كتبت: لمياء إبراهيم
تسببت دعابة عبر مواقع التواصل الاجتماعي في جدل واسع بين مواليد الثمانينيات وما قبلها، إذ تداولت بعض المواقع أن الأمم المتحدة صنفت مواليد الثمانينيات «كبار السن». بحسب منظمة الصحة العالمية، فإن كبار السن يجري تصنيفهم من العام الستين في عمر الشخص، بينما يبلغ أكبر مواليد الثمانينيات اليوم أقل من 46 عامًا ويعرفون بجيل الالفية.
لا يوجد مدى سني محدد وثابت لتعريف «المراهقة والشباب وكبار السن» فهي في الغالب تتداخل بحسب الصحة الذهنية والجسدية لكل شخص، لكن تسعى تقارير منظمة الصحة العالمية على موقعها الرسمي لوضع تعريفات ثابتة لهذه المسميات.
فهل جيل الثمانينيات كبار السن فعلا؟ استشاريون يحسمون الجدل لـ«أخبار الخليج»
كما تعلمون تبدأ علامات التقدم في السن تظهر على الوجه والبشرة ومنها يمكنك الوصول الى عمر المتحدث تقريبيا، لذا كان من الضروري أن نبدأ مع الدكتور حسين جمعة استشاري الأمراض الجلدية ونسأله هل يعد تصنيف جيل الثمانينيات بكبار السن تصنيفا صحيحا؟
فأجاب على الفور.. طبياً وعلمياً، لا أوافق على هذا التصنيف. العمر الزمني لا يُعد معياراً دقيقاً لتقييم الحالة الصحية أو البيولوجية للجلد أو للجسم بشكل عام. مواليد الثمانينيات يعتبرون من فئة الشباب أو منتصف العمر وليس كبار السن.
في طب الجلدية، نعتمد على ما يُعرف بـ «العمر البيولوجي للجلد»، والذي قد يكون أصغر أو أكبر من العمر الحقيقي بعشر سنوات أو أكثر، بحسب العناية ونمط الحياة والتعرض للشمس والعوامل الوراثية ونوعية الغذاء والرياضة.
الشيخوخة ليست رقماً، بل عملية بيولوجية يمكن إبطاؤها والحد من مظاهرها بالعناية المبكرة مثل واقي الشمس والترطيب والغذاء الصحي والوقاية الصحيحة. أما التصنيفات العمرية المتداولة في وسائل التواصل الاجتماعي، فهي في الغالب غير علمية ولا تستند إلى مرجع طبي موثوق
وأضاف، تبدأ عملية شيخوخة الجلد بيولوجيا في سن مبكرة، غالباً من منتصف العشرينيات، حيث يبدأ الانخفاض التدريجي في إنتاج الكولاجين والإيلاستين. إلا أن العلامات الظاهرة لا تكون واحدة عند الجميع، وعادةً تبدأ بالظهور بشكل بسيط في أواخر العشرينيات إلى الثلاثينيات، وتزداد وضوحاً مع التقدم في العمر تبعاً لنمط الحياة والعوامل البيئية والوراثية.
وعن العلامات التي تنذر بالشيخوخة أشار الدكتور حسين الى أنها تبدأ بظهور الخطوط الدقيقة خاصة حول العينين والفم، فقدان نضارة وإشراق البشرة، جفاف الجلد وتغير ملمسه، ترهل خفيف وفقدان مرونة البشرة، تصبغات وكلف، بطء التئام الجلد.
وكان حتما مراجعة طبيب متخصص، فالتقينا بالدكتور خالد أبو السعد استشاري الأمراض الباطنية تخصص طب المسنين الذي لفت إلى أمر مهم، إذ تنتشر شائعات على وسائل التواصل الاجتماعي تدعي أن منظمة الصحة العالمية أعادت تعريف مرحلة «الشباب»، لكن الحقيقة العلمية أكثر إثارة للاهتمام؛ فالأطباء والباحثون اليوم يبتعدون عن الحكم على الإنسان بمجرد «الرقم» الموجود في شهادة الميلاد، ويركزون بدلاً من ذلك على «القدرة الوظيفية» (ما يمكنك فعله).
وأوضح الدكتور خالد ان الأمم المتحدة ومعظم المؤسسات الطبية لا تزال تُعرف «المسن» بأنه الشخص الذي يبلغ من العمر 60 عاماً فأكثر تماشياً مع سن التقاعد، ولكن نظراً الى ارتفاع متوسط الأعمار، لم يعد من المنطقي وضع الجميع من سن 65 إلى 100 عام – في سلة واحدة. احتياجات شخص في الـ 65 من عمره يمارس الرياضة تختلف كلياً عن احتياجات شخص في الـ 95 يحتاج الى رعاية يومية.
العبرة ليست بالعمر، بل بـ«الوهن»، وهو ليس مرضاً محدداً، وليس جزءاً حتمياً من التقدم في العمر. الشخص الواهن لديه بطارية مستنفدة. إذا تعرض لعدوى بسيطة أو تغيير في الدواء، يجد جسده صعوبة في التأقلم. لا «يرتد» عائداً للصحة بسرعة، بل قد يعاني من مضاعفات مثل السقوط، أو التشوش الذهني المفاجئ، ويحتاج للبقاء طويلاً في المستشفى.
وأضاف «التحول الأكبر في طب الشيخوخة ليس تغيير أرقام الأعمار، بل هو التركيز على اكتشاف حالة الوهن. لا تشغل بالك بما إذا كانت منظمة الصحة العالمية تصنفك شاباً أو عجوزاً. ركز على عمرك الوظيفي. إذا كنت في الثمانين وتستطيع حمل مشترياتك والمشي بنشاط، فأنت أصغر بيولوجياً من شخص في الستين لا يتحرك من مكانه. الهدف ليس فقط أن نعيش أطول، بل أن نعيش أقوى».
وفي سياق متصل علق الدكتور حسين الهرمي استشاري طب وجراحة العيون على المزاعم المنتشرة عن جيل الثمانينيات حيث إن العيون من أكثر أعضاء الجسم تأثرا مع التقدم في العمر الذي رفض بدوره التصنيف غير الدقيق وقال «كل يوم نحن أكبر من اليوم الذي يمضي، وقد يبدو هذا التصنيف مربكًا للبعض.
فكبار السن طبيًا يُصنَّفون عادة من عمر 60 أو 65 عامًا فما فوق، أما جيل الثمانينيات فهو في مرحلة منتصف العمر، وقد تظهر لديهم تغيرات طبيعية في النظر من دون أن يعني ذلك الشيخوخة.
وبشكل عام، من منتصف الأربعينيات قد تبدأ بالظهور بعض التغيرات الطبيعية في العين، وهي تغيّرات فسيولوجية متوقعة وليست أمراضًا بحد ذاتها، وتختلف حدّتها من شخص لآخر بحسب نمط الحياة والعوامل الوراثية والحالة الصحية العامة».
مشيرا إلى ان العلامات قد تظهر عند بعض الأشخاص قبل ذلك أو بعده بحسب: العوامل الوراثية، نمط الحياة (التعرض للشاشات، التدخين، النوم)، الأمراض المزمنة مثل السكري وارتفاع الضغط.
وأكد الدكتور حسين على أن بداية ظهور علامات التقدم في السن هي التجاعيد حول العين، ليأتي بعدها صعوبة القراءة التي تبدأ عادةً من سن الأربعين، حيث تظهر الحاجة الى إبعاد المواد المقروءة لتوضيحها، النظر الشيخي، وهو تغير طبيعي مع التقدم في العمر.
وعوامات العين وهي رؤية بقع أو خيوط تتحرك في مجال الرؤية، وتزداد مع التغيرات الطبيعية في الجسم الزجاجي داخل العين. جفاف وحكة العين: الشعور بوجود جسم غريب، تهيج، احمرار أو حرقة، نتيجة انخفاض إفراز الدموع مع العمر.
الأعصاب تعمل كموصلات تنقل النبضات الكهربائية بين الدماغ وبقية أجزاء الجسم، لتساعدك على الإحساس والحركة. وتتأثر الأعصاب مع تقدم العمر بشكل طبيعي حيث تبدأ قدرة الأعصاب في الانخفاض، ويتمثل ذلك في انخفاض سرعة الاشارات العصبية وقدرة الدماغ على التعلم والذاكرة، بالإضافة إلى تغيرات في الجهاز العصبي.
ونختتم مع الدكتور محمد المهدي استشاري أمراض المخ والأعصاب والقسطرة العلاجية للمخ والنخاع الشوكي الذي أكد أن تصنيف مواليد الثمانينات بـ «كبار سن» غير دقيق طبيا، حيث يختلف تأثير التقدم في العمر من شخص لآخر بناءً على عوامل متعددة مثل الوراثة، أسلوب الحياة، والظروف الصحية، مؤكدا أن الأشخاص الذين تتجاوز أعمارهم 60 عامًا هم «كبار سن».
وبين أن مع تقدم العمر تتأثر الأعصاب بشكل تدريجي، وقد تبدأ في الظهور بعض العلامات مثل ضعف الذاكرة والألم العصبي بالأطراف، مشيرا إلى أبرز علامات التقدم بالسن في أمراض الأعصاب وتظهر كالتالي:
ضعف الذاكرة والتركيز حيث تظهر صعوبة في التذكر والتركيز على المهام اليومية.
قد يشعر البعض بتنميل أو ضعف في الأطراف بسبب تغيرات في الأعصاب الطرفية.
مشاكل في الحركة والتوازن وتحدث أثناء المشي نتيجة لضعف العضلات والمفاصل.
الألم المزمن مثل آلام الظهر أو آلام الأعصاب. السكتة الدماغية حيث يعتبر تقدم العمر من أهم عوامل الخطورة للإصابة بالسكتة الدماغية الذي يجب تحجيمه بنمط حياة صحي سليم.
ومن جانبه أوضح استشاري الطب النفسي الدكتور حسن فضل أن للوهلة الأولى، وعند سماع هذا التصنيف في السوشيال ميديا، الذي لا يتفق مع أي من التصنيفات الاكلينيكية أو البحثية المعروفة. وتبادر إلى ذهني انه اما ان يكون مزحة أو سوء فهم الترجمة.
والجدير بالذكر انه لا يوجد أي تصنيف يعتبر من دون الستين عاما في فئة كبار السن، وغالبا ما تستخدم أكلينيكا التصنيف الذي يقصم كبار السن إلى ثلاث فئات، وأصغرهم الفئة التي يتراوح عمرها ( 65-74) عاما وهؤلاء من مواليد الستينيات وليس الثمانيني،ات.
أما بالنسبة للاضطرابات النفسية في عمر كبار السن، فعلينا أولا ان نستوعب انها مرحلة عمرية طبيعية ليست مرضا وبالتالي علينا أن نفرق بين التغيرات المرتبطة بكبر السن والاضطرابات النفسية من جهة ومن جهة أخرى علينا ألا نعتبر حدوث أي اضطراب نفسي شيئا طبيعيا ومتوقعا ونسكت عن العلاج.
وعلى الرغم من ان هذه المرحلة العمرية ليست سببا كافيا لبروز مشاكل نفسية، فإن هناك الكثير من العوامل أو التحديات التي قد تزيد من ظهور الاضطرابات النفسية مثل:
المعاناة من الأمراض الجسدية المختلفة ومضاعفاتها وفقدان الاستقلالية والاعتماد على الاخرين، تغيير الظروف الاجتماعية وخصوصا فقد الأحبة من المقربين.
ومن أكثر الاضطرابات شيوعا هي الاكتئاب والقلق بأنواعه، ولكن قد يختصون بوجود الأعراض السلوكية لمرض الخرف، والأعراض النفسية الناتجة مباشرة من أمراض جسدية، مثل الهذيان.

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك