باريس - (أ ف ب): بلغت أسعار الأرز في أغسطس أعلى مستوياتها في العالم منذ 15 عامًا مع ارتفاعها بنسبة 9.8% مدى شهر، بعد القيود على التصدير التي فرضتها الهند، على ما أعلنت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو) أمس الجمعة. في المقابل، سجّلت أسعار المواد الغذائية على الصعيد العالمي بمجملها تراجعًا طفيفًا الشهر الماضي (-2.1% بالنسبة إلى يوليو)، متأثرة بانخفاض أسعار الحبوب والزيوت النباتية واللحوم ومشتقات الحليب.
وأوضحت الفاو في تقريرها الشهري أن أسعار الأرز ارتفعت بنسبة 9.8% مقارنة بيوليو «ما يعكس الاضطرابات المسجلة بعد حظر الهند صادرات الأرز الأبيض». وأضافت: «الغموض الذي يلف مدة الحظر والمخاوف من القيود على التصدير دفعت الأطراف الفاعلة الرئيسية في سلسلة التوريد الى الاحتفاظ بمخزوناتها وإعادة التفاوض بشأن العقود أو التوقف عن تقديم عروض أسعار ما حصر التجارة بكميات صغيرة وبعقود بيع متفق عليها سابقا».
وبعد انتعاش طفيف في يوليو، تراجع مؤشر أسعار الغذاء، بحيث انخفض بنسبة 11.8% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وبنسبة 24% مقارنة بالذروة التي بلغها في مارس 2022 بُعيد بدء الغزو الروسي لأوكرانيا. غير أن أسعار الأرزّ، وهي أكثر الحبوب استهلاكًا في العالم إلى جانب القمح، تتأثر مباشرة بالقرار الذي اتخذته نيودلهي في 21 يوليو لحظر صادرات الأرز الأبيض غير البسمتي الذي يشكّل ربع مجموع صادرات الأرز.
وقالت وزارة شؤون المستهلكين والأغذية في الهند يومها إن الخطوة تهدف إلى «ضمان توافر (الأرز) بشكل مناسب»، و«تخفيف الارتفاع في الأسعار في السوق المحلية». وفي أغسطس، ارتفع مؤشر منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة لأسعار الأرزّ بنسبة 31% على أساس سنوي. وتؤمن الهند 40% من تجارة الأرزّ العالمية، متقدمة على تايلاند وفيتنام وباكستان. ويبيع البلد كميات من الأرزّ المكسور لدول إفريقية أبرزها السنغال ونيجيريا وساحل العاج وبنين، وكذلك إلى آسيا (باكستان والفلبين) والشرق الأوسط (تركيا وسوريا).
وبانتظار الحصاد الجديد، ساد السوق العالمية للأرزّ توتر في مواجهة «عدم اليقين بشأن مدة الحظر» الذي قررته الهند و«المخاوف من توسيع قيود التصدير لتشمل أنواعًا أخرى من الأرزّ». واختارت العديد من الدول والجهات الفاعلة «الاحتفاظ بمخزونات» و«إعادة التفاوض على عقود» أو «التوقف عن تقديم عروض على الأسعار»، حسبما أوضحت منظمة الأغذية والزراعة.
ولمواجهة هذا الوضع، أبرمت الفلبين يوم الخميس اتفاقًا مع فيتنام بهدف تأمين وارداتها من الأرزّ خمسة أعوام. ومع ذلك، تُعدّ احتياطيات الأرزّ في العالم وافرة. فمنظمة الأغذية والزراعة تتوقع أن «تصل المخزونات العالمية للأرز في ختام مواسم التسويق 2023-2024 إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق»، بحيث يقدّر المخزون بـ198 مليون طنّ، ما يوازي 38% من توقعات استهلاك الأرزّ في الفترة نفسها.
لكن الصين والهند تحتفظان بثلاثة أرباع هذه الكميات، ومن المتوقع أن ينخفض إجمالي احتياطيات الأرزّ لدى دول أخرى إلى أدنى مستوياتها منذ أربعة أعوام. ويخشى البعض أن تؤدي ظاهرة إل نينيو المناخية، المرتبطة عادة بارتفاع درجات الحرارة العالمية، الى اضطرابات في المحاصيل المقبلة. وأوردت المنظمة أن المخاوف بشأن تداعيات ظاهرة إل نينيو أدّت أيضًا إلى ارتفاع طفيف في مؤشر الفاو لأسعار السكر في أغسطس (+1.3%).
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك