العدد : ١٧٠٥٥ - الاثنين ٠٢ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠١ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٥٥ - الاثنين ٠٢ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠١ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

مقالات

مدونة مي زيادة
لماذا بيروقراطياتنا تفتقد الفكر..

السبت ٠٣ يونيو ٢٠٢٣ - 02:00

نتيجة‭ ‬مهمة‭ ‬جدا‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬وصل‭ ‬إليها‭ ‬السيد‭ ‬رئيس‭ ‬تحرير‭ ‬‮«‬أخبار‭ ‬الخليج‮»‬‭ ‬في‭ ‬كلمته‭ ‬الافتتاحية‭ ‬بتاريخ‭ ‬30‭ ‬مايو‭ ‬2023‭ ‬العدد‭ (‬16503‭) ‬وهو‭ ‬يتحدث‭ ‬حول‭ ‬مناقشة‭ ‬السلطة‭ ‬التشريعية‭ ‬والتنفيذية‭ ‬الميزانية‭ ‬العامة‭ ‬للسنتين‭ ‬2023‭-‬2024‭: ‬‮«‬إن‭ ‬البيروقراطية‭ ‬الرسمية‭ ‬تفتقد‭ ‬المفكرين‭ ‬الذين‭ ‬يتحلون‭ ‬ببعد‭ ‬النظر‭ ‬والـذيـن‭ ‬يـرشـدون‭ ‬رؤسـاءهـم‭ ‬بـالـضـروريـات‭ ‬الـتـي‭ ‬نحتاج‭ ‬إليها‭ ‬فـي‭ ‬بناء‭ ‬مجتمع‭ ‬منتج،‭ ‬كما‭ ‬مرت‭ ‬مجتمعات‭ ‬أخرى‭ ‬بهذه‭ ‬التجارب‭ ‬ونجحت‭ ‬في‭ ‬ذلـك،‭ ‬ولنا‭ ‬في‭ ‬هونج‭ ‬كونج‭ ‬وسنغافورة‭ ‬مثال‭ ‬جلي،‭ ‬فهما‭ ‬دولتان‭ ‬وصلتا‭ ‬إلى‭ ‬آفاق‭ ‬متطورة‭ ‬اقتصاديا‭ ‬رغم‭ ‬أنهما‭ ‬لا‭ ‬تمتلكان‭ ‬أيا‭ ‬من‭ ‬المواد‭ ‬الخام‮»‬‭ (‬انتهى‭ ‬الاقتباس‭)... ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الفقرة‭ ‬الصغيرة‭ ‬طرح‭ ‬الكاتب‭ ‬موضوعا‭ ‬في‭ ‬غاية‭ ‬الأهمية،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬مر‭ ‬على‭ ‬الجمهور‭ ‬المتلقي‭ ‬مرور‭ ‬الكرام،‭ ‬رغم‭ ‬أهميته‭ ‬الشديدة‭.‬

ولمناقشة‭ ‬هذه‭ ‬المحصلة‭ ‬التي‭ ‬وصل‭ ‬إليها‭ ‬السيد‭ ‬رئيس‭ ‬تحرير‭ ‬‮«‬أخبار‭ ‬الخليج‮»‬‭ ‬في‭ ‬مقاله‭ ‬القصير،‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭ ‬‮«‬ما‭ ‬بين‭ ‬الممكن‭ ‬والمأمول‮»‬،‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬نبدأ‭ ‬بالسؤال‭ ‬المهم‭ ‬والخطير،‭ ‬‮«‬لماذا؟‮»‬،‭ ‬نعم،‭ ‬لماذا‭ ‬البيروقراطية‭ ‬الرسمية‭ ‬في‭ ‬بلادنا‭ ‬تفتقد‭ ‬المفكرين؟‭! ‬أليس‭ ‬الفكر‭ ‬عمود‭ ‬كل‭ ‬بناء‭ ‬معرفي؟‭ ‬والمعرفة‭ ‬أساس‭ ‬نجاح‭ ‬كل‭ ‬مشروع‭ ‬وخطة‭ ‬ورؤية؟‭! ‬هل‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يعيش‭ ‬جسد‭ ‬دون‭ ‬عقل‭! ‬وهل‭ ‬ممكن‭ ‬لدولة‭ ‬أن‭ ‬تتقدم‭ ‬بدون‭ ‬مفكرين‭!‬

إن‭ ‬المفكرين‭ ‬ركيزة‭ ‬النهضة؛‭ ‬والعقل‭ ‬والمعرفة‭ ‬أساس‭ ‬التطور‭ ‬البشري،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬تخلف‭ ‬المجتمعات‭ ‬يعود‭ ‬أساسا‭ ‬إلى‭ ‬افتقارها‭ ‬إلى‭ ‬العقل‭ ‬المفَكِّر‭.‬

يا‭ ‬ترى‭ ‬كيف‭ ‬يمكن‭ ‬وضع‭ ‬الخطط‭ ‬والاستراتيجيات‭ ‬الطويلة‭ ‬والقصيرة‭ ‬الأجل‭ ‬بدون‭ ‬فكر‭ ‬ناضج‭ ‬معرفياً،‭ ‬وثقافياً،‭ ‬واجتماعياً‭... ‬وكيف‭ ‬يمكن‭ ‬بدون‭ ‬فكر‭ ‬ناضج‭ ‬معرفياً،‭ ‬وثقافياً،‭ ‬واجتماعياً،‭ ‬وضع‭ ‬الدراسات‭ ‬والبحوث‭ ‬حول‭ ‬السياسات‭ ‬والخيارات‭ ‬الوطنية،‭ ‬والتمييز‭ ‬بينها‭ ‬وبين‭ ‬دراسات‭ ‬ومقترحات‭ ‬صندوق‭ ‬النقد‭ ‬والبنك‭ ‬الدوليين،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬عرف‭ ‬العالم‭ ‬سوءاتهما‭!‬

أليس‭ ‬غريباً‭ ‬أنه‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬كانت‭ ‬البحرين‭ ‬منارة‭ ‬الثقافة‭ ‬والتعليم‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬منذ‭ ‬بدايات‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭ ‬إذ‭ ‬بنا‭ ‬نصل‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬الواحد‭ ‬والعشرين‭ ‬إلى‭ ‬حقيقة‭ ‬افتقار‭ ‬البحرين‭ ‬إلى‭ ‬المفكرين،‭ ‬وفي‭ ‬كافة‭ ‬القطاعات،‭ ‬العلمية‭ ‬والأدبية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والفلسفية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والقانونية‭ ‬والطبية‭ ‬والهندسية‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬العلوم‭!‬

أليس‭ ‬غريباً‭ ‬أنه‭ ‬بعد‭ ‬مرور‭ ‬مائة‭ ‬عام‭ ‬على‭ ‬التعليم‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬الدولة‭ ‬تستعين‭ ‬بالشركات‭ ‬الأجنبية‭ ‬لإصلاح‭ ‬مؤسسة‭ ‬التعليم‭ ‬وسوق‭ ‬العمل‭ ‬والاعلام،‭ ‬وغيرها،‭ ‬وبالرغم‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬الفشل‭ ‬ملازماً‭ ‬لكل‭ ‬هذه‭ ‬المؤسسات‭ ‬والقطاعات؟

أليس‭ ‬غريباً‭ ‬أنه‭ ‬بعد‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬نصف‭ ‬قرن‭ ‬على‭ ‬الاستقلال‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬الأجنبي‭ ‬هو‭ ‬المستشار‭ ‬المفضل‭ ‬لأصحاب‭ ‬القرار؟‭ ‬ولا‭ ‬تزال‭ ‬بيوت‭ ‬الخبرة‭ ‬الأجنبية‭ ‬هي‭ ‬صانعة‭ ‬البحوث‭ ‬والدراسات‭ ‬لشؤوننا‭ ‬الداخلية‭ ‬والخارجية‭!‬

أليس‭ ‬غريباً‭ ‬أنه‭ ‬بعد‭ ‬مرور‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬نصف‭ ‬قرن‭ ‬على‭ ‬تاريخ‭ ‬بناء‭ ‬أول‭ ‬مشروع‭ ‬اسكاني‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬القطاعان‭ ‬العام‭ ‬والخاص‭ ‬يعتمدان‭ ‬على‭ ‬شركات‭ ‬الاستشارات‭ ‬الهندسية‭ ‬الأجنبية‭ ‬لبناء‭ ‬البنية‭ ‬التحتية،‭ ‬ومشاريعنا‭ ‬الإسكانية‭ ‬الكبرى‭!‬

أليس‭ ‬غريباً‭ ‬ألا‭ ‬يصدر‭ ‬عن‭ ‬السلطة‭ ‬التشريعية‭ ‬أو‭ ‬التنفيذية‭ ‬ملخص‭ ‬اقتصادي‭ ‬مرموق،‭ ‬ومقنع،‭ ‬يحمل‭ ‬اسم‭ ‬اقتصادي‭ ‬بحريني‭ ‬مرموق،‭ ‬حول‭ ‬الحالة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬للبلاد‭ ‬عند‭ ‬مناقشة‭ ‬الميزانية‭ ‬العامة،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يفاجأ‭ ‬الشعب‭ ‬بإعلان‭ ‬الموافقة‭ ‬على‭ ‬رفع‭ ‬سقف‭ ‬الدين‭ ‬العام‭ ‬الذي‭ ‬يعد‭ ‬أخطر‭ ‬مؤشر‭ ‬على‭ ‬فشل‭ ‬خطة‭ ‬الموازنات‭ ‬العامة،‭ ‬ولا‭ ‬يعتبر‭ ‬التوافق‭ ‬بين‭ ‬السلطتين‭ ‬عليه‭ ‬‮«‬مبعثاً‭ ‬للبهجة‭ ‬والسرور‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬مبعث‭ ‬للخجل‭ ‬والفشل‮»‬‭... ‬هل‭ ‬حقاً‭ ‬تفتقر‭ ‬البحرين‭ ‬إلى‭ ‬المفكرين‭ ‬الاقتصاديين،‭ ‬الذين‭ ‬يُعتبرون‭ ‬أهم‭ ‬العقول‭ ‬في‭ ‬رسم‭ ‬سياسات‭ ‬الدول‭ ‬ورؤيتها‭ ‬للمستقبل‭!‬

نضع‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الملاحظات‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬نشاهد‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬أبنائنا‭ ‬يتم‭ ‬استقطابهم‭ ‬للعمل‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬والعالم،‭ ‬يستثمرون‭ ‬كفاءاتهم‭ ‬أفضل‭ ‬استثمار‭ ‬في‭ ‬بيئات‭ ‬عمل‭ ‬إبداعية،‭ ‬ويتم‭ ‬تقديرهم‭ ‬بأجور‭ ‬عالية،‭ ‬ويحققون‭ ‬النجاحات‭ ‬الكبيرة‭... ‬لهذا‭ ‬كانت‭ ‬ملاحظاتنا‭ ‬هنا‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬علامات‭ ‬تعجب‭!!‬،‭ ‬أكثر‭ ‬منها‭ ‬علامات‭ ‬تساؤل؟

لنصل‭ ‬إلى‭ ‬السؤال‭ ‬الأهم‭ ‬والأكبر‭ ‬وهو‭: ‬هل‭ ‬فعلاً‭ ‬تفتقر‭ ‬بلادنا‭ ‬إلى‭ ‬العقول‭ ‬المفكرة،‭ ‬أم‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬مرض‭ ‬عدم‭ ‬الثقة‭ ‬في‭ ‬العقل‭ ‬البحريني؟

إن‭ ‬كان‭ ‬الجواب‭ ‬‮«‬نعم‮»‬‭ ‬فتلك‭ ‬مصيبة،‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬الجواب‭ ‬‮«‬لا‮»‬‭ ‬فالمصيبة‭ ‬أعظمُ‭... ‬وأيا‭ ‬كان‭ ‬الجواب‭ ‬سيكون‭ ‬للحديث‭ ‬بقية‭.‬

تحياتي

مي‭ ‬زيادة

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا