ظواهر تمثل تحديا واضحا للقانون: التظليل المعتم.. التجاوز من الخط الأصفر.. والوقوف على المربع الأصفر
سلوكيات البعض تثبت أن التوعيـة وحـدها لا تكفي!
علم النفس: انحراف سلوكي يعكس شخصية نرجسية متهورة أو تشعر بالنقص!
بعض المخالفات اعتداء صريح على حقوق الآخرين وإخلال بمبدأ العدالة في الطريق
صدور المرسوم بقانون رقم (30) لسنة 2025، بشأن تعديل قانون المرور، كان خطوة نوعية مهمة، لاسيما مع ما شهده المرسوم من تشديد العديد من العقوبات بهدف تحقيق الردع العام والخاص، وضمان عدم تكرار المخالفات، وزيادة السلامة المرورية، والحد من الحوادث خاصة الخطيرة. وصاحب المرسوم حملات توعوية وتغريمية كبيرة نظمتها الإدارة العامة للمرور استهدفت توعية سواق المركبات في مختلف مناطق البحرين، والتنويه بما يتضمنه القانون الجديد من عقوبات مشددة تشمل السجن ومضاعفة الغرامات المالية، ومصادرة المركبات وتطبيق نظام النقاط، وسحب الرخص وإلزام المخالفين بحضور دورات تدريبية نفسية ذهنية مكثفة كشرط لاستعادة رخصتهم.
ولكن كما يقال، يد واحدة لا تصفق. فهذه الجهود لا يمكن أن تحقق أهدافها النبيلة إذا لم يكن هناك في المقابل وعي جماهير وتعاون من المواطنين والمقيمين، يسهم في الحفاظ على السلامة المرورية، ويدعم دور رجال ودوريات الشرطة في هذا الإطار.
السؤال الذي يتبادر الى الذهن، هل أسهم تغليظ العقوبات فعلا في تقليص بعض أنواع المخالفات البارزة التي تظهر جهارا نهارا والتي تمثل تحديا واضحا للقوانين؟
«أخبار الخليج» أجرت جولات في طرقات البحرين لرصد عدد من المخالفات الظاهرة والتي يسهل رصدها وتغريمها، مثل التظليل الكامل لزجاج السيارة، والتجاوز من الخطوط الصفراء، والوقوف على المربعات الصفراء؟
الرايبون
عندما نتحدث عن تظليل زجاج السيارة (الرايبون)، نجد ان القانون يسمح بنسبة 30% كحد أقصى على النوافذ الجانبية والخلفية فقط، وصفر% على الزجاج الأمامي. وأكدت الإدارة العامة للمرور أنها تتخذ إجراءات قانونية مشددة تصل إلى حجز المركبة لكل من يضع حاجب رؤية على الزجاج الأمامي للمركبة وفقا للقانون الجديد.
الغريب انه لا يكاد يخلو طريق من مشهد السيارات المظللة بالكامل بشكل معتم تماما. وهذا ما يثير تساؤلا حول أسباب جرأة أصحابها في مخالفة القانون جهارا نهارا!
الخطوط الصفراء
النوع الآخر من المخالفات التي تمثل كما تؤكد الإدارة العامة للمرور اعتداء صريحا على حقوق الاخرين، واخلالا بمبدأ العدالة والمساواة والالتزام بالقانون، هي التجاوز من الخط الأصفر او خط الطوارئ. وهي للأسف من المخالفات المزعجة والخطيرة التي يصر الكثير من السواق على ارتكابها على الرغم من ان هذا المسار مخصص للطوارئ مثل الدفاع المدني والاسعاف وسيارات الشرطة.
ووفقا للمادة الثانية من مرسوم بقانون رقم (30) لسنة 2025، يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على شهر وبغرامة لا تقل عن مائة دينار ولا تجاوز خمسمائة دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من تجاوز في الأماكن الممنوع فيها التجاوز بمقتضى علامات المرور أو إشارات المرور الضوئية أو طبقاً لتعليمات رجل المرور أو تجاوز المركبات من خلال الخطوط الطولية المتصلة والمخصصة لسير مركبات الطوارئ (الخط الأصفر). وكما أسلفنا، رصدت كاميراتنا العديد من هذه التجاوزات جهارا نهارا!
المربعات الصفراء
وهناك نوع اخر من المخالفات المنتشرة للأسف والتي ربما تشير الى نقص ملفت في وعي مرتكبيها وهي الوقوف على المربع الأصفر في التقاطعات، والتي تسبب إرباكًا مروريًا كبيرًا في الشوارع. حيث يحظر القانون دخول السائقين الى المربع الأصفر (خطوط متقاطعة داخل التقاطع) إذا كان هناك ازدحام مروري سيؤدي إلى توقفهم داخل التقاطع.
وقد بدأ تطبيق مخالفات المربع الأصفر عند التقاطعات في الأول من مايو 2017، وينص القانون على أنه «عند توقف المرور أو تباطؤه بما يهدد إرباكه يجب على قائد المركبة برغم أولويته في المرور أو برغم النور الاخضر أو وجود أية إشارة أو علامة أخرى تسمح له بالمرور عدم الدخول في التقاطع».
وكما سبق الإشارة اليه، من السهولة بمكان رصد هذا النوع من المخالفات في الكثير من التقاطعات التي تحتوي على خطوط صفراء مثل إشارة المرور وتقاطع مدينة زايد وغيرها. حيث تسبب عرقلة كبيرة في حركة المرور وتجاوزا على حقوق الاخرين. بل وكما أكد أحد المواطنين، أنه في حالات عدة عندما يلتزم بالقانون ويقف قبل خط الإشارة الضوئية، يواجه غضب بعض السواق الذين يطلبون منه التقدم بحجة ان الإشارة خضراء!
التحليل النفسي
في لقاء سابق لنا مع استشاري الامراض النفسية الدكتور طارق المعداوي، أكد ان المخالفة المرورية الصريحة تسمى في علم النفس (انحراف سلوكي)، لأنها تنحرف عن المعايير والضوابط الاجتماعية والقانونية، حيث يقوم بها الشخص عن عمد وليس عن جهل، وهو عارف بأنها تضر الآخرين.
وقال: إن الدراسات النفسية تثبت أن الشخص الذي يرتكب مثل هذه السلوكيات والمخالفات يتميز بشخصية متهورة مع عدم الاكتراث بالمسؤولية الاجتماعية، وكثيرا ما يشعر هذا الشخص بالنقص. وقد تعكس المخالفات المرورية غير المسؤولة شخصية تعاني التهميش أو الاكتئاب! وقد تعكس هذه السلوكيات شخصية «نرجسية»، أو «سيكوباثية» يتميز صاحبها بسلوك ضد المجتمع وكره الحياة الطبيعية.
والأسوأ أن البعض يشعر بالتلذذ في مخالفة القوانين أو بالتميز عند الاقدام على مثل هذه السلوكيات، في حين ان الشخص السليم يكون ملتزما بالمعايير السلوكية والقانونية والاجتماعية.
رسالة
قد لا تبدو مثل هذه المخالفات خطيرة، ولكنها تمثل انتهاكا للقوانين ولحقوق الآخرين. وهذا ما يتطلب وعيا مجتمعيا مضاعفا، وربما جهودا أكبر من قبل الإدارة العامة للمرور في المراقبة والمخالفة بعد ان اثبتت التجربة ان التوعية لا تجدي مع البعض.



هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك