومن جانبه، عرض القاضي أيوب علي أبو جعفر رئيس قسم السياسة الجنائية في وزارة العدل بالمملكة المغربية، شرحاً مفصلاً عن التطورات التي شهدتها منظومة العدالة الجنائية في المغرب، والتي اعتمدت مبدأ التدرج في تطبيق العقوبات البديلة كجزء من الإصلاحات التشريعية الهادفة إلى تقليل العقوبات السالبة للحرية، مؤكدًا دور العقوبات البديلة في تحسين فعالية النظام القضائي وتعزيز حقوق المتهمين.
وأكد العميد الدكتور القاضي محمد الشديفات مدير القضاء الشرطي ممثل المملكة الأردنية الهاشمية، منظومة العقوبات البديلة التي تم تطبيقها في بلاده، مبيناً أن التشريعات الأردنية تضمنت نصوصاً محددة لتنفيذ عقوبات مجتمعية مثل العمل المجتمعي والرقابة الإلكترونية بهدف تحقيق العدالة الإصلاحية وتقليل الاكتظاظ في السجون.
وقدم المهندس حسن عيسى الشارقي، المدير التنفيذي لشركة كيوبلاس للمعاينة واستشارات الجودة في مملكة البحرين، عرضاً حول دور الابتكار في تطوير منظومة تنفيذ الأحكام والعقوبات البديلة في مملكة البحرين، موضحا كيف تعتمد الجهات المختصة على تطبيق أفكار مبتكرة تواكب التطورات التقنية لضمان تحسين الأداء وتحقيق نتائج إيجابية.
وفي سياق متصل، أشاد ديفيد كاليولاني هاسنريتر – مدير إدارة المعايير والاعتماد الجمعية الإصلاحية الأمريكية، بتجربة «السجون المفتوحة» في مملكة البحرين، واصفًا إياها بأنها نموذج يُحتذى على المستوى العالمي في تطبيق العقوبات البديلة وإعادة التأهيل المجتمعي، حيث تمثل مستقبل العمل الإصلاحي القائم على التوازن بين الحزم والدمج المجتمعي.
ومن جانبها، أوضحت البروفيسور سونيتا تور، رئيس قسم حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية معهد شيفيلد للقانون والعدالة في المملكة المتحدة، أن التعاون المثمر مع الإدارة العامة لتنفيذ الأحكام خلال السنوات الخمس الماضية كان مركزه الأساسي تطوير كوادر متميزة، حيث حرصت قيادة مملكة البحرين، على تجاوز الحد الأدنى من المعايير إلى إنشاء نظام إصلاحي متكامل يُحدث تغييرًا حقيقيًا في المجتمع.
وأعرب العميد سيعد علي لوتاه القائم بالأعمال مدير عام المؤسسات العقابية والإصلاحية في وزارة الداخلية لدولة الإمارات، عن شكره وتقديره لمملكة البحرين ووزارة الداخلية برئاسة معالي الشيخ راشد بس عبدالله آل خليفة وزير الداخلية والشيخ خالد بن راشد آل خليفة والقائمين على تنظيم المؤتمر الأول الخاص بالعقوبات البديلة الذي من خلاله تم تبادل الخبرات والمعرفة وطرح التحديات والحلول من خلال استعراض أفضل الممارسات.
ومن جانبه، أكد العقيد هلال بن محمد الحراصي مدير عام التخطيط والتطوير في شرطة عُمان السلطانية، أنه في إطار الجهود الدولية الرامية إلى تطوير النظم العدلية، وتعزيز مفاهيم العدالة الإنسانية، تشرفنا بالمشاركة في أعمال المؤتمر الدولي الأول للعقوبات البديلة، الذي استضافته مملكة البحرين الشقيقة، بحضور رفيع من الخبراء والمختصين وصنّاع القرار من مختلف دول العالم.
وأكد عضو مجلس النواب ورئيس جمعية ريادة الأعمال، السيد أحمد السلوم، على هامش المؤتمر الدولي الأول للعقوبات البديلة، أن برنامج العقوبات البديلة الذي تميزت به وزارة الداخلية يُعد خطوة مهمة وجوهرية نحو إعادة تأهيل النزلاء ودمجهم في المجتمع بطريقة فعالة، وأن البرنامج، بالتعاون مع جمعية رواد الأعمال البحرينية، نجح في تأهيل 25 نزيلاً ليصبحوا رواد أعمال، مما يعكس نجاح المبادرات الإصلاحية في تمكين الأفراد وتوفير فرص حقيقية لهم للانخراط في سوق العمل.
بدوره، أكد السيد فيصل فولاذ، الأمين العام لجمعية البحرين لمراقبة حقوق الإنسان والمركز الخليجي الأوروبي لحقوق الإنسان، أن المؤتمر الدولي للعقوبات البديلة يُعد حدثًا بارزًا على المستويين العربي والدولي، حيث يمثل نقلة نوعية في إبراز التطورات الحقوقية والإصلاحية التي تشهدها مملكة البحرين، ويعزز مكانتها كدولة رائدة في تطبيق الأنظمة القضائية الحديثة.
وأوضح فولاذ أن المؤتمر يُسلط الضوء على جهود البحرين في تطوير نظام العقوبات البديلة، بما يعكس التزامها بتعزيز العدالة الجنائية وفق أفضل الممارسات الدولية، مشيرًا إلى أن البحرين كانت سبّاقة في تطبيق العقوبات البديلة منذ عام 2017، حيث استفاد منها أكثر من 8000 شخص. وأكد أن هذه التجربة أصبحت نموذجًا يُحتذى به على مستوى المنطقة، وقد حظيت بإشادة المستفيدين والمراقبين لما حققته من نتائج إيجابية في تعزيز العدالة التصالحية وإعادة دمج المحكومين في المجتمع بصورة أكثر فاعلية.
وأكد الدكتور عبد الكريم مصطفى، استشاري الطب النفسي، أهمية التعاون القائم بين مستشفى «سيرين» ووزارة الداخلية في إطار برنامج العقوبات البديلة، مشيرًا إلى الدور الحيوي الذي تؤديه هذه المبادرة في إعادة تأهيل المستفيدين من خلال التركيز على الجوانب النفسية والسلوكية، مؤكدا أن البرنامج يهدف إلى تدريب العاملين ليصبحوا فنيي صحة نفسية وسلوكية، مما يعزز قدرتهم على اكتشاف الحالات النفسية المحتملة لدى المستفيدين، وتوجيههم إلى الجهات المختصة لتلقي الدعم اللازم في الوقت المناسب.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك