العدد : ١٧٣٨٥ - الثلاثاء ٢٨ أكتوبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٦ جمادى الاول ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣٨٥ - الثلاثاء ٢٨ أكتوبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٦ جمادى الاول ١٤٤٧هـ

عربية ودولية

قطر ترد على الغارة الإسرائيلية بـ«قنبلة إعلامية»

الثلاثاء ٢٨ أكتوبر ٢٠٢٥ - 02:00

صعّدت‭ ‬قطر‭ ‬هجومها‭ ‬الإعلامي‭ ‬على‭ ‬إسرائيل‭ ‬مستخدمةً‭ ‬برنامج‭ ‬‮«‬ما‭ ‬خفي‭ ‬أعظم‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬تبثّه‭ ‬قناة‭ ‬الجزيرة،‭ ‬كمنصّة‭ ‬استراتيجية‭ ‬لكشف‭ ‬جرائم‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬وتعبئة‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬الدولي‭ ‬ضد‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬في‭ ‬خطوة‭ ‬وُصفت‭ ‬بأنها‭ ‬‮«‬رد‭ ‬إعلامي‭ ‬من‭ ‬العيار‭ ‬الثقيل‮»‬‭ ‬على‭ ‬الغارة‭ ‬التي‭ ‬استهدفت‭ ‬الدوحة‭ ‬في‭ ‬سبتمبر‭ ‬الماضي‭.‬

التحقيق‭ ‬الأول‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬الملاحقون‮»‬‭ ‬تناول‭ ‬جريمة‭ ‬مقتل‭ ‬الطفلة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬هند‭ ‬رجب‭ (‬6‭ ‬أعوام‭) ‬وعائلتها‭ ‬في‭ ‬حي‭ ‬تل‭ ‬الهوى‭ ‬بمدينة‭ ‬غزة‭ ‬في‭ ‬29‭ ‬يناير‭ ‬2024‭. ‬وقدّم‭ ‬التحقيق‭ ‬تسجيلات‭ ‬صوتية‭ ‬ومكالمات‭ ‬استغاثة‭ ‬بين‭ ‬هند‭ ‬وفريق‭ ‬الإسعاف،‭ ‬كشفت‭ ‬كيف‭ ‬تُركت‭ ‬الطفلة‭ ‬محاصرة‭ ‬داخل‭ ‬سيارة‭ ‬وسط‭ ‬جثث‭ ‬عائلتها‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تُقتل‭ ‬برصاص‭ ‬سرية‭ ‬‮«‬إمبراطورية‭ ‬مصاصي‭ ‬الدماء‮»‬‭ ‬التابعة‭ ‬للواء‭ ‬401‭ ‬المدرّع‭ ‬الإسرائيلي‭.‬

التحقيق‭ ‬عرض‭ ‬وثائق‭ ‬حصرية‭ ‬من‭ ‬مؤسسة‭ ‬هند‭ ‬رجب‭ ‬تثبت‭ ‬إصدار‭ ‬أمر‭ ‬مباشر‭ ‬من‭ ‬الضابط‭ ‬شون‭ ‬غلاس‭ ‬بإطلاق‭ ‬النار‭ ‬رغم‭ ‬معرفة‭ ‬هوية‭ ‬المدنيين،‭ ‬كما‭ ‬كشف‭ ‬أسماء‭ ‬جنود‭ ‬مزدوجي‭ ‬الجنسية‭ ‬متورطين‭ ‬في‭ ‬الجريمة،‭ ‬ما‭ ‬يفتح‭ ‬الباب‭ ‬أمام‭ ‬ملاحقات‭ ‬قضائية‭ ‬أوروبية‭.‬

أما‭ ‬التحقيق‭ ‬الثاني‭ ‬‮«‬قائمة‭ ‬الطيارين‮»‬‭ ‬فضم‭ ‬وثيقة‭ ‬سرّية‭ ‬مسرّبة‭ ‬تتضمن‭ ‬بيانات‭ ‬نحو‭ ‬30‭ ‬ألف‭ ‬طيار‭ ‬إسرائيلي‭ ‬شاركوا‭ ‬في‭ ‬قصف‭ ‬غزة‭ ‬منذ‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023،‭ ‬تشمل‭ ‬الأسماء‭ ‬الكاملة‭ ‬وأرقام‭ ‬الهوية‭ ‬والوحدات‭ ‬الجوية‭. ‬وقدّم‭ ‬التحقيق‭ ‬شهادات‭ ‬لضباط‭ ‬إسرائيليين‭ ‬سابقين‭ ‬أقرّوا‭ ‬بتعمّد‭ ‬استهداف‭ ‬المدنيين‭ ‬ضمن‭ ‬سياسة‭ ‬‮«‬الضغط‭ ‬الأقصى‮»‬‭. ‬كما‭ ‬وثّق‭ ‬غارات‭ ‬على‭ ‬مستشفى‭ ‬المعمداني‭ ‬التي‭ ‬أودت‭ ‬بحياة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬500‭ ‬شخص‭.‬

ويرى‭ ‬خبراء‭ ‬قانونيون‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الوثيقة‭ ‬تشكّل‭ ‬أداة‭ ‬إدانة‭ ‬قضائية‭ ‬يمكن‭ ‬استخدامها‭ ‬أمام‭ ‬المحكمة‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية،‭ ‬فيما‭ ‬وصف‭ ‬الخبير‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬يوسي‭ ‬ميلمان‭ ‬التسريب‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬كابوس‭ ‬لإسرائيل‮»‬،‭ ‬نظراً‭ ‬الى‭ ‬احتمال‭ ‬اعتقال‭ ‬الطيارين‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭.‬

وردّت‭ ‬إسرائيل‭ ‬بحملة‭ ‬إعلامية‭ ‬مضادة،‭ ‬واتهمت‭ ‬الجزيرة‭ ‬بشن‭ ‬‮«‬هجوم‭ ‬منظم‭ ‬لتشويه‭ ‬صورة‭ ‬الجيش‮»‬،‭ ‬بينما‭ ‬تدرس‭ ‬وزارة‭ ‬الدفاع‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬إجراءات‭ ‬قانونية‭ ‬ضد‭ ‬القناة،‭ ‬وارتفعت‭ ‬أصوات‭ ‬يمينية‭ ‬في‭ ‬الكنيست‭ ‬تطالب‭ ‬بإغلاق‭ ‬مكتبها‭ ‬في‭ ‬القدس‭ ‬المحتلة‭.‬

في‭ ‬المقابل،‭ ‬أكدت‭ ‬مصادر‭ ‬قطرية‭ ‬أن‭ ‬الدوحة‭ ‬تنسّق‭ ‬مع‭ ‬منظمات‭ ‬حقوقية‭ ‬دولية‭ ‬لتوثيق‭ ‬الأدلة‭ ‬وتقديمها‭ ‬أمام‭ ‬المحاكم،‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬ما‭ ‬وصفه‭ ‬مراقبون‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬تحويل‭ ‬الإعلام‭ ‬إلى‭ ‬سلاح‭ ‬دبلوماسي‮»‬‭.‬

وتصدّرت‭ ‬وسوم‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬ما‭ ‬خفي‭ ‬أعظم‮»‬‭ ‬الترند‭ ‬العالمي‭ ‬على‭ ‬منصة‭ ‬‮«‬إكس‮»‬،‭ ‬وحقق‭ ‬المقطع‭ ‬الترويجي‭ ‬للتحقيق‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬10‭ ‬ملايين‭ ‬مشاهدة‭ ‬خلال‭ ‬48‭ ‬ساعة،‭ ‬واعتبر‭ ‬المتابعون‭ ‬أن‭ ‬الجزيرة‭ ‬‮«‬أعادت‭ ‬الى‭ ‬الضحايا‭ ‬صوتهم‮»‬،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬قلّلت‭ ‬إسرائيل‭ ‬من‭ ‬أهمية‭ ‬التحقيقات‭ ‬ووصفتها‭ ‬بـ«الدعاية‭ ‬القطرية‮»‬‭.‬

يرى‭ ‬محللون‭ ‬أن‭ ‬التحقيقين‭ ‬شكّلا‭ ‬ردًّا‭ ‬إعلاميًا‭ ‬مباشرًا‭ ‬على‭ ‬الغارة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬التي‭ ‬استهدفت‭ ‬الدوحة‭ ‬في‭ ‬9‭ ‬سبتمبر،‭ ‬والتي‭ ‬وُصفت‭ ‬في‭ ‬الأوساط‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬بأنها‭ ‬‮«‬اختبار‭ ‬لحدود‭ ‬الصبر‭ ‬القطري‮»‬‭ ‬بعد‭ ‬ضمانات‭ ‬أمريكية‭ - ‬إسرائيلية‭ ‬بعدم‭ ‬المساس‭ ‬بقادة‭ ‬حماس‭ ‬المقيمين‭ ‬في‭ ‬قطر‭. ‬واعتبرت‭ ‬الدوحة‭ ‬الغارة‭ ‬‮«‬خيانة‮»‬‭ ‬وردّت‭ ‬عليها‭ ‬بـ«قنبلة‭ ‬إعلامية‮»‬‭ ‬أربكت‭ ‬تل‭ ‬أبيب‭ ‬قانونياً‭ ‬ومعنوياً‭.‬

وتؤكد‭ ‬هذه‭ ‬التطورات‭ ‬أن‭ ‬قطر‭ ‬باتت‭ ‬تستخدم‭ ‬الإعلام‭ ‬كسلاح‭ ‬استراتيجي‭ ‬يوازي‭ ‬القوة‭ ‬السياسية،‭ ‬مستندة‭ ‬إلى‭ ‬نفوذ‭ ‬قناة‭ ‬الجزيرة‭ ‬وتأثيرها‭ ‬الدولي،‭ ‬بينما‭ ‬تجد‭ ‬إسرائيل‭ ‬نفسها‭ ‬أمام‭ ‬جبهة‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬الحرب،‭ ‬لا‭ ‬تُخاض‭ ‬بالصواريخ،‭ ‬بل‭ ‬بالصور‭ ‬والتسجيلات‭ ‬والوثائق‭ ‬المسربة‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا