قال البروفيسور جيفري ساكس، الاقتصادي والأكاديمي ومحلل السياسات الخارجية الأمريكي، مدير معهد التنمية المستدامة في جامعة كولومبيا إن الحرب في أوكرانيا يمكن أن تنتهي سريعا بل وعلى الفور في حال إجراء مفاوضات عقلانية ولكن الحكومة الأمريكية لا ترغب في ذلك. وأكد أن أمريكا تستغل الحرب لتكريس هيمنتها على العالم ولتوجيه رسالة ردع إلى الصين.
قال البروفيسور ساكس في مقابلة نشرتها مواقع التواصل الاجتماعي إن الولايات المتحدة تعتقد أن الطريقة الوحيدة لإنهاء الحرب هي هزيمة بوتين وذلك في نظره خطأ وأمر غير واقعي على الإطلاق. وأضاف: «كيف بمكن أن نهزم دولة تملك 1600 رأس نووي؟ لا أعتقد أن الولايات المتحدة فكرت في ذلك على الإطلاق وبإمكاني القول إن الحال نفسه ينطبق على التحالف الأوروبي بحديثهم عن هزيمة روسيا».
وردا على سؤال حول ماذا كان قبول المفاوضات الآن يعني أن بوتين يكسب الحرب. أشار إلى أنه سبق أن قدم النصيحة عدة مرات للأوكرانيين سواء للشعب أو الحكومة ودعاهم إلى عدم التورط في حرب بالوكالة بين روسيا والولايات المتحدة لأن بلادهم ستدمر وتلك هي المأساة. قلت لهم انظروا إلى أفغانستان.. هل هذا ما تريدون أن تصلوا إليه؟ 20 عاما من الاحتلال وتدمير مستمر بداية التدخل الأمريكي. قلت لهم: «لا تفعلوا ذلك. طوال حياتي كانت الولايات المتحدة (تساعد) في فيتنام وكمبوديا ولاوس والعراق وسوريا وليبيا فأي نوع من المساعدة هذا الذي ينتهي بتدمير البلاد؟».
وأوضح إنه بدءا من عام 1992 كانت المجموعة المهيمنة على السياسة الأمريكية تعتقد أن الولايات المتحدة هي القوة العالمية الوحيدة، وعليه فإن الذهنية التي طغت على نخب الساحل الشرقي الأمريكي هي أن الولايات المتحدة هي التي تدير العام ويجب أن تدير العالم.
وعما إذا كان يعتقد أن لأوكرانيا والأوكرانيين الحق في اختيار مستقبلهم، قال إن للأوكرانيين الحق في اختيار مستقبلهم الاقتصادي والسياسي ولكن ليس مستقبلهم العسكري. ومع أن الأوكرانيين يقولون إن مستقبلهم العسكري في أن يكون للولايات المتحدة قواعد عسكرية في بلادهم إلا أن ذلك ليس خيارا يمكن أن يتخذوه بأنفسهم لأنه يشكل تهديدا لروسيا. وعلى نفس المنوال أنصح الحكومة المكسيكية بشدة ألا تدخل في تحالف عسكري مع الصين وأن ذلك ليس خيارا لها لأنه يشكل تهديدا للولايات المتحدة. فإذا قالت المكسيك مثلا «إننا نسمع الولايات المتحدة وهي تقول إن بإمكاننا أن نفعل ما نريد ونحن أمة حرة ونرغب في اختيار الصين شريكا لنا، فبإمكاني التكهن في هذه الحالة بأن يبدأ الغزو الأمريكي للمكسيك خلال دقائق. لذلك أنصح الحكومة المكسيكية ألا تدخل في تحالف عسكري مع الصين».
واستطرد: «أشعر بخيبة أمل تجاه الموقف المتشدد للقادة الأوروبيين لأنني أعلم أنه تتوفر لهم في مجالسهم الخاصة كل وجهات النظر ولكنهم لا يصرحوا بها لعامة الجمهور. وقد تحدثت إلى رؤساء حكومات في أوروبا قالوا لي، على سبيل المثال، إن توسيع الناتو فكرة سيئة. والواقع أن شولتز ذهب إلى روسيا في يناير وفبراير 2022 وأكد لبوتين أن الناتو لن يتوسع طالما ظل هو مستشارا لألمانيا، فنظر إليه بوتين قائلا ولكم من الوقت ستظل مستشارا لألمانيا؟ أنا أحتاج إلى الولايات المتحدة لا إليك أنت كنظير لي». تلك هي الحقيقة فهذا تحالف أمريكي وليس ألماني والولايات المتحدة تقف تماما في الجانب المتشدد.
وقال: «الذهنية الحقيقية للقيادة الأمريكية الآن هي أن لدينا عدويين يهددان عالمنا الأحادي القطب أحدهما أقل أهمية هو روسيا سنضعفه فترة ونستمر في الحرب فترة وسنرهقه فترة وهو قوة إقليمية من الدرجة الثانية. ويتناسى هؤلاء أمر 1600 سلاح نووي و11 نطاق توقيت وبعضا من أكبر مصادر الموارد في العالم علاوة على تجاهلهم لمهارات الشعب الروسي ويقولون سنضعفهم. بيد أن العدو الذي يرعبهم ولا يعرفون تمام ما يفعلون بشأنه هو الصين. وعليه فإن إحدى الحجج المستخدمة الآن هي إننا نحتاج إلى أن نتشدد في أوكرانيا لنري الصين أننا نعني ما نقول، ذلك إننا إذا تراجعنا الآن فماذا ستفعل الصين في تايوان. والواقع أن أوكرانيا لا تشكل محور الاهتمام. هي تعتقد أن الحرب بشأنها ولكن الأمر ليس كذلك فالحرب تستهدف أولا إضعاف روسيا وبحيث تعلق فيها أوكرانيا وتخسر مئات الآلاف من مواطنيها وتدمر مدنها. ولكن في الواقع الحرب ليست بشأن أوكرانيا في الذهنية المنحرفة لهذه النخب الأمريكية وإنما هي بشأن الصين.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك