العدد : ١٦٨٥٩ - الاثنين ٢٠ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ١٢ ذو القعدة ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٥٩ - الاثنين ٢٠ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ١٢ ذو القعدة ١٤٤٥هـ

مقالات

المحاماة والشهادات الاحترافية

بقلم: المحامية د. هنادي عيسى الجودر

الأحد ١٨ يونيو ٢٠٢٣ - 02:00

القراء‭ ‬الأعزاء،‭ ‬

تلعب‭ ‬الصدف‭ ‬دوراً‭ ‬هاماً‭ ‬في‭ ‬حياتنا‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬الأصعدة،‭ ‬ولعل‭ ‬دورها‭ ‬في‭ ‬الأسبوع‭ ‬الماضي‭ ‬قد‭ ‬انصبّ‭ ‬على‭ ‬موضوع‭ ‬مهنة‭ ‬المحاماة،‭ ‬تلك‭ ‬المهنة‭ ‬الإنسانية‭ ‬الرفيعة‭ ‬المستوى،‭ ‬وهي‭ ‬كذلك‭ ‬بالتأكيد،‭ ‬رُغماً‭ ‬عمن‭ ‬يُشكك‭ ‬في‭ ‬ذمم‭ ‬المحامين‭ ‬ولا‭ ‬يقيم‭ ‬لدورهم‭ ‬وزناً،‭ ‬حتى‭ ‬كاد‭ ‬ابداء‭ ‬الرأي‭ ‬القانوني‭ ‬ينحو‭ ‬نحو‭ ‬المثل‭ ‬الشعبي‭ (‬اربط‭ ‬صبعك‭. ‬وكل‭ ‬واحد‭ ‬بينعت‭ ‬لك‭ ‬دوا‭)‬،‭ ‬ولكن‭ ‬من‭ ‬الجدير‭ ‬بالذكر‭ ‬بأن‭ ‬إدراك‭ ‬أهمية‭ ‬الاستعانة‭ ‬بالمحامي‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الوعي،‭ ‬فكلما‭ ‬ارتفع‭ ‬مستوى‭ ‬الوعي‭ ‬لدى‭ ‬الأشخاص‭ ‬ازداد‭ ‬مستوى‭ ‬إدراكهم‭ ‬لأهمية‭ ‬الرأي‭ ‬القانوني‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬خطوة‭ ‬يخطونها‭ ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬قرار‭ ‬يتخذونه‭ ‬ولاسيما‭ ‬الجوهرية‭ ‬منها‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬الأسرة‭ ‬والحالة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬وابرام‭ ‬العقود‭ ‬وإدارة‭ ‬النزاعات‭ ‬وغيرها‭.‬

ويصدف‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الاحتفال‭ ‬بمناسبة‭ ‬يوم‭ ‬المحامي‭ ‬البحريني‭ ‬في‭ ‬الخامس‭ ‬عشر‭ ‬من‭ ‬يونيو‭ ‬لكل‭ ‬عام،‭ ‬فمبارك‭ ‬لجميع‭ ‬المحامين‭ ‬هذا‭ ‬الاحتفاء‭ ‬مع‭ ‬أمنيات‭ ‬التوفيق‭ ‬والسداد‭ ‬لما‭ ‬فيه‭ ‬الخير‭ ‬والصلاح‭ ‬وحفظ‭ ‬حقوق‭ ‬موكليهم‭ ‬والدفاع‭ ‬عنها‭ ‬بكل‭ ‬صدق‭ ‬وأمانة،‭ ‬والارتباط‭ ‬الوثيق‭ ‬بين‭ ‬مهنة‭ ‬المحاماة‭ ‬وبين‭ ‬كليات‭ ‬الحقوق‭ ‬ومخرجاتها‭ ‬يجرّني‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬قبل‭ ‬يومين‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المناسبة‭.‬

فقد‭ ‬كان‭ ‬لوفد‭ ‬من‭ ‬أعضاء‭ ‬مجلس‭ ‬إدارة‭ ‬جمعية‭ ‬الحقوقيين‭ ‬فرصة‭ ‬وشرف‭ ‬الالتقاء‭ ‬بسعادة‭ ‬وزير‭ ‬الشئون‭ ‬القانونية‭ ‬السيد‭ ‬يوسف‭ ‬عبدالحسين‭ ‬خلف‭ ‬في‭ ‬منتصف‭ ‬الأسبوع‭ ‬لبحث‭ ‬أوجه‭ ‬التعاون‭ ‬المشترك‭ ‬تعزيزاً‭ ‬لمبدأ‭ ‬الشراكة‭ ‬المجتمعية‭ ‬بين‭ ‬المؤسسات‭ ‬الحكومية‭ ‬ومنظمات‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني،‭ ‬ولعل‭ ‬أهم‭ ‬موضوعين‭ ‬يجدر‭ ‬تسليط‭ ‬الضوء‭ ‬عليهما‭ ‬هما‭ ‬موضوع‭ ‬تنظيم‭ ‬تخصص‭ ‬القانون‭ ‬في‭ ‬جامعات‭ ‬البحرين،‭ ‬وموضوع‭ ‬الشهادات‭ ‬الاحترافية‭ ‬وأهميتها‭ ‬لفاعلية‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭ ‬البحريني‭.‬

فالموضوع‭ ‬الأول‭ ‬المتعلق‭ ‬بأعداد‭ ‬طلبة‭ ‬الحقوق‭ (‬القانون‭) ‬ممن‭ ‬ما‭ ‬زالوا‭ ‬على‭ ‬مقاعد‭ ‬الدراسة‭ ‬وأعداد‭ ‬الخريجين‭ ‬الذين‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬لهم‭ ‬فرص‭ ‬مواتية‭ ‬لاستيعابهم‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬تخصصهم،‭ ‬وهو‭ ‬من‭ ‬المواضيع‭ ‬المهمة‭ ‬جداً‭ ‬باعتباره‭ ‬مرتبط‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬بالحق‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬وبالمستوى‭ ‬المعيشي‭ ‬للمواطن‭.‬

‭ ‬ومن‭ ‬المعلوم‭ ‬بأن‭ ‬أعداد‭ ‬طلبة‭ ‬كليات‭ ‬الحقوق‭ ‬وخريجيها‭ ‬قد‭ ‬فاق‭ ‬بكثير‭ ‬حاجة‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭ ‬بدليل‭ ‬أعداد‭ ‬خريجي‭ ‬الحقوق‭ ‬العاطلين‭ ‬عن‭ ‬العمل‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬كون‭ ‬البعض‭ ‬منهم‭ ‬قد‭ ‬التحق‭ ‬بالعمل‭ ‬كمدرس‭ ‬لمواد‭ ‬تعليمية‭ ‬في‭ ‬مدارس‭ ‬وزارة‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم،‭ ‬بعيداً‭ ‬كل‭ ‬البُعد‭ ‬عن‭ ‬الممارسة‭ ‬المجدية‭ ‬والملائمة‭ ‬لتخصصهم‭ ‬الأصلي‭ ‬والذي‭ ‬دفع‭ ‬الطالب‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬عمره‭ ‬بجانب‭ ‬أموال‭ ‬والديه‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬مؤهله‭ ‬العلمي‭.‬

ونحن‭ ‬هنا‭ ‬أمام‭ ‬مشكلة‭ ‬حقيقية‭ (‬لأن‭ ‬هناك‭ ‬خريجو‭ ‬تخصصات‭ ‬أخرى‭ ‬يعانون‭ ‬مما‭ ‬يعانيه‭ ‬خريجو‭ ‬كليات‭ ‬الحقوق‭)‬،‭ ‬فبما‭ ‬أن‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭ ‬لا‭ ‬يستوعب‭ ‬خريجي‭ ‬تخصص‭ ‬ما،‭ ‬فإنه‭ ‬من‭ ‬الواجب‭ ‬على‭ ‬مُتّخذي‭ ‬القرار‭ ‬أن‭ ‬يُعيدوا‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬استمرار‭ ‬هذا‭ ‬التخصص‭ ‬في‭ ‬الجامعات‭ ‬الوطنية‭ ‬وأن‭ ‬يوقفوا‭ ‬البعثات‭ ‬والمنح‭ ‬وطلبات‭ ‬الدراسة‭ ‬على‭ ‬نفقة‭ ‬الطلبة‭ ‬الخاصة‭ ‬في‭ ‬الخارج،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يعاود‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭ ‬الحاجة‭ ‬لها‭ ‬بعد‭ ‬زمن،‭ ‬بل‭ ‬ويتوجب‭ ‬عليه‭ ‬توجيه‭ ‬مخصصات‭ ‬هذه‭ ‬التخصصات‭ ‬إلى‭ ‬تخصصات‭ ‬أخرى‭ ‬تفي‭ ‬بحاجة‭ ‬سوق‭ ‬العمل،‭ ‬هذا‭ ‬ويُحتسب‭ ‬لجامعة‭ ‬البحرين‭ ‬توجهها‭ ‬إلى‭ ‬تقليل‭ ‬قبول‭ ‬المستجدين‭ ‬من‭ ‬طلبة‭ ‬الكلية‭ ‬وهي‭ ‬خطوة‭ ‬علاجية‭ ‬جزئياً‭ ‬لهذه‭ ‬المشكلة‭.‬

ولا‭ ‬يقف‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع‭ ‬عند‭ ‬هذا‭ ‬الحد،‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بدراسة‭ ‬الحقوق،‭ ‬بل‭ ‬يمتد‭ ‬إلى‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬إجازة‭ ‬المحاماة‭ ‬ومرحلة‭ ‬التدريب‭ ‬بما‭ ‬تتضمنه‭ ‬من‭ ‬تفاصيل،‭ ‬هي‭ ‬في‭ ‬حد‭ ‬ذاتها‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬إعادة‭ ‬مراجعة‭ ‬وتدقيق‭ ‬بحيث‭ ‬لا‭ ‬يتم‭ ‬اغراق‭ ‬المهنة‭ ‬بالكم‭ ‬دون‭ ‬مراعاة‭ ‬للكيف‭. ‬

والموضوع‭ ‬الثاني‭ ‬هو‭ ‬الشهادات‭ ‬الاحترافية‭ ‬وأهميتها‭ ‬لسوق‭ ‬العمل‭ ‬ولا‭ ‬سيما‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬المتغيرات‭ ‬العصرية‭ ‬والاعتماد‭ ‬على‭ ‬التكنلوجيا‭ ‬الحديثة‭  ‬ومنها‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي،‭ ‬ومن‭ ‬الصدف‭ ‬أيضا‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬موضوع‭ ‬الشهادات‭ ‬الاحترافية‭ ‬موضوعاً‭ ‬حواريا‭ ‬قام‭ ‬بتصويره‭ ‬الزميل‭ ‬مشعل‭ ‬الذوادي‭ ‬قبل‭ ‬ثلاثة‭ ‬أشهر،‭ ‬حيث‭ ‬قام‭ ‬بإجراء‭ ‬استفتاء‭ ‬حول‭ ‬أهمية‭ ‬الشهادة‭ ‬الاحترافية‭ ‬وقيمتها،‭ ‬ولا‭ ‬شك‭ ‬بأن‭ ‬الاحتراف‭ ‬مهم‭ ‬جداً‭ ‬في‭ ‬المهنة‭ ‬وبأن‭ ‬وجود‭ ‬شهادة‭ ‬عليه‭ ‬يُعد‭ ‬مفتاحاً‭ ‬لأبواب‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭ ‬المتعلقة‭ ‬بها،‭ ‬ومع‭ ‬الأخذ‭ ‬بالاعتبار‭ ‬أهمية‭ ‬الخبرة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الشأن،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع‭ ‬يواجه‭ ‬تحدياً‭ ‬كبيراً،‭ ‬يتعلق‭ ‬بضرورة‭ ‬وجود‭ ‬جهة‭ ‬أكاديمية‭ ‬مؤهلة‭ ‬لإصدار‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الشهادات‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬يحصل‭ ‬عليها‭ ‬الفرد‭ ‬إلا‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬يجتاز‭ ‬وقتا‭ ‬كافيا‭ ‬من‭ ‬التعليم‭ ‬النظري‭ ‬والعملي‭ ‬بحيث‭ ‬يكتسب‭ ‬العلم‭ ‬والمعرفة‭ ‬والتدريب‭ ‬معاً‭  ‬بلا‭ ‬تهاون،‭ ‬ويكون‭ ‬خلاصة‭ ‬ذلك‭ ‬نيل‭ ‬الشهادة‭ ‬الاحترافية،‭ ‬كما‭ ‬يتعلق‭ ‬أيضا‭  ‬بمصداقية‭ ‬هذه‭ ‬الجهة‭ ‬الاكاديمية‭  ‬وأن‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬الكسب‭ ‬المادي‭ ‬هو‭ ‬جُلّ‭ ‬اهتمامها،‭ ‬فقد‭ ‬سئم‭ ‬واقعنا‭ ‬من‭ ‬الحوانيت‭ ‬ومن‭ ‬الجهات‭ ‬غير‭ ‬الموثوقة‭ ‬التي‭ ‬تصدر‭ ‬الشهادات‭ ‬الاكاديمية‭ ‬والاحترافية‭ ‬وتمنح‭ ‬الألقاب‭ ‬العلمية‭ ‬المتخصصة‭ ‬والفخرية‭ ‬مقابل‭ ‬حفنة‭ ‬دولارات‭ ‬لأشخاص‭ ‬لا‭ ‬جهد‭ ‬يُذكر‭ ‬لهم‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬العلم‭ ‬أو‭ ‬المعرفة‭ ‬أو‭ ‬الإنسانية،‭ ‬ونأمل‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬حراك‭ ‬دولي‭ ‬يوقف‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الممارسات‭ ‬التي‭ ‬تسيئ‭ ‬للعلم‭ ‬وللشهادات‭ ‬الاكاديمية‭ ‬والاحترافية،‭ ‬بجانب‭ ‬الحراك‭ ‬الوطني‭ ‬يقضي‭ ‬على‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الظواهر‭ ‬السلبية‭.‬

Hanadi‭_‬aljowder@hotmail‭.‬com

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا