أغلب العائلات ترفض تزويجهم.. حالات طلاق.. ومرضى يشتكون: «المجتمع يحاربنا»
فتيات يخسرن فرصا متكررة للزواج وشباب يتم رفضهم بسبب السكلر فيلجأون إلى دول أخرى
قال له أهل خطيبته: مرفوض لأنك ستموت في أي وقت.. وآخر طلق زوجته لأنها تمرض كثيرا!
حوالي 9000 حالة إصابة بمرض فقر الدم المنجلي (السكلر) في البحرين تمثل النسبة الأعلى بين دول المنطقة. وفي الوقت نفسه تعد الخدمات الطبية والبرامج الوقائية التي اعتمدتها المملكة قصة نجاح مشهودة في التعامل مع هذا المرض المؤلم.
ولكن.. لا يكون الألم ظاهرا دائما. فقد تكون هناك آلام خفية لا تقل قسوة ومرارة من الألم الجسدي. ولعل أبسط مثال على ذلك هو عدم قبول الكثير من الأسر تزويج أبنائهم أو بناتهم من مصابين بالسكلر. وهذا ما جعل فتيات يخسرن فرص الزواج ويفوتهن القطار من دون ذنب سوى إنهن ولدن بهذا المرض. وجعل الشباب يسعون ويتقدمون للزواج، ولكن في كل مرة تأتي الصفعة بالرفض، فقط لأنه مصاب بالسكلر. بل يؤكد أحد الشباب أن الرفض جاء مصاحبا لعبارة: أنت ستموت في أي وقت!.
الأسوأ من ذلك أن يحدث الزواج، ثم يواجه الشريك ملامة من حوله وتعليقاتهم السلبية بأنه أقدم على خطوة غير ذكية وإن الزواج لن يستمر!. وبالفعل وصلت حالات عدة إلى الطلاق.
«أخبار الخليج» تستعرض هنا نماذج لهذا الألم الخفي الذي يعاني منه مرضى السكلر، وهي صيحة تحمل كثيرا من الرسائل يوصلونها إلى المجتمع.
ظلم المجتمع
بدايتنا مع زينب العفو التي تؤكد أن المجتمع لا يزال يا للأسف غير متقبل لتزويج مريض أو مريضة السكلر. والكثير من الحالات يتم رفضها بسبب الإصابة، ما يعني أن هذا المرض عائق كبير أمام الكثيرين في تكوين أسرة والعيش بشكل طبيعي. وحتى لو كان المريض مميزا من الناحية الدراسية والاجتماعية والمادية ويعمل في وظيفة جيدة، فإن السكلر يبقى في الأخير عائقا أمام الزواج.
وتضيف العفو: «أعاني مع أشقائي من السكلر، وكلنا واجهنا مشاكل كبيرة في الزواج. وشخصيا تقدم لي الكثيرون، ولكن لم يحصل النصيب بسبب المرض، فبمجرد أن يعلم المتقدمون للزواج أنني محاربة سكلر تتغير النظرة ويعتذرون أو يختفون. وكأن هذا المرض وصمة لنا!. وما زالت هذه المشكلة مستمرة بالنسبة إلي. فالمجتمع ينظر إلى الاسم من دون التفاصيل. فلماذا يتم رفض البنت فقط لأنها مصابة بالسكلر من دون الجلوس معها والتحقق من وضعها وقدرتها على تحمل المسؤولية والإنجاب والتربية؟ فالسكلر درجات وأنواع، والكثير من الحالات لا تدخل المستشفى حتى مرة واحدة في السنة، ولا يتعرضون لنوبات متكررة. ولكن لا يتم السؤال عن ذلك عند التقدم للزواج إلا نادرا.
وحتى أشقائي واجهوا نفس المشكلة التي أواجهها، وتقدموا للزواج عدة مرات وواجهوا الرفض بسبب المرض. ولكن تزوجوا في النهاية وهم يعيشون حياة أسرية طبيعية والحمد لله».
حرب مع المجتمع
السيد أحمد السيد ناصر يتفق مع ما طرحته زينب العفو فيما يتعلق بالمشاكل التي يواجهها مريض السكلر عندما يتقدم للزواج، ومن منطلق تجاربه يقول: «للأسف لا يزال مريض السكلر مرفوضا بشكل مطلق من قبل عديد من العائلات، بل البعض لا يعترف بأنه إنسان له وجود وحقوق. وهذا نابع عن نقص الوعي بطبيعة المرض وأعراضه. فأنا مثلا أعيش حياة طبيعية وأذهب إلى الصالة الرياضية بشكل مستمر ولا تصيبني أية نوبات على الرغم مما نسمعه من تعليقات بأن مريض السكلر لا يستطيع ممارسة الرياضة. وحياتي الاجتماعية والصحية أفضل من كثير من غير المصابين بالمرض. ولكن تقدمت للزواج أكثر من 13 مرة، وكان الرفض فقط لأنني مصاب بالسكلر. بل وقبل أن يسألوا عن الدين والأخلاق والمؤهل العلمي يرفضون بمجرد أن يعلموا أنني مصاب. تصور أن الرد في إحدى الحالات كان: أنت ستموت في أي وقت!. أليس هذا الرد كفيلا بأن يجعل الشخص ينهار حتى لو كان سليما؟!
وهذا ما اضطر الكثير من المصابين إلى عدم الإبلاغ عن الأمر في البداية، وينتظرون الموافقة المبدئية والمقابلة ثم يصرحون بالأمر. وأحيانا توافق البنت ولكن أسرتها ترفض. ولا يقتصر الأمر على الزواج، فحتى التوظيف بات صعبا بمجرد أن يعلموا أن الشخص مصاب بالسلكر. وهناك العشرات ممن أعرفهم يعانون من هذا الأمر، يواجهون تحديات في الزواج والعمل من دون ذنب. ومن التجارب التي عايشتها شخصيا، عملت في أحد مواقع العمل تسعة أشهر ولم أغب يوما واحدا، ولكن عندما مرضت ثلاثة أيام فقط وعدت إلى العمل وعلموا بأنني مصاب بالسكلر لم يجددوا لي العقد. لا ننكر أن الوضع أفضل من السابق، ولكننا في الواقع نشعر أحيانا أننا في حرب مع الآخرين ومع المجتمع».
عزلة اجتماعية
بدوره يلخص سيد محمود جواد الشهركاني الذي يعاني من مرض فقر الدم المنجلي، أبرز التحديات الاجتماعية التي يواجهها مرضى السكلر بقوله: «المشكلة الأساسية ربما ترتبط بثقافة المجتمع حول طبيعة المرض وآثاره في الصحة اليومية والحياة الأسرية. وأول هذه التحديات هي تلك المتعلقة بالزواج. فمن جانب نجد عائقا يتعلق بالتقبل العائلي، فبعض العائلات تتردد في قبول محارب السكلر سواء كان زوجا أو زوجة بسبب الخوف من التأثيرات الصحية في حياة الزوجين وعدم الإحساس بالأمان ظنا منهم بأن عمر محارب السكلر قصير! وكذلك المخاوف من انتقال المرض إلى الأبناء. لذلك نجد الكثير من الحالات تبقى من دون زواج لأنهم يواجهون الرفض المستمر. خاصة وأن الكثير من العائلات ينظرون إلى مريض السكلر على أنه ضعيف ماديا لأنه غير قادر على العمل!
ومن جانب آخر، يتطلب زواج محارب السكلر شريكًا متفهمًا لطبيعة المرض، وما قد يصاحبه من أزمات صحية محتملة قد تؤثر في العلاقة وحياة الزوجين».
ومن جانب آخر، يواجه مريض السكلر تحديات اجتماعية عامة منها:
- التمييز الاجتماعي الذي قد يؤدي إلى شعور بالعزلة الاجتماعية أو الوحدة بسبب عدم فهم المحيطين له بطبيعة المرض.
- تحديات العمل والحصول على الوظيفة بسبب الاعتقاد بأنه ليس قادراً على أداء عمله بشكل جيد لأنه مريض.
- التأثير النفسي نتيجة التحديات المستمرة، مما قد يؤدي إلى الاكتئاب أو القلق من المستقبل.
ويضيف سيد محمود: «بالنسبة إلي، واجهت ترددا من قبل أهل الزوجة في البداية، ولكن تيسرت الأمور ولله الحمد وتزوجت منذ عام 2009، ولدينا ثلاث بنات ولا أعاني من أية مشاكل أسرية أو صحية، بل استطعت التطور في العمل وشراء أرض وبناء فيلا، وأثبت أن مريض السكلر قادر على الإنتاج والتميز. لذلك فإن نصيحتي لمحاربي السكلر: لا تدع نظرة المجتمع تؤثر في ثقتك بنفسك. فمرض السكلر لا يحدد قيمتك أو قدراتك. ابحث عن الدعم من الناس الإيجابيين. كما أشكر جهة العمل التي أعمل فيها وهي مجموعة رويان، والتي أعتبرها الداعم الكبير لي في مسيرتي المهنية».
نظرة سلبية
خديجة باسل، رياضية محترفة، استطاعت على الرغم من إصابتها بالسكلر أن تثبت عكس تلك التعليقات التي كانت ولا تزال تسمعها. ولكن ماذا عن الزواج ونظرة المجتمع؟
تجيبنا على ذلك بقولها: «يواجه مريض السكلر تحديات ومشاكل تتعلق بالزواج سواء على المستوى الأسري أو النفسي أو الاجتماعي. فمثلا بعض العوائل لا تتقبل مريض السكلر بسبب النظرة السلبية غير الدقيقة مثل الاعتقاد بأنه يقضي وقته في المستشفى ويعاني من الألم بشكل مستمر. بل ونسمع البعض يقول إن مريض السكلر يقيم في المستشفى أكثر من منزله. نعم قد تكون هناك حالات حرجة ومتقدمة، ولكن إجمالا هذه النظرة غير صحيحة. بل وحتى من يعانون من نوبات متكررة وشديدة هم أيضا قادرون على الإنجاز والتطور إذا ما اتيحت لهم الفرصة.
وبالنسبة إلى البنات، نجد كثيرا من العائلات ترفض الزواج منهن بحجة أنها مريضة سكلر وستكون عاجزة عن تحمل مسؤولياتها كزوجة وربة منزل وإنجاب وأطفال. والكثير من المرضى لديهم إمكانات وقدرات أكثر من الطبيعيين، ويعيشون حياة أسرية ناجحة بكل المقاييس».
وتتابع خديجة: شخصيا، مررت بهذه التجربة، حيث تقدم لي أكثر من شخص، وللأسف يتم التراجع بمجرد أن يعرفوا أنني مصابة بالسكلر!. وهناك الكثير من الحالات التي تقدمت بالعمر ولم تتزوج بسبب هذه النظرة. وبالطبع لهذا انعكاساته النفسية القاسية على الشخص، خاصة مع ما نسمعه من تعليقات بهذا الشأن. في حين أنني مثلا لا أضطر إلى الذهاب إلى المستشفى إلا عند النوبات وهي حالات ليست مستمرة.
ليس هذا فحسب، بل نسمع تعليقات بأن مريض السكلر غير قادر على صنع حياته أو أنه عاجز عن الدراسة والعمل والخروج أو الاعتماد على نفسه!.. فمثل هذه التعليقات قاسية على الشخص الطبيعي، فما بالك بالشخص المريض؟!
فمثلا من أكثر التعليقات التي كنت أسمعها أنني لن أستطيع دخول الجامعة أو العمل. ولكنني درست في الجامعة وتخرجت وتوظفت، بل وعملت في مجال الرياضة الذي يتصورون أنه مجال ليس لمرضى السكلر. وهي رسالة أنقلها إلى كل المرضى بأن مجال الرياضة مفتوح لنا، كل التعليقات التي نسمعها لا صحة لها. وكل ما نحتاجه من المجتمع هو أن يعطونا الأمل بالكلام الإيجابي وتجنب النظر إلينا بنظرات أو تعليقات محبطة.
يلجأون إلى دول أخرى
(أ.ح)، فتاة بحرينية طموحة، تحدّت معاناتها من ثلاثة أمراض وراثية هي الثلاسيميا وفقر الدم المنجلي ونقص الخميرة، وواصلت دراستها في الخارج لتحصد شهادات علمية مرموقة وتعمل في مجال حيوي مهم. ولكن تبقى التحديات قائمة على مستوى المجتمع، وهذا ما توضحه بقولها: بشكل عام، يواجه مريض السكلر تحديدا مشاكل وعقبات كبيرة عندما يفكر في الزواج سواء كان ولدا أو بنتا. ففي كثير من الأحيان يواجه بالرفض بمجرد أن يعلم أهل الطرف الآخر أنه يعاني من المرض. وهذه الحالات تتكرر بشكل كبير خاصة من يعانون نوبات متكررة. وكثير منهم يبقى من دون زواج بسبب تكرر الرفض. وكأن هناك نظرة سلبية عامة شكلها المجتمع إزاء هذا المرض. لذلك أجد حالات تضطر إلى الزواج من دول أخرى بعد أن يئسوا من الحصول على فرص بالبحرين. وأحيانا يحدث الزواج كما في إحدى الحالات التي أعرفها، ولكن بعد فترة تم الطلاق بحجة أن الفتاة تمرض كثيرا!.
والأمر لا يقتصر على الزواج فحسب، بل يمتد إلى فرص العمل، فهناك كثير من الشركات لا توظف مرضى السكلر بسبب الاعتقاد بأنهم يغيبون كثيرا.
وتضيف محدثتنا: هذه النظرة السلبية العامة تعود إلى عدة عوامل، منها نقص الوعي المجتمعي بطبيعة مرض فقر الدم وأعراضه ومضاعفاته. كما قد يلعب المريض نفسه دورا في ترسيخ هذه النظرة السلبية من خلال إدمانه المسكنات، في حين أن الحالات التي لا تعتمد على هذه المسكنات بشكل مستمر تعيش حياة طبيعية.!.
وعي الشريك
تتفق (ن.ع) المصابة بالسكلر مع الآراء السابقة، وحول ذلك تقول: يواجه مريض السكلر مشكلة حقيقية في الزواج، فمثلا بمجرد أن يعلم المتقدم للفتاة أنها مصابة، يتردد وينسحب. والمشكلة أنه حتى لو كان المتقدم موافقا فإن من حوله يحاولون أن يثنوه ويقنعوه بأن حياته ستكون صعبة!. وحتى لو حصل النصيب وتزوجوا، لا تتوقف التعليقات التي يسمعونها بأن الزواج لن يستمر وأن الأبناء سيعانون من الأمراض!. وهذا غير صحيح تماما. فهناك مشكلة في وعي المجتمع، لذلك هناك حالات كثيرة أعرفها فاتها قطار الزواج بسبب الرفض نتيجة المرض.
وشخصيا تقدم لي أكثر من سبعة أشخاص. ولكن بمجرد أن يعلموا عن وضعي يغيروا رأيهم خوفا من المرض. ولكن في النهاية ولله الحمد تزوجت من شخص سليم وواع ومتفهم لوضعي وداعم لي إلى أبعد الحدود. ولدينا ثلاثة أبناء. وهذا الدعم الذي أحصل عليه مكنني حتى من التغلب على إصابتي بورم خبيث. حيث بقيت قوية وتغلبت عليه بفضل زوجي ودعمه لي.
لذلك في رأيي، المعيار الأهم في نجاح الزواج من عدمه ليس السكلر، وإنما وعي الطرف الآخر وشريك الحياة. فلا ننكر أن المرض متعب أحيانا ويتعب حتى المحيطين به، وهنا إذا لم يكن الشريك واعيا ومتقبلا تصعب المواصلة. هل تعلم أن هناك حالات لا يقوم الشريك حتى بإيصال الزوجة إلى المستشفى؟ أو يوصلها ويذهب عنها ويتركها في آلامها!. لذلك أعرف حالات حدث فيها انفصال بسبب مرض الزوجة لأن الزوج لا يتحمل أن تكون زوجته مريضة أو تحتاج إلى المستشفى، خاصة أن نوبات السكلر تأتي فجأة.
تنمر المجتمع
«هذه مشكلة حقيقية يعيشها من يعانون من السكلر». بهذه الكلمات بدأ مجيد أحمد الماضي حديثه شارحا معاناته الشخصية مع المرض.. ومع المجتمع. ويضيف: المشكلة هي أن الكثيرين ينظرون إلى مريض السكلر على أنه مدمن. وبالتالي يرفضون تزويجه. وحتى لو صار الزواج، يسمع الزوج أو الزوجة تعليقات أنه سيتعذب من هذا الزواج وسيعاني مع أطفاله!. وهذا ما حدث مع حالات أعرفها يرفض أحد الشريكين الحمل خوفا من الحصول على أبناء مرضى. وحالات كثيرة وصلت إلى الطلاق بسبب المرض أو الخوف من إنجاب الأبناء. حتى صار الزواج بالنسبة إلى مريض السكلر أشبه بالمعجزة إن حصل. وإن استمر الزواج تكون معجزة أكبر.
تصور أنني أسمع البعض ينصح قائلا: أنت مريض سكلر، ابحث عن أرملة أو من خارج البحرين!. والمشكلة أن بعض الأطباء يعززون هذه النظرة. فمثلا تقدمت لخطبة فتاة، وعند الفحص الطبي، حذرها الطبيب من أنها ستتزوج شخصا أشبه بمدمن مخدرات!. وهذه النظرة تنسحب حتى على المرضى الذين لا يستخدمون المسكنات باستمرار. لذلك يمكنني القول إننا نشعر بنوع من التنمر من المجتمع وحتى من الهيكل الطبي أحيانا. وهذا التنمر لا يقتصر على الزواج، بل حتى على العمل والرحلات والعلاقات الاجتماعية. تصور أن مريض السكلر يواجه أحيانا رفضا من أصدقائه للانضمام معهم في رحلة لأنهم يخشون أن تصيبه نوبة وبالتالي لا يتمتعون بالرحلة. وكأن السكلر يمثل وصمة عار لنا. مع أنه لا ذنب لي أنني ولدت بهذا المرض. ولكنني أدفع الثمن غاليا، ومازلت عزبا وأسكن في سكن عمال.
برامج التوعية والفحص في البحرين قصة نجاح عالمية
الزيجات الخطرة هي ما يجب تجنبه من مرضى السكلر
تحديات زواج مرضى السكلر ناقشناه مع نائب رئيس جمعية البحرين لمرضى السكلر، استشاري أمراض الدم الدكتور جعفر آل طوق، الذي أوضح بدوره أن الأمر يرتبط بشقين. الأول هو الجانب الطبي، والثاني هو الاجتماعي. ويشرح ذلك قائلا: «الشق الطبي يتعلق بما يسمى بالزيجات الخطرة، وهي التي يمكن أن تنتج مولودا مصابا بمرض وراثي نتيجة زواج مريض سكلر من مصابة أو حامل للسكلر. وهذا ما لا ننصح به بالطبع. فزواج المصاب بالمصابة يعني أن يكون الأبناء 100% مصابين بالسكلر. وزواج أحد الطرفين الحاملين للمرض من مصاب يعني إمكانية أن يكون الطفل في كل حمل مصابا بنسبة 75%. وزواج طرف مصاب بالثلاسيميا مع آخر مصاب بالسكلر سواء كانوا حاملين أو مصابين يمثل أيضا زيجة خطرة لأنه ينتج طفلا مصابا بشكل ثلاسيميا. ونفس المشكلة مع زواج مريض السكلر من آخر لديه أمراض وراثية أخرى. وبالتالي ننصح بتجنب هذه الزيجات، وهي العقبة الطبية الوحيدة أمام مريض السكلر. وهنا يأتي الشق الثاني وهو النظرة الاجتماعية. لدينا حوالي 9000 مريض سكلر. أغلبهم متزوجون ويعيشون حياة طبيعية، وبعضهم لا يراجع حتى المستشفى. وأقلية يعانون مشاكل حقيقية. ولكن نجد أن عددا يواجهون تحديات تتعلق بزواجهم لأسباب منها الوصمة الاجتماعية ضد المصابين بالمرض. ولكن على الرغم من وجود هذه المشكلة إلا أنها أقل بكثير من دول أخرى بالمنطقة. والأمر الآخر هو كثرة تردد المريض على المستشفى وكثرة النوبات. وهذا ما يجعل البعض يتردد في تزوجيه. أضف إلى ذلك أن هناك الكثير من الحالات يكون مرض السكلر مجرد شماعة لرفض المتقدم. أي إن الرفض الحقيقي يكون لأسباب أخرى.
* هل تعتقد أننا بحاجة إلى قوانين أكثر صرامة لتنظيم زواج مرضى السكلر؟
* لا أعتقد ذلك لأسباب منها احترام الخيارات، كما أن المنع ليس حلا لأن الشخص يمكن أن يتزوج في دولة أخرى. ولكن المسألة المهمة هنا هي التوعية والاستجابة إلى نتائج الفحوصات. وأنا أؤكد أن البحرين تعد نموذجا دوليا في جانب مهم هو الفحص قبل الزواج. ففي التسعينيات أشارت دراسات إلى أن 4% من المواليد في المستشفيات الحكومية يولدون وهم مصابون بالسكلر. وبعد تشريع الفحص انخفضت النسبة إلى 6 في الألف. وآخر دراسة في 2019 أشارت إلى أن النسبة أقل من 0.3%. أي انخفاض بأكثر من 90% بفضل برامج التوعية وبرامج الفحص التي تمثل بحد ذاتها قصة نجاح غير موجودة في كثير من الدول، ففي البحرين هناك فحص للمواليد الجدد لتحديد الأمراض الوراثية، ثم فحص قبل المدرسة، ثم فحص قبل الجامعة. ثم فحص قبل الزواج. وكل ذلك حقق نسبة انخفاض 90% وهي نسبة غير مسبوقة عالميا عدا في قبرص، ولكن الاختلاف أننا اعتمدنا على التوعية، في حين أن تجربة قبرص شملت الإجهاض أيضا.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك