أصاب القرار المفاجئ بتخفيض إنتاج النفط، الذي أعلنته مجموعة دول تحالف أوبك+ يوم الاثنين، الدول الغربية بصدمة وسط توقعات بأن يكون لهذا القرار تأثير كبير مستقبلا ليس فقط على العرض والطلب وحركة الأسعار، ولكن أيضا على النظام العالمي القائم على الهيمنة الغربية. ومرد الصدمة التي أصابت الغرب والأسواق أن القرار تم اتخاذه بتكتم شديد من دون أن تصل أخباره إلى كارتل كبار المستهلكين، وخاصة الولايات المتحدة التي قادت في الأشهر الماضية حملة ضد قرار تحالف أوبك+ خفض الإنتاج ومارست ضغوطا على أبرز دوله للتراجع عن هذه الخطوة.
ويرى خبراء أن القرار، الذي أعلنته عدة دول بشكل مستقل وفي وقت متزامن من دون أن تكشفه الاستخبارات الغربية وعملاؤها، يظهر أن تحالف أوبك+ بات يحمل مواصفات «حربية» لا تحتمل أنصاف الحلول، وأنه قطع مع مراحل سابقة كانت خلالها هذه الدول تراعي مصالح كبار المستهلكين وتضخ كميات زائدة على اللزوم ما يؤثر على الأسعار بشكل سلبي. ومن الواضح أن دول تحالف أوبك+، وخاصة دول الخليج، باتت تضع مصالحها في مرتبة أولى قبل مصالح كارتل المستهلكين ولا تخضع لأيّ ضغوط ولا تهديدات، ما سيغير المعادلة المستقبلية بين الطرفين ويقلبها بشكل كلي لصالح كبار المنتجين الذين يتهيأ الكثير منهم لمرحلة ما بعد النفط من خلال استثمار العائدات في مشروعات كبرى.
ومن شأن هذا التوجه أن يغير المعادلة في الغرب الذي تعوّد على تحصيل كميات كبيرة من النفط بأسعار رخيصة ما مكن شركاته الكبرى واقتصاداته من ربح وافر دعمت به هيمنتها العالمية. لكن الاستدارة الكلية في مواقف المنتجين قد تدفع إلى خسائر كبيرة في الاقتصادات الغربية وتراجع للنفوذ بأوجهه المختلفة بما في ذلك على المستوى السياسي، وهو ما من شأنه أن يوجه ضربة قوية الى النظام العالمي القائم على الهيمنة مقابل صعود تكتلات جديدة.
ويشير الخبراء إلى أن تشبث تحالف أوبك+ باستراتيجية خفض الإنتاج وما تفضي إليه من صدمات للاقتصاد الغربي قد يسجله التاريخ كأول إجراء جماعي خارج الغرب لدعم نظام عالمي جديد لما بعد الهيمنة الأمريكية، في ظل تزامنه مع رهان كبار منتجي النفط والغاز على الصين والهند كاقتصادات بديلة مع ارتفاع حجم استهلاكها وتحولها إلى ملاذ ضد العقوبات الغربية.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك