كتبت: ياسمين العقيدات
تصوير - رضا جميل
كشفت المهندسة عائشة الحرم، رئيس قسم الأقمار الصناعية في وكالة البحرين للفضاء، أن القمر الصناعي البحريني «المنذر» يتضمن حمولات فضائية متعددة بالتعاون مع دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية مصر العربية، مشيرةً إلى أن من بين هذه الحمولات مشاريع متخصصة في الأمن السيبراني، ويجري العمل عليها منذ أكثر من عامين، ومن المقرر إطلاقها قريبًا ضمن خطط مستقبلية للبحرين في قطاع الفضاء.
جاء ذلك خلال فعالية التعرف على تقنيات القمر الصناعي المنذر من التصميم الى الانطلاق التي أقيمت في جامعة البحرين، بالتعاون مع وكالة البحرين للفضاء.
وأوضحت الحرم أن عمر القمر الصناعي «المنذر» يتراوح بين سنتين إلى خمس سنوات، مشيرة إلى أن الأقمار الصناعية المصغرة تصمم بحيث تحترق بالكامل في الغلاف الجوي عند انتهاء مهمتها، مؤكدة أن فريق العمل يحرص على ألا يبقى القمر في المدار بعد نهاية مهمته، وهو ما ينطبق على «المنذر» المصنوع من مواد قابلة للاحتراق الكامل في الغلاف الجوي، ما يجعل من المستحيل أن يسقط منه حطام على سطح الأرض.
وبينت أنه بعد إتمام القمر لمهامه واستلام البيانات المطلوبة، يتم اتخاذ قرار بإنزاله تدريجيًا، وهو ما حدث سابقًا مع القمر الصناعي «ضوء 1»، الذي تم إنزاله بعد سنة ونصف من إطلاقه.
وأشارت رئيس قسم الأقمار الصناعية في وكالة البحرين للفضاء، إلى أن هناك عدة مشاريع قيد التطوير حاليًا، ضمن خطة استراتيجية تشمل استكشاف سطح القمر من خلال قمر مستكشف وآخر يدور حوله، بالتعاون مع شركاء دوليين، مؤكدة أن البحرين ملتزمة بتوسيع حضورها في المجال الفضائي عبر التعاون الدولي المستمر.
وبخصوص الكلفة، أكدت الحرم أن التفاصيل المالية لمشروع «المنذر» متاحة على الموقع الإلكتروني بشكل علني، إلا أن الأسعار في هذا القطاع لا تخضع لمعايير ثابتة في الأسواق العالمية، بسبب اختلاف طبيعة المشاريع الفضائية وتطور التقنيات والتعاونات الدولية المتغيرة، مشيرة إلى أن إعطاء أرقام جزئية أو خارج السياق قد يسبب تضليلاً للرأي العام، ولذلك يُفضل الرجوع إلى المصادر الرسمية.
أما عن مراحل تطوير المشروع، فأوضحت أن مشروع «المنذر» استغرق عامين كاملين من التخطيط حتى الإطلاق، وكانت أطول المراحل هي مرحلة التصميم وتصنيع المكونات، والتي واجهت بعض التأخير اللوجيستي الناتج عن تأخر وصول المعدات، إضافة إلى ظروف خارجية عالمية أثّرت على الجداول الزمنية، مثل صعوبة التنقل لاستخدام المختبرات المتخصصة في الخارج، حيث ان هذه التحديات التقنية واللوجستية تحولت إلى فرص لتطوير الكوادر الوطنية، وبناء بنية تحتية فضائية بحرينية، وابتكارات علمية منحت المملكة موقعاً متقدماً في قطاع الفضاء
وأضافت أن القمر الصناعي ظل ثلاثة أشهر في موقع الإطلاق بانتظار جدولة الإطلاق المناسبة من الشركة المسؤولة، إذ تتطلب هذه العمليات ترتيبات مسبقة مع الشركات العالمية.
وأكدت الحرم أن المشروع قام على تعاون واسع النطاق مع عدد من الدول، من بينها الإمارات، مصر، وهولندا، حيث تم تنفيذ اختبارات متقدمة باستخدام مختبرات عالية التقنية، وخصوصًا في دولة الإمارات التي وفرت تجهيزات متطورة وأتاحت للمهندسين البحرينيين استخدام مختبراتها، كما تم تنفيذ الاختبارات والتصميم بأيادٍ بحرينية بالكامل، ما يعكس تطور الكفاءات المحلية في هذا القطاع.
على الصعيد المحلي، أضافت الحرم أنه جرى التعاون مع جامعة بوليتكنيك البحرين في استخدام مختبراتها، كما تم الاستعانة بعدد من الشركات الناشئة البحرينية في المراحل المبكرة من المشروع، لا سيما في تصميم القمر باستخدام تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد، مما يؤكد تكامل الجهود بين القطاعين الحكومي والخاص في المملكة.
من جانبها، أكدت المهندسة أمينة البلوشي، رئيس مجموعة رموز الأقمار الصناعية بوكالة البحرين للفضاء، أن مشروع القمر الصناعي «المنذر» أن هذا المجال يعتبر من أكثر التخصصات تعقيدًا وتنوعًا، حيث إن لكل نظام داخل القمر الصناعي تخصصًا هندسيًا مستقلاً.
وأشارت إلى أن المناهج النظرية تشرح فقط المكونات الأساسية للقمر، لكن الفهم العميق يتطلب التخصص في حركة المدارات، وأن بناء الأقمار الصناعية يتطلب تضافر مختلف التخصصات الهندسية، مضيفةً أن فريق وكالة الفضاء البحرينية يركز بشكل خاص على الجوانب الهندسية، في ظل اتساع وتنوع هذا المجال.
وبينت أن القمر الصناعي يحمل كاميرا عالية الدقة لالتقاط صور وبيانات عن المملكة، بالإضافة إلى برمجيات متقدمة ونظام تشفير يدعم الأمن السيبراني، كما يبث النشيد الوطني البحريني، ما يعد وسيلة تعريفية بالهوية الوطنية في الأوساط الفضائية الدولية.
أوضحت البلوشي أن المشروع اسهم في تدريب وتأهيل كوادر بحرينية، وأبرز دور المرأة في هذا القطاع، إذ شاركت عدد من المهندسات في جميع مراحل بناء وتشغيل القمر، مشيرة إلى أن الخبرات المكتسبة من المشروع تمكن البحرين من تطوير برمجياتها وتقنياتها بشكل مستقل في المستقبل.
وشددت البلوشي على أن «المنذر» يمثل بداية طموحة لمستقبل بحريني واعد في مجال الفضاء، ويعكس التزام الوكالة بدعم الابتكار والاعتماد على الكفاءات الوطنية في سبيل تحقيق التنمية الشاملة.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك