تُعرف اليوم البقلاوة في أنحاء العالم على أنّها حلوى تقليديّة شرق أوسطية. وهي طبقات من رقائق العجين (ورق العجين) المشبع بالزبدة أو السمن أو السمنة، والمحشوّة بالمكسّرات (عادةً اللّوز أو الفستق)، والمسقيّة بالعسل أو بالسكّر. وتتميّز بطعمها الحلو المميّز وقوامها الهشّ واللّذيذ. وتعدّ البقلاوة من الحلويّات الرمزيّة في المناسبات الخاصّة في العادات العربيّة، مثل الأعراس والأعياد والمناسبات الدينيّة.
تتنوّع أشكال البقلاوة، وتختلف في طريقة التحضير والمكوّنات المستخدمة. وتشتهر بعض المدن العربيّة بأنواع معيّنة من البقلاوة، مثل بقلاوة دمشق وبقلاوة عينتاب وبقلاوة القدس وبقلاوة بيروت وبقلاوة غزّة وبقلاوة إسطنبول وبقلاوة حلب الشبيهة جدّاً ببقلاوة عينتاب وغيرها.
البقلاوة أكلة قديمة جدّاً تعود أصولها وتقاليدها إلى منطقة مونكوليا المعاصرة، لكن من زمن يسبق استبدال سكّانها بالمونكول. كان اسمها القديم هو (بقلاو) باللّغة الما قبل تركية. واستمرّت هذه الكلمة في اللّغة المونكوليّة (بقلاو) وفي التركيّة القديمة (بكلاغو، بقلاغي)، وصارت في الفارسيّة (بقلبا، بكلفا).
كلمة بقلاوة كلمة تركية في أصلها معناها الحرفي هو (المُكدَّس بطبقات). وتعود إلى الجذر التركي باق\باك المعبّر عن التطبيق والتكديس. وكانت وُثّقت بقلاوة في المطابخ التركية منذ عهد السلاجقة وتطوّرت في العصر العثماني.
نجد في المخطوطات التركية الأويغورية إشارات إلى حلوى مطبّقة تشبه البقلاوة في نصوص من القرن 11م. ثمّ في العصر السلجوقي ذُكرت حلوى طبقات العجين الرقيق المحشوّة بالمكسرات في كتاب {ديوان لغات الترك} للكاشغري 1073م.
أمّا في العراق فقد أخذ العراقيّون البقلاوة عن جيرانهم الإيرانيّين الذين أخذوها عن ترك وسط آسيا، وعلى الأغلب أنّها وصلت العراق في العهد السلجوقي.
في العصر ما قبل العثماني حوّل أهل العراق شكل البقلاوة من ملفوفة إلى مفرودة في منسف (صينيّة)، ونشروا العجينة مع الحشوة وقطّوها بعد الخَبز. وانتقلت هذه الطريقة من العراق إلى غرب الأناضول عبر الجزيرة العليا ونواحي حلب (السوريّة). وفي العصر العثماني وصلت البقلاوة مع العثمانيّين إلى بلاد الشام بالشكلين، المبرومة والمفرودة، وعدّلوا فيها وخرجت النسخة الحلبية من البقلاوة مع الفستق الحلبي، وتحوّلت إلى منتج تجاري، وافتُتحت محلّات متخصّصة ببيعها لعموم الناس بدمشق وحلب ونابلس وطرابلس، منذ القرن 16.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك