العدد : ١٦٨٢٩ - السبت ٢٠ أبريل ٢٠٢٤ م، الموافق ١١ شوّال ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٢٩ - السبت ٢٠ أبريل ٢٠٢٤ م، الموافق ١١ شوّال ١٤٤٥هـ

مقالات

كلكم مسؤول عن رعيته

بقلم: المحامية د. هنادي عيسى الجودر

الأحد ٢٨ مايو ٢٠٢٣ - 02:00

القراء‭ ‬الأعزاء،‭ ‬

من‭ ‬الأحاديث‭ ‬النبوية‭ ‬التي‭ ‬تتكرر‭ ‬دائما‭ ‬هو‭ ‬قول‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭: ‬‮«‬كلكم‭ ‬راع‭ ‬وكلكم‭ ‬مسؤول‭ ‬عن‭ ‬رعيته‭. ‬فالإمام‭ ‬راع‭ ‬ومسؤول‭ ‬عن‭ ‬رعيته،‭ ‬والرجل‭ ‬راع‭ ‬في‭ ‬أهل‭ ‬بيته‭ ‬ومسؤول‭ ‬عن‭ ‬رعيته،‭ ‬والمرأة‭ ‬راعية‭ ‬على‭ ‬بيت‭ ‬زوجها‭ ‬وولده‭ ‬ومسؤولة‭ ‬عن‭ ‬رعيتها،‭ ‬والولد‭ ‬راع‭ ‬في‭ ‬مال‭ ‬أبيه‭ ‬ومسؤول‭ ‬عن‭ ‬رعيته،‭ ‬والخادم‭ ‬راع‭ ‬في‭ ‬مال‭ ‬سيده‭ ‬ومسؤول‭ ‬عن‭ ‬رعيته‮»‬‭.‬

وقد‭ ‬ورَدَ‭ ‬في‭ ‬موسوعة‭ ‬الأحاديث‭ ‬النبوية‭ ‬شرح‭ ‬لهذا‭ ‬الحديث‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬يعني‭ ‬‮«‬كلكم‭ ‬حافظ‭ ‬وأمين‭ ‬على‭ ‬رعيته‭ ‬ومحاسب‭ ‬عليها،‭ ‬فالحاكم‭ ‬مسؤول‭ ‬عن‭ ‬رعيته‭ ‬يوم‭ ‬القيامة،‭ ‬وكذلك‭ ‬الرجل‭ ‬مسؤول‭ ‬عن‭ ‬أهله‭ ‬يأمرهم‭ ‬بطاعة‭ ‬الله‭ ‬وينهاهم‭ ‬عن‭ ‬معصية‭ ‬الله‭ ‬ويقوم‭ ‬عليهم‭ ‬بما‭ ‬لهم‭ ‬من‭ ‬الحق،‭ ‬ومسؤول‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭ ‬يوم‭ ‬القيامة،‭ ‬والمرأة‭ ‬راعية‭ ‬على‭ ‬بيت‭ ‬زوجها‭ ‬بما‭ ‬يحفظه‭ ‬وكذلك‭ ‬على‭ ‬الأولاد،‭ ‬وهي‭ ‬مسؤولة‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭ ‬يوم‭ ‬القيامة،‭ ‬والعبد‭ ‬حافظ‭ ‬وأمين‭ ‬على‭ ‬مال‭ ‬سيده‭ ‬ومسؤول‭ ‬يوم‭ ‬القيامة‭ ‬عن‭ ‬ذلك،‭ ‬فالجميع‭ ‬مؤتمن‭ ‬وحافظ‭ ‬لما‭ ‬هو‭ ‬قائم‭ ‬عليه‭ ‬ومسؤول‭ ‬يوم‭ ‬القيامة‭ ‬عن‭ ‬ذلك‮»‬‭.‬

والخطاب‭ ‬النبوي‭ ‬الشريف‭ ‬يصلح‭ ‬للمسلمين‭ ‬ولغير‭ ‬المسلمين،‭ ‬وأستند‭ ‬إليه‭ ‬في‭ ‬مقالي‭ ‬لأن‭ ‬دين‭ ‬الدولة‭ ‬الإسلام‭ ‬والشريعة‭ ‬الإسلامية‭ ‬مصدر‭ ‬رئيسي‭ ‬للتشريع‭ ‬فيها،‭ ‬وعليه‭ ‬فإن‭ ‬كل‭ ‬شخص‭ ‬عامل‭ ‬أو‭ ‬مُكلف‭ ‬بعمل‭ ‬أصبح‭ ‬في‭ ‬موقع‭ ‬مسؤولية‭ ‬وبالأخص‭ ‬في‭ ‬المواقع‭ ‬المرتبطة‭ ‬بمصالح‭ ‬الآخرين‭ ‬فهو‭ ‬محاسب‭ ‬على‭ ‬رعاية‭ ‬وحماية‭ ‬المصالح‭ ‬التي‭ ‬يستهدفها‭ ‬موقعه‭ ‬الوظيفي،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬إنسان‭ ‬موجود‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الأرض‭ ‬هو‭ ‬مسؤول‭ ‬من‭ ‬جوانب‭ ‬عدة،‭ ‬عن‭ ‬عمله،‭ ‬عن‭ ‬أسرته‭ ‬وعن‭ ‬علاقاته‭ ‬المختلفة‭ ‬وتصرفاته‭ ‬القانونية‭ ‬وغير‭ ‬القانونية،‭ ‬وعليه‭ ‬الوفاء‭ ‬بمسؤولياته‭ ‬المتعددة‭ ‬بمستوى‭ ‬وبكفاءة‭ ‬تحميه‭ ‬وقت‭ ‬المساءلة‭ ‬عنها‭ ‬يوم‭ ‬القيامة‭.‬

والأكيد‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الحديث‭ ‬يتكرر‭ ‬كثيراً‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬مع‭ ‬اشتغال‭ ‬السلطتين‭ ‬التشريعية‭ ‬والتنفيذية‭ ‬على‭ ‬إقرار‭ ‬برنامج‭ ‬الحكومة‭ ‬والموازنة‭ ‬العامة،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬شغل‭ ‬المواطنين‭ ‬الشاغل‭ ‬منها‭ ‬هو‭ ‬موضوع‭ ‬تحسين‭ ‬مستوى‭ ‬معيشة‭ ‬المواطنين،‭ ‬وبالأخص‭ ‬موضوع‭ ‬زيادة‭ ‬رواتب‭ ‬الموظفين‭ ‬وغيره‭ ‬من‭ ‬المسائل‭ ‬التي‭ ‬تصبّ‭ ‬في‭ ‬الشأن‭ ‬ذاته‭.‬

ومن‭ ‬المعلوم‭ ‬أن‭ ‬اجتماعات‭ ‬اللجان‭ ‬والسلطتين‭ ‬على‭ ‬قدم‭ ‬وساق‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬إقرار‭ ‬ميزانية‭ ‬العامين‭ ‬الحالي‭ ‬والقادم‭ ‬إلا‭ ‬أنني‭ ‬يهمني‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد‭ ‬التعريج‭ ‬على‭ ‬ممارسات‭ ‬أعضاء‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬الفردية،‭ ‬حيث‭ ‬يخرج‭ ‬البعض‭ ‬منهم‭ ‬بشكل‭ ‬فردي‭ ‬عبر‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬بعد‭ ‬الاجتماعات‭ ‬لشرح‭ ‬الأوضاع‭ ‬وما‭ ‬لم‭ ‬يستطع‭ ‬تحقيقه‭ ‬من‭ ‬وعود‭ ‬انتخابية،‭ ‬وهو‭ ‬سلوك‭ ‬مقبول‭ ‬نسبياً‭ ‬باعتباره‭ ‬يخاطب‭ ‬به‭ ‬ناخبي‭ ‬دائرته‭ ‬ليوافيهم‭ ‬بجهوده‭ ‬المبذولة‭ -‬دون‭ ‬تحقيق‭ ‬نتائج‭ ‬تُذكر‭- ‬ليضمن‭ ‬إعادة‭ ‬انتخابه‭ ‬في‭ ‬المستقبل،‭ ‬ولكن‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬السلوك‭ ‬والتصريحات‭ ‬له‭ ‬دلالات‭ ‬تُنبئ‭ ‬بعدم‭ ‬التنسيق‭ ‬والتوافق‭ ‬بين‭ ‬الأعضاء‭ ‬أنفسهم،‭ ‬في‭ ‬موقع‭ ‬يقتضي‭ ‬التعاون‭ ‬فيما‭ ‬بينهم‭ ‬والاجماع‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬فيه‭ ‬مصلحة‭ ‬المواطن‭ ‬والعمل‭ ‬بروح‭ ‬الفريق‭ ‬الواحد‭ ‬الذي‭ ‬يسعى‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬نفس‭ ‬الأهداف،‭ ‬إذ‭ ‬لا‭ ‬شك‭ ‬أنهم‭ ‬على‭ ‬دراية‭ ‬بأن‭ ‬الصوت‭ ‬الواحد‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬ذا‭ ‬أثر‭ ‬في‭ ‬القرارات‭ ‬التي‭ ‬يتخذها‭ ‬المجلس‭ ‬وأن‭ ‬النتائج‭ ‬يُحققها‭ ‬اجتماع‭ ‬الأصوات،‭ ‬ولعل‭ ‬تصحيح‭ ‬هذا‭ ‬السلوك‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تفعيل‭ ‬دور‭ ‬المؤتمرات‭ ‬الصحفية‭ ‬التي‭ ‬تعقب‭ ‬الاجتماعات‭ ‬المهمة‭ ‬ومخاطبة‭ ‬الناخبين‭ ‬من‭ ‬خلالها‭.‬

وحيث‭ ‬إن‭ ‬تحسين‭ ‬المستوى‭ ‬المعيشي‭ ‬هو‭ ‬الموضوع‭ ‬الرئيسي‭ ‬الذي‭ ‬يتم‭ ‬تداوله‭ ‬بين‭ ‬الحكومة‭ ‬ومجلسي‭ ‬النواب‭ ‬والشورى،‭ ‬وهو‭ ‬حديث‭ ‬الشارع‭ ‬وهمّه‭ ‬الأكبر،‭ ‬فإنه‭ ‬من‭ ‬المهم‭ ‬الأخذ‭ ‬في‭ ‬الاعتبار‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تحقيقه‭ ‬وإغلاق‭ ‬ملفّه‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬المساعدات‭ ‬وعلاوات‭ ‬تحسين‭ ‬المستوى‭ ‬المعيشي‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تعدو‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬عطايا‭ ‬وهبات‭ ‬تبقى‭ ‬دائماً‭ ‬في‭ ‬مهب‭ ‬ريح‭ ‬المنح‭ ‬والمنع‭ ‬تبعاً‭ ‬للمتغيرات‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬وقد‭ ‬يتم‭ ‬حجبها‭ ‬تحت‭ ‬أي‭ ‬ظرف،‭ ‬إنما‭ ‬يتحقق‭ ‬التحسين‭ ‬الفعلي‭ ‬بتحسين‭ ‬الأصل‭ ‬والقاعدة،‭ ‬وهو‭ ‬أجر‭ ‬الموظف‭ ‬والعامل‭ ‬أولاً،‭ ‬وتوفير‭ ‬الوظائف‭ ‬للعاطلين‭ ‬من‭ ‬أبنائنا‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬الالتفات‭ ‬إلى‭ ‬مسألة‭ ‬تنظيم‭ ‬الضريبة‭ ‬وتقليص‭ ‬فئات‭ ‬المكلفين‭ ‬بها‭ ‬بحيث‭ ‬تُرفع‭ ‬عن‭ ‬كاهل‭ ‬ذوي‭ ‬الدخل‭ ‬المحدود،‭ ‬يعقبها‭ ‬مكافحة‭ ‬غلاء‭ ‬السلع‭ ‬الأساسية‭ ‬اللازمة‭ ‬للمواطن،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬إلغاء‭ ‬التدبير‭ ‬التراجعي‭ ‬الذي‭ ‬طال‭ ‬الضمان‭ ‬الاجتماعي‭ ‬الخاص‭ ‬بالمتقاعدين‭ ‬بوقف‭ ‬الزيادة‭ ‬السنوية‭ ‬المستحقة‭ ‬لهم‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الأصل‭ ‬بموجب‭ ‬القانون‭ ‬والتي‭ ‬أصبحت‭ ‬مكتسبة‭ ‬بحكم‭ ‬استقرارها‭ ‬بمضي‭ ‬السنوات،‭ ‬ويُعزز‭ ‬ذلك‭ ‬كونها‭ ‬تمثّل‭ ‬جزءا‭ ‬من‭ ‬مال‭ ‬الموظف،‭ ‬وقد‭ ‬تم‭ ‬اقتطاعه‭ ‬من‭ ‬أجره‭ ‬طوال‭ ‬مدة‭ ‬خدمته‭. ‬

وعليه،‭ ‬وعوداً‭ ‬على‭ ‬ذي‭ ‬بدء‭ ‬وعلى‭ ‬الحديث‭ ‬النبوي‭ ‬الشريف،‭ ‬فإننا‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬المؤسسات‭ ‬والقانون‭ ‬نأمل‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬راع‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬مسؤولاً‭ ‬عن‭ ‬رعيته‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬استخدام‭ ‬قنواته‭ ‬المقررة‭ ‬له‭ ‬دستوريا،‭ ‬تلك‭ ‬الرعية‭ ‬التي‭ ‬تؤمن‭ ‬بقيادتها‭ ‬وتحب‭ ‬وطنها‭ ‬ولا‭ ‬تبتغي‭ ‬سوى‭ ‬مستوى‭ ‬معيشي‭ ‬يحفظ‭ ‬لها‭ ‬كرامتها‭ ‬الإنسانية‭ ‬ومكانتها‭ ‬التاريخية‭ ‬ويمنحها‭ ‬بعضاً‭ ‬من‭ ‬الفرج‭ ‬وكثيرا‭ ‬من‭ ‬الفرح‭.‬

 

Hanadi‭_‬aljowder@hotmail‭.‬com

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا