تتزايد ظاهرة انضمام شبان عراقيين إلى صفوف القوات الروسية في الحرب الأوكرانية، مدفوعةً بوعد برواتب مرتفعة ومزايا قد تبدو فرصة هاربة من واقع بطالة وفقر عميقين في بلادهم. قصص مثل قصة محمد عماد -الشاب العشريني الذي ظهر آخر مرة في فيديو على «تيك توك» بزي عسكري مع علم روسيا ثم انقطع الاتصال به- باتت تتكرر، ما يترك عائلات بأسرها في دوامة قلق وعدم يقين بشأن مصير أبنائها.
وتستغل جهات تنظيمية وتسويقية على منصات مثل تيك توك وتلغرام هذه الهشاشة: تعرض تسهيلات في الحصول على تأشيرات، وتروّج لعقود براتب شهري يصل إلى نحو 2800 دولار ومكافآت توقيع تصل إلى عشرات الآلاف. وتؤكد شهادات عائلات ومقاطع منشورة أن بعض المجندين يصلون إلى روسيا ثم يُرسلون إلى خط الجبهة في أوكرانيا، فيما يتهيأ آخرون لإرسال أموال لأهاليهم من أجور تبدو مغرية في ظل الواقع الاقتصادي العراقي.
لكن المخاطر كبيرة؛ فثلاثة من الشبان الذين تواصلت معهم وكالات أنباء وأسرهم أُدرجوا في عداد المفقودين، ورُفِعت جثث بعضهم إلى العراق أحيانًا مع تبعات اجتماعية وقانونية. وتُحذّر السلطات الدبلوماسية العراقية من محاولات «استدراج» مواطنين للقتال في الخارج، بينما تصدر محاكم محلية أحكامًا ضد من يُثبت تورطه في تجنيد وإرسال شبان إلى الحروب كجريمة اتجار بالبشر. المجتمع المحلي ينظر أحيانًا إلى العائدين أو أسرهم بعين الرفض أو الخجل، ما يزيد من مأساة العائلات.
ويُجمع مراقبون ودبلوماسيون على أن الدافع غالبًا اقتصادي صرف لا آيديولوجي: «لا يقاتلون من أجل فكرة بل بحثًا عن مصدر دخل»، كما وصف أحد المسؤولين الأوكرانيين. وفي المقابل، تؤكد العائلات أنها لا تريد أن يكون شبابها وقودًا لصراعات ليسوا طرفًا فيها، وتطالب بحماية رسمية ومتابعة حقيقية لمنع تجنيد مواطنين عاديين في حروب أجنبية.

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك