سلامة الشبكة تحظى بأولوية قصوى وخاصة في ظل التوترات الجيوسياسية
3 آلاف حالة دعم منذ تشغيل المشروع..وتجنيب الأعضاء أي انقطاع بنسبة 100%
3,6 مليارات دولار الوفورات التراكمية لدول المجلس منذ بدء الربط الكهربائي
نخطط لتصدير فائض الكهرباء إلى أوروبا في الشتاء.. ونستخدم الذكاء الصناعي لتطوير الشبكة
أجرى الحوار وليد دياب:
أكد المهندس أحمد الإبراهيم، الرئيس التنفيذي لهيئة الربط الكهربائي لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية أن مملكة البحرين من أهم مؤسسي هيئة الربط الكهربائي، وقادت جهود لجنة الربط الكهربائي الخليجي حتى تأسيس هيئة الربط الكهربائي في 2001، لافتا إلى أن الهيئة قامت بدور استشاري في الدراسات التخطيطية والإشراف على مشروع STATCOM (المعوض المتزامن الثابت) لهيئة الكهرباء والماء في مملكة البحرين، والذي يهدف إلى تعزيز استقرار ومرونة شبكة نقل الطاقة الكهربائية في مملكة البحرين.
وقال في حوار شامل مع «أخبار الخليج» إن شبكة الربط الكهربائي الخليجي حققت وفورات اقتصادية لدول المجلس تتراوح بين 200 إلى 300 مليون دولار أمريكي سنوياً، حيث بلغت الوفورات التراكمية لدول مجلس التعاون منذ بدء تشغيل المشروع ما يفوق 3,6 مليارات دولار أمريكي، مقارنة بالتكاليف الاستثمارية والتشغيلية للمشروع منذ إنشائه والتي بلغت حوالي مليار ونصف المليار دولار.
كما أشار إلى أن الطاقة المتجددة، تعد واحدة من أهداف دول مجلس التعاون المهمة، كاشفا عن أن الشبكة الخليجية المترابطة سجلت زيادة في نسبة الطاقة المتجددة لتصل إلى 17 بالمائة حاليا مع توقع وصولها إلى قرابة 50 بالمائة بحلول عام 2050.
{ نريد في البداية إلقاء الضوء سريعا على بداية عمل الهيئة وإلى أين وصلت وما دورها في استقرار أمن الطاقة الكهربائية في دول مجلس التعاون؟
-يُعَدُّ مشروع الربط الكهربائي الخليجي من أهم مشروعات ربط البنية الأساسية التي أقرها أصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون، ففي عام 2009 وصلت الرحلة إلى لحظة تاريخية، تجلت هذه اللحظة بتدشين أصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون الخليجي المرحلة الأولى وشملت أربع دول هي مملكة البحرين، المملكة العربية السعودية، دولة قطر، ودولة الكويت، ومنذ ذلك العام ارتبطت شبكات الكهرباء في دول مجلس التعاون الخليجي بشبكة خليجية مشتركة كان هدفها الأكبر المحافظة على استمرارية أمن الطاقة لشبكات كهرباء دول مجلس التعاون ومُحققة لأعلى مستويات الموثوقية والاعتمادية والكفاءة.
وفي عام 2011، بدأت المرحلة الثانية بربط شبكة كهرباء دولة الإمارات العربية المتحدة بالشبكة الرئيسية للربط الخليجي، وفي عام 2014 اكتمل عقد الربط الكهربائي الخليجي في شبكة كهرباء موحدة، بانضمام سلطنة عُمان إلى الربط الكهربائي الخليجي بعضوية كاملة.
وحقق هذا المشروع الاستراتيجي الخليجي منافع فنية واقتصادية لدول المجلس، حيث يسهم بالدعم في الحالات الطارئة، ويحقق تجنب شبكات كهرباء دول مجلس التعاون من أي انقطاع جزئي أو كلي بنسبة 100%، وذلك من خلال تقديم الدعم الفوري خلال الحالات الطارئة بنقل الطاقة المطلوبة عبر شبكة الربط الكهربائي التي تمتد حاليا لما يقارب من 1400 كيلو متر من دولة الكويت شمالاً إلى سلطنة عُمان جنوباً.
ومنذ تشغيل المشروع وحتى الآن تمت مساندة ما يقرب من 3000 حالة دعم، مما أدى الى ارتفاع موثوقية واستقرار الشبكات الخليجية المترابطة وتفادى قطع الكهرباء على المستهلكين، ومن خلال الربط الكهربائي تستطيع الدول الأعضاء تبادل الطاقة الكهربائية بكفاءة عالية، والمشاركة في مصادر الإنتاج والطاقات الاحتياطية مما ينتج عنه وفر اقتصادي في الاستثمارات المطلوبة ويخفض كلفة الإنتاج واستهلاك الوقود.
{ ما الوفر الاقتصادي الذي حققه الربط الكهربائي للدول الأعضاء منذ بدء تشغيل المشروع وحتى الآن؟
-بطرق كثيرة، حققت شبكة الربط الكهربائي الخليجي وفورات اقتصادية لدول المجلس تتراوح بين 200 إلى 300 مليون دولار أمريكي سنوياً، وقد بلغت الوفورات التراكمية لدول مجلس التعاون منذ بدء تشغيل المشروع ما يفوق 3,6 مليارات دولار أمريكي، مقارنة بالتكاليف الاستثمارية والتشغيلية للمشروع منذ إنشائه والتي بلغت حوالي مليار ونصف المليار دولار.
يشمل الوفر الذي تحقق توفير تكلفة بناء محطات توليد جديدة، وكذلك وفراً في مصاريف التشغيل والصيانة، وتقليل الانبعاثات الكربونية، ولكن يكمن الوفر الأكبر للربط في الوفورات الاقتصادية الناتجة عن تجارة الطاقة بشكل اقتصادي بين الدول الأعضاء والتي قد تصل الى مليار دولار سنويا، حيث تواصل الهيئة جهودها في تفعيل تجارة الطاقة، سواء من خلال تسويق فرص التجارة أو من خلال منصة تجارة الطاقة التي أطلقناها في السنوات الماضية.
{ ما أبرز مشاريع التوسعة الحالية التي تعمل عليها الهيئة وما المشاريع المستقبلية؟ وهل هناك تصورات للربط بشبكات الكهرباء في الدول المجاورة؟
-أصبح توسع الربط الكهربائي، وتحديث الأنظمة الحالية، من المتطلبات المهمة للمرحلة القادمة من النمو والتحول الطاقي الذي تشهده دول مجلس التعاون، والذي تضعه هيئة الربط الكهربائي في مقدمة أهدافها ، لكي نواصل تحقيق الأهداف المرجوة منا، لذا كان لزاماً علينا أن نسعى لتطوير وتحديث شبكتنا، وزيادة قوتها وسعتها الاستيعابية، وبناءً على نتائج دراسات الجدوى الفنية والاقتصادية الشاملة التي أثبتت تماشي المشروع مع الخطط الاستراتيجية للهيئة لضمان توفير شبكة كهربائية مرنة وفعالة وفوائد طويلة الأجل للبنية التحتية للطاقة في المنطقة، فمن أجل هذا نعمل حاليا على توسيع شبكتنا، من خلال عدة مشاريع طموحة، يأتي في مقدمتها مشروع توسعة الربط مع دولة الكويت الذي يهدف إلى تعزيز شبكة هيئة الربط الكهربائي الخليجي من خلال رفع سعة نقل الطاقة مع الكويت إلى حوالي 3000 ميغاواط عن طريق إنشاء محطة فرعية 400 كيلو فولت في الوفرة بالكويت، وإنشاء خطوط هوائية مزدوجة الدائرة لربط محطة الوفرة بمحطة الفاضلي في المملكة العربية السعودية، المشروع سيخدم دولة الكويت بشكل كبير ويرفع قدرة شبكتها بشكل أكبر، والذي تم الانتهاء من تشييده وتشغيله بالكامل في نهاية يوليو 2025م.
والمشروع الثاني هو الربط المباشر مع سلطنة عُمان، حيث ترتبط شبكة كهرباء سلطنة عُمان حالياً بشبكة الربط الكهربائي الخليجي عبر شبكة دولة الإمارات العربية المتحدة بجهد 220 كيلو فولت وبقدرة 400 ميجاواط، لذا يهدف مشروع الربط المباشر إلى تعزيز الفوائد الفنية والاقتصادية للسلطنة والشبكة الخليجية، ويتضمن المشروع رفع جهد الربط إلى 400 كيلوفولت بإنشاء خطين كهربائيين للربط مباشرة بين شبكة الهيئة وشبكة سلطنة عمان، وإنشاء محطتين لنقل الطاقة بجهد 400 كيلو فولت، محطة عبري في عُمان ومحطة البينونة في الإمارات العربية المتحدة، ويتوقع الانتهاء منه في 2027.
والمشروع الثالث هو توسعة الربط الكهربائي مع دولة الإمارات العربية المتحدة، ويشمل إنشاء خطين هوائيين بجهد 400 ك. ف. يمتد على مسافة 96 كيلومتراً، لربط محطة السلع في دولة الإمارات بمحطة سلوى في المملكة العربية السعودية، بالإضافة إلى توسعة ثلاث محطات رئيسية تشمل غونان، السلع، وسلوى، التابعة للهيئة. ويتوقع الانتهاء من المشروع في 2027.
{ ما دور هيئة الربط الكهربائي في تمكين الشبكات الخليجية من ربط ودمج الطاقة المتجددة؟
- الطاقة المتجددة، واحدة من أهداف دول مجلس التعاون المهمة، بكل تأكيد هناك تحوّل كبير نحو الطاقة المتجددة والنظيفة، للوصول إلى الحياد الصفري والتي أصبح هدفاً لجميع دول العالم ومن بينها دول مجلس التعاون التي وضعت أهدافًا للحياد الصفري ستصل إليها بين عامي 2050 و2060.
وقد سجلت الشبكة الخليجية المترابطة زيادة في نسبة الطاقة المتجددة لتصل إلى 17 بالمائة حاليا مع توقع وصولها إلى قرابة 50 بالمائة بحلول عام 2050، ويلعب الربط الكهربائي الخليجي دورا مهما في التمكن من إدماج مصادر الطاقة المتجددة في الشبكات الخليجية بشكل آمن وموثوق من خلال تقليل آثار التغيرات المفاجئة في إنتاج الطاقة المتجددة من خلال تبادل الطاقة، وكذلك إمكانية تجارة الطاقة المتجددة بشكل تجاري من خلال السوق الخليجي المشترك للكهرباء الذي تديره الهيئة.
{ لماذا لا نرى استفادة كبيرة من إنتاج الكهرباء عبر الطاقة الشمسية في منطقة الخليج مقارنة بدول أخرى في أوروبا؟
-بلا شك، أثبتت الطاقة الشمسية نجاحها حتى الآن، خاصة وأن بقية النماذج قيد التطوير وتحتاج إلى استثمارات لتطويرها، كما أن تكاليف توليد الطاقة الشمسية أصبحت أقل وهي الخيار الاقتصادي المتوفر، وهي أقل أيضًا من الوقود العادي، خاصة وأن منطقة الخليج تتمتع بموقع استراتيجي وموارد وفيرة من الطاقة الشمسية، مما يجعلها مثالية لتطوير مشاريع الطاقة الشمسية، وبلا شك يمثل التحول إلى الطاقة الشمسية خطوة نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة وتنويع مصادر الطاقة في المنطقة.
ولكن لكي نستفيد من مشاريع الطاقة الشمسية التي بدأت تتسع في دول الخليج، نحتاج أيضا إلى إدخال تقنيات مختلفة متعلقة مثلًا بتخزين الطاقة، فتوليد الكهرباء التقليدي نستطيع التحكم به 100 % على حسب الطلب، أما الطاقة الشمسية فلا نستطيع التحكم فيها خصوصًا فيما يتعلق بالاستهلاك والإنتاج، هناك بكل تأكيد أحيانًا طاقة فائضة، ونحتاج لتخزينها سواء في البطاريات أو أي تقنيات أخرى، ولذا نحن الآن نعتمد على استخدام النظام المدمج بينهما، بحيث يتم التحكم بالإنتاج بحسب الاستهلاك، حالياِ نحن لا نستطيع الاعتماد بشكل كلي على الطاقة البديلة، ويجب أن يكون هناك توازن بين الاثنين، فنحن ما زلنا بحاجة للطاقة التقليدية للحفاظ على استقرار النظام الكهربائي. لكن الخطط القادمة لدول مجلس التعاون ستشهد نمو كبيراً في كميات الطاقة المتجددة لتوازي ما يقارب 50% بحلول عام 2050.
{ هل زيادة الاعتماد على الطاقة المتجددة يؤدي إلى خفض أسعار الكهرباء؟
-هذا متوقع بالتأكيد، فالربط الخليجي وإدماج محطات الطاقة المتجددة يمثل فرصة لتحقيق وفورات في التكاليف، حيث أصبحت الطاقة الشمسية خاصة من أقل مصادر الطاقة المتجددة كلفة، خاصة في منطقة الخليج حيث تتوفر وفرة في أشعة الشمس، هذا الانخفاض في التكاليف يجعل الطاقة الشمسية خيارًا جذابًا لتلبية احتياجات الطاقة المتزايدة في المنطقة وتنويع مصادر الطاقة، وفي نهاية المطاف سيقود لخفض أسعار الكهرباء.
لكن يجب أن نضع في اعتبارنا أن أسعار الكهرباء للمواطنين الخليجيين مازالت مدعومة بشكل كبير من حكومات دول مجلس التعاون.
{ كان هناك لقاء مؤخرا مع كل من وزير الكهرباء والماء ورئيس هيئة الكهرباء والماء في البحرين وتم بحث سبل تطوير التعاون المشترك، هل يمكن التعرف على أبرز ملامح هذا التعاون؟
-بلا شك، فإن مملكة البحرين من أهم مؤسسي هيئة الربط الكهربائي، وقادت جهود لجنة الربط الكهربائي الخليجي حتى تأسيس هيئة الربط الكهربائي في 2001، ونحن حريصون على تعزيز أوجه التعاون والتنسيق المشترك بما يسهم في مواكبة التطورات التقنية الحديثة في أنظمة شبكات الكهرباء والطاقة ويعود بالخير على الجميع.
ومثل هذه اللقاءات التي نسعد فيها بالحديث مع وزراء ورؤساء الكهرباء في دول مجلس التعاون الخليجي، مهمة للإبقاء عل لغة التواصل بيننا وبين المسؤولين عن قطاعات الطاقة والكهرباء، وخلال لقائي مع كل من وزير الكهرباء والماء ورئيس هيئة الكهرباء والماء في مملكة البحرين، تم استعراض مستجدات المشاريع القائمة بين دول المجلس وخاصة دراسات توسعة الربط مع مملكة البحرين، إضافة إلى مناقشة الرؤى المستقبلية المشتركة التي تسهم في تحقيق الأهداف التنموية، كما تم بحث رؤية البحرين لدور هيئة الربط الكهربائي في تعميق التعاون وتحقيق أفضل الممارسات للوصول إلى بنية تحتية أكثر تطورًا في دول مجلس التعاون عامة وفي مملكة البحرين بشكل أخص.
{ ما الدور الذي لعبته الهيئة في مشروع STATCOM الذي نفذته هيئة الكهرباء والماء بالبحرين مؤخراً؟
-ضمن دورها في الدعم الفني للدول الأعضاء لتنفيذ التوصيات الفنية الداعمة لاستقرار شبكات الكهرباء الخليجية، فقد قامت هيئة الربط الكهربائي الخليجي بدور الاستشاري في الدراسات التخطيطية والإشراف على مشروع STATCOM (المعوض المتزامن الثابت) لهيئة الكهرباء والماء في مملكة البحرين، والذي يهدف إلى تعزيز استقرار ومرونة شبكة نقل الطاقة الكهربائية في مملكة البحرين، ويأتي هذا المشروع في إطار الخطط الاستراتيجية لهيئة الكهرباء والماء لضمان توفير شبكة كهربائية موثوقة وفعالة.
ونظام STATCOM هو نظام طاقة فعال مصمم خصيصًا للشبكات ذات المتطلبات العالية، تتيح مرونة النظام تطبيقه في مجموعة واسعة من التطبيقات، مثل تثبيت الجهد الديناميكي، وموازنة جهد الأحمال غير المتماثلة، وتخفيف تذبذب الجهد الناتج عن الأفران الكهربائية، وترشيح التوافقيات النشطة.
والهدف الأساسي للمشروع، هو تعزيز استقرار شبكة كهرباء البحرين بشكل خاص مما يسهم في استقرار شبكة الربط الكهربائي الخليجي وزيادة سعة نقل الطاقة، ويتوقع أن يحقق المشروع العديد من الفوائد الاقتصادية، أهمها زيادة موثوقية الخدمة الكهربائية في منطقة الخليج، وتعزيز التكامل الاقتصادي بين دول مجلس التعاون الخليجي، إضافة إلى تحقيق الكفاءة الاقتصادية في تجارة الطاقة، وتوفير قدرة إجمالية عالية، ويعزز المشروع التكامل الإقليمي في قطاع الطاقة ويسهم في تحقيق التنمية المستدامة.
{ كيف يتم شراء الطاقة الكهربائية بين الدول، وما الدور الذي تقوم به الهيئة، وهل هناك اختلاف في تكلفة الإنتاج من دولة وأخرى؟
-تعد تجارة الطاقة الكهربائية بين الدول الأعضاء من بين الأهداف الرئيسية من إنشاء هيئة الربط الكهربائي حسب الاتفاقيات الرئيسية الموقعة بين دول مجلس التعاون، وتحقيقاً لهذا الهدف قامت الهيئة منذ انطلاق المشروع والتشغيل الفعلي للربط التزامني بين الدول بتبني مبادرات ومشاريع لتطوير وتعزيز المتاجرة بالطاقة الكهربائية وإبراز الفوائد الاقتصادية الممكن تحقيقها من عمليات المتاجرة بالطاقة الكهربائية.
فقد دشنت الهيئة «المنصة الإلكترونية لتسعير الطاقة الكهربائية في دول مجلس التعاون»، والتي تعُتبر حجر الزاوية لتشغيل مشروع منصة تجارة الطاقة حيث بلغت الصفقات لتبادل الطاقة الكهربائية بصفتيها العينية والنقدية خلال العام الماضي مقدار 1,056,000 ميجاواط/ساعة. بقيمة 136.46 مليون دولار، وما زلنا في الخطوات الأولى.
بحسب الدراسات التي أجرتها الهيئة مع كبار الشركات المختصة، إن قيمة الوفورات الاقتصادية المتاحة لدول مجلس التعاون من خلال استغلال فرص التجارة في السوق اللحظية للفترات القصيرة يفوق 200 مليون دولار في العام، ويمكن أن يصل الوفر إلى حوالي مليار دولار سنوياً بالاستغلال الأمثل لجميع فرص تجارة الطاقة على المدى القصير والطويل.
{ تحدثتم من قبل عن الربط مع العراق ومن ثم تصدير الكهرباء إلى أوروبا.. ما الجديد في هذا الأمر؟ وأيضا بشأن الربط مع الكويت إلى أي مدى وصلتم في هذا المشروع؟
-ضمن مشاريع التوسع خارج المنظومة الكهربائية لدول مجلس التعاون، احتفلنا خلال العام الماضي ببدء تنفيذ مشروع الربط الكهربائي بين دول مجلس التعاون وجمهورية العراق، والذي أقيم تحت رعاية وحضور صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف بن عبد العزيز أمير المنطقة الشرقية وبحضور وزراء الطاقة المعنيين بشؤون الكهرباء بدول مجلس التعاون وجمهورية العراق، حيث يأتي هذا المشروع تأكيداً للتعاون بين دول مجلس التعاون وجمهورية العراق لدعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية ، كما يمثل الربط مع جمهورية العراق خطوة لتحقيق الأهداف الاستراتيجية التي تقوم بها الهيئة نحو الربط مع منظومات الكهرباء بالدول المجاورة تحقيقاً لرؤيتها المستقبلية بالربط الإقليمي، المشروع الذي سيسهم في تعزيز أمن الطاقة ويمكن دول مجلس التعاون من تزويد العراق بنحو 3.94 تيرا وات/ساعة سنويًا، بحسب السيناريوهات الموضوعة، وبأسعار تنافسية تقل عن تكلفة الإنتاج المحلي، مما يؤدي إلى تخفيض النفقات العامة.
وقد وصل مشروع الربط مع جمهورية العراق والذي سيوفر قدرة نقل تفوق 1000 ميجاوات الى مراحل متقدمة في التنفيذ ويتوقع استكماله وتشغيله مع أواخر العام الحالي، ومن ثم سيتم البدء في إبرام عقود تجارية لبيع الطاقة من دول مجلس التعاون إلى جمهورية العراق بحدود 500-600 ميجاوات.
{ دائما ما تحتاج دول الخليج إلى الكهرباء في فصل الصيف والعكس يكون مع فصل الشتاء.. فكيف يتم تلبية الاحتياجات في فصل الصيف؟
-من المعروف أن استهلاك الكهرباء في دول مجلس التعاون في الصيف أكثر من الشتاء، لارتفاع درجة الحرارة، لذلك تجد أن معظم إنتاج الكهرباء في دول الخليج يكون مخصصًا خلال فترة الصيف لعمليات التكييف والتبريد، والذي قد يبلغ حوالي 70% من الإنتاج، بينما في الشتاء ينخفض الاستهلاك بنسبة كبيرة، لذلك، في فترة الشتاء يكون لدينا فائض، فنرى أنه يمكن بيع هذه الكميات التي يتم إنتاجها.
لذا من الأهداف الطويلة المدى للربط الكهربائي هو الربط مع الأقاليم الأخرى في أوروبا وآسيا وإفريقيا لبيع وتصدير الطاقة الفائضة خلال فترة الشتاء خاصة من مصادر الطاقة المتجددة.
{ إلى أي مدى وصلت الهيئة من ادخال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في إدارة شبكة الربط الكهربائي؟
-لتلافي أية مشاكل في الأحمال ننسق ونراقب من كثب من خلال مهندسينا في مركز التحكم الرئيسي للربط، جميع عمليات تبادل وتجارة الطاقة ومراقبة الشبكات بشكل مستمر على مدار الساعة وذلك من خلال أنظمة متطورة ودقيقة للتحكم والمراقبة، ويتم ذلك في أجزاء من الثانية، وبشكل مباشر، دون أن يشعر المواطن الخليجي بأي قصور في الشبكة، ومن خلال استخدام تقنيات الذكاء الصناعي في إدارة عملية المراقبة.
نحن حريصون في هيئة الربط الكهربائي على مواكبة التطور في مجال تكنولوجيا الذكاء الصناعي، وقد بدأنا في مراكز التحكم استخدام برامج خاصة بالذكاء الصناعي، وننظم العديد من ورش العمل المتخصصة لاستكشاف تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي في أنظمة الطاقة بهدف تسريع تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي في قطاع الطاقة، ونتشارك لتحقيق هذا الهدف مع عديد من شركات التكنولوجيا الرائدة، بهدف دفع عجلة التحول الرقمي وتعزيز جاهزية شبكات الطاقة لدول مجلس التعاون لمتطلبات المستقبل، حيث يشكل الذكاء الاصطناعي التوليدي أداة استراتيجية لتطوير كيفية تخطيط الشبكات الكهربائية وتشغيلها وإدارتها بكفاءة أعلى، بما يسهم في تحقيق أمن الطاقة واستدامتها وتلبية تطلعات التنمية المستدامة لدول المجلس.
{ وفقا للتوترات الإقليمية التي شهدتها المنطقة مؤخرا نريد الاطمئنان على سلامة شبكة الربط الخليجية للكهرباء وهل هناك وسائل تأمين لها في تلك المواقف؟
-تؤكد هيئة الربط الكهربائي الخليجي أن سلامة وموثوقية شبكة الربط الكهربائي الخليجي تحظى بأولوية قصوى، خصوصًا في ظل التوترات الجيوسياسية التي قد تشهدها المنطقة من حين لآخر، وقد كان للدعم الاستراتيجي من الدول الأعضاء في مجلس التعاون دورٌ محوري في تمكين الهيئة من وضع السياسات والاستراتيجيات الشاملة التي تعزز من تكامل العمل بين الهيئة وكل الجهات الحيوية في المنطقة، بما يضمن استمرارية ومأمونية شبكة الربط الكهربائي في جميع الظروف والأزمات.
كما قامت الهيئة بتطوير وتطبيق أنظمة متقدمة لإدارة الجودة، واستمرارية الأعمال، ومواجهة الكوارث، وإدارة الأزمات، وإدارة الأصول، بما يتماشى مع أفضل الممارسات والمعايير العالمية. وتُعد خطط إدارة الأزمات المعتمدة من قبل الهيئة جزءًا أساسياً من هذه الجهود، حيث تم إعدادها بما يتناسب مع مستوى الجاهزية والموارد المتوفرة في الدول الأعضاء، مع ضمان التكامل والتنسيق الإقليمي المشترك.
نحن ملتزمون في هيئة الربط الكهربائي الخليجي بالحفاظ على موثوقية الشبكة، ورفع مستوى الجاهزية والاستجابة، وتعزيز أمن الطاقة، بما يحقق أهداف وتطلعات الدول الأعضاء في مجلس التعاون لدول الخليج العربية.

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك