تقرير: عبدالمجيد حاجي - ستوكهولم
أخبار الخليج في أزقة ستوكهولم الباردة، لم تكن رائحة بدائل التدخين جزءًا من المشهد. بل لفت انتباهنا أمرٌ آخر: العلب الصغيرة التي يحملها السويديون كبديل للسجائر. لم يكن الأمر موضة، بل سياسة مدروسة. هنا، قررت السويد أن تكافح التدخين بسلاح جديد: تنظيم البدائل بدلًا من حظر المنتجات.
وبين يدي صنّاع القرار ، تجربة السويد تطرح نفسها كخيار استراتيجي: تقنين البدائل، فرض معايير جودة، وتقديم حلول واقعية للمدخنين. من ستوكهولم، تعود "أخبار الخليج" بتوصيات قد تعيد رسم خارطة قبائل بدائل التدخين في منطقتنا.
النموذج السويدي
في تقليل الضرر يقدم دروسا قيمة للشرق الأوسط
ستوكهولم/السويد: في لقاء حصري مع السيد باتريك سترومر الأمين العام لجمعية مصنّعي السنووس في السويد ظهرت رؤى مهمة حول المقاربة السويدية المتقدمة لتقليل الأضرار الناتجة عن التدخين، من خلال منتجات النيكوتين الفموية مثل «السنووس» التقليدي وأكياس النيكوتين الحديثة.
وأوضح سترومر أن هذه المنتجات لعبت دورًا محوريًا في خفض نسب التدخين بشكل ملحوظ، وخصوصًا بين الرجال، مشيرًا إلى أن السويد اليوم تضم جيلين خاليين من التدخين (الفئات العمرية 15–29 و30–44). ويعود ذلك إلى توافر بدائل منظمة ومنخفضة الضرر، متجذرة ثقافيًا، ومتاحة بأسعار معقولة.
وعلى الرغم من بعض الشكوك عند دخول أكياس النيكوتين السوق قبل نحو عشر سنوات بادرت الصناعة السويدية إلى تطبيق معايير صارمة طوعًا، مثل تحديد السن القانوني، والتحذيرات الصحية، وتقييد الإعلانات. وقد تم لاحقًا تقنين هذه الضوابط ضمن التشريعات الوطنية.
غير أن سترومر حذّر من أن التفاوت في السياسات داخل الاتحاد الأوروبي يهدد مستقبل هذه المنتجات التي تسهم في تقليل الضرر. فبعض الدول مثل هولندا حظرت أكياس النيكوتين بالكامل، بينما تقترح دول أخرى قيودًا صارمة قد تعيق التقدم المحرز في مجال الصحة العامة.
وحول مسألة وصول هذه المنتجات إلى فئة الشباب دعا إلى تعزيز الرقابة وتوفير التدريب والتقنيات المناسبة للبائعين لمنع البيع لمن هم دون السن القانونية.
وعند سؤاله عن إمكانية الاستفادة من النموذج السويدي في دول الشرق الأوسط أكد سترومر أهمية توفير بدائل غير قابلة للاحتراق وجذابة للمدخنين. واختتم بقوله: «إذا كان المنتج قادرًا على منع الناس من إشعال سيجارة، فهو يستحق النظر الجاد».
السنوس كبديل أفضل..
صمويل لونديل يدعو إلى اعتماد نهج السويد في تقليل أضرار التدخين
أجرى اللقاء:
عبدالمجيد حاجي
أكد صمويل لونديل رئيس «الرابطة الوطنية لمستخدمي السنوس» في السويد أن السنوس وأكياس النيكوتين يمثلان حلاً عملياً وفعالاً لتقليل الأضرار الناتجة عن التدخين التقليدي، داعياً الدول حول العالم، بما فيها دول الخليج، إلى دراسة النموذج السويدي كخيار استراتيجي لحماية الصحة العامة.
وفي مقابلة خاصة شدد لونديل على أن السنوس يُعتبر بديلاً أقل ضرراً بكثير من السجائر، وهو منتج استخدمه السويديون قرونا، مضيفاً: «نحن لا نتحدث عن منتج جديد غير معروف، بل عن وسيلة أثبتت فعاليتها في خفض معدلات التدخين والأمراض المرتبطة به».
وأوضح أن أهم ما يميز السنوس هو سهولة الاستخدام وتنوع النكهات، فضلاً عن إمكانية استخدامه في الأماكن المغلقة، ما يجعله أكثر ملاءمة من السجائر في البيئات الباردة أو في العمل. كما لفت إلى أن غالبية مستخدمي السنوس في السويد، وخاصة الجيل الشاب، لم يسبق لهم تدخين السجائر، ما يُظهر التوجه نحو خيارات صحية منذ البداية.
وفيما يتعلق بالجانب الصحي استشهد لونديل بدراسات طويلة الأمد تثبت أن السنوس لا يسبب السرطان في البنكرياس كما كان يُعتقد سابقاً، مؤكداً: «كلما تقدمنا في البحث تلاشت المفاهيم الخاطئة التي رافقت هذا المنتج عقودا».
إلا أن لونديل عبّر عن استيائه من القوانين الأوروبية التي تمنع تصدير السنوس إلى دول الاتحاد الأوروبي، واصفاً ذلك بأنه «فشل في السياسة الصحية»، وأضاف: «القيود غير المبررة تحرم ملايين الأوروبيين من فرصة التحول إلى بدائل أقل ضررا».
وأشار إلى أن الضرائب المفروضة على السنوس لا تتناسب مع أثره المنخفض على الصحة العامة، قائلاً: «من المفترض أن تُشجع الضرائب على الخيارات الصحية، ولكننا نرى العكس؛ السجائر تُفرض عليها ضرائب أقل رغم ضررها الكبير، في حين يُثقل كاهل مستخدمي السنوس برسوم غير مبررة».
وعن إمكانية انتشار السنوس في منطقة الشرق الأوسط أعرب لونديل عن تفاؤله، شريطة توفير التوعية والمعلومات الدقيقة حول المنتج، مشيراً إلى أن «التحول نحو السنوس في الدول الاسكندنافية تم بفضل وعي المستهلك، وليس بقرارات حكومية فقط».
كما حذّر من خطورة الحظر المطلق على هذه المنتجات، مؤكداً أن ذلك «يُغلق الباب أمام واحدة من أهم فرص تقليل الضرر»، داعياً إلى سياسات ذكية توازن بين الوقاية والتوعية والتنظيم.
وتحدث لونديل عن استقلالية منظمته التي تموَّل حصرياً من أعضائها، قائلاً: «نرفض التمويل من شركات التدخين أو الحكومات لضمان حرية التعبير والدفاع الحقيقي عن حقوق المستهلكين».
واختتم حديثه برسالة مباشرة إلى صناع القرار في الشرق الأوسط قائلا: «لا تكرروا خطأ حظر السنوس كما حدث في بعض الدول الأوروبية. منح المدخنين فرصة التحول إلى منتج أقل ضرراً هو قرار شجاع ومسؤول».
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك