خبراء بحرينيون وخليجيون: المجلس ركيزة أساسية لحفظ التوازن الإقليمي
كتبت ياسمين العقيدات:
بمناسبة الذكرى الرابعة والأربعين لتأسيس مجلس التعاون لدول الخليج العربية، التي أرسى دعائمها أصحاب الجلالة والسمو القادة المؤسسون -طيب الله ثراهم- منذ تأسيس المجلس في 25 مايو 1981م، تتجدد الإشادات بدور هذا الكيان الاستراتيجي في تعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي، وتوحيد الصف الخليجي في مواجهة التحديات السياسية والاقتصادية والأمنية، حيث أكد عدد من السياسيين الخليجيين أن المجلس بات يشكل ركيزة أساسية لحفظ التوازن الإقليمي، وتعزيز التنمية المستدامة، وترسيخ مفهوم التعاون الخليجي الشامل.
وشددوا على أنه في ظل التحولات المتسارعة التي تشهدها المنطقة، يبرز مجلس التعاون كقوة دبلوماسية فاعلة، وصوت موحد يعكس المصالح الخليجية في المحافل الدولية، مستندًا إلى نهج مشترك قائم على الحوار والتكامل ووحدة المصير.
مبادرات دبلوماسية لحل النزاعات
أكد النائب حسن بوخماس، رئيس لجنة الشؤون الخارجية والدفاع والأمن الوطني في مجلس النواب، أهمية الدور الذي يضطلع به مجلس التعاون الخليجي في تعزيز الاستقرار السياسي الإقليمي، عبر التنسيق والتعاون بين الدول الأعضاء في القضايا الإقليمية والدولية، بما يعزز وحدة الموقف والمصير المشترك، موضحًا أن المجلس يسهم في توحيد الرؤى حيال القضايا الدولية من خلال التنسيق المباشر، سواء بتكليف دولة خليجية معينة أو المجلس نفسه، للتفاوض في الملفات الأمنية الحساسة التي تتطلب حسمًا مع المجتمع الدولي.
وأشار رئيس لجنة الشؤون الخارجية والدفاع والأمن الوطني إلى أن المجلس بات فاعلاً في المبادرات الدبلوماسية لحل النزاعات، في مقدمتها وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وإيصال المساعدات الإنسانية، وترسيخ السلام الشامل والدائم في الشرق الأوسط، بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وفق حل الدولتين كخيار استراتيجي، والتعاون في ضمان الأمن القومي الخليجي والعربي، بما في ذلك تأمين حركة الملاحة البحرية، والأمن البيئي ومواجهة التغير المناخي، وإخلاء منطقة الخليج العربي والشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل، وغيرها من التحركات الدبلوماسية التي أدت إلى نتائج تعزز من دوره على المستوى العالمي.
وأكد بوخماس أن مملكة البحرين، بقيادة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم، تواصل مسيرة المنجزات والتكامل الخليجي وتعميق الشراكة، وتعمل على تعزيز العمل الخليجي المشترك في الجوانب الدفاعية والأمنية، ومتابعة تنفيذ المشاريع التنموية والاقتصادية، مثل الربط البري والكهربائي والمائي والسكك الحديدية، واستكمال الاتحاد الجمركي والسوق الخليجية المشتركة، وصولاً إلى الوحدة الاقتصادية.
إطار استراتيجي لتوحيد المواقف السياسية
أكد الدكتور محمد العريمي، كاتب وباحث في الشؤون السياسية، رئيس جمعية الصحفيين العمانية، أن مجلس التعاون لدول الخليج العربية يمثل إطاراً استراتيجياً لتوحيد المواقف السياسية بين الدول الأعضاء تجاه القضايا الإقليمية والدولية، بما يعزز مكانة دول الخليج على الساحة العالمية. وقد لعب مجلس التعاون لدول الخليج العربية دوراً محورياً في تنسيق المواقف السياسية، وتبني نهج دبلوماسي موحد، يحافظ على استقرار المنطقة ويعزز أمنها، كما يعكس في الوقت ذاته وحدة المصير والتضامن المشترك بين دول المجلس.
وأشار العريمي الى ان مملكة البحرين وشقيقاتها في مجلس التعاون لدول الخليج العربية تجمعهم علاقات أخوية راسخة تقوم على أسس من الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، وقد أثبتت التجربة أن مملكة البحرين الشقيقة كانت ولا تزال شريكاً فاعلاً ومؤمناً برؤية المجلس ووحدته، كما تشكل هذه العلاقة نموذجا يحتذى به في التعاون السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وتجسد روح الانتماء الخليجي المشترك.
وأكد العريمي ان الإعلام الخليجي لعب دوراً جوهرياً في توعية المجتمعات الخليجية بدور مجلس التعاون وأهدافه وإنجازاته. ومن خلال التغطية الإعلامية المستمرة والبرامج الحوارية والتقارير الوثائقية، استطاع الإعلام أن يُرسِّخ مفهوم العمل الخليجي المشترك، ويعزز من الشعور بالهوية الخليجية لدى المواطنين.
وبين أن التنسيق الإعلامي بين دول المجلس يُعدّ ضرورة استراتيجية لتوحيد الرسائل الإعلامية، وإبراز النجاحات والإنجازات التي تحققها منظومة مجلس التعاون، كما يسهم هذا التنسيق في تقديم صورة متكاملة تعكس وحدة الصف الخليجي، وتُظهر المجلس ككتلة سياسية واقتصادية واحدة ومؤثرة إقليمياً ودولياً، مما يعزز من حضوره وثقله كمجلس وازن وفاعل في المحافل العالمية.
وشدد على ان الصحفيين الخليجيين يقع على عاتقهم مسؤولية كبيرة في ترسيخ مفاهيم الوحدة والانتماء الخليجي المشترك، من خلال تسليط الضوء على القواسم الثقافية والاجتماعية والسياسية المشتركة. كما يُنتظر منهم أن يكونوا جسور تواصل بين الشعوب، وأن يعززوا خطاب الإعلام الإيجابي الذي يعبر عن طموحات وتطلعات المواطن الخليجي الواحد.
أهمية التمسك بالوحدة الخليجية
أكدت لجنة الشؤون الخارجية والدفاع والأمن الوطني بمجلس الشورى، برئاسة الدكتور علي بن محمد الرميحي، أن الظروف الإقليمية والدولية المتسارعة تضع مجلس التعاون لدول الخليج العربي أمام محطة تاريخية، تعزز من أهمية التمسك بالوحدة الخليجية، وتُرسّخ مسار التكامل الاقتصادي والاجتماعي والأمني كخيار استراتيجي لضمان استقرار وازدهار دول وشعوب المجلس.
وأشادت اللجنة بالدور الريادي لمجلس التعاون في تعزيز أمن واستقرار المنطقة، ومواجهة التحديات الإقليمية والدولية، مشيرةً إلى أن المجلس استطاع، بفضل القيادة الواعية لأصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس، أن يرسخ مكانته كمظلة استراتيجية موحدة تضمن صون السيادة، وحماية المكتسبات الوطنية، وتحقيق تطلعات المواطنين نحو التنمية المستدامة والازدهار.
كما نوهت اللجنة بما حققته دول مجلس التعاون من منجزات بارزة على مدار أربعة عقود، في مجالات التكامل الاقتصادي والتنسيق الدفاعي والعمل البرلماني المشترك، إلى جانب النجاحات التي تحققت على مستوى العلاقات الخارجية، وتعزيز المكانة الخليجية إقليميًا ودوليًا، مؤكدةً أن مجلس التعاون يمضي قدمًا بخطى ثابتة نحو تحقيق المزيد من الطموحات الخليجية، بما يخدم استقرار وأمن ورخاء شعوبه.
دور محوري في توحيد المواقف الخليجية
أكد الدكتور ظافر محمد العجمي، كاتب وباحث في الشؤون السياسية بدولة الكويت، أن الذكرى الرابعة والأربعين لتأسيس مجلس التعاون لدول الخليج العربية، في 25 مايو 1981، مناسبة يستحق معها كل خليجي أن يفتخر بهذه المنظومة التي أثبتت مكانتها كحصن منيع للاستقرار والتكامل في الخليج، مشيرًا إلى أن تأسيس المجلس جاء استجابة لحاجة تاريخية فرضتها تحديات إقليمية جسيمة، أبرزها الحرب العراقية الإيرانية والثورة الإيرانية، فكان المجلس مظلة جامعة لحماية المصالح الخليجية وتوحيد الصفوف.
وأضاف العجمي أن المجلس، منذ انطلاقته، تبنى رسالة سامية تهدف إلى تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين الدول الأعضاء في مختلف الميادين، وصولًا إلى وحدتها الكاملة، وقد نجحت هذه الرؤية في تحقيق إنجازات ملموسة، جعلت من المجلس نموذجًا ناجحًا للعمل الجماعي العربي، وقاعدة صلبة لوحدة المصير المشترك بين شعوبه.
وفي الشأن السياسي والأمني، أوضح العجمي أن المجلس لعب دورًا محوريًا في توحيد المواقف الخليجية، وكان له صوت واحد في المحافل الدولية، ولا سيما في القضايا المصيرية كالقضية الفلسطينية، ودعم الشرعية في اليمن، ومواجهة التهديدات الإقليمية كما أثبت المجلس مرونة عالية في تجاوز الخلافات، كما في الأزمة الخليجية، مما يعزز قيم المصالحة والتضامن كركيزتين لاستمراره وقوته.
وفي الجانب السياسي والدبلوماسي، أكد الدكتور العجمي أن المجلس أثبت مكانته كفاعل إقليمي مؤثر، من خلال وساطته في أزمات مثل اليمن، والسودان، وغزة، ومواقفه الجماعية تجاه قضايا كبرى كالغزو العراقي للكويت. ورغم التباينات، فإن المجلس أظهر قدرة عالية على التكيف مع المتغيرات، مما عزز مكانته الدولية.
وشدد على أن المجلس نجح في بناء إطار تفاوضي داخلي سمح بتقريب وجهات النظر وتشكيل مواقف موحدة تجاه ملفات كبرى مثل البرنامج النووي الإيراني ودعم الشرعية في اليمن. لكنه أشار إلى أهمية تعزيز صلاحيات الأمانة العامة وتمكينها من آليات إلزامية لتنفيذ القرارات، كخطوة ضرورية نحو مزيد من الوحدة الخليجية.
وأكد الدكتور ظافر العجمي أن التحولات الجيوسياسية تفتح فرصًا واسعة أمام المجلس للعب دور الوسيط المحايد، وقيادة التكامل الاقتصادي العربي، وتبني مبادرات للأمن البحري والطاقة الخضراء، وإعادة صياغة العلاقة مع إيران في إطار جماعي يعزز السيادة والاستقرار.
وأضاف أن مجلس التعاون لم يكن مجرد إطار تنسيقي، بل هيكل وحدوي متماسك استطاع أن يحقق الأمن والازدهار لشعوبه، ويؤسس لقوة سياسية واقتصادية ذات وزن عالمي. وأضاف أن قدرة المجلس على الحفاظ على وحدة الصف وتطوير أدواته وتوسيع نفوذه ستبقى أساسًا في رسم مستقبل أكثر إشراقا للمنطقة، وأن مجلس التعاون سيظل عنوانًا للفخر لكل خليجي.
كيان متماسك
أكد الدكتور عايد المناع، الأكاديمي والباحث السياسي في دولة الكويت، أن مجلس التعاون لدول الخليج العربية، منذ إعلان قيامه في 25 مايو 1981، أثبت جدارته ككيان متماسك اتخذ مواقف قوية وجذرية للحفاظ على وحدته وسلامة أعضائه.
وأضاف أن المجلس وقف في مواقف عديدة صفًا واحدًا، مؤكدًا روح التضامن الخليجي في مواجهة التحديات، وهو ما عزز من تماسكه واستمراره كمنظومة فاعلة في المنطقة.
وفي سياق الذكرى السنوية لتأسيس المجلس، نوه الدكتور المناع بالدور الإيجابي لمملكة البحرين، باعتبارها دولة مؤسسة وفاعلة في قضايا الأمن الخليجي، مشيرًا إلى مساهمتها الفعالة وتضحياتها من خلال قواتها المسلحة، إلى جانب دورها في دعم أمن المنطقة، وخاصة في جنوب المملكة العربية السعودية.
وشدد على أن البحرين تمثل نموذجًا في الالتزام والعمل الجماعي داخل المجلس، وتستحق الاحترام والتقدير لحرصها على وحدة مجلس التعاون واستقراره.
وأكد الدكتور المناع أن مجلس التعاون يمارس دورًا سياسيًا ودبلوماسيًا فاعلًا منذ تأسيسه، وهو ما انعكس في اهتمام المجتمع الدولي به، وحرص الدول الكبرى على التعامل معه كمجموعة متماسكة، لا كدول منفردة، وتبرز قوة هذا الكيان في البيانات السياسية الصادرة عن المجلس الأعلى والأمانة العامة، التي تؤكد التزام دول المجلس بالحياد وعدم التدخل في شؤون الآخرين، ورفضها التدخل الخارجي في شؤونها.
وأضاف أن العالم بات يتعامل مع مجلس التعاون ككتلة واحدة، تحظى بالاحترام والتقدير، مشيرًا إلى أن هذا التأثير الإقليمي والدولي يتجلى في مواقف المنظمات الدولية، وزيارات كبار القادة للمنطقة، والتي تؤكد أهمية التعاون مع دول المجلس.
وختم الدكتور عايد المناع بالتأكيد أن مجلس التعاون لا يزال كيانًا قائمًا ومتماسكًا، نجح في ترسيخ حضوره السياسي والدبلوماسي، ويحافظ على مواقفه الواضحة والمتزنة، بما في ذلك القضايا الدولية الكبرى، عبر تبني الحياد والسعي لحلول سلمية تحفظ استقرار المنطقة.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك