مع كل موسم تقلبات جوية، يبدأ كثيرون في البحث عن «الشفاء السريع» من نزلات البرد، غير مدركين أن استعجال العلاج قد يتحوّل إلى فخّ صحي يطيل فترة المرض ويضعف المناعة. فهذه العدوى الفيروسية لا يمكن القضاء عليها بالمضادات الحيوية، التي صُمّمت أساساً لمحاربة البكتيريا، واستخدامها الخاطئ لا يحقق الشفاء بل يفتح الباب أمام مقاومة دوائية خطرة تضعف الجسم على المدى الطويل.
ويحذر الأطباء من الاعتماد على بخاخات الأنف المزيلة للاحتقان فترات طويلة، إذ يؤدي استخدامها أكثر من ثلاثة أيام إلى ما يُعرف بـ«احتقان الارتداد»، حيث تتورم الممرات الأنفية مجدداً بعد زوال مفعول الدواء، ما يدفع المريض إلى استخدامها بشكل متكرر في حلقة مفرغة. ويُوصي المختصون باستبدالها بالمحلول الملحي أو البخار الدافئ لترطيب الأنف وتخفيف الالتهاب بطريقة آمنة.
كما يُعدّ إهمال الراحة والنوم من أبرز الأخطاء التي تُبطئ الشفاء، إذ يحتاج الجسم أثناء العدوى إلى توجيه طاقته لدعم الجهاز المناعي. ممارسة التمارين الشاقة أو الذهاب إلى العمل في ذروة المرض يزيدان من الإجهاد ويطيلان فترة التعافي، بل قد يتسببان في مضاعفات مثل التهاب الشعب الهوائية أو انتقال العدوى إلى الآخرين.
ومن الأخطاء الشائعة أيضاً خفض الحرارة البسيطة بشكل مفرط؛ فارتفاع درجة الحرارة إلى حدود 38.5 مئوية لدى البالغين الأصحاء هو استجابة دفاعية طبيعية تساعد الجسم على محاربة الفيروسات. الإسراع في تناول خافضات الحرارة عند أول ارتفاع طفيف يحرم الجسم من هذه الآلية الطبيعية، ويضعف مقاومته للمرض.
كما ينبه الأطباء إلى خطر الإفراط في المشروبات المحتوية على الكافيين مثل القهوة والمشروبات الغازية، التي تزيد من فقدان السوائل وتفاقم الجفاف. ويُعتبر الماء، والشاي العشبي الدافئ، وعصير الليمون بالعسل، والمرق الصافي أنسب الخيارات لدعم الترطيب وتعزيز المناعة خلال فترة النقاهة؛ فالعلاج الحقيقي لنزلات البرد لا يقوم على السرعة، بل على الصبر والراحة والتوازن بين الدواء والعادات الصحية السليمة.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك