غيّب الموت خلال شهر أكتوبر الفائت دكتورة التنقيب الفرنسية السيدة مونيك كيرفران، وهي التي ارتبط اسمها بالاكتشافات الفرنسية في مملكة البحرين منذ تأسيس البعثة عام 1977.
وبهذه المناسبة، صرّح الشيخ خليفة بن أحمد آل خليفة رئيس هيئة البحرين للثقافة والآثار: «آلمنا خبر وفاة الدكتورة مونيك كيرفران، العالمة والأثريّة الفرنسية التي قدمت إسهامات جليلة للتراث الثقافي في مملكة البحرين، هي التي بدأت وترأست بعثة التنقيب الفرنسية، كما لعبت دورًا رئيسيًا في استكشاف كنوزنا الأثرية وتعزيز فهمنا العميق لتاريخ البحرين العريق. لقد ساهم عملها في تعزيز التبادل الثقافي بين البحرين وفرنسا، وستظل بصمتها في تاريخنا وتراثنا الوطني». أضاف: «إن إسهام د. مونيك كيرفران في تعزيز المعرفة بالعالم الإسلامي الشرقي ومملكة البحرين هو ضخم، وقد استفاد العديد من التلامذة والمختصّين، من الأثر الذي تركته هذه الرائدة المثابرة في علم الآثار الإسلامي».
من الجدير بالذكر أن الدكتورة مونيك لديها درجة الدكتوراه من جامعة السوربون (باريس)، وبدأت في بناء خبرتها الأثرية في البلدان الإسلامية تدريجيًا من عام 1970م.
بدايتها من تونس حيث اكتشفت تمثالاً ضخمًا للملك الأخميني داريوس الأول في قصر سوسة، واكتسبت بذلك سمعة دولية. أثرت هذه الاكتشافات الكبيرة بشكل مهم على علماء الآثار، وحصلت على وسام جوقة الشرف الفرنسي. وفي عاصمة خوزستان، درست مستويات السكن من بدايات الإسلام، مما كشف عن النطاق الواسع لهذه المدينة الإسلامية.
في عام 1977، أطلقت الدكتورة مونيك البعثة الأثرية الفرنسية في البحرين، وساهمت خلال الاثنتي عشرة سنة التالية بشكل متزايد في إثراء المعرفة الأثرية عن البحرين الإسلامية. عملت خصوصًا في موقع قلعة البحرين ومسجد الخميس، قبل أن تسلّم إدارة فريقها الفرنسي د. بيار لومبارد عام 1988.
في قلعة البحرين، قامت بالتنقيب الكامل عن الحصن الساحلي من فترتي تايلوس والإسلام (1978-1982)، الذي اكتشفته البعثة الدنماركية عام 1955. كما قامت بأول استكشاف للحصن الرئيسي. وأثبتت أن البرتغاليين لم يقوموا ببناء المبنى بأكمله بل عززوا مرحلتين متتاليتين من حصن هرمزي سابق، وأضافوا في عام 1562 ثلاثة أبراج دفاعية ضخمة على الطراز الجينوي. وبشكل عام، أظهرت د. كيرفران الأهمية الأساسية لهذا الميناء خلال العصر الإسلامي لفهم التبادلات التجارية بين الخليج العربي والصين. وتم نشر هذه النتائج في كتابين رئيسيين: البحرين في القرن السادس عشر: جزيرة لا تقهر (وزارة الإعلام في البحرين، 1988) وقلعة البحرين: محطة تجارية وعسكرية (منشورات بريبولس، 2005).
في مسجد الخميس، من 1984 إلى 1986، أسست تسلسلًا زمنيًا دقيقًا للمراحل المتعاقبة للبناء والتحولات بين القرنين الحادي عشر والرابع عشر الميلاديين. وكان اكتشافها الرئيسي حجر محراب منقوشا، معروضا الآن في متحف البحرين الوطني.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك