سريناغار – الوكالات: بعد هجمات دموية استمرّت عدّة أيام بين باكستان والهند، اتفقت الدولتان أمس على «وقف فوري لإطلاق النار» أعلنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مشيدا بـ«المنطق السليم» الذي أبدته القوتان النوويتان.
ومنذ الأربعاء، تتبادل الدولتان الجارتان قصفا مدفعيا وهجمات بمسيّرات وصواريخ، الأمر الذي أثار مخاوف من وصول الأمور إلى حرب شاملة ودفع العديد من العواصم الأجنبية إلى الدعوة إلى ضبط النفس.
وقال ترامب في منشور عبر منصته تروث سوشال «بعد ليلة طويلة من المحادثات التي توسّطت فيها الولايات المتحدة، يسعدني أن أُعلن أنّ الهند وباكستان اتفقتا على وقف إطلاق نار شامل وفوري»، مشيدا بالبلدين «للجوئهما الى المنطق السليم والذكاء العظيم».
وأكد وزير الخارجية الباكستاني إسحق دار عبر إكس، أن إسلام آباد ونيودلهي وافقتا على «وقف إطلاق نار بمفعول فوري». وأضاف أن نحو 30 دولة شاركت في الجهود الدبلوماسية التي حققت تلك النتيجة.
وفي تأكيد هندي، أوضح مصدر حكومي في نيودلهي أنّه تم التوصل إلى الاتفاق بعد تفاوض مباشر بين الهند وباكستان، مشيرا إلى أنّ البلدَين الجارين لم يخططا لمناقشة أي شيء آخر غير وقف إطلاق النار.
وأعلنت الخارجية الباكستانية أن إسلام آباد مستعدة للانخراط في دبلوماسية بناءة وحوار شامل مع الهند والسعي إلى حل جميع القضايا.
من جانبه، قال وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو إنّ الاتفاق جاء بعد مفاوضات مكثّفة أجراها هو ونائب الرئيس جاي دي فانس مع رئيسي الوزراء الهندي ناريندرا مودي والباكستاني شهباز شريف ومسؤولين كبار آخرين.
وقال عبر إكس: «يسعدني أن أعلن أن حكومتي الهند وباكستان اتفقتا على وقف فوري لإطلاق النار وبدء محادثات بشأن مجموعة واسعة من القضايا في مكان محايد».
وقال رئيس الوزراء الباكستاني نعتقد أن هذا يمثل بداية جديدة في حل القضايا التي عصفت بالمنطقة ومنعت رحلة السلام والازدهار والاستقرار.
ورحب الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش بالاتفاق بين الهند وباكستان، آملا أن يؤدي إلى «سلام دائم». وقال المتحدث باسم غوتيريش في بيان إن «الأمين العام يرحب باتفاق وقف إطلاق النار بين الهند وباكستان كإجراء إيجابي نحو نهاية الأعمال العدائية الراهنة وخفض التوترات. ويأمل أن يسهم هذا الاتفاق في سلام دائم، ويوفر أجواء ملائمة لتسوية مشاكل قديمة العهد وأكبر بين البلدين».
وأعربت وزارة الخارجية السعودية على منصة اكس عن «ترحيبها باتفاق وقف إطلاق النار بين جمهورية باكستان الإسلامية وجمهورية الهند، معبرةً عن تفاؤلها في أن يفضي هذا الاتفاق إلى استعادة الأمن والسلم في المنطقة». وأشادت المملكة «بتغليب الطرفين للحكمة وضبط النفس، مجددةً في هذا الصدد دعمها لحل الخلافات بالحوار والسبل السلمية، انطلاقًا من مبادئ حسن الجوار، وبما يحقق السلام والازدهار للبلدين ولشعبيهما».
وكانت السعودية بذلت جهودا للوساطة بين البلدين الحليفين للرياض.
واتّهمت الهند جماعة «عسكر طيبة»، المنظمة التي تصنّفها الأمم المتحدة إرهابية وتتخذ من باكستان مقرا، بتنفيذ الهجوم. لكن إسلام آباد نفت أي علاقة لها بالهجوم ودعت إلى تحقيق مستقل.
وفي أعقاب عقوبات دبلوماسية وتهديدات تتعلّق بتقاسم المياه، بدأت الدولتان الأربعاء أسوأ مواجهة عسكرية بينهما منذ عقود.
وفي اليوم المذكور، نفذت الهند ضربات على عديد من المدن الباكستانية مؤكدة أنّها دمّرت فيها «معسكرات إرهابية»، الأمر الذي أثار دوامة من الهجمات والهجمات المضادة.
وصباح أمس، أعلنت باكستان أنّها شنّت هجمات مضادة على الهند عقب تعرّض ثلاث من قواعدها الجوية لضربات خلال الليل. وتقع إحدى هذه القواعد بالقرب من إسلام آباد.
وأكد رئيس الحكومة الباكستانية أنّ من خلال هذه العملية «قدّمت باكستان ردا مناسبا للهند وانتقمت للقتلى الأبرياء»، الأمر الذي كان قد تعهّد به في خطاب إلى الأمة الأربعاء.
من جانبها، أكدت الهند أنّها تعرّضت لسلسلة هجمات، خصوصا بمسيّرات، على أهداف عسكرية في جميع أنحاء الجزء الشمالي الشرقي من أراضيها.
وأفاد مراسلو وكالة فرانس برس عن سماع أصوات انفجارات قوية في سريناغار، عاصمة الشطر الهندي من كشمير.
وفي الصباح الباكر، تعرّضت قاعدة أوانتيبورا الجوية القريبة من سريناغار لقصف، ثمّ تعرّضت لقصف مرة أخرى عند الظهيرة، وفقا لمصدر في الشرطة طلب عدم الكشف عن هويته.
وفي ظل هذه التطورات، حضّ روبيو وزيري خارجية البلدين الخصمين على «ضرورة تحديد الطرفين سبل خفض التصعيد واستئناف الاتصالات المباشرة تجبنا لأي سوء تقدير»، بينما رفعت الصين نبرتها، داعية «بحزم» الجارتين إلى ممارسة ضبط النفس.
وبحسب الحصيلة الرسمية الصادرة عن الجانبين، أدت أعمال العنف إلى مقتل حوالي 60 مدنيا منذ الأربعاء.
وتسبّبت حالة الحرب هذه بحركة نزوح كبيرة على جانبي «خط المراقبة» الذي يفصل منطقة كشمير المتنازع عليها بين الدولتين.
وبعد بضع ساعات على إعلان التوصل إلى الاتفاق تبادلت الهند وباكستان أمس السبت الاتهامات بانتهاك وقف لإطلاق النار.
وصرح سكرتير وزارة الخارجية الهندي فيكرام ميسري لصحفيين: «سجلت في الساعات الأخيرة انتهاكات متكررة» للاتفاق، مؤكدا أن «القوات المسلحة ردت بشكل ملائم على هذه الانتهاكات».
وتابع: «نطلب من باكستان اتخاذ الإجراءات المناسبة للرد على هذه الانتهاكات والتعامل مع الوضع بجدية ومسؤولية».
وردت باكستان بتأكيد «التزامها تنفيذ» وقف إطلاق النار. وقالت وزارة خارجية باكستان إن القوات المسلحة الباكستانية «تتعامل مع الوضع بمسؤولية وضبط للنفس»، متهمة الهند بأنها ارتكبت انتهاكات لوقف النار.
وأضاف البيان: «نعتقد أن أي قضية مرتبطة بتنفيذ دقيق لوقف النار ينبغي تناولها عبر التواصل بواسطة قنوات مناسبة. وعلى القوات على الأرض أن تظهر بدورها ضبطا للنفس».
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك