في إنجاز علمي غير مسبوق، ابتكر فريق من العلماء في سويسرا «روبوتاً مجهرّياً» لا يتجاوز حجمه حبة رمل واحدة، قادرًا على التنقّل داخل الأوعية الدموية والسائل النخاعي لتوصيل الدواء مباشرة إلى العضو المصاب، ما يمهّد لثورة طبية في تقليل الآثار الجانبية للعلاجات التقليدية.
ويقود المشروع البروفيسور برادلي نيلسون من معهد الروبوتات والأنظمة الذكية في «ETH زيوريخ»، الذي أكد أن «العلم لا يزال في بداياته، لكن التطبيقات المحتملة لهذا الروبوت لا حصر لها».
وتعتمد الكبسولة المجهرية على حقول مغناطيسية يصدرها نظام من ستة ملفات كهرومغناطيسية تُثبت حول المريض، ويبلغ قطر كل منها نحو 20 سم. وتتيح هذه الحقول دفع الروبوت أو سحبه وحتى التحرك عكس تدفق الدم، وهي قدرة نادرة في الروبوتات الطبية المصغّرة.
ويستخدم الجراح جهاز تحكم يشبه «يد البلاي ستيشن» لتوجيه الروبوت داخل الأوعية الدقيقة، ما يمنح الأطباء دقة عالية في الوصول إلى المناطق المستهدفة من دون إصابة الأنسجة المحيطة.
وخضع الروبوت لتجارب على خنازير ذات بنية وعائية مشابهة للإنسان، إضافة إلى نماذج سيليكون تُستخدم في تدريب الأطباء. وأظهرت الاختبارات قدرة الكبسولة على التنقّل بسلاسة داخل القنوات الضيقة والوصول إلى الهدف بدقة.
ويتوقّع الفريق بدء التجارب السريرية البشرية خلال 3 إلى 5 سنوات.
ويتكون الروبوت من مزيج مواد آمنة طبيًا:
* معدن التنتالوم لرصده عبر الأشعة السينية.
* جزيئات أكسيد الحديد لمنحه الخصائص المغناطيسية.
* جيلاتين طبي يضمّ داخله الدواء ويذوب عند وصوله إلى الموقع المصاب.
وعند بلوغ الهدف يذيب الجراح الغلاف الجيلاتيني لإطلاق الدواء مباشرة داخل النسيج المطلوب، ما يقلل انتشار المادة الفعالة في الجسم ويحدّ من السمية الجانبية. ورحّب خبراء الروبوتات الطبية بالابتكار، إذ وصف البروفيسور هاوي تشوسِت من «كارنيغي ميلون» الإنجاز بأنه «واحد من أكثر التطورات إثارة في تاريخ توصيل العلاج».
كما اعتبر البروفيسور مارك ميسكين من «جامعة بنسلفانيا» الدراسة «علامة فارقة ستغيّر طريقة التفكير في الروبوتات الطبية»، مؤكدًا أن التقنية «تبدو جاهزة فعلياً للتطبيق السريري». ويشير العلماء إلى أن هذا النوع من التوصيل الدقيق للدواء قد يغيّر مستقبل علاج أمراض معقدة مثل سرطانات الدماغ العدوانية، والتمددات الشريانية، والتشوّهات الشريانية الوريدية.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك