تعيش العاصمة اللبنانية بيروت على وقع حراك دبلوماسي عربي ودولي مكثّف، هدفه منع انزلاق البلاد إلى حرب جديدة مع إسرائيل، وسط تصاعد التوتر حول ملف سلاح حزب الله، الذي ترفض الميليشيا نزعَه أو وضعَه تحت سلطة الدولة اللبنانية.
ويرى خبراء تحدثوا لـ«إرم نيوز» أن هذه التحركات تمثل الفرصة الأخيرة لإنقاذ لبنان من مواجهة عسكرية تبدو ملامحها واضحة في تصريحات متبادلة بين مسؤولين إسرائيليين وقيادات في حزب الله، أبرزهم الأمين العام نعيم قاسم، الذي أكد أن «تسليم السلاح غير وارد»، وأن الحزب يعيد بناء قدراته العسكرية بشكل أقوى من السابق.
وقال المنسق السابق للحكومة اللبنانية مع قوات «اليونيفيل» العميد منير شحادة: إن لبنان يواجه «ضغوطاً دولية متزايدة» لتنفيذ قرار يقضي بحصر السلاح بيد الدولة. وأضاف أن الجيش أعد خطة من خمس مراحل تبدأ من جنوب الليطاني، لكنها اصطدمت برفض الثنائي الشيعي (حزب الله – أمل)، فيما لم تُبدِ إسرائيل استعداداً للانسحاب من النقاط الحدودية المحتلة، ما أدى إلى تصعيد القصف الإسرائيلي على الجنوب.
وأوضح شحادة أن «المبعوثين الدوليين، وبينهم توم باراك ومورغان أورتاغوس وأمين عام الجامعة العربية أحمد أبو الغيط، يتحركون حالياً في بيروت لتخفيف حدة التوتر ومنع انفجار الوضع»، لكنه أكد أن نجاح هذه الجهود «غير مضمون في ظل تمسك حزب الله بموقفه الرافض لأي بحث في سلاحه قبل وقف الاعتداءات الإسرائيلية».
من جهته، وصف الباحث السياسي اللبناني ميشال شماعي الوضع الراهن بأنه «الفرصة الأخيرة لحماية لبنان من دمار شامل»، محذراً من أن أي ضربة إسرائيلية قادمة لن تستهدف حزب الله وحده، بل ستطال مؤسسات الدولة اللبنانية، والبنية التحتية الحيوية مثل الجسور والمطارات ومحطات الكهرباء، بما يؤدي إلى «شلّ الدولة تماماً».
وأضاف شماعي أن الحكومة «عاجزة عن تطبيق قراراتها» المتعلقة بحصر السلاح، وأن «الضامن الدولي والعربي الذي كان يمنع الحرب قد يرفع يده قريباً»، ما يجعل لبنان مكشوفاً أمام إسرائيل. وأشار إلى تصاعد عمليات الاغتيال الإسرائيلية ضد كوادر حزب الله منذ وقف إطلاق النار الأخير، معتبراً أن البلاد «تسير نحو أيام صعبة وسوداء».
وفي المقابل، يرى المحلل السياسي جمال ترو أن اندلاع الحرب «ليس حتمياً»، مشيراً إلى أن طهران قد تدفع حزب الله نحو تسوية في اللحظة الأخيرة لتفادي مواجهة إقليمية واسعة تضم إسرائيل وإيران وحلفاءهما في المنطقة. لكنه حذّر من أن تصريحات الطرفين تشير إلى أن «الشتاء المقبل قد لا يمر بهدوء»، في ظل استمرار إسرائيل في التلويح بالعمل العسكري إذا شعرت بالخطر.
ويخلص الخبراء إلى أن لبنان يقف اليوم على حافة مفترق تاريخي: فإما تسوية دبلوماسية تنزع فتيل الحرب، أو مواجهة مفتوحة قد تعيد البلاد إلى دائرة الدمار والفوضى التي عرفتها في حروب سابقة.

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك