بيروت - (أ ف ب): يبدو نزع سلاح حزب الله، الذي لم يكن مطروحا في السابق، قابلا للتنفيذ أكثر من أي وقت مضى، مع تصاعد الضغوط الأمريكية على القيادة اللبنانية الجديدة وبعد الخسائر الفادحة التي تكبدها في حربه الأخيرة مع إسرائيل.
ويفيد خبراء بأن نتيجة المحادثات حول برنامج طهران النووي التي انطلقت السبت بين إيران والولايات المتحدة، قد تؤثر بشكل كبير على مستقبل ترسانة الحزب التي كانت قبل الحرب الأخيرة تتجاوز تلك التي يمتلكها الجيش اللبناني.
ويقول ديفيد وود، المحلل المتخصص في الشأن اللبناني لدى «مجموعة الأزمات الدولية»، لوكالة فرانس برس: إن «تأثير الحرب غيّر بوضوح الوضع ميدانيا في لبنان» معتبرا أنه «من الممكن أن يتّجه حزب الله إلى نزع السلاح، بل والمشاركة حتى في هذه العملية طواعية بدلا من مقاومتها».
وأفاد مصدر مقرّب من حزب الله، من دون الكشف عن اسمه، فرانس برس السبت بأن معظم المواقع العسكرية التابعة له في جنوب الليطاني باتت تحت سيطرة الجيش اللبناني، الذي عزز انتشاره في المنطقة.
وشدد الرئيس اللبناني جوزيف عون على التزامه حصر السلاح بيد الدولة، مشددا في الوقت ذاته على «أهمية اللجوء الى الحوار» لتحقيق ذلك.
لكن الباحثة لدى «معهد واشنطن» حنين غدّار ترى أن «لا مفر» من المواجهة مع الحزب «إذ أن البديل الوحيد لعدم نزع سلاح حزب الله بالقوة يتمثّل بقيام إسرائيل بالمهمة».
ويعتبر رئيس فرع مخابرات منطقة الجنوب سابقا العميد المتقاعد علي شحرور أن «حزب الله أصيب بنكسة. وبالتأكيد ليس من صالحه الدخول في أي حرب أو الوقوف ضد الدولة». ويضيف «تتجه إيران إلى المفاوضات أيضا وهو ما من شأنه أن ينعكس على كل المحور الموجود في المنطقة»، في إشارة إلى ما يعرف بـ«محور المقاومة» الذي تقوده طهران.
ويبدي عدد من مسؤولي حزب الله مؤخرا استعدادهم للحوار بشأن الاستراتيجية الدفاعية التي تشمل بحث مصير سلاح الحزب، وليس مسألة تسليمه.
وتشير غدّار إلى أن جناحا تقوده شخصيات مثل الأمين العام الجديد للحزب نعيم قاسم ورئيس كتلة حزب الله في البرلمان محمّد رعد «يريد شراء الوقت، بينما يرغب جناح آخر باتّخاذ خطوات أكثر جرأة». لكنها ترى أن أي انقسامات ضمن صفوف الحزب، إن وُجدت، تنبع من تباين بشأن استراتيجيات البقاء، وليست مؤشرا على وجود نية بتسليم السلاح.
ولطالما أصر حزب الله على أن سلاحه ضروري للدفاع عن لبنان في مواجهة أي عدوان إسرائيلي، في حين يعطي إصرار إسرائيل على إبقاء قواتها في خمسة مرتفعات «استراتيجية» مبررا لهذه الرواية، بحسب الخبراء.
ويؤكد شحرور أن «الإسرائيليين يعطون ذريعة لحزب الله للتمسك بسلاحه بكل تأكيد» بسبب عدم امتثالهم لاتفاق وقف إطلاق النار.
وبحسب المصدر المقرّب من حزب الله، «لا يوجد أي قدرة عسكرية لدى الجيش اللبناني للدفاع عن الجنوب في وجه العدو الإسرائيلي»، معتبرا أن «إصرار الامريكيين على إتلاف الجيش لصواريخ المقاومة بدل احتفاظه بهذه القوة دليل إضافي على أن أمريكا لا تُريد أن يكون الجيش اللبناني قويا أو حتى لديه أي قدرة محتملة على مواجهة إسرائيل».
ويشبّه الأستاذ الجامعي والباحث كريم بيطار المسألة بـ«معضلة الدجاجة أم البيضة» أولا. ويرى أن السيناريو الأكثر ترجيحا هو قيام حزب الله بتسليم بعض أسلحته الثقيلة إلى الجيش، مع التشديد على أنه غير مسؤول عن الأسلحة العائدة لمدنيين موالين له وغير منضوين فيه رسميا.
لكنه يؤكد أن الأمر في نهاية المطاف سيتوقف إلى حد كبير «على المفاوضات الأمريكية الإيرانية التي بدأت للتو» موضحا أنه «في غياب الضوء الأخضر من الإيرانيين، أشك أن يسلّم حزب الله طوعا أسلحته إلى الجيش، حتى وإن عُرض عليهم تشكيل كتيبة مستقلة ضمن الجيش اللبناني».
وتشمل الخيارات المحتملة لمعالجة المسألة، وفق وود، تفكيك بنية الحزب العسكرية الكاملة أو دمج أسلحته ضمن الجيش، مع إدماج مقاتليه بشكل فردي في صفوف الجيش اللبناني. لكنه شدد على أن «الطريق الأسلم» للتعامل مع قضية نزع السلاح هي «أخذ الوقت الكافي». ويؤكد وود أنه «من الممكن أن تسعى إيران إلى مبادلة دعمها لحلفائها الإقليميين، بمن فيهم حزب الله، بتنازلات في المفاوضات مع الولايات المتحدة».
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك