العدد : ١٦٨٦١ - الأربعاء ٢٢ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ١٤ ذو القعدة ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٦١ - الأربعاء ٢٢ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ١٤ ذو القعدة ١٤٤٥هـ

مقالات

الذكاء الاصطناعي ومستقبل الإعلام

بقلم: د. جاسم حاجي

الاثنين ٢٣ أكتوبر ٢٠٢٣ - 02:00

في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬والتكنولوجيات‭ ‬ذات‭ ‬الصلة‭ ‬سوف‭ ‬يكون‭ ‬لها‭ ‬بالفعل‭ ‬تأثير‭ ‬تحولي‭ ‬على‭ ‬أسواق‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام،‭ ‬فمن‭ ‬المرجح‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الإنتاج‭ ‬الآلي‭ ‬للمحتوى‭ - ‬سواء‭ ‬كان‭ ‬إخباريًا‭ ‬أو‭ ‬ترفيهيًا‭ - ‬جزءًا‭ ‬بسيطًا‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬القصة‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭ ‬المنظور‭. ‬على‭ ‬عكس‭ ‬الصناعات‭ ‬مثل‭ ‬التصنيع‭ ‬والنقل،‭ ‬حيث‭ ‬تتكون‭ ‬آلاف‭ ‬الوظائف‭ ‬بشكل‭ ‬أساسي‭ ‬من‭ ‬مهام‭ ‬متكررة‭ ‬والتي‭ ‬تكون‭ ‬ضمن‭ ‬قدرة‭ ‬التكنولوجيات‭ ‬الحالية،‭ ‬فإن‭ ‬معظم‭ ‬القيمة‭ ‬في‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬تكمن‭ ‬في‭ ‬إنتاج‭ ‬محتوى‭ ‬معقد‭ ‬والذي‭ ‬يثقل‭ ‬بشدة‭ ‬كاهل‭ ‬مجالات‭ ‬مثل‭ ‬إطلاق‭ ‬الحكم،‭ ‬والتفسير،‭ ‬والإبداع‭ ‬والتواصل،‭ ‬وهي‭ ‬مجالات‭ ‬يستمر‭ ‬فيها‭ ‬البشر‭ ‬في‭ ‬الهيمنة‭ ‬على‭ ‬الخوارزميات‭ ‬وسوف‭ ‬يفعلون‭ ‬ذلك‭ ‬لسنوات‭ ‬عديدة‭ ‬قادمة‭.‬

بدلاً‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬كان‭ ‬التأثير‭ ‬الرئيسي‭ ‬للذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬وسوف‭ ‬يظل‭ ‬على‭ ‬جانب‭ ‬الطلب‭ ‬لوسائل‭ ‬الإعلام‭ - ‬ليس‭ ‬على‭ ‬إنتاج‭ ‬المحتوى،‭ ‬ولكن‭ ‬على‭ ‬العملية‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬مطابقة‭ ‬هذا‭ ‬المحتوى‭ ‬مع‭ ‬المستهلكين‭. ‬التحسينات‭ ‬المستقبلية‭ ‬في‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬لديها‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬تغيير‭ ‬هذه‭ ‬العملية‭ ‬بشكل‭ ‬عميق‭ ‬للخير‭ ‬والشر‭.‬

تعني‭ ‬الاقتصاديات‭ ‬الأساسية‭ ‬لوسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬أن‭ ‬مطابقة‭ ‬جانب‭ ‬الطلب‭ ‬تلعب‭ ‬دورًا‭ ‬مهمًا‭ ‬بشكل‭ ‬فريد‭. ‬القصص‭ ‬الإخبارية،‭ ‬ومنشورات‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬والأغاني،‭ ‬والأفلام‭ ‬كلها‭ ‬‮«‬سلع‭ ‬التجربة‮»‬‭ ‬نموذجية‭ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬الحكم‭ ‬على‭ ‬جودتها‭ ‬ومدى‭ ‬تناسبها‭ ‬مع‭ ‬أذواق‭ ‬المستهلك‭ ‬إلا‭ ‬بعد‭ ‬استهلاكها‭. ‬التكاليف‭ ‬الهامشية‭ ‬منخفضة،‭ ‬وتختلف‭ ‬طبيعة‭ ‬الطلب‭ ‬اختلافًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬عبر‭ ‬المستهلكين‭ ‬والوقت‭. ‬تعني‭ ‬هذه‭ ‬العوامل‭ ‬مجتمعة‭ ‬أن‭ ‬السوق‭ ‬ينتج‭ ‬كمية‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬المحتوى‭ ‬بجودة‭ ‬وجاذبية‭ ‬متفاوتة‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬واسع‭ ‬والتي‭ ‬يجب‭ ‬فرزها‭ ‬وتصفيتها‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إنتاج‭ ‬قيمة‭ ‬اجتماعية‭. ‬المطابقة‭ ‬الفعالة،‭ ‬سواء‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الآليات‭ ‬التقليدية‭ ‬مثل‭ ‬التحرير‭ ‬البشري‭ ‬والعلامات‭ ‬التجارية‭ ‬الإعلامية‭ ‬المعروفة،‭ ‬أو‭ ‬بواسطة‭ ‬الخوارزميات‭ ‬الحديثة،‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬يحول‭ ‬هذه‭ ‬الكتلة‭ ‬إلى‭ ‬مجموعة‭ ‬سلع‭ ‬مفهومة‭ ‬ومسلية‭ ‬ومفيدة‭. ‬إن‭ ‬تحديد‭ ‬مستوى‭ ‬الثقة‭ ‬في‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬ومدى‭ ‬إمكانية‭ ‬التلاعب‭ ‬بالإعلام‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الحكومات‭ ‬أو‭ ‬المعلنين‭ ‬أو‭ ‬الأطراف‭ ‬الثالثة‭ ‬الأخرى‭ ‬التي‭ ‬تسعى‭ ‬إلى‭ ‬الإقناع‭ ‬هو‭ ‬عامل‭ ‬أساسي‭. ‬إنه‭ ‬ما‭ ‬انقلب‭ ‬تمامًا‭ ‬مع‭ ‬ظهور‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والذي‭ ‬وضع‭ ‬عملية‭ ‬مطابقة‭ ‬لا‭ ‬مركزية‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬الخوارزمية‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬نموذج‭ ‬البث‭ ‬المركزي‭ ‬الذي‭ ‬هيمن‭ ‬على‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬لعدة‭ ‬قرون‭. ‬وهو‭ ‬المكان‭ ‬الذي‭ ‬نحتاج‭ ‬فيه‭ ‬إلى‭ ‬تركيز‭ ‬انتباهنا‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬أردنا‭ ‬معالجة‭ ‬الأزمة‭ ‬الحالية‭ ‬للإعلام‭ ‬والديمقراطية‭.‬

هناك‭ ‬ثلاثة‭ ‬أبعاد‭ ‬رئيسية‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تفشل‭ ‬فيها‭ ‬عملية‭ ‬المطابقة‭ ‬هذه‭. ‬أولاً،‭ ‬بكل‭ ‬بساطة،‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬يتمكن‭ ‬المستهلكون‭ ‬من‭ ‬العثور‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يريدون‭. ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬التقدم‭ ‬الهائل‭ ‬في‭ ‬البحث‭ ‬والتكنولوجيات‭ ‬ذات‭ ‬الصلة،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬غربلة‭ ‬كتلة‭ ‬المحتوى‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬العثور‭ ‬على‭ ‬القطع‭ ‬التي‭ ‬تزيد‭ ‬من‭ ‬فائدة‭ ‬المستهلك‭ ‬إلى‭ ‬الحد‭ ‬الأقصى‭ ‬تظل‭ ‬مشكلة‭ ‬هائلة‭. ‬ثانيًا،‭ ‬ما‭ ‬يريده‭ ‬المستهلكون‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬يتماشى‭ ‬جيدًا‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬الأفضل‭ ‬للمجتمع‭. ‬ولقد‭ ‬أشار‭ ‬العلماء‭ ‬منذ‭ ‬فترة‭ ‬طويلة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الأهداف‭ ‬الفردية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬من‭ ‬المرجح‭ ‬أن‭ ‬تتباين‭ ‬في‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام،‭ ‬نظرًا‭ ‬لأن‭ ‬المستهلكين‭ ‬لا‭ ‬يأخذون‭ ‬في‭ ‬الحسبان‭ ‬تمامًا‭ ‬الطريقة‭ ‬التي‭ ‬تكون‭ ‬بها‭ ‬قراراتهم‭ ‬أكثر‭ ‬أو‭ ‬أقل‭ ‬إلمامًا‭ ‬بالقضايا‭ ‬المختلفة‭ ‬التي‭ ‬تنتشر‭ ‬وتؤثر‭ ‬على‭ ‬الآخرين‭ ‬عبر‭ ‬العملية‭ ‬السياسية‭. ‬ثالثًا،‭ ‬قد‭ ‬تسعى‭ ‬الجهات‭ ‬الفاعلة‭ ‬مثل‭ ‬الحكومات‭ ‬والشركات‭ ‬إلى‭ ‬الاستحواذ‭ ‬على‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تشكيل‭ ‬خيارات‭ ‬المحتوى‭ ‬الذي‭ ‬يراه‭ ‬المستهلكون‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحقيق‭ ‬غاياتهم‭ ‬الخاصة‭.‬

الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬لإنتاج‭ ‬قصص‭ ‬اخبارية

غوغل‭ ‬تختبر‭ ‬أداة‭ ‬ذكاء‭ ‬اصطناعي‭ ‬جديدة‭ ‬لإنتاج‭ ‬القصص‭ ‬الإخبارية‭. ‬يختبر‭ ‬عملاق‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬الأميركي‭ ‬غوغل‭ ‬أداة‭ ‬جديدة‭ ‬تستخدم‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬لإنتاج‭ ‬قصص‭ ‬إخبارية،‭ ‬حسبما‭ ‬أفادت‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬نيويورك‭ ‬تايمز‮»‬‭. ‬وبحسب‭ ‬ما‭ ‬نقلت‭ ‬الصحيفة‭ ‬الأميركية‭ ‬عن‭ ‬أشخاص‭ ‬مطلعين‭ ‬لم‭ ‬تكشف‭ ‬عن‭ ‬هويتهم‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬الأداة‭ ‬المعروفة‭ ‬باسم‭ ‬‮«‬جينسيس‮»‬،‭ ‬يمكنها‭ ‬إنتاج‭ ‬مادة‭ ‬صحفية‭ ‬متكاملة‭ ‬بعد‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬المعلومات‭ ‬المطلوبة‭.‬

ولم‭ ‬ترد‭ ‬متحدثة‭ ‬باسم‭ ‬غوغل‭ ‬على‭ ‬الفور‭ ‬على‭ ‬طلب‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬نيويورك‭ ‬تايمز‮»‬‭ ‬للتعليق‭. ‬وعرضت‭ ‬غوغل‭ ‬منتجها‭ ‬الجديد‭ ‬على‭ ‬وسائل‭ ‬إعلام‭ ‬أميركية،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬صحف‭ ‬‮«‬وول‭ ‬ستريت‭ ‬جورنال‮»‬‭ ‬و«نيويورك‭ ‬تايمز‮»‬‭ ‬وأيضا‭ ‬‮«‬واشنطن‭ ‬بوست‮»‬‭.‬

وقال‭ ‬أحد‭ ‬الأشخاص‭ ‬الثلاثة‭ ‬المطلعين‭ ‬على‭ ‬المنتج‭ ‬الجديد‭ ‬إن‭ ‬غوغل‭ ‬تعتقد‭ ‬أن‭ ‬الأداة‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬بمثابة‭ ‬مساعد‭ ‬شخصي‭ ‬للصحفيين‭ ‬وتساعد‭ ‬على‭ ‬صناعة‭ ‬النشر‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬التوليدي‭. ‬ووصف‭ ‬بعض‭ ‬المديرين‭ ‬التنفيذيين‭ ‬الذين‭ ‬اطلعوا‭ ‬على‭ ‬عرض‭ ‬غوغل‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬مقلق‮»‬،‭ ‬فيما‭ ‬قال‭ ‬شخصان‭ ‬إن‭ ‬عملية‭ ‬إنتاج‭ ‬قصص‭ ‬إخبارية‭ ‬دقيقة‭ ‬ومبتكرة‭ ‬يبدو‭ ‬وكأنه‭ ‬حقيقة‭ ‬مرتقبة‭.‬

وتأتي‭ ‬هذه‭ ‬الأداة‭ ‬الجديدة‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬تجادل‭ ‬فيه‭ ‬المؤسسات‭ ‬الإخبارية‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭ ‬لمعرفة‭ ‬فيما‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬ستستخدم‭ ‬أدوات‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬داخل‭ ‬غرف‭ ‬الأخبار‭ ‬الخاصة‭ ‬بها‭. ‬وأخطرت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المؤسسات‭ ‬الإخبارية‭ ‬موظفيها‭ ‬بأنها‭ ‬تعتزم‭ ‬استكشاف‭ ‬الاستخدامات‭ ‬المحتملة‭ ‬للذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬في‭ ‬صناعة‭ ‬الأخبار‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا