أكدت المهندسة عائشة الحرم رئيس قسم الأقمار الصناعية في وكالة البحرين للفضاء أن هناك توجّها استراتيجيا في وكالة البحرين للفضاء نحو الاستفادة من تقنيات الفضاء لخدمة الأهداف الوطنية، وخصوصاً في المجالات المدنية والبيئية. من خلال مشروع «المنذر»، نعمل على بناء قدرات وطنية في مجال الاستشعار عن بُعد وجمع البيانات الفضائية، والتي يمكن توظيفها لدعم جهود الحفاظ على البيئة، ورصد التغيرات البيئية مثل جودة الهواء والمياه، وظواهر التلوث، ومتابعة التأثيرات المناخية على المدى الطويل. هذه البيانات تُعتبر ذات قيمة عالية أيضًا في التخطيط الحضري، بما يسهم في اتخاذ قرارات مبنية على معطيات دقيقة لتعزيز استدامة المدن البحرينية، كما أن هذه المرحلة تشكّل حجر الأساس لمستقبل نطمح فيه إلى مصدر بيانات الأقمار الصناعية على المستوى الوطني، ما يتيح للجهات المعنية استخدام بيانات الأقمار الصناعية في مجالات مثل الأمن الغذائي، وإدارة الموارد الطبيعية، وإدارة الأزمات البيئية مثل رصد الانسكابات النفطية والكوارث الطبيعية. والمنذر يُمثل بداية لبناء هذه القدرات داخلياً بدلاً من الاعتماد على مصادر خارجية.
وقالت لـ«أخبار الخليج» إننا نعتبر مشروع «المنذر» بداية لمنظومة وطنية متكاملة من المشاريع الفضائية. في وكالة البحرين للفضاء، نعمل وفق رؤية واضحة لبناء سلسلة مستدامة من المشاريع الفضائية على مراحل مدروسة. المنذر هو مشروع بناء قدرات بشرية وتقنية على مستوى عالٍ. فاليوم نمتلك فريقًا وطنيًا مؤهلاً قادرًا على خوض مراحل أكثر تقدمًا في تصميم وتطوير الأقمار الصناعية المستقبلية، ونسعى أن يكون «المنذر» نقطة انطلاق لسلسلة مشاريع تغطي مختلف المجالات: من تعزيز القدرات في مراقبة الأرض، إلى استكشاف الفضاء الأعمق والقمر، بل حتى مشاريع استكشاف المريخ في المستقبل.
ولفتت إلى أن كل مرحلة من مراحل مشروع «المنذر» كانت مليئة بالتحديات والفرص التي لا تُنسى، بدءًا من مراحل التصميم المبكر، إلى لحظات الاختبارات الدقيقة، وحتى مرحلة الإطلاق. ولكن إن سألت عن اللحظة الأعمق أثرًا فهي لحظة تأكيد استلام أول إشارة (Beacon) من القمر الصناعي بعد وضعه في المدار. كانت تلك اللحظة لحظة إثبات فعلي أن سنوات العمل والتحديات التقنية التي واجهناها قد تكللت بالنجاح. شعرت حينها بمزيج من الفخر والاعتزاز، ليس فقط كجزء من الفريق الوطني الذي عمل على المشروع، ولكن كبحرينية أرى بلادي تخطو خطوات واثقة في مجال العلوم والتكنولوجيا المتقدمة. هذه التجربة أكدت لي أن الإصرار والعمل الجماعي قادران على تحويل الأحلام إلى واقع ملموس يخدم وطننا ويفتح أمامنا آفاقا جديدة.
وشددت على أن التعاون الدولي ركيزة أساسية في استراتيجية وكالة البحرين للفضاء، ونحن فخورون بالعلاقات التي نبنيها مع دول شقيقة وصديقة مثل جمهورية مصر العربية في مشاريع استكشاف الفضاء، وفي إطار هذه الشراكة، نعمل على تطوير حمولة علمية متخصصة لاستكشاف القطب الجنوبي للقمر ضمن مهمة Chang’e-7 الصينية، والتي تُعد من أبرز البعثات القمرية القادمة على الساحة العالمية. وقد فزنا بهذه الفرصة بعد تنافس عالمي من خلال مسابقة استضافة الحمولات على متن المركبة القمرية، مما يضع البحرين في مصاف الدول التي تسهم في استكشاف القمر من منظور علمي وتقني. حاليًا، نحن في المراحل المتقدمة من استكمال الاختبارات البيئية والتشغيلية الخاصة بالحمولة لضمان جاهزيتها للظروف القاسية على سطح القمر. ونتوقع بعد استكمال هذه المرحلة أن نعلن تفاصيل إضافية حول الجدول الزمني وخطط الإطلاق بالتنسيق مع شركائنا الدوليين.
وأكدت أن الهدف من هذه الشراكة هو تعزيز القدرات المحلية، ونقل المعرفة المتقدمة إلى كوادرنا الوطنية، وتوسيع آفاق التعاون العلمي بين البحرين والدول الرائدة في مجال الفضاء، بما يُعزز مكانة المملكة على الخارطة العالمية كمشارك فاعل في مشاريع الاستكشاف الفضائي.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك