باريس - (أ ف ب): يتوقع أن تتجدّد الاحتجاجات خلال عطلة نهاية الأسبوع في فرنسا بعد تمرير السلطة التنفيذية قانون إصلاح نظام التقاعد من دون تصويت في الجمعية الوطنية، ما أدى إلى تفاقم الغضب الاجتماعي وإلى تقديم نواب اقتراحين لحجب الثقة عن الحكومة الغارقة في أزمة سياسية. أتى الاقتراحان يوم الجمعة بمثابة ردّ على قرار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الخميس الاستناد إلى المادة 49.3 من الدستور التي تسمح بتبنّي نصّ من دون التصويت عليه في الجمعية الوطنية، ما لم يؤدِّ اقتراحٌ بحجب الثقة إلى الإطاحة بالحكومة.
ودعت النقابات العمالية إلى تظاهرات يومي السبت والأحد، وإلى يوم تاسع من الإضرابات والتظاهرات الخميس 23 مارس، احتجاجاً على الإصلاح الذي ينص البند الرئيسي فيه على رفع سن التقاعد القانونية من 62 إلى 64 عاما. ويبرز شبه إجماع على اعتبار اللجوء إلى المادة 49.3 من الدستور نكسة بالنسبة إلى ماكرون الذي رَهَن رصيده السياسي في سبيل هذا الإصلاح جاعلاً منه أبرز مشاريع ولايته الرئاسية الثانية. ورغم خشية حدوث أعمال عنف، تجمع آلاف المتظاهرين مساء الجمعة في ساحة الكونكورد في باريس، مثل اليوم السابق، للاحتجاج أمام الجمعية الوطنية وقصر الإليزيه الرئاسي. وأشعل متظاهرون النار وشهدت الأجواء توتراً حين تدخلت الشرطة مع حلول الليل، وفقًا لمراسلي وكالة فرانس برس.
ورمى مئات المتظاهرين زجاجات ومفرقعات على عناصر الشرطة الذين ردوا بإطلاق الغاز المسيل للدموع، محاولين إخلاء المكان، مع هطول المطر. وأعلنت الشرطة اعتقال 61 شخصًا. وقال جان للحشود وسط التصفيق، وهو طالب لم يكشف عن اسمه الكامل: «نفذنا أياماً من الإضرابات الجيدة، لكننا حالياً نحتاج إلى تحرّك هجومي». وأضاف: «بالنسبة إلينا، التكتل النقابي مات! إنها بداية أمور أخرى!».
في ليون في شرق وسط البلاد، اقتحم متظاهرون مقر بلدية و«حاولوا إضرام النار»، لكن تمكنت الشرطة من إخماد الحريق على الفور، وأوقفت 36 شخصًا، بحسب ما ذكرت. ونُظمت تجمعات في مدن عديدة، من ليل في الشمال، إلى بوردو في الغرب، مروراً بستراسبورغ في الشرق حيث «تدهور» الوضع، بحسب ما أكدت الشرطة. وقال فيليب ميلان لوكالة فرانس برس، وهو أستاذ في مدرسة ثانوية في رين (غرب) حيث تظاهر أكثر من ألفي شخص، إن استخدام المادة 49.3 «بمثابة إهانة. لم يستمعوا إلينا منذ أسابيع، ما أثار غضباً كبيراً».
وستنظر الجمعية الوطنية الفرنسية الاثنين ابتداءً من الساعة 16:00 بالتوقيت المحلي (15:00 بتوقيت جرينتش) باقتراحي حجب الثقة عن الحكومة، بحسب ما قالت مصادر برلمانية. وقدّم أحد الاقتراحين يوم الجمعة نواب مجموعة «ليوت» المستقلة و«تشارك فيه أحزاب عدة». وشارك نواب من ائتلاف «نوبس» اليساري في التوقيع على هذا الاقتراح الذي يندد بـ«ذروة الإنكار غير المقبول للديمقراطية». كذلك قدّم نواب من حزب «التجمع الوطني» اليميني المتطرف بزعامة مارين لوبن بدورهم اقتراحًا آخر لحجب الثقة، مؤكدين أنهم سيصوتون «لصالح كل اقتراحات حجب الثقة المقدمة».
وكرر الأمين العام لنقابة (سي إف دي تي) لوران بيرجيه الجمعة تحذيره من تفاقم الغضب في البلاد، ودعا الرئيس الفرنسي إلى «سحب الإصلاح». ولإسقاط الحكومة يجب أن تصوّت الأكثرية المطلقة في الجمعية الوطنية على اقتراح لحجب الثقة، أي 287 صوتًا. ويتطلب ذلك أن يصوّت حوالي ثلاثين نائبًا يمينيًا من حزب الجمهوريين (من أصل 61) على الاقتراح. ويتوقع أن يجمع اقتراح «ليوت» أصوات أطراف مختلفة بخلاف اقتراح «التجمع الوطني».
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك