أجرت الحوار: ياسمين العقيدات
حققت المرأة البحرينية نجاحات ومنجزات كبيرة في مختلف مسارات التنمية بالمملكة، وباتت نموذجا يحتذى به على المستويين الإقليمي والدولي.
وللمرأة البحرينية تجربة عريقة على المستوى الخليجي، وتطورت إسهاماتها التنموية خلال العهد الإصلاحي لجلالة الملك المعظم، وبفضل دعم ومتابعة المجلس الأعلى للمرأة برئاسة سمو الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة قرينة العاهل المعظم.
«أخبار الخليج» التقت أحلام أحمد بن رجب رئيسة الاتحاد النسائي البحريني، للتعرف منها عما حققته المرأة البحرينية في جميع المحافل السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتعزيز وجودها أما وتربوية ودورها من خلال المجتمع المدني.
وأشارت بن رجب إلى أنه بالرغم من إنجازات المرأة البحرينية فإنها مازالت تواجه بعض التحديات منها البنود المتعلقة بشروط الزواج والطلاق والحضانة والنفقة والتي تحتاج إلى تطوير، بالإضافة إلى عدم إمكانيتها في نقل جنسيتها لأبنائها بحكم الأمومة، ومشكلة البطالة خاصة لدى النساء حيث تبين الأرقام أن النساء هن الأكثر عددًا من العاطلات عن العمل مقارنة بالرجال.
وكشفت أحلام أحمد بن رجب تبني الاتحاد موضوع مناهضة العنف الأسري بكل أشكاله حيث لا توجد إحصائيات بعدد المعفنات سواء جسديًا أو نفسيًا أو على أي مستوى، حيث إن الاتحاد سوف ينتهي خلال فترة وجيزة من عمل دراسة إحصائية حول العنف الأسري في مملكة البحرين للتعرف على حجم المشكلة وتبيان خصائص الحالات المرتكبة لأعمال العنف.. وهذا نص الحوار:
ما القضايا التي تشغل المرأة البحرينية؟
- من أهم القضايا المؤثرة في وضع المرأة البحرينية واستقرارها هو ما يتعلق بالتشريعات المؤطرة والمنظمة لحقوقها وواجباتها، لعل أبرزها قانون الأسرة البحريني، لكن بحكم التجربة والتطبيق تبين أهمية تطوير بعض البنود الواردة خاصة المتعلقة بشروط الزواج والطلاق والحضانة والنفقة، فضلًا عن الحاجة إلى تطوير وثيقة عقد الزواج، المطلوب هنا الاستلهام من تجارب الدول الإسلامية في تطوير وثيقة عقد الزواج عملا على إضفاء المزيد من الحماية لطرفي العلاقة الزوجية.
والتحدي الآخر الذي تواجهه المرأة البحرينية المتزوجة من أجنبي ولديها أبناء، ومقيمة في البحرين، هو عدم إمكانيتها في نقل جنسيتها إلى أبنائها بحكم الأمومة لأن القانون لا يتيح لها هذا الحق بل يتيحه للرجل فقط المتزوج من أجنبية عبر السماح له بنقل جنسيته لأبنائه بحكم الأبوة، فإن عددا كبيرا يتجاوز 1200 حالة تواصلن مع الاتحاد لطلب التوسط لدى الجهات الرسمية لحل هذه الإشكالية.
علما بأن الحكومة الموقرة أوجدت بعض الحلول الجزئية لمعالجة تداعيات هذا الملف المهم في جانب الإقامة والتعليم والصحة ولكنها جزئية وبعضها محدد الفترة ونتطلع إلى تطويرها.
كما يتطلع الاتحاد إلى تعديل ساعات الرضاعة للأم البحرينية العاملة في القطاع الخاص لتكون مماثلة لساعات الرضاعة في القطاع العام، هذا الأمر سيسهم في استقرارها ونموها الوظيفي في القطاع الخاص.
ومن أهم قضايا المرأة التي يتبناها الاتحاد موضوع مناهضة العنف الأسري بكل أشكاله، ونتمنى ألا يكون ذلك ظاهرة، لأنه في حقيقة الأمر لا توجد لدينا إحصائيات بعدد المعفنات سواء جسديًا أو نفسيًا أو على أي مستوى ولكن وجود بعض الحالات يتطلب حقيقة تكاتف جهودنا المجتمعية لمناهضته والتوعية بأضراره الأسرية على الأبناء والأحفاد واستقرارهم النفسي بل على استقرار المجتمع برمته، ويدعو الاتحاد إلى تطوير قانون مناهضة العنف الأسري، وأن يتضمن القانون ذاته عقوبات رادعة لمرتكبيه، وسوف ينتهي الاتحاد خلال فترة وجيزة من عمل دراسة إحصائية حول العنف الأسري في مملكة البحرين للتعرف على حجم المشكلة وتبيان خصائص الحالات المرتكبة لأعمال العنف.
ومن جانب آخر بالرغم من التطور الملحوظ في مجال منح الثقة للمرأة البحرينية عبر توليها المناصب القيادية، فهذا يحفزنا أن نتطلع إلى أن تنتهي وتتناقص مشكلة البطالة خاصة لدى النساء، حيث تبين الأرقام أن النساء هن الأكثر عددًا من العاطلات عن العمل مقارنة بالرجال.
ما دور الاتحاد النسائي البحريني في تعزيز الهوية الوطنية؟
- لدينا في مملكة البحرين خصوصية تنبثق من تعاليم ديننا الحنيف ومن عاداتنا وتقاليدنا وإرثنا الغني، الذي ننقله بثقة لأبنائنا وأجيالنا القادمة فجميع مناشداتنا بتطوير الأنظمة والتشريعات الساعية لاستقرار المرأة البحرينية هي مناشدات تنطلق من وحدتنا الوطنية وقيمنا الإسلامية، وعدم التمييز بين المواطنين على أي شاكلة كانت وبخاصة التمييز على أساس النوع الاجتماعي.
ومن الأهمية تأكيد ونحن نتحدث عن تعزيز الهوية الوطنية أهمية المحافظة على لغتنا الأم (لغة القرآن الكريم)، فحقل التعليم اليوم رغم تطوره وتعدد مدارسه خاصة التعليم الخاص قد يحتاج إلى جهود أكبر لتعزيز هويتنا الوطنية لدى الطلبة لاعتماده التام على اللغات الأجنبية، فعديد من الطلبة اليوم لا يجيدون التحدث باللغة العربية بالصورة الصحيحة، وهذا ظاهرة يجب معالجتها قبل استفحالها.
ولأهمية ملف الأجيال القادمة وضرورة تعزيزها بالمفاهيم الوطنية السليمة فإن الاتحاد النسائي البحريني قام خلال العام الماضي بمبادرة بالتنسيق مع وزارة التربية والتعليم لتقديم محاضرات توعوية لطلبة المرحلتين الإعدادية والثانوية.
ما دور المرأة البحرينية في تعزيز الهوية الوطنية في محيط العائلة والمجتمع؟
- أمام المرأة البحرينية اليوم العديد من التحديات المتعلقة بحداثة أنظمة المعلومات الرقمية التي تشهد انفتاحا وتجددا وقد تقرب أو تبعد جيل الأبناء والأحفاد عن هويتهم الوطنية وأعرافنا وقيمنا، ولا يمكن للأم البحرينية حجب أي من هذه المعلومات عن الأجيال الشابة، وعليه يجب أن تتسلح الأم البحرينية باللغة العصرية الملائمة لمخاطبة الأجيال فضلا عن تبني الأرضية الثقافية القائمة على معرفة تاريخنا ومنهجنا القيمي الراسخ لكي تتمكن من التفاعل بحرية وإدراك مع تطورات المجتمع.
وعليها واجب بذل الجهد لتأكيد نهج التربية الصالحة الممتدة للأبناء بإلصاقهم الواعي بالأجداد، وتجذيرهم الثقافي بعاداتنا وثقافاتنا من جانب وانفتاحنا على الثقافات ببصيرة حية، فالمحضن العائلي الدافئ الواعي للأبناء يتولد عنه بيئة آمنة مستقرة لهم، وبيئة مجتمعية زاخرة بالتقدم والتطور لجميع أجيال المجتمع. فمتى ما صلحت الأسرة صلح المجتمع برمته.
كذلك دفع الأبناء لتقديم الأنشطة التطوعية لخدمة المجتمع دون مقابل مادي هذا يؤسس لمشاعر انتماء وتحقيق واجب مجتمعي في نفوس الأبناء تخصيصا ولدى أفراد المجتمع على وجه الخصوص.
ما التطورات الأخيرة للتكتل النسوي الخليجي الذي تم إعلانه سابقًا؟
- شهدت السنوات الأخيرة تطورات على صعيد التكتلات الإقليمية والخليجية (بعضها اقتصادي وسياسي)، ويسعى الاتحاد النسائي البحريني إلى توحيد الجهود النسوية للمرأة الخليجية لضمان حياة أفضل للمرأة في دول مجلس التعاون الواعدة والصاعدة على مستوى العالم، مازلنا في تواصل عبر منصات عديدة لإنشاء وتشكيل هذا التكتل، وخاصة أن بعض دول مجلس التعاون ليست لديها اتحادات نسائية مشابهة للتجربة البحرينية الواعدة، لذا فالعمل دؤوب لإنشاء هذا الكيان.
إن التكتلات النوعية مهمة بين دول مجلس التعاون وما يعنينا في هذا الجانب التكتلات النسائية بهدف مواجهة التحديات الإقليمية والدولية، ولتعزيز هويتنا العربية والخليجية، وتفعيل دور المرأة في هذا الشأن والعمل على توحيد ومآلفة القوانين التي تنمي حقوق المرأة في جميع المجالات وأهمها الأحوال الشخصية والتعليم والصحة والعمل والمناصب العليا وسدة القرار.
ما أبرز أهداف الاتحاد النسائي البحريني؟
- تتلخص أهداف الاتحاد في عدد من المحاور منها النهوض بالمرأة البحرينية وتمكينها من المشاركة في عملية التنمية، نشر الوعي بأهمية مشاركة المرأة بصورة فاعلة في الحياة العامة، وتكريس روح العمل الوطني بالاتحاد بما يخدم القيم الوطنية التي صاغها دستور المملكة وميثاق العمل الوطني للارتقاء بالجمعيات النسائية كأحد مكونات مؤسسات المجتمع المدني، والدفاع عن حقوق المرأة البحرينية ونشر الوعي القانوني في أوساطها، والسعي إلى إلغاء كل أشكال التمييز ضد المرأة، بالإضافة الى تمكين المرأة من المشاركة بصورة فاعلة في السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، ومتابعة تطبيق الاتفاقيات العربية والدولية المتعلقة بالمرأة. والتي وقعت عليها مملكة البحرين.
ما التحديات التي يواجها الاتحاد النسائي البحريني؟
- من أهم التحديات التي يواجها الاتحاد اليوم تلك المتعلقة بوقف التمويل عنه وعن عموم الجمعيات النسائية، وعدم وجود مقر لإدارة وتنظيم الفعاليات، وكما هو معلوم أن الاتحاد منظومة تنضوي تحتها عشر جمعيات نسائية، لذا فهناك حاجة مرحلية مهمة إلى توفير مقر دائم لإقامة الفعاليات وإدارة العمل في الاتحاد، ولدى الاتحاد مشاريع وقبلها طموحات لا حدود لها خاصة في مجال تثقيف المرأة بحقوقها وشؤونها، ودائما يكون التمويل هو المعيق الأبرز.
ويسعى الاتحاد بالتنسيق مع مؤسسات المجتمع المدني العديدة التي يزخر مجتمعنا البحريني بها، إلى تطوير وتحديث قانون الجمعيات الأهلية رقم 21 لسنة 1989، ونحن نعلم أن الجهات الرسمية المعنية لديها أيضًا ملاحظات بشأن تعديل القانون سابق الإشارة إليه كما وأن مشروع التعديل مطروح منذ بداية العام الحالي في مجلس النواب الموقر، ولاحظنا وجود شبه توافق على تعديل القانون، الذي لو تم تعديله سيكون ذلك داعما ومحفزا لعمل المجتمع المدني برمته وليس الاتحاد والجمعيات النسائية فقط، كما سيكون له بالغ التأثير التحفيزي لدخول الأجيال الجديدة في العمل التطوعي وهو أمر تحتاجه الجمعيات نظرا إلى تراجع الإقبال على العمل التطوعي من قبل فئة الشابات للأسباب السابق الإشارة إليها (التمويل + القانون) ، فضلًا عن أسباب أخرى.
ما أكثر المجالات التي تميزت فيها المرأة البحرينية؟
- المرأة البحرينية واعدة وصاعدة ولديها قدرة كبيرة على التواصل مع مختلف الثقافات ، ومع كل التجارب الحية المفيدة، وقد يكون لإقبال المرأة البحرينية على التعليم بجميع مستوياته منذ وقت مبكر (من عشرينيات القرن الماضي) وعمق الحركة النسائية في البحرين، ووعي المجتمع وانفتاحه والحرص على تعليم البنات كما الأولاد، دور كبير في تقدم وعمق ثقافة المرأة، فتكاد تكون المرأة دخلت أغلب حقول العمل وحققت نجاحات وتميزا، وتقلدت المناصب السياسية والقيادية وحملت الحقائب الوزارية والبرلمانية والقضائية، بل حتى الاقتصاد وريادة الأعمال والإعلام بل قادت مبادرات مجتمعية متجذرة في ذاكرة الوطن بهدف تحسين الأحوال الاجتماعية والاقتصادية للمرأة والأسرة. والأسماء التي تواردنا في هذا المجال كثيرة ومتعددة الاختصاصات.
كيف تؤدي المرأة البحرينية دورها في التنمية الوطنية؟
- دور المرأة في جميع المجتمعات محوري ومهم وفي البحرين تتأكد فاعليتها وقدرتها على العطاء كلما أتيحت لها الفرصة، والدليل وجودها الواضح في حقل وضع السياسات وتطوير البرامج الصحية والاقتصادية وتعزيز وجودها كأم وكتربوية ودورها من خلال المجتمع المدني في دعم الفئات الضعيفة، فهي نشطة في القطاع التعليمي ومن بين القوى الدافعة لزيادة مكانتها في التعليم العالي والأكاديمي، وهي ممكنة في القطاع الصحي والمصرفي وفي تأسيس المشاريع، وفي مواجهة الأزمات الصحية كجائحة كورونا التي عصفت بالمجتمع، ويتأكد وجودها ودورها تزامنا مع تطور البيئة القانونية والاجتماعية التي تعزز مشاركتها في مختلف المجالات.
فكما توفرت البيئة المناسبة بالتحفيز والتشريعات والقوانين الداعمة نمت وكبرت وهذا ما يركز عليه المجتمع المدني النسائي الذي يسلط الضوء البحثي على مسطرة التشريعات الوطنية المحافظة على حقوق المرأة من جانب والمحفزة لنموها من جانب آخر.
ما الذي يميز الاتحاد النسائي البحريني وما المبادرات التي تميز بها عن باقي الاتحادات النسائية للدول الخليجية؟
- يتميز الاتحاد النسائي البحريني بريادته التاريخية وتنظيمه المؤسسي، والجمعيات النسائية المنضوية له هي من أقدم الجمعيات على مستوى دول مجلس التعاون، وللاتحاد تأثيره الملحوظ في تشكيل السياسات المتعلقة بالمرأة والأسرة، وتكاد تكون البحرين الدولة الخليجية الوحيدة التي لديها اتحاد نسائي يعمل بشكل تطوعي، وبالكيفية التشاركية التي يعمل بها، متزامنًا مع الجهود الكبيرة التي يؤديها المجلس الأعلى للمرأة، وهو الواجهة الرسمية الراعية لشؤون المرأة.
وبلا شك دول مجلس التعاون لديها التنظيمات النسائية الفاعلة، ولكن عمق تجربة البحرين في هذا الشأن واسعة وثرية وتتمكن من تقديمها كخبرات متراكمة لدول التعاون.
أما عن مبادراتنا فالاتحاد ومن خلال الجمعيات النسائية المنضوية له يقدمون بصورة منتظمة رؤاهم الداعمة لتطوير التشريعات والقوانين التي تخص المرأة والطفل والأسرة، بل الكثير من تلك التشريعات التي صدرت جاءت بعد جهود وبحوث ودراسات قام بها الاتحاد والجمعيات وجاءت بمباركة من حكومتنا الموقرة، مثال ذلك قانون الأسرة البحريني رقم (19) لسنة (2017)، وقانون مناهضة العنف الأسري رقم (17) لسنة (2015)، ونقدم المشورة دائمًا لمن يطلبها من الجهات الرسمية والتشريعية لدى تعديل أي قانون يخص عمل الاتحاد.
ما الرؤية المستقبلية للاتحاد النسائي؟
- نتطلع أن تكون مملكة البحرين أرضية خصبة لإقامة الفعاليات النسائية الدولية، ومن خلال تقديم الدعم المالي وتوفير المقرات المناسبة لإقامة مثل هذه الفعاليات، وطموحنا قائم على ثقتنا بالخبرات والكفاءات النسائية التي تتحلى بها الجمعيات النسائية الممثلة في الاتحاد وغيرها من الجمعيات، كما يتطلع الاتحاد والجمعيات النسائية إلى تمكينه من تقديم الوجوه النسائية الواعدة لتمثيله في المجلس النيابي وإن كان عن طريق الكوتا المرحلية المؤقتة وكذلك في مجلس الشورى.
كما نطمح إلى إقامة مراكز استشارية إرشادية متطورة للأسر والمرأة والطفل تحديدًا، كما نتطلع للانتهاء سريعًا من تعديل قانون الجمعيات الصادر عام 1989، فالعديد من البنود الواردة به بحاجة فعلًا إلى تعديل وتطوير ولا تتناسب المرحلة التاريخية التي نعيشها والتي تتطلب المزيد من التحفيز للعمل النسائي ولتشجيع جيل الشباب لدخول ميدان العمل التطوعي، لابد من تعديل المادة 43 من القانون لفتح الباب لجميع المتطوعات لدخول مجالس إدارات الجمعيات النسائية والاتحاد النسائي. فضلا عن الاستفادة من الكفاءات النسائية التي تزخر بها الجمعيات النسائية.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك