بنما - (أ ف ب): سيُسمح للقوات الأمريكية بالانتشار في عدد من القواعد حول قناة بنما وفقا لاتفاق ثنائي اطلعت عليه وكالة فرانس برس يوم الخميس، وهو تنازل كبير حصل عليه الرئيس دونالد ترامب في سعيه لإعادة فرض النفوذ على الممر المائي الحيوي. وبحسب الاتفاق الذي وقعه وزيرا الدفاع من كلا البلدين، سيتمكن العسكريون الأمريكيون من الانتشار في منشآت تسيطر عليها بنما لأغراض التدريب والمناورات و«نشاطات أخرى».
ولا يتضمن الاتفاق السماح للولايات المتحدة ببناء قواعدها الدائمة على يابسة القناة، وهي خطوة من شأنها أن تُقابل برفض شديد من البنميين وتكون محفوفة بالمخاطر من الناحية القانونية. لكن الاتفاق يمنح الولايات سلطة واسعة النطاق لنشر عدد غير محدد من الأفراد العسكريين في قواعد، بعضها بنته واشنطن عندما احتلت القناة قبل عقود. ويُعد وجود القوات الأمريكية مسألة حساسة في البلد الواقع في أمريكا الوسطى، إذ يُذكّر بالفترة التي كانت الولايات المتحدة تملك فيها جيبا هناك مع قواعد عسكرية قبل التنازل عن القناة للبنميين عام 1999.
منذ عودته إلى السلطة في يناير يكرر ترامب بأن الصين تتمتع بنفوذ كبير على القناة التي تمر عبرها حوالي 40% من حركة الحاويات الأمريكية و5% من التجارة العالمية. وتعهدت إدارته «استعادة» القناة التي شيدتها الولايات المتحدة عام 1914. وتشارك الولايات المتحدة منذ فترة طويلة في تدريبات عسكرية في بنما، لكن وجود قوات أمريكية على المدى الطويل قد يشكل عبئا سياسيا على رئيس بنما اليميني الوسطي خوسيه راؤول مولينو، بحسب خبراء سياسيين.
وأكد مولينو الذي كان في البيرو يوم الخميس أن الولايات المتحدة طلبت إعادة إنشاء قواعد عسكرية في البلاد و«التنازل عن أراض»، وهو ما رفضه. وقال إنه رد على وزير الدفاع الأمريكي الزائر بيت هيغسيث قائلا «هل تريدون الفوضى (...) وإشعال النار في البلاد؟»، مشددا على أن «هذه القناة بنمية وستبقى كذلك». وفي «مذكرة التفاهم» المخففة اللهجة التي وقعها هيغسيث ونظيره البنمي فرانك أبريغو الأربعاء، حصلت بنما على التنازلات التي طلبتها.
واعترفت الولايات المتحدة بسيادة بنما، وهو من غير المسلمات بعد رفض ترامب استبعاد غزو، وستحتفظ بنما بالسيطرة على أي منشآت. وسيتعين على بنما أيضا الموافقة على أي عمليات انتشار للقوات. ولكن بالنظر إلى استعداد ترامب لإلغاء أو إعادة صياغة صفقات ومعاهدات واتفاقات تجارية، قد لا يُطمئن ذلك البنميين القلقين. وقال زعيم النقابات العمالية البنمية سول مينديز لوكالة فرانس برس إن «ما لدينا هنا انتكاسة للسيادة الوطنية». وأضاف «ما فعلته الحكومة البنمية هو خيانة. إنهم خونة ويجب محاكمتهم».
ترتبط بنما بعلاقة طويلة وصعبة مع الولايات المتحدة. ويتمتعان بعلاقات ثقافية واقتصادية وثيقة رغم الاحتلال الامريكي لمنطقة القناة الذي استمر عقودا والغزو الأمريكي قبل 35 عاما لإطاحة الرئيس مانويل نورييغا. وأسفر هذا الغزو عن مقتل أكثر من 500 بنمي وتدمير أجزاء من العاصمة. وتسبب تهديد ترامب باستعادة القناة وتكراره أن للصين نفوذ فيها بتظاهرات حاشدة. وبموجب القانون، تُشغّل بنما القناة مما يتيح وصول كل الدول. لكن الرئيس الأمريكي ركّز على دور شركة من هونج كونج شغّلت موانئ على طرفي القناة التي تؤمن رابطا بين المحيطين الأطلسي والهادئ منذ عقود. وتحت ضغط من البيت الأبيض، اتهمت بنما شركة موانئ بنما بالتقصير في الوفاء بالتزاماتها التعاقدية، وضغطت على الشركة للانسحاب من البلاد.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك