واشنطن - (أ ف ب): يركز اليمين المتطرف الأمريكي كما الأوروبي هجماته منذ عقود على الملياردير الأمريكي اليهودي جورج سوروس، غير أن توجيه تهم جنائية مؤخرا إلى الرئيس السابق دونالد ترامب أطلق حملة جديدة من الأنباء الكاذبة ونظريات المؤامرة المعادية للسامية في حقه. ويمول سوروس منذ زمن طويل مشاريع تهدف إلى نشر الشفافية والديمقراطية في العالم، ما يجعل منه هدفا للمجموعات المتطرفة والجناح الأكثر تشددا في الحزب الجمهوري في الولايات المتحدة، ولا سيما في ظل الاستقطاب الكبير الذي يسود البلاد منذ خاض ترامب المجال السياسي معتمدا نهجا شعبويا.
ويتهم الرئيس السابق وأنصاره المتمول المجريّ الأصل بالتأثير على المدعي العام ألفين براغ الذي وجه إليه 34 تهمة لدى مثوله في الرابع من أبريل أمام المحكمة الجنائية في مانهاتن بنيويورك. والواقع أن جورج سوروس الذي يمول منظمات تصنف على أنها تقدّمية، قدم مليون دولار لجمعية «كولور أوف تشينج» التي تنشط من أجل المزيد من التنوع في المحاكم والنظام القضائي في الولايات المتحدة. ودعمت هذه المنظمة حملة براغ وهو أمريكي أسود لدى ترشحه لمنصب المدعي العام لولاية نيويورك في منطقة مانهاتن.
وكشف مدققون في صحة الأخبار يعملون لحساب وسائل إعلام أمريكية أن الجمعية أنفقت أقل من نصف مبلغ المليون دولار هذا دعما لبراغ الذي يعتبر يساريا. انتخب براغ على غرار القضاة والمدعين العامين في الولايات المتحدة، في أواخر 2021 وفور توليه مهامه في الأول من يناير 2022، سعى لتنفيذ برنامجه الإصلاحي والتقدمي القاضي خصوصا بتفادي إصدار أحكام بالسجن للجرائم الصغرى.
وكان دعم سوروس غير المباشر هذا كافيا لحمل ترامب على الادّعاء بدون أي دليل على وجود رابط مباشر، بأن «جورج سوروس اختار ومول» ألفين براغ. وتبعه في ذلك النواب الجمهوريون والأنصار الأشد تأييدا للرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة (2017-2021) ذاكرين في تغريداتهم تلميحات عن ألفين براغ على غرار «مدعوم/ممول من سوروس» وصولا حتى إلى «المدعي العام سوروس».
وأمام قصر العدل في مانهاتن حيث مثل ترامب رفع متظاهر لافتة كتب عليها «جورج سوروس يمول المدعين العامين الأمريكيين». وأكد متحدث باسم الملياردير الأمريكي يدعى مايكل فاشون ردا على أسئلة وكالة فرانس برس أن سوروس «لم يلتق أبدا أو يتحدث أو يتواصل بأي شكل من الأشكال مع ألفين براغ». وأضاف أن «كثيرين في صفوف اليمين يسعون لنقل مركز الانتباه من المتّهَم (ترامب) إلى المتّهِم براغ».
وأضاف «بسبب دعم (سوروس) المعروف للمدعين العامين الإصلاحيين، يزعم الجمهوريون أنّه يقف خلف كل شيء» مشيرا إلى أن «تقارير كثيرة في وسائل الإعلام أثبتت عدم صحة ذلك، لكنهم يواصلون». ويستهدف أصحاب نظريات المؤامرة الأمريكيون والأوروبيون منذ زمن طويل جورج سوروس، وهو يهودي ولد في بودابست في أغسطس 1930 نجا من الاحتلال النازي لبلاده ومن المحرقة، ثم هاجر إلى الولايات المتحدة حيث حقق ثروته في القطاع المالي اعتبارا من السبعينات والثمانينات، قبل أن يقوم بمضاربات استهدفت الجنيه الاسترليني وبنك إنجلترا في التسعينات. وقال جوشوا تاكر المدير المشارك لمركز التواصل الاجتماعي والسياسة في جامعة نيويورك لوكالة فرانس برس إن «نظريات المؤامرة غالبا ما تقوم حول فكرة أن هناك قوى مطلقة خارجة عن سيطرتنا، تعمل لحساب النخب العالمية من أجل إخفاء الحقيقة عن الناس العاديين». وتابع «من هذا المنطلق، يجسد سوروس نخب الشر العالمية». ونددت مجموعة «جي ستريت» اليهودية الأمريكية اليسارية بقدر «خطير» من «معاداة السامية ضد جورج سوروس في الحزب الجمهوري».
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك