العدد : ١٧٠٠٥ - الأحد ١٣ أكتوبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٠ ربيع الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٠٥ - الأحد ١٣ أكتوبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٠ ربيع الآخر ١٤٤٦هـ

أخبار البحرين

نعم.. هذه المناظر في البحرين!
«أخبار الخليج» ترصد مخالفات كارثية.. وترافق «شؤون البلديات» في جولة استطلاعية

إعداد: محمد الساعي: تصوير- عبدالأمير السلاطنة و محمد عبدالله

الأحد ١٣ أكتوبر ٢٠٢٤ - 02:00

آليات تنقل 12 شحنة مخلفات من شارع واحد.. وخلال ساعات يعود الوضع إلى ما كان عليه!

يتجاهلون الحاويات ويلقون المخلفات حولها

الإجراءات الحالية أثبتت عدم كفايتها.. لأن حليمة سرعان ما تعود إلى عادتها القديمة!


للوهلة‭ ‬الأولى،‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬تصدق‭ ‬العين‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬المناظر‭ ‬النشاز،‭ ‬هي‭ ‬بكل‭ ‬أسف‭ ‬في‭ ‬البحرين،‭ ‬وليست‭ ‬في‭ ‬مدن‭ ‬منكوبة‭ ‬أو‭ ‬مناطق‭ ‬مهجورة‭ ‬أو‭ ‬ملاجئ‭ ‬نائية‭. ‬الصورة‭ ‬تعكس‭ ‬نوع‭ ‬الثقافة‭ ‬التي‭ ‬يتمتع‭ ‬بها‭ ‬من‭ ‬يتسبب‭ ‬بهذه‭ ‬الكوارث‭ ‬البيئية‭. ‬

عمال‭ ‬النظافة‭ ‬يكدحون‭ ‬لرفع‭ ‬المخلفات،‭ ‬الشاحنات‭ ‬تتنقل‭ ‬جيئة‭ ‬وذهابا‭ ‬تنقل‭ ‬اطنانا‭ ‬من‭ ‬القاذورات‭. ‬والمحبط‭ ‬في‭ ‬الأمر‭ ‬أن‭ ‬الوضع‭.. ‬وخلال‭ ‬سويعات‭ ‬يعود‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬عليه‭.‬

‮«‬أخبار‭ ‬الخليج‮»‬‭ ‬راقبت‭ ‬المشكلة‭ ‬عن‭ ‬كثب،‭ ‬ودأبت‭ ‬عبر‭ ‬أيام‭ ‬متوالية‭ ‬على‭ ‬رصد‭ ‬وتوثيق‭ ‬عدة‭ ‬مناطق‭ ‬بالمملكة‭ ‬تزداد‭ ‬فيها‭ ‬المشكلة،‭ ‬ثم‭ ‬قامت‭ ‬بجولة‭ ‬مع‭ ‬‮«‬شؤون‭ ‬البلديات‮»‬‭ ‬التي‭ ‬تعاونت‭ ‬معنا‭ ‬مشكورة‭ ‬لاستكشاف‭ ‬الحقيقة‭.. ‬المرة‭.‬

مررنا‭ ‬على‭ ‬مناطق‭ ‬عدة‭ ‬تأنف‭ ‬العين‭ ‬ان‭ ‬تنظر‭ ‬اليها،‭ ‬كانت‭ ‬الآليات‭ ‬وعمال‭ ‬النظافة‭ ‬يعملون‭ ‬جاهدين‭ ‬في‭ ‬جمع‭ ‬أطنان‭ ‬القمامة‭ ‬وتنظيف‭ ‬المكان‭. ‬الآليات‭ ‬تعمل‭ ‬منذ‭ ‬الفجر‭ ‬وحتى‭ ‬نهاية‭ ‬الدوام‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬جدوى‭. ‬انتقلنا‭ ‬مع‭ ‬‮«‬شؤون‭ ‬البلديات‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬مواقع‭ ‬أخرى‭. ‬وعند‭ ‬العودة‭.. ‬كانت‭ ‬الصدمة‭!‬

كميات‭ ‬هائلة‭ ‬من‭ ‬المخلفات‭ ‬عادت‭ ‬للتراكم‭. ‬عمال‭ ‬من‭ ‬هنا‭ ‬وهناك‭ ‬يلتفتون‭ ‬يمينا‭ ‬ويسارا‭ ‬للتحقق‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬مراقب،‭ ‬ثم‭ ‬يلقون‭ ‬مخلفات‭ ‬ورشهم‭ ‬أو‭ ‬محلاتهم‭ ‬على‭ ‬الأرض،‭ ‬ليعاود‭ ‬عمال‭ ‬النظافة‭ ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬التالي‭ ‬تنظيف‭ ‬المكان‭. ‬ومع‭ ‬ضيق‭ ‬الطرقات‭ ‬وكثرة‭ ‬المركبات،‭ ‬من‭ ‬الطبيعي‭ ‬ان‭ ‬يتسبب‭ ‬وجود‭ ‬شاحنات‭ ‬التنظيف‭ ‬الكبيرة‭ ‬بمشاكل‭ ‬وحوادث‭ ‬مرورية،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬رصدته‭ ‬كاميرة‭ ‬‮«‬أخبار‭ ‬الخليج‮»‬‭. ‬

تتركز‭ ‬المشكلة‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬الصناعية‭ ‬والمحلات‭ ‬التجارية‭. ‬وهذه‭ ‬المناطق‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬التنظيف‭ ‬فيها‭ ‬بشكل‭ ‬يومي‭ ‬كما‭ ‬المناطق‭ ‬السكنية‭. ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬تحاول‭ ‬شركة‭ ‬النظافة‭ ‬ان‭ ‬تجتهد‭ ‬قدر‭ ‬الإمكان،‭ ‬ولكن‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬جدوى‭.  ‬

خلال‭ ‬جولتنا،‭ ‬رافقنا‭ ‬اختصاصي‭ ‬النظافة‭ ‬في‭ ‬بلدية‭ ‬المنطقة‭ ‬الشمالية‭ ‬حسن‭ ‬الخاتم،‭ ‬وكان‭ ‬يشرف‭ ‬على‭ ‬عمليات‭ ‬التنظيف‭ ‬وهو‭ ‬يقف‭ ‬تحت‭ ‬حرارة‭ ‬الشمس‭ ‬ويمسح‭ ‬عرق‭ ‬جبينه‭. ‬قال‭ ‬عندما‭ ‬سألناه‭ ‬عن‭ ‬الوضع‭: ‬بشكل‭ ‬شبه‭ ‬يومي‭ ‬وعلى‭ ‬مدار‭ ‬العام‭ ‬نقوم‭ ‬بجولات‭ ‬وحملات‭ ‬تنظيف‭ ‬باستخدام‭ ‬الشاحنات‭ ‬الكبيرة،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬الصناعية‭ ‬والكراجات‭ ‬و‭(‬الحوطات‭)‬،‭ ‬وتزداد‭ ‬المشكلة‭ ‬بشكل‭ ‬أكبر‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الهملة‭ ‬خاصة‭ ‬المجمعين‭ ‬1012و1014‭. ‬فاليوم‭ ‬فقط‭ ‬أنجزنا‭ ‬نقل‭ ‬12‭ ‬شحنة‭ ‬كاملة‭ ‬من‭ ‬المخلفات‭. ‬والمشكلة‭ ‬انه‭ ‬بعد‭ ‬التنظيف‭ ‬بساعات‭ ‬نجد‭ ‬الوضع‭ ‬قد‭ ‬عاد‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬عليه،‭ ‬مع‭ ‬الروائح‭ ‬والحشرات‭ ‬والمنظر‭ ‬السيئ‭. ‬فالوضع‭ ‬مأساوي‭. ‬وقد‭ ‬أعطينا‭ ‬مخالفات‭ ‬وأوقفنا‭ ‬سجلات‭ ‬ولكن‭ ‬المشكلة‭ ‬مستمرة،‭ ‬ولا‭ ‬نستطيع‭ ‬مراقبة‭ ‬الجميع‭. ‬

 

ويضيف‭ ‬الخاتم‭: ‬المشكلة‭ ‬الكبرى‭ ‬أيضا‭ ‬انهم‭ ‬يلقون‭ ‬القمامة‭ ‬بين‭ ‬الانابيب‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الهملة،‭ ‬وهذه‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬إزالتها‭ ‬بالأليات،‭ ‬لذلك‭ ‬نضطر‭ ‬إلى‭ ‬تنظيفها‭ ‬يدويا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬العمال،‭ ‬وخلال‭ ‬يوم‭ ‬واحد‭ ‬بالكثير‭ ‬تعود‭ ‬المخلفات‭ ‬لتملأ‭ ‬المكان‭.‬

وبسؤاله‭ ‬عما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬عدد‭ ‬الحاويات‭ ‬كافيا‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬فأجاب‭: ‬المشكلة‭ ‬ليست‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬الحاويات،‭ ‬بدليل‭ ‬أنك‭ ‬تجد‭ ‬أغلب‭ ‬الحاوية‭ ‬شبه‭ ‬خالية،‭ ‬والقاذورات‭ ‬ملقاة‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬حولها‭. ‬هذا‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬إلقاء‭ ‬مخلفات‭ ‬الذبائح‭ ‬والدم‭ ‬والاحشاء‭ ‬على‭ ‬الأرض‭. ‬ولك‭ ‬ان‭ ‬تتخيل‭ ‬المنظر‭ ‬والروائح‭ ‬والوضع‭ ‬الصحي‭. ‬

على‭ ‬الأقل‭ ‬يمكنهم‭ ‬وضع‭ ‬المخلفات‭ ‬في‭ ‬أكياس‭ ‬مخصصة،‭ ‬ثم‭ ‬تأتي‭ ‬شركة‭ ‬النظافة‭ ‬لجمعها‭. ‬أما‭ ‬الوضع‭ ‬الحالي‭ ‬فهو‭ ‬لا‭ ‬يناسب‭ ‬صورة‭ ‬البحرين‭ ‬الحضارية‭ ‬ولا‭ ‬الثقافة‭ ‬المحلية‭.‬

‭ ‬

قوانين‭ ‬رادعة

مرافقنا‭ ‬لخّص‭ ‬الأمر‭ ‬بجملته‭ ‬الأخيرة،‭ ‬فالوضع‭ ‬لا‭ ‬يناسب‭ ‬الصورة‭ ‬الحضارية‭ ‬للمملكة‭ ‬ولا‭ ‬الثقافة‭ ‬الراقية‭ ‬التي‭ ‬يتمتع‭ ‬بها‭ ‬أهل‭ ‬البحرين‭.  ‬وخلاصة‭ ‬ما‭ ‬وصلنا‭ ‬اليه،‭ ‬رسالة‭ ‬نوجهها‭ ‬إلى‭ ‬الجهات‭ ‬المعنية‭ ‬في‭ ‬مقدمتها‭ ‬وزارة‭ ‬شؤون‭ ‬البلديات‭: ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬وجود‭ ‬القوانين‭ ‬والقرارات،‭ ‬الا‭ ‬انه‭ ‬من‭ ‬الواضح‭ ‬ان‭ ‬تلك‭ ‬الإجراءات‭ ‬غير‭ ‬كافية‭ ‬للردع‭ ‬او‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬المشكلة،‭ ‬وان‭ ‬هناك‭ ‬حاجة‭ ‬إلى‭ ‬جزاءات‭ ‬أكثر‭ ‬صرامة،‭ ‬فكثير‭ ‬من‭ ‬السجلات‭ ‬قد‭ ‬أغلقت‭ ‬بسب‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬المخالفات،‭ ‬ولكن‭ ‬سرعان‭ ‬ما‭ ‬يعاد‭ ‬فتحها‭ ‬وتعود‭ ‬حليمة‭ ‬إلى‭ ‬عادتها‭ ‬القديمة‭. ‬

ووفقا‭ ‬لمختصين‭ ‬التقينا‭ ‬بهم،‭ ‬فإن‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬المناطق‭ ‬التي‭ ‬تتكرر‭ ‬فيها‭ ‬هذه‭ ‬المشكلة،‭ ‬يفترض‭ ‬ألا‭ ‬يتم‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬أسلوب‭ ‬الإخطار‭ ‬وإنما‭ ‬العقاب‭ ‬والاغلاق‭ ‬الفوري،‭ ‬وأن‭ ‬يلتزم‭ ‬كل‭ ‬شخص‭ ‬بمراقبة‭ ‬ونظافة‭ ‬المنطقة‭ ‬التي‭ ‬أمام‭ ‬محله،‭ ‬فالأمر‭ ‬يرتبط‭ ‬بالثقافة‭ ‬الشخصية‭ ‬والغيرة‭ ‬على‭ ‬الوطن،‭ ‬صحيح‭ ‬أن‭ ‬أغلب‭ ‬من‭ ‬يمارس‭ ‬هذه‭ ‬السلوكيات‭ ‬هم‭ ‬من‭ ‬الآسيويين‭ ‬والأجانب،‭ ‬ولكن‭ ‬هؤلاء‭ ‬بالتأكيد‭ ‬لديهم‭ ‬كفيل‭ ‬بحريني،‭ ‬وصاحب‭ ‬الورشة‭ ‬او‭ ‬المصنع‭ ‬او‭ ‬المحل‭ ‬مواطن‭ ‬ينتظر‭ ‬منه‭ ‬حماية‭ ‬بيئته‭. ‬

والنقطة‭ ‬المهمة‭ ‬هنا‭ ‬هي‭ ‬ضرورة‭ ‬تفعيل‭ ‬الرقابة‭ ‬المجتمعية‭ ‬الذاتية‭. ‬فالهدف‭ ‬هو‭ ‬الوطن،‭ ‬ومظهر‭ ‬الوطن،‭ ‬ونظافة‭ ‬الوطن،‭ ‬وسمعة‭ ‬الوطن‭. ‬وبالتأكيد‭ ‬ان‭ ‬هذه‭ ‬المناظر‭ ‬هي‭ ‬إساءة‭ ‬للوطن‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا