العدد : ١٦٨٣٦ - السبت ٢٧ أبريل ٢٠٢٤ م، الموافق ١٨ شوّال ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٣٦ - السبت ٢٧ أبريل ٢٠٢٤ م، الموافق ١٨ شوّال ١٤٤٥هـ

مقالات

علم البحرين رمز للوطنية

بقلم: المحامية د. هنادي عيسى الجودر

الأحد ٠٧ يناير ٢٠٢٤ - 02:00

عام‭ ‬سعيد‭ ‬ومبارك‭ ‬عليكم‭ ‬جميعاً،‭ ‬ومازالت‭ ‬الروح‭ ‬ثملة‭ ‬بمظاهر‭ ‬فرحة‭ ‬أعياد‭ ‬الوطن‭ ‬التي‭ ‬جابت‭ ‬البحرين‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬جهاتها‭ ‬وفي‭ ‬جميع‭ ‬مدنها،‭ ‬وبالنسبة‭ ‬إليّ‭ ‬فإن‭ ‬حُبّ‭ ‬الوطن‭ ‬قد‭ ‬تشرّبتْه‭ ‬روحي‭ ‬منذ‭ ‬الصغر‭ ‬مروراً‭ ‬بجميع‭ ‬المراحل‭ ‬العمرية‭ ‬الأخرى،‭ ‬فلم‭ ‬أرتشفه‭ ‬بالشعارات‭ ‬والكلمات،‭ ‬ولكن‭ ‬سقانيه‭ ‬أجدادي‭ ‬ووالداي‭ ‬بالأفعال‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬جميعها‭ ‬تنطق‭ ‬بحب‭ ‬البحرين‭ ‬وبمكانتها‭ ‬في‭ ‬القلوب‭ ‬بجميع‭ ‬ثوابتها‭ ‬ورموزها،‭ ‬وتُرسّخ‭ ‬في‭ ‬ذاكرتي‭ ‬وذاكرة‭ ‬إخوتي‭ ‬وأقراني‭ ‬من‭ ‬الأقرباء‭ ‬حب‭ ‬هذا‭ ‬الوطن‭.‬

ومن‭ ‬الذكريات‭ ‬التي‭ ‬أحب‭ ‬مشاركتها‭ ‬معكم‭ ‬أعزائي‭ ‬ما‭ ‬شاهدته‭ ‬من‭ ‬طرق‭ ‬تعبير‭ ‬جدّتي‭ (‬ظبية‭ ‬بنت‭ ‬جمعة‭ ‬بن‭ ‬فاضل‭) ‬عن‭ ‬حبها‭ ‬للوطن‭ ‬ورموزه‭.. ‬وقتها‭ ‬كان‭ ‬حاكم‭ ‬البحرين‭ ‬سمو‭ ‬المغفور‭ ‬له‭ ‬بإذن‭ ‬الله‭ ‬الشيخ‭ ‬عيسى‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬آل‭ ‬خليفة،‭ ‬فقد‭ ‬كانت‭ ‬جدّتي‭ ‬تقف‭ ‬مُحيّية‭ ‬طلّة‭ ‬سموّه‭ ‬كلما‭ ‬ظهر‭ ‬في‭ ‬أخبار‭ ‬الثامنة‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مقطع‭ ‬تلفزيوني‭ ‬آخر‭ ‬لأنها‭ ‬ترى‭ ‬في‭ ‬الوقوف‭ ‬احتراماً‭ ‬لمقامه،‭ ‬كما‭ ‬كانت‭ ‬تستعد‭ ‬بسلالٍ‭ ‬مليئة‭ ‬بالمشموم‭ ‬والياسمين‭ ‬والرازقي،‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬استقبال‭ ‬شعبي‭ ‬يُسمح‭ ‬للجمهور‭ ‬بالوقوف‭ ‬فيه‭ ‬لاستقباله‭ ‬والتلويح‭ ‬له،‭ ‬حتى‭ ‬انتقلت‭ ‬هذه‭ ‬العادة‭ ‬بعدما‭ ‬طعنت‭ ‬في‭ ‬السن‭ ‬إلى‭ ‬البيت،‭ ‬فكانت‭ ‬تقف‭ ‬بسلتها‭ ‬المليئة‭ ‬بالحب‭ ‬لتنثر‭ ‬محتوياتها‭ ‬في‭ ‬صالة‭ ‬الجلوس‭ ‬عندما‭ ‬يطلّ‭ ‬علينا‭ ‬شخصه‭ ‬في‭ ‬الموكب‭ ‬الرسمي‭ ‬عبر‭ ‬شاشة‭ ‬التلفزيون،‭ ‬فيرتفع‭ ‬صوتها‭ ‬بالزغاريد‭ (‬اليبّاب‭) ‬وتبدأ‭ ‬في‭ ‬نثر‭ ‬المشموم‭ ‬والياسمين‭ ‬والفل‭ ‬على‭ ‬أرجاء‭ ‬المكان‭ ‬احتفاء‭ ‬بتلك‭ ‬الاطلالة‭ ‬رغم‭ ‬أنها‭ ‬عبر‭ ‬الشاشة،‭ ‬ورغم‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يعلم‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬ليعلم‭ ‬بكل‭ ‬هذا‭ ‬الحب‭ ‬والتقدير‭. ‬

وسبب‭ ‬مقدمتي‭ ‬هذه‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬نلاحظه‭ ‬جميعا‭ ‬من‭ ‬سلوك‭ ‬يصاحب‭ ‬احتفالات‭ ‬العيد‭ ‬الوطني‭ ‬من‭ ‬المواطنين‭ ‬والمقيمين،‭ ‬فالمخالفات‭ ‬قد‭ ‬تحدث‭ ‬بقصد‭ ‬وبدون‭ ‬قصد،‭ ‬ولكن‭ ‬أرى‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬الضروري‭ ‬الوقوف‭ ‬عند‭ ‬تلك‭ ‬المتعلقة‭ ‬بعلم‭ ‬الدولة‭ ‬واحترام‭ ‬هذا‭ ‬العلم‭.. ‬إذ‭ ‬إنه‭ ‬من‭ ‬مظاهر‭ ‬الفرح‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬العلم‭ ‬الوطني‭ ‬حاضراً،‭ ‬لذا‭ ‬نلاحظ‭ ‬أعدادا‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬الأعلام‭ ‬الصغيرة‭ ‬التي‭ ‬تُباع‭ ‬هنا‭ ‬وهناك،‭ ‬تُعطى‭ ‬للمشاركين‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المنظمين‭ ‬في‭ ‬الفعاليات‭ ‬الوطنية‭ ‬المختلفة‭ ‬للتلويح‭ ‬بها‭ ‬وإبراز‭ ‬العلم‭ ‬في‭ ‬المواد‭ ‬التسجيلية‭ ‬المرئية‭ ‬لتغطيات‭ ‬هذه‭ ‬الفعاليات‭ ‬والتي‭ ‬تزيدها‭ ‬زهوا‭ ‬وجمالاً‭ ‬بلا‭ ‬شك،‭ ‬كما‭ ‬قد‭ ‬تدفع‭ ‬الوطنية‭ ‬الكثير‭ ‬إلى‭ ‬شراء‭ ‬هذه‭ ‬الاعلام‭ ‬المتاحة‭ ‬بأسعار‭ ‬مقبولة‭ ‬لاستخدامها‭ ‬أثناء‭ ‬التجول‭ ‬بالسيارات‭ ‬لمشاهدة‭ ‬الزينات،‭ ‬ولكن‭ ‬الإشكال‭ ‬يكمن‭ ‬فيما‭ ‬بعد‭ ‬انتهاء‭ ‬الفعاليات‭ ‬والمسيرات،‭ ‬إذ‭ ‬كثيراً‭ ‬ما‭ ‬تجد‭ ‬الأعلام‭ ‬متناثرة‭ ‬على‭ ‬الأرض،‭ ‬وقد‭ ‬تُداس‭ ‬بالأقدام‭ ‬أو‭ ‬بعجلات‭ ‬السيارات،‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬مُستنكر‭ ‬ويثير‭ ‬حفيظة‭ ‬أي‭ ‬مواطن‭ ‬غيور‭.‬

ومن‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬الكثير‭ ‬لا‭ ‬يعلم‭ ‬قيمة‭ ‬ومكانة‭ ‬علم‭ ‬الدولة،‭ ‬فالعلم‭ ‬هو‭ ‬رمز‭ ‬لسيادة‭ ‬الدولة‭ ‬والتي‭ ‬تعتبر‭ ‬من‭ ‬الثوابت‭ ‬الوطنية،‭ ‬والتي‭ ‬تمثل‭ ‬انتماء‭ ‬المواطن‭ ‬إلى‭ ‬البحرين‭ ‬وولائه‭ ‬لهذا‭ ‬الوطن‭ ‬الغالي،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬العلم‭ ‬رمز‭ ‬للفرح‭ ‬والأمان،‭ ‬لذلك‭ ‬أجاز‭ ‬قانون‭ ‬العلم‭ ‬البحريني‭ ‬للمؤسسات‭ ‬الخاصة‭ ‬وللأفراد‭ ‬رفع‭ ‬العلم‭ ‬للزينة‭ ‬في‭ ‬العطلات‭ ‬الرسمية‭ ‬والمناسبات‭ ‬العامة‭ ‬والخاصة،‭ ‬ولذلك‭ ‬أيضاً‭ ‬نص‭ ‬القانون‭ ‬على‭ ‬تنكيس‭ ‬العلم‭ ‬في‭ ‬حالات‭ ‬إعلان‭ ‬الحداد‭ ‬الرسمي‭ ‬للمملكة‭ ‬داخل‭ ‬الدولة‭ ‬وعلى‭ ‬بعثاتها‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬والقنصلية‭ ‬في‭ ‬الخارج،‭ ‬ولذلك‭ ‬أيضاً‭ ‬يُجعل‭ ‬العلم‭ ‬كفناً‭ ‬لشُهداء‭ ‬الوطن‭ ‬تكريماً‭ ‬لهم‭ ‬وتقديراً‭ ‬لتضحياتهم‭ ‬كأعلى‭ ‬مستوى‭ ‬من‭ ‬التكريم‭ ‬المعنوي‭.‬

وعليه‭ ‬فإنه‭ ‬من‭ ‬اللازم‭ ‬على‭ ‬الأسرة‭ ‬أولاً‭ ‬غرس‭ ‬قيمة‭ ‬العلم‭ ‬وأهميته‭ ‬في‭ ‬فكر‭ ‬أبنائها‭ ‬وتعزيز‭ ‬الوطنية‭ ‬لديهم‭ ‬لأنها‭ ‬المُحرّك‭ ‬الأصلي‭ ‬للمواطنة‭ ‬الصالحة،‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬الوطنية‭ ‬تُعوّل‭ ‬في‭ ‬غراسها‭ ‬الأول‭ ‬على‭ ‬دور‭ ‬الأسرة‭ ‬بشكل‭ ‬أساسي،‭ ‬فإذا‭ ‬لم‭ ‬تنهض‭ ‬هذه‭ ‬الخلية‭ ‬بمهمتها‭ ‬اختلّت‭ ‬موازين‭ ‬الوطنية‭ ‬لدى‭ ‬الطفل‭.‬

كما‭ ‬لا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نغفل‭ ‬دور‭ ‬المدرسة‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬هذه‭ ‬القيمة،‭ ‬فقد‭ ‬تربينا‭ ‬كأجيال‭ ‬على‭ ‬فقرة‭ ‬صباحية‭ ‬مهمة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬دراسي،‭ ‬وهي‭ ‬فقرة‭ (‬تحيّة‭ ‬العلم‭ ‬الصباحية‭)‬،‭ ‬حيث‭ ‬تقف‭ ‬مدارس‭ ‬البحرين‭ ‬بكل‭ ‬طاقمها‭ ‬الإداري‭ ‬وطلبتها‭ ‬تحية‭ ‬لهذا‭ ‬الرمز‭ ‬بشكل‭ ‬يومي‭ ‬وثابت‭ ‬لا‭ ‬يثنيها‭ ‬عنه‭ ‬شيء،‭ ‬وهي‭ ‬فقرة‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬تولى‭ ‬الالتزام‭ ‬والاهتمام‭ ‬اللازم‭ ‬حالياً‭ ‬عند‭ ‬البعض،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يقتضي‭ ‬من‭ ‬الوزارة‭ ‬تشديد‭ ‬الرقابة‭ ‬عليه‭ ‬وحثّ‭ ‬جميع‭ ‬المدارس‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬الالتزام‭ ‬بهذا‭ ‬السلوك‭ ‬الإيجابي‭ ‬المثمر‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬غرس‭ ‬قيمة‭ ‬العلم‭ ‬الوطني‭ ‬وتعزيز‭ ‬الوطنية‭ ‬لدى‭ ‬الأجيال‭ ‬الناشئة،‭ ‬وبذلك‭ ‬تُسهم‭ ‬في‭ ‬رفد‭ ‬ودعم‭ ‬برنامج‭ (‬بحريننا‭) ‬الذي‭ ‬أطلقته‭ ‬وزارة‭ ‬الداخلية‭. ‬

ودمتم‭ ‬ودامت‭ ‬أعياد‭ ‬الوطن‭.‬

Hanadi‭_‬aljowder@hotmail‭.‬com

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا