العدد : ١٦٨٥٩ - الاثنين ٢٠ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ١٢ ذو القعدة ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٥٩ - الاثنين ٢٠ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ١٢ ذو القعدة ١٤٤٥هـ

مقالات

التوازن في حقوق الإنسان

بقلم: المحامية د. هنادي عيسى الجودر

الأحد ٠٢ يوليو ٢٠٢٣ - 02:00

القراء‭ ‬الأعزاء‭ ‬

أهنئكم‭ ‬بحلول‭ ‬عيد‭ ‬الاضحى‭ ‬المبارك‭ ‬وكل‭ ‬عام‭ ‬والبحرين‭ ‬بخير‭ ‬قيادة‭ ‬وشعباً،‭ ‬جعلنا‭ ‬الله‭ ‬جميعا‭ ‬من‭ ‬العايدين‭ ‬السعيدين‭.‬

ومن‭ ‬المواضيع‭ ‬الأساسية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يتوقف‭ ‬الحديث‭ ‬عنها‭ ‬موضوع‭ ‬كفالة‭ ‬واحترام‭ ‬وحماية‭ ‬حقوق‭ ‬الانسان،‭ ‬وهو‭ ‬موضوع‭ ‬مهم‭ ‬لأنه‭ ‬مرتبط‭ ‬بالمواطن‭ ‬بشكل‭ ‬خاص‭ ‬وبالإنسان‭ ‬بشكل‭ ‬عام،‭ ‬وتعمل‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬جاهدة‭ ‬على‭ ‬تعزيز‭ ‬واحترام‭ ‬وحماية‭ ‬حقوق‭ ‬الانسان‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬حرصها‭ ‬وتصميمها‭ ‬على‭ ‬الوفاء‭ ‬بتعهداتها‭ ‬والتزاماتها‭ ‬المترتبة‭ ‬على‭ ‬انضمامها‭ ‬وتصديقها‭ ‬على‭ ‬معظم‭ ‬المواثيق‭ ‬الدولية‭ ‬المتعلقة‭ ‬بحقوق‭ ‬الانسان،‭ ‬في‭ ‬مقدمتها‭ ‬العهد‭ ‬الدولي‭ ‬الخاص‭ ‬بالحقوق‭ ‬المدنية‭ ‬والسياسية‭ ‬الذي‭ ‬انضمت‭ ‬إليه‭ ‬عام‭ ‬2006‭ ‬والعهد‭ ‬الدولي‭ ‬الخاص‭ ‬بالحقوق‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والثقافية‭ ‬الذي‭ ‬انضمت‭ ‬إليه‭ ‬عام‭ ‬2007،‭ ‬وقد‭ ‬حرصت‭ ‬على‭ ‬تقديم‭ ‬تقارير‭ ‬حقوق‭ ‬الانسان‭ ‬وحضور‭ ‬جلسات‭ ‬المراجعات‭ ‬الدورية‭ ‬الشاملة‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬حقوق‭ ‬الانسان،‭ ‬واستطاعت‭ ‬أن‭ ‬تحوز‭ ‬الثقة‭ ‬الدولية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬الذي‭ ‬استمرت‭ ‬مسيرته‭ ‬وتكللت‭ ‬باعتماد‭ ‬الخطة‭ ‬الوطنية‭ ‬لحقوق‭ ‬الانسان‭ ‬2022‭-‬2026،‭ ‬ولا‭ ‬يفوتني‭ ‬هنا‭ ‬التطرق‭ ‬إلى‭ ‬التعديل‭ ‬الأخير‭ ‬لقانون‭ ‬العقوبات‭ ‬والذي‭ ‬ألغى‭ ‬المادة‭ (‬353‭) ‬التي‭ ‬تعفي‭ ‬المغتصب‭ ‬من‭ ‬العقوبة‭ ‬إذا‭ ‬تزوج‭ ‬المُعتدى‭ ‬عليها‭ ‬زواجاً‭ ‬شرعياً،‭ ‬وهي‭ ‬خطوة‭ ‬موفقة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬تعزيز‭ ‬حق‭ ‬المغتصبة‭ ‬تحقيقاً‭ ‬لمبدأ‭ ‬المساواة‭ ‬باعتبارها‭ ‬ذات‭ ‬المركز‭ ‬القانوني‭ ‬الأضعف‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭.‬

ومن‭ ‬المعلوم‭ ‬أن‭ ‬معظم‭ ‬المواضيع‭ ‬التي‭ ‬تتناولها‭ ‬المقالات‭ ‬والمدونات‭ ‬والحوارات‭ ‬الشعبية‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬المحافل‭ ‬هي‭ ‬مواضيع‭ ‬حقوق‭ ‬إنسان،‭ ‬من‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬المستوى‭ ‬المعيشي،‭ ‬الى‭ ‬المعاشات‭ ‬التقاعدية،‭ ‬الى‭ ‬قضايا‭ ‬الأسرة‭ ‬المختلفة،‭ ‬إلى‭ ‬النظام‭ ‬الصحي،‭ ‬الى‭ ‬النقابات‭ ‬العمالية‭ ‬إلى‭ ‬آخره،‭ ‬فلا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نفصل‭ ‬الانسان‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬تفصيلة‭ ‬صغيرة‭ ‬في‭ ‬الحياة،‭ ‬وفي‭ ‬الدولة‭ ‬باعتباره‭ ‬مكوناً‭ ‬أساسيا‭ ‬من‭ ‬مكوناتها،‭ ‬فالدولة‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬الاقليم‭ (‬الأرض‭)‬،‭ ‬الشعب‭ (‬الإنسان‭) ‬والسلطة‭ (‬الحاكم‭ ‬وسلطات‭ ‬الدولة‭ ‬الثلاث‭).‬

وبالحديث‭ ‬عن‭ ‬الخطة‭ ‬الوطنية‭ ‬لحقوق‭ ‬الانسان‭ ‬التي‭ ‬تضمنت‭ ‬آلية‭ ‬عمل‭ ‬دقيقة‭ ‬لتحقيق‭ ‬أهدافها،‭ ‬منها‭ ‬تكليف‭ ‬الجهات‭ ‬المختصة‭ ‬بمشاريع‭ ‬محددة‭ ‬يتوجب‭ ‬عليها‭ ‬إنهاؤها‭ ‬جميعها‭ ‬بنجاح‭ ‬لتستكمل‭ ‬دورها‭ ‬في‭ ‬إنفاذ‭ ‬الخطة‭ ‬الوطنية،‭ ‬ولقد‭ ‬حالفني‭ ‬الحظ‭ ‬للمرة‭ ‬الثانية‭ ‬بحضور‭ ‬المنتدى‭ ‬العلمي‭ (‬حقوق‭ ‬الانسان‭ ‬بين‭ ‬المعايير‭ ‬الدولية‭ ‬والممارسات‭ ‬العلمية‭ ‬2‭) ‬الذي‭ ‬نظمته‭ ‬الأكاديمية‭ ‬الملكية‭ ‬للشرطة‭ ‬ضمن‭ ‬مهامها‭ ‬في‭ ‬إنفاذ‭ ‬الخطة‭ ‬الوطنية‭ ‬لحقوق‭ ‬الانسان،‭ ‬والتي‭ ‬اهم‭ ‬ما‭ ‬يميزها‭ ‬انها‭ ‬كانت‭ ‬بيئة‭ ‬خصبة‭ ‬للعصف‭ ‬الذهني‭ ‬وتبادل‭ ‬الأفكار‭ ‬والآراء‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بموضوعها‭ ‬في‭ ‬أجواء‭ ‬علمية‭ ‬أكاديمية‭ ‬وأخوية‭ ‬في‭ ‬آن‭ ‬واحد‭. ‬وهنا‭ ‬أريد‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬موضوعين‭ ‬مهمين،‭ ‬الأول‭ ‬سبق‭ ‬لي‭ ‬أن‭ ‬تناولته‭ ‬في‭ ‬مقالي‭ ‬الاسبوع‭ ‬الماضي،‭ ‬وهو‭ (‬نقابة‭ ‬العمالة‭ ‬المنزلية‭) ‬الذي‭ ‬تسبب‭ ‬في‭ ‬إثارة‭ ‬حفيظة‭ ‬أصحاب‭ ‬المنازل،‭ ‬ولا‭ ‬سيما‭ ‬أنهم‭ ‬الطرف‭ ‬الذي‭ ‬يُعاني‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬العمالة‭ ‬وقضاياهم‭ ‬لا‭ ‬تنتهي،‭ ‬ولشعورهم‭ ‬أنهم‭ ‬هم‭ ‬من‭ ‬يستحقون‭ ‬الحماية‭ ‬لأن‭ ‬القانون‭ ‬وعقد‭ ‬التوظيف‭ ‬والواقع‭ ‬العملي‭ ‬جميعها‭ ‬تصب‭ ‬في‭ ‬صالح‭ ‬العمالة‭ ‬المنزلية‭ ‬ولا‭ ‬تنصف‭ ‬رب‭ ‬العمل‭. ‬وسبب‭ ‬إثارتي‭ ‬لهذا‭ ‬الموضوع‭ ‬هو‭ ‬استكمال‭ ‬بعض‭ ‬النواقص‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬أتطرق‭ ‬اليها‭ ‬في‭ ‬المقال‭ ‬السابق،‭ ‬إذ‭ ‬من‭ ‬المعلوم‭ ‬أن‭ ‬حقوق‭ ‬الانسان‭ ‬تنقسم‭ ‬الى‭ ‬حقوق‭ ‬أساسية‭ ‬مهمة‭ ‬ولازمة‭ ‬وضرورية‭ ‬لحياته،‭ ‬وحقوق‭ ‬غير‭ ‬أساسية‭ ‬غير‭ ‬مرتبطة‭ ‬بحياة‭ ‬الانسان،‭ ‬وتُعد‭ ‬من‭ ‬قبيل‭ ‬الرفاهية،‭ ‬وتشمل‭ ‬تكوين‭ ‬الجمعيات‭ ‬والنقابات،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬تكوينها‭ ‬مرتبط‭ ‬بالحاجة‭ ‬إليها‭ ‬والضرورة‭ ‬التي‭ ‬تقتضيها،‭ ‬فإذا‭ ‬لم‭ ‬توجد‭ ‬حاجة‭ ‬أو‭ ‬ضرورة‭ ‬جاز‭ ‬للجهة‭ ‬المختصة‭ ‬رفض‭ ‬إنشائها،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬إنشاء‭ ‬النقابات‭ ‬وفقاً‭ ‬لقانونه‭ ‬مرتبط‭ ‬بالمخاطبين‭ ‬بأحكام‭ ‬قانون‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الاهلي،‭ ‬القانون‭ ‬البحري‭ ‬وقانون‭ ‬الخدمة‭ ‬المدنية،‭ ‬وأن‭ ‬قانون‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الاهلي‭ ‬قد‭ ‬استثنى‭ ‬خدم‭ ‬المنازل‭ ‬من‭ ‬الخضوع‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬ثُلثي‭ ‬أحكامه،‭ ‬ولهذا‭ ‬السبب‭ ‬مُعززاً‭ ‬ببقية‭ ‬الأسباب‭ ‬التي‭ ‬سبق‭ ‬ذكرها‭ ‬في‭ ‬المقال‭ ‬السابق،‭ ‬يبدو‭ ‬جلياً‭ ‬عدم‭ ‬قانونية‭ ‬تكوين‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬النقابة‭.‬

والموضوع‭ ‬الثاني‭ ‬هو‭ ‬مادة‭ ‬حقوق‭ ‬الانسان‭ ‬التي‭ ‬تُدرّس‭ ‬في‭ ‬الجامعات‭ ‬باعتبارها‭ ‬مادة‭ ‬مشتركة،‭ ‬والتي‭ ‬أرى‭ ‬أنها‭ ‬مادة‭ ‬مهمة‭ ‬جداً‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬نشر‭ ‬التوعية‭ ‬وتعزيز‭ ‬ثقافة‭ ‬حقوق‭ ‬الانسان،‭ ‬ذلك‭ ‬ان‭ ‬الساعات‭ ‬المعتمدة‭ ‬للمادة‭ ‬في‭ ‬معظم‭ ‬الجامعات‭ ‬لا‭ ‬تفي‭ ‬هذه‭ ‬المادة‭ ‬حقها‭ ‬باعتبارها‭ ‬من‭ ‬المواد‭ ‬المهمة‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬المعرفة‭ ‬للطالب،‭ ‬حيث‭ ‬يتعرف‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬حقوقه‭ ‬التي‭ ‬أقرتها‭ ‬المواثيق‭ ‬الدولية‭ ‬وتطبيقاتها‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين،‭ ‬لذا‭ ‬فإن‭ ‬الساعات‭ ‬المحددة‭ ‬للمادة‭ ‬غير‭ ‬كافية‭ ‬للمرور‭ ‬على‭ ‬القواعد‭ ‬الدولية‭ ‬والقانون‭ ‬الوطني‭ ‬بشكل‭ ‬معقول‭ ‬وكافٍ،‭ ‬لذا‭ ‬فإنني‭ ‬أقترح‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬الالتفات‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬وتوحيد‭ ‬الساعات‭ ‬المعتمدة‭ ‬وقيمتها‭ ‬الأكاديمية‭ ‬للطالب‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬جامعات‭ ‬المملكة‭ ‬لتحقيق‭ ‬مستويات‭ ‬متساوية،‭ ‬ولتعزيز‭ ‬ثقافة‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬لدى‭ ‬طلبة‭ ‬الجامعة‭ ‬بشكل‭ ‬ملائم‭.‬

Hanadi‭_‬aljowder@hotmail‭.‬com

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا