العدد : ١٧٠٥٥ - الاثنين ٠٢ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠١ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٥٥ - الاثنين ٠٢ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠١ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

مقالات

مدونة مي زيادة
قليل من الشفافية وكثير من الجمال

مي‭ ‬زيادة

السبت ٠١ يوليو ٢٠٢٣ - 02:00

الشفافية‭ ‬تعد‭ ‬آلية‭ ‬إلزامية‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الدولة‭ ‬وسلطاتها‭ ‬وأجهزتها‭ ‬الرسمية،‭ ‬كما‭ ‬هي‭ ‬إلزامية‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬قطاع‭ ‬الأعمال‭ ‬والمال،‭ ‬ومستوى‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني،‭ ‬والمنظمات‭ ‬غير‭ ‬الحكومية‭ ‬وغير‭ ‬الربحية‭... ‬وللشفافية‭ ‬قيمة‭ ‬أخلاقية‭ ‬وإدارية‭ ‬مهمة،‭ ‬إذ‭ ‬كما‭ ‬هي‭ ‬آلية‭ ‬لحماية‭ ‬الدولة‭ ‬والمجتمع‭ ‬من‭ ‬الفساد‭ ‬المالي‭ ‬والإداري،‭ ‬فإنها‭ ‬ايضاً‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬خلق‭ ‬الثقة‭ ‬والاحترام‭ ‬المتبادل‭ ‬بين‭ ‬الدولة‭ ‬والمجتمع،‭ ‬وتقلل‭ ‬الفجوة‭ ‬بين‭ ‬الحكومة‭ ‬وفئات‭ ‬الشعب‭... ‬وغيرها‭... ‬وكذلك‭ ‬للشفافية‭ ‬دور‭ ‬في‭ ‬كشف‭ ‬مستويات‭ ‬الأداء،‭ ‬وممكن‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬من‭ ‬أدوات‭ ‬التقييم‭ ‬الإداري‭ ‬والمعرفي‭ ‬للمؤسسة‭ ‬وقائدها،‭ ‬سواء‭ ‬كان‭ ‬القائد‭ ‬وزيراً،‭ ‬رئيس‭ ‬شركة،‭ ‬رئيس‭ ‬ناد،‭ ‬أو‭ ‬جمعية‭.‬

في‭ ‬جميع‭ ‬الأحوال‭ ‬فإن‭ ‬الشفافية‭ ‬آلية‭ ‬إدارية‭ ‬ملزمة،‭ ‬تلتزم‭ ‬بها‭ ‬المجتمعات‭ ‬الحديثة‭ ‬والمتقدمة،‭ ‬وتستخدمها‭ ‬الحكومات‭ ‬الواثقة‭ ‬في‭ ‬أدائها‭ ‬وقوتها‭ ‬لصالحها،‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬تقارير‭ ‬المدققين‭ ‬أو‭ ‬الرقابة‭ ‬والمحاسبة‭ ‬المالية‭ ‬والإدارية‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬ترافقها‭ ‬سلسلة‭ ‬عملية‭ ‬في‭ ‬الأداء‭ ‬الشفاف،‭ ‬والتواصل‭ ‬المباشر‭.‬

فكيف‭ ‬يتلمس‭ ‬الشعب‭ ‬هذه‭ ‬الشفافية؟‭ ‬وكيف‭ ‬يمكن‭ ‬للدولة‭ ‬بكافة‭ ‬قطاعاتها‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬شفافة‭ ‬قولاً‭ ‬وفعلاً،‭ ‬ولا‭ ‬تكون‭ ‬الشفافية‭ ‬مجرد‭ ‬شعار،‭ ‬دون‭ ‬مستوى‭ ‬الفعل؟؟‭ ‬

مثلاً‭: ‬هناك‭ ‬أرقام‭ ‬وتقارير‭ ‬تُتداول‭ ‬حول‭ ‬أداء‭ ‬العمل‭ ‬الحكومي،‭ ‬وبكافة‭ ‬قطاعاته،‭ ‬الاقتصاد‭ ‬والعمل‭ ‬والتجارة‭ ‬والإسكان‭ ‬والتنمية‭ ‬والتعليم‭ ‬والصحة‭ ‬وغيرها‭.. ‬وهي‭ ‬تقارير‭ ‬بمجملها‭ ‬إيجابية،‭ ‬رغم‭ ‬ارتفاع‭ ‬معدلات‭ ‬التضخم‭ ‬الاقتصادي‭ ‬وتراجع‭ ‬معدلات‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادي‭ ‬وارتفاع‭ ‬اسعار‭ ‬السلع‭ ‬والخدمات،‭ ‬عالمياً‭. ‬وهنا‭ ‬تبقى‭ ‬الأرقام‭ ‬والتقارير‭ ‬الايجابية‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬اوراق‭ ‬رسمية‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬تُناقش‭ ‬بشفافية‭ ‬في‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬المحلية‭ ‬لتصبح‭ ‬أكثر‭ ‬اقناعاً‭ ‬لعامة‭ ‬الناس،‭ ‬ولمنع‭ ‬تأويلها‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬يسيء‭ ‬لأداء‭ ‬الدولة‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭... ‬بل‭ ‬على‭ ‬العكس،‭ ‬لتعمل‭ ‬هذه‭ ‬الشفافية‭ ‬على‭ ‬بناء‭ ‬جسور‭ ‬الثقة‭ ‬المطلوبة‭ ‬والاحترام‭ ‬المتبادل‭ ‬بين‭ ‬الحكومة‭ ‬والشعب‭.‬

إن‭ ‬أهم‭ ‬أدوات‭ ‬الشفافية‭ ‬هو‭ ‬التواصل‭ ‬والاتصال،‭ ‬أي‭ ‬الإعلام،‭ ‬وعندما‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬شفافية‭ ‬الدولة،‭ ‬فإننا‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬الاتصال‭ ‬والتواصل‭ ‬المباشر‭ ‬عبر‭ ‬الحكومة‭ ‬والوزراء‭ ‬مباشرة،‭ ‬أو‭ ‬عبر‭ ‬متحدثين‭ ‬رسميين‭ ‬للحكومة‭ ‬ولكل‭ ‬مؤسسة‭ ‬أو‭ ‬وزارة‭ ‬أمام‭ ‬الصحافة‭ ‬المفتوحة‭ ‬والأطراف‭ ‬المعنية‭ ‬بالموضوع،‭ ‬ليكون‭ ‬الحديث‭ ‬متبادلاً،‭ ‬بمعنى‭ ‬أن‭ ‬يستمع‭ ‬الطرفان‭ ‬لبعضهما،‭ ‬ولا‭ ‬يكون‭ ‬حديثاً‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬واحد،‭ ‬وكأنه‭ ‬حوار‭ ‬الطرشان‭... ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬توفير‭ ‬أرقام‭ ‬هواتف‭ ‬ساخنة‭ ‬مفتوحة‭ ‬للتواصل‭ ‬المتبادل‭ ‬بين‭ ‬ممثلي‭ ‬الوزارات‭ ‬ووسائل‭ ‬الاعلام‭ ‬المختلفة‭.‬

إن‭ ‬الإعلام‭ ‬يعد‭ ‬أهم‭ ‬آليات‭ ‬التواصل‭ ‬بين‭ ‬الدولة‭ ‬والشعب،‭ ‬بشرط‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬إعلاماً‭ ‬أخلاقياً‭ ‬مهنياً‭ ‬مثقفاً‭ ‬حراً‭ ‬واعياً‭ ‬وحامياً‭ ‬لمصالح‭ ‬الوطن،‭ ‬قديراً‭ ‬ومدعوماً‭ ‬ومحمياً‭ ‬بالقانون‭... ‬ولا‭ ‬يمنع‭ ‬هذا‭ ‬وجود‭ ‬آليات‭ ‬أخرى‭ ‬للشفافية‭ ‬تملك‭ ‬بعض‭ ‬الأهمية‭.‬

وعبر‭ ‬الإعلام‭ ‬تفتح‭ ‬الحكومات‭ ‬أبوابها‭ ‬على‭ ‬الشعوب،‭ ‬لإيصال‭ ‬رسالتها،‭ ‬وتستمع‭ ‬إلى‭ ‬الرد‭ ‬عليها،‭ ‬في‭ ‬محاكاة‭ ‬متبادلة‭ ‬تفيد‭ ‬الطرفين،‭ ‬وتخفف‭ ‬من‭ ‬حدة‭ ‬التذمر‭ ‬والتنمر‭ ‬الذي‭ ‬يجتاح‭ ‬المجتمع،‭ ‬كما‭ ‬تخفف‭ ‬من‭ ‬حدة‭ ‬الاختراقات‭ ‬التي‭ ‬تستهدف‭ ‬بلادنا‭ ‬من‭ ‬الخارج‭.‬

وهنا‭ ‬نحن‭ ‬بحاجة‭ ‬للتأكيد‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬استماع‭ ‬الطرفين‭ ‬لبعضهما‭ ‬في‭ ‬كافة‭ ‬القضايا‭ ‬المطروحة‭ ‬والتي‭ ‬تمس‭ ‬حياة‭ ‬الناس‭ ‬والمجتمع‭ ‬المحلي،‭ ‬بهدف‭ ‬تخفيف‭ ‬حدة‭ ‬النقمة‭ ‬التي‭ ‬تسود‭ ‬بسبب‭ ‬تدهور‭ ‬بعض‭ ‬من‭ ‬الأحوال‭ ‬المعيشية،‭ ‬وإلا‭ ‬فإن‭ ‬استمرار‭ ‬التذمر‭ ‬الذي‭ ‬يجتاح‭ ‬المجالس‭ ‬ووسائل‭ ‬التواصل،‭ ‬واستمرار‭ ‬المحرضين‭ ‬على‭ ‬التحريض‭ ‬على‭ ‬التذمر،‭ ‬سيكون‭ ‬سببا‭ ‬في‭ ‬رفع‭ ‬وتيرة‭ ‬الغضب،‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬تجد‭ ‬لها‭ ‬متنفساً‭.‬

فهل‭ ‬تستحق‭ ‬بحريننا‭ ‬الجميلة،‭ ‬بأمنها‭ ‬وأمانها‭ ‬وخيراتها‭ ‬وعطائها‭ ‬الراقي،‭ ‬هذا‭ ‬التذمر‭ ‬السائد‭ ‬بين‭ ‬الناس،‭ ‬والسوداوية‭ ‬المشوهة‭ ‬للحقائق‭... ‬فعلاً‭ ‬لا‭ ‬تستحق‭ ‬البحرين‭ ‬هذا‭ ‬التشويه،‭ ‬فقط‭ ‬أعطونا‭ ‬القليل‭ ‬من‭ ‬الشفافية‭ ‬نعطيكم‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الجمال‭.‬

وهنا‭ ‬أعود‭ ‬إلى‭ ‬سؤالي‭ ‬الأزلي،‭ ‬لماذا؟‭.. ‬نعم‭ ‬لماذا‭ ‬لا‭ ‬تنزل‭ ‬الحكومة‭ ‬ووزراؤها‭ ‬إلى‭ ‬مستوى‭ ‬الناس‭ ‬ليتحدثوا‭ ‬معهم‭ ‬على‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام،‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬اضطروا‭ ‬للظهور‭ ‬يومياً؟،‭ ‬هل‭ ‬لا‭ ‬يعرفون‭ ‬الحديث‭ ‬في‭ ‬الإعلام،‭ ‬أم‭ ‬لا‭ ‬يملكون‭ ‬هذا‭ ‬القرار؟

بإمكاننا‭ ‬وضع‭ ‬أجوبة‭ ‬لتساؤلاتنا،‭ ‬ولكن‭ ‬نفضل‭ ‬أن‭ ‬نستمع‭ ‬إلى‭ ‬المعنيين‭ ‬بها‭...‬

وإلى‭ ‬حين‭ ‬معرفة‭ ‬الرد‭ ‬المقنع‭ ‬على‭ ‬تساؤلاتنا،‭ ‬سيبقى‭ ‬للحديث‭ ‬بقية‭..‬

 

مي‭ ‬زيادة

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا