موسكو - (أ ف ب): استبعدت روسيا أمس الثلاثاء تحقيق اختراق سريع باتّجاه تسوية النزاع «المعقّد للغاية» في أوكرانيا، غداة فشل ثاني جولة من المحادثات المباشرة مع كييف في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار. في حين يتفوق الجيش الروسي الأكبر حجما والأفضل تجهيزا في الميدان، تتهم كييف روسيا منذ أشهر بعرقلة مفاوضات السلام، مع رفض موسكو طلبها هدنة غير مشروطة يمكن أن تسمح لأوكرانيا بتعزيز قوتها بمساعدة حلفائها. وقال الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف خلال مؤتمره الصحفي اليومي: «سيكون من الخطأ توقع حلول واختراقات فورية». وأضاف أن «مسألة التوصل إلى تسوية معقّدة للغاية وتشمل الكثير من المسائل الدقيقة» التي يتعيّن حلّها، وذكر أن موسكو تريد قبل كل شيء «القضاء على الأسباب الجذرية للنزاع» من أجل تحقيق السلام مع كييف. تربط موسكو وقف القتال بحل هذه «الأسباب الجذرية»، أي وضع الأراضي الأوكرانية التي أعلنت ضمها ورغبة كييف في الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو)، وهو ما تراه موسكو تهديدا وجوديا. منذ بدئه في فبراير 2022، تسبب الهجوم الروسي الواسع النطاق في أوكرانيا، وهو أكبر نزاع مسلح في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، في سقوط عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين والعسكريين، إن لم يكن مئات الآلاف. ولم تنجح الجهود الدبلوماسية التي أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منتصف فبراير لإنهاء النزاع في إسكات البنادق. التقى الروس والأوكرانيون في إسطنبول يوم الاثنين في جولة ثانية من المفاوضات بوساطة تركيا، بعد اجتماع أول عقد في 16 مايو، لكن موسكو رفضت مجددا عرض الهدنة «غير المشروطة» الذي قدمته كييف ودعمته واشنطن والأوروبيون. واكتفى الروس والأوكرانيون بالاتفاق على تبادل جميع أسرى الحرب الذين تقل أعمارهم عن 25 عاما أو المصابين بجروح بالغة، بالإضافة إلى جثامين آلاف العسكريين القتلى. من ناحية أخرى، لا تزال مطالب الطرفين الجوهرية تبدو غير قابلة للتوفيق. وقدم الوفد الروسي مذكرة للأوكرانيين، تطالب بـ«انسحاب كامل» للجيش الأوكراني من المنطقتين المحتلتين جزئيا دونيتسك ولوغانسك (شرق) ومن زابوريجيا وخيرسون (جنوب) قبل تنفيذ وقف إطلاق النار شامل.
وتشمل البنود الأخرى «الاعتراف القانوني الدولي» بهذه المناطق وشبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا عام 2014، باعتبارها أراضي روسية، فضلا عن «حياد» أوكرانيا، في حين تسعى كييف إلى الانضمام إلى الناتو.
هذه الشروط غير مقبولة لأوكرانيا التي تريد انسحابا كاملا للقوات الروسية من أراضيها، فضلا عن ضمانات أمنية ملموسة مدعومة من الغرب، مثل حماية حلف شمال الأطلسي أو وجود قوات غربية على الأرض، وهو ما ترفضه موسكو تماما. وتدعو كييف واشنطن وحلفاءها الغربيين إلى فرض مزيد من العقوبات على موسكو لإجبارها على قبول هدنة شاملة، لكن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رفض حتى الآن اتخاذ مثل هذه الإجراءات، قائلا إنه لا يريد وضع عراقيل أمام أي اتفاق محتمل. في الوضع الحالي، قال بيسكوف إن عقد لقاء بين فلاديمير بوتين وفولوديمير زيلينسكي ودونالد ترامب «أمر غير مرجح» في المستقبل «القريب». ووصل وفد من كبار المسؤولين الأوكرانيين إلى واشنطن أمس الثلاثاء لمناقشة «الدعم الدفاعي» لبلادهم وقضايا اقتصادية، من بينها تشديد العقوبات ضد موسكو، حسبما أعلنت كييف. كما كشف زيلينسكي أن بلاده تلقت دعوة لحضور قمة الناتو في لاهاي بين 24 و26 يونيو، وذلك بعد أن حذّر في وقت سابق من أن عدم حضور أوكرانيا سيكون بمثابة «انتصار» لروسيا. وأكد مسؤول في الناتو لفرانس برس توجيه الدعوة لكييف.

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك