العلاقات نموذج يحتذى به في المنطقة يجمع بين الأخوة والمصالح المشتركة ورؤية مستقبلية متكاملة
اللجنة الوزارية المشتركة تمثل العمود الفقري للتعاون التنفيذي بين البلدين
التعاون الاقتصادي بين البحرين وعمان شهد ديناميكية واضحة
أجرى الحوار: أحمد عبدالحميد
تصوير: عبدالأمير السلاطنة
تحتفي سلطنة عُمان اليوم باليوم الوطني الخامس والخمسين، في وقت تواصل فيه السلطنة الشقيقة بقيادة جلالة السلطان هيثم بن طارق مسيرة البناء والتنمية عبر رؤية وطنية طموحة تستند إلى التنمية المستدامة وتكامل الإنسان والاقتصاد.
بهذه المناسبة التقت «أخبار الخليج» مع السيد فيصل بن حارب البوسعيدي، سفير سلطنة عُمان لدى مملكة البحرين، الذي ألقى الضوء على محطات التطور الذي تشهده سلطنة عمان الشقيقة، وشدد السفير العماني على أن العلاقات بين مملكة البحرين وسلطنة عُمان شهدت بالفعل تحولًا نوعيًا خلال السنوات الأخيرة، حيث تجاوزت مجرد التعاون التقليدي إلى بناء شراكات استراتيجية متعددة المستويات، وذلك بفضل دعم قيادتي البلدين حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم، وحضرة جلالة السلطان هيثم بن طارق سلطان عمان. وأكد أن هذه العلاقات أصبحت نموذجًا يحتذى به في المنطقة، يجمع بين الأخوة، والمصالح المشتركة، ورؤية مستقبلية متكاملة.
وأشار إلى أن اللجنة الوزارية المشتركة تمثل العمود الفقري للتعاون التنفيذي بين البلدين، إذ تُعنى بمتابعة البرامج المشتركة على الأصعدة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية، كما يلعب القطاع الخاص في كلا البلدين دورًا محوريًا في تحفيز النمو الاقتصادي المشترك فهو العمود الفقري لأي شراكة فعّالة بين الحكومات والمجتمعات الاقتصادية. ومن خلال غرف التجارة وجمعيات رجال الأعمال، تم تنظيم لقاءات تنسيقية ووفود مشتركة لتبادل الخبرات واستكشاف فرص الاستثمار المتبادل، بما يعزز المبادرات بين الشركات ويزيد من حجم المشاريع المشتركة.
وهذا نص الحوار:
تشهد العلاقات البحرينية العمانية في السنوات الأخيرة، تطورًا ملحوظًا على جميع الأصعدة، ما هي ملامح هذا التطور؟
العلاقات بين مملكة البحرين وسلطنة عُمان شهدت بالفعل تحولًا نوعيًا خلال السنوات الأخيرة، حيث تجاوزت مجرد التعاون التقليدي إلى بناء شراكات استراتيجية متعددة المستويات. فالمجالات السياسية تشهد انسجامًا وتكاملًا في الرؤى حيال القضايا الإقليمية والدولية، مع تعزيز آليات التنسيق داخل مجلس التعاون لدول الخليج العربية وجامعة الدول العربية، بما يضمن توحيد الجهود في خدمة الأمن والاستقرار في المنطقة. اقتصاديًا، برزت شراكات حيوية تشمل البنية التحتية والموانئ والخدمات اللوجستية، وتبادل الخبرات في القطاع المالي والاستثماري. على المستوى الاجتماعي والثقافي، تم تكثيف برامج التبادل والتعاون الأكاديمي والفني، مع إيلاء أهمية للروابط الإنسانية بين شعبي البلدين، وهو ما يعكس إدراك القيادتين بأن الترابط الشعبي والأخوة التاريخية هو حجر الأساس لأي تعاون مستدام. باختصار، يمكن القول إن هذه العلاقات أصبحت نموذجًا يحتذى به في المنطقة، يجمع بين الأخوة، والمصالح المشتركة، ورؤية مستقبلية متكاملة.
كيف تنعكس الزيارات المتبادلة بين قيادتي البلدين على دفع آفاق التعاون إلى آفاق أرحب؟
الزيارات الرسمية بين القيادتين تمثل محفزًا مهمًا لتعميق العلاقات الثنائية، فهي ليست مجرد بروتوكولات أو تبادل المجاملات، بل هي منصة عملية لتحديد الأولويات وتعزيز التنسيق الاستراتيجي. هذه الزيارات تسمح بفتح آفاق جديدة للمبادرات الاقتصادية والاجتماعية، وتوفير حلول مبتكرة للتحديات المشتركة، كما أنها تعزز الثقة المتبادلة وتتيح الفرصة لتبادل الرؤى حول قضايا إقليمية ودولية حيوية. فعندما يجتمع قادة البلدين، يكون ذلك بمثابة إشعار واضح للشعوب والقطاعات الاقتصادية والسياسية بأن هناك التزامًا جادًا بالمضي قدمًا في مسار التعاون، وبأن كل قرار أو اتفاقية تتخذ تتسم بالدقة والشفافية وبروح الشراكة الحقيقية.
تعد اللجنة الوزارية المشتركة بين مملكة البحرين وسلطنة عمان الشقيقة إحدى أهم آليات تعميق التعاون بين البلدين، ما هي النتائج التي تحققت من مخرجات هذه الاجتماعات، وهل هناك موعد لانعقاد اللجنة المشتركة قريبا؟
اللجنة الوزارية المشتركة تمثل العمود الفقري للتعاون التنفيذي بين البلدين، إذ تُعنى بمتابعة البرامج المشتركة على الأصعدة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية. ومن أبرز النتائج التي تحققت من الاجتماعات الأخيرة تعزيز التكامل المؤسسي بين الوزارات والهيئات، وتوقيع عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم في قطاعات حيوية مثل الاستثمار، والطاقة، والصحة، والتعليم، والإعلام، بما يرسخ أسس الشراكة ويجعلها أكثر استدامة، كما أسهمت اللجنة في وضع آليات لمتابعة تنفيذ المشاريع المشتركة، وتقليل أي عراقيل أمام التعاون المؤسسي. أما بالنسبة الى المواعيد المستقبلية، فهناك توجه مستمر الى عقد الجلسات الدورية، بما يضمن استمرارية التنسيق وتوسيع نطاق المبادرات المشتركة، بما يعكس الالتزام الثابت بتطوير العلاقات على كافة الأصعدة.
ماذا عن التعاون الاقتصادي بين المنامة ومسقط، وحجم التبادل التجاري بين البلدين، وحجم الاستثمارات البحرينية في سلطنة عمان، وكذا الاستثمارات العمانية في مملكة البحرين؟
التعاون الاقتصادي بين البحرين وعُمان شهد ديناميكية واضحة، فالتبادل التجاري بين البلدين يمتد عبر قطاعات متعددة تشمل التجارة الصناعية والزراعية والخدمية، مع نمو ملحوظ في الاستثمارات المباشرة وغير المباشرة. وتشير البيانات إلى وجود نحو 500 شراكة بحرينية-عمانية في مجالات مختلفة، وحوالي 850 مؤسسة بحرينية تعمل في سلطنة عُمان، أغلبها شركات صغيرة ومتوسطة، ويبلغ حجم الاستثمارات المباشرة البحرينية نحو 375 مليون ريال عُماني. في المقابل، توجد استثمارات عمانية متنوعة في البحرين تشمل قطاعات العقارات، والمالية، والطاقة، والخدمات اللوجستية. هذا التعاون يعكس ليس فقط تبادل المصالح الاقتصادية، بل أيضًا بناء شبكة من الشراكات التي تضمن استدامة النمو المشترك، وترسخ التكامل الاقتصادي بين البلدين، بما يعود بالنفع على شعبيهما.
- ما هو دور القطاع الخاص وغرف التجارة في البلدين في تعزيز مسارات التعاون الاقتصادي المشترك؟
أصبح القطاع الخاص في البلدين اليوم شريكًا فاعلًا ورئيسيًا في منظومة التعاون الثنائي، وليس مجرد طرف تابع. فقد شهدت المرحلة الأخيرة مشاركة مباشرة لرجال الأعمال في صياغة وتنفيذ المشاريع المشتركة، بالإضافة إلى حضورهم الفاعل في اللقاءات الرسمية المصاحبة للزيارات المتبادلة بين القيادتين.
ويأتي هذا التوجه في ظل التكامل بين رؤية البحرين الاقتصادية 2030 ورؤية عُمان 2040، اللتين تتلاقى أهدافهما في محاور رئيسية تشمل تنويع الاقتصاد، وتمكين الإنسان، وضمان استدامة النمو.
كما يلعب القطاع الخاص في كلا البلدين دورًا محوريًا في تحفيز النمو الاقتصادي المشترك فهو العمود الفقري لأي شراكة فعّالة بين الحكومات والمجتمعات الاقتصادية. من خلال غرف التجارة وجمعيات رجال الأعمال، تم تنظيم لقاءات تنسيقية ووفود مشتركة لتبادل الخبرات واستكشاف فرص الاستثمار المتبادل، بما يعزز المبادرات بين الشركات ويزيد من حجم المشاريع المشتركة.
علاوة على ذلك، يعمل القطاع الخاص كحلقة وصل بين القيادات والسياسات الاقتصادية، مترجمًا الاتفاقيات الحكومية إلى واقع ملموس على الأرض في مجالات الصناعة والخدمات والتجارة والمشاريع اللوجستية. ويشكل بذلك عنصرًا أساسيًا لضمان أن التعاون بين البلدين ليس مؤسسيًا فقط، بل عمليًا ومستدامًا ويحقق الفائدة لجميع الأطراف.
كيف تنظرون إلى العلاقات بين الشعبين الشقيقين، ودور جمعية الصداقة البحرينية العمانية في تدعيم الروابط الأخوية؟
ان العلاقات بين الشعبين العماني والبحريني تتميز بالدفء والعمق، فهي نتاج تاريخ طويل من الأخوة والتعاون، وتعبير حي عن القيم المشتركة التي تجمع بين الشعبين، فهذا الترابط الشعبي يظهر في كل جانب من جوانب الحياة، من الروابط العائلية والتجارية إلى التبادل الثقافي والاجتماعي، ما يعكس روح التضامن والتفاهم التي تسود بين المواطنين في البلدين.
وتلك العلاقات الشعبية بين البحرينيين والعمانيين ليست مجرد علاقة عابرة، بل هي علاقة متجذرة في الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة والتقدير العميق لتاريخ كل شعب، لتمثل الضمانة الحقيقية لاستمرارية الشراكة بين البلدين، فهي تعكس روح التعاون والتضامن التي تتجاوز الحدود الرسمية وتؤسس لمستقبل مشترك يسوده التفاهم والاحترام الدائم.
اما فيما يخص جمعية الصداقة البحرينية العمانية فهي تمثل جسراً حيوياً لتعزيز هذا التواصل، حيث تنظم برامج ثقافية، وورش عمل، وأنشطة تعليمية وفنية، تشجع الشباب على التعرف على ثقافة الآخر وتبادل الخبرات، ما يغذي شعور الانتماء المشترك ويقوي الروابط الإنسانية بين الناس. هذه التفاعلات اليومية بين الشعوب تخلق شبكة اجتماعية قوية تشكل أساساً متيناً للعلاقات الرسمية والسياسية، وتضمن استدامة التعاون في جميع المجالات.
ما عدد الطلبة العمانيين الدارسين في البحرين، وما هي أطر التعاون على مستوى التعليم العالي؟
يقدر عدد الطلبة العمانيين في البحرين بمئات الطلبة الذين يدرسون في مختلف التخصصات الأكاديمية، بدءًا من العلوم الطبية والهندسية وصولًا إلى العلوم الإنسانية والإدارية.
كما ان التعاون على مستوى التعليم العالي يمتد إلى برامج تبادل الطلاب والبحوث المشتركة، وإتاحة الفرص للتدريب العملي، وتنظيم المؤتمرات الأكاديمية بما يعزز القدرات العلمية والفنية للطلاب العمانيين، ويتيح لهم الفرصة للإسهام بفاعلية في تنمية بلدانهم مستقبلاً.
هذه المبادرات تؤكد حرص البلدين على الاستثمار في رأس المال البشري، الذي يمثل عنصراً أساسياً لتطوير العلاقات الثنائية المستدامة.
سلطنة عمان تحتفل باليوم الوطني المجيد، بهذه المناسبة ما هي أبرز المنجزات التي تحققت في السلطنة الشقيقة في عهد جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم؟
سلطنة عُمان في عهد جلالة السلطان هيثم بن طارق حققت إنجازات بارزة على مختلف الأصعدة، فقد شهدت تطورًا اقتصاديًا مستدامًا يعكس رؤية عُمان 2040، مع اهتمام كبير بالبنية التحتية والخدمات العامة، والقطاع الصناعي والزراعي، وتعزيز الأمن الغذائي والطاقة المتجددة، إلى جانب تطوير القطاع التعليمي والصحي. كما عرفت السلطنة نهجًا دبلوماسيًا متزنًا وفاعلاً على الصعيد الإقليمي، يسهم في دعم الاستقرار وحل النزاعات الإقليمية، مع الالتزام بالمبادئ الإنسانية.
هذه المنجزات ليست مجرد أرقام، بل تعكس إرادة وطنية حقيقية لتحقيق التقدم، وتعزيز مكانة عمان الإقليمية والدولية، وتوفير حياة أفضل لشعبها العزيز.
المنامة على أعتاب استضافة أعمال القمة الخليجية في ديسمبر المقبل، ما هي رؤيتكم لأهمية هذه القمة في تعزيز العمل الخليجي المشترك، في ظل التطورات الإقليمية والدولية الراهنة؟
القمة الخليجية المقبلة في المنامة تمثل فرصة استراتيجية لتأكيد وحدة الصف الخليجي وتعزيز التنسيق في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية، وذلك في ظل تحولات جيوسياسية واقتصادية متسارعة تعد القمة مناسبة لتوحيد السياسات، ومراجعة آليات العمل المشترك، وتعزيز الجوانب الأمنية والاقتصادية والاجتماعية بين الدول الأعضاء. كما توفر القمة فرصة لإطلاق مبادرات مشتركة تدعم الاستقرار الإقليمي، وتعزز التكامل الاقتصادي، بما ينعكس إيجابًا على الشعوب الخليجية.
باختصار، هي لحظة محورية لتأكيد قدرة مجلس التعاون على لعب دور فاعل وموحد في المنطقة.
تؤدي دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية دورا متناميا في تعزيز الاستقرار في المنطقة، ما هي رؤيتكم لطبيعة التحديات التي تواجه المنطقة، والتصدي لها؟
تواجه المنطقة تحديات معقدة تتراوح بين النزاعات الإقليمية، والأزمات الاقتصادية، والتحولات الجيوسياسية، والتحديات البيئية والطاقة، فدول مجلس التعاون أدركت منذ فترة طويلة أن الحلول الفاعلة لا تتحقق إلا بالتنسيق المشترك، وتعزيز الجهوزية المؤسسية، وتقوية التعاون الأمني والاقتصادي والاجتماعي بين الدول الأعضاء، ومن هذا المنطلق تعمل دول المجلس على تبني سياسات مرنة ومبادرات تعاونية، وبرامج متكاملة لمعالجة التحديات بشكل شامل، مع الالتزام بالمبادئ الدولية واحترام سيادة الدول بما يرسخ الأمن والاستقرار ويحمي مصالح الشعوب الخليجية.
كيف تسهم سلطنة عمان في تعزيز الاستقرار والتنمية على مستوى المنطقة، وما هي رؤية السلطنة في هذا السياق؟
تتبوأ سلطنة عمان مكانة متميزة في المنطقة بفضل رؤيتها الاستراتيجية التي ترتكز على الحوار والتعاون البناء مع جميع الدول المجاورة، وتسعى إلى دعم التنمية المستدامة وتعزيز الاستقرار السياسي والاقتصادي، وذلك بفضل ما تمتلكه من رؤية شاملة ترتكز على مبدأ أن الأمن والاستقرار لا يتحققان إلا عبر شراكات متينة وتفاهم مستمر بين الدول، إضافة إلى تعزيز التنمية البشرية والاقتصادية.
ومن خلال هذا النهج، تلعب السلطنة دورًا محوريًا في تشجيع المبادرات الإقليمية المشتركة، ودعم المشروعات التنموية المستدامة، ورعاية جهود التعاون في مجالات البنية التحتية والطاقة والتعليم، ما يرسخ مكانتها كفاعل إيجابي وموثوق يسهم في رفع مستوى الاستقرار والازدهار في المنطقة بأسرها.


هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك