المؤشر يركز على تلبية احتياجات المواطنين.. أسس الرفاهية.. فرص الاستثمار في إمكانات الأفراد
يجب أن يدار الرفاه الاجتماعي بحذر حتى لا يتحول إلى عبء طويل المدى
أداء البحرين يشير إلى نقاط قوة.. ومازلنا بحاجة إلى جهود أكبر في بعض المؤشرات
الرفاهية المفرطة في بعض الدول خلقت عزلة اجتماعية.. ضعف دور الأسرة.. وظاهرة «كاروشي»!
دول متقدمة لم تعد قادرة على تحمل تكاليف الرفاهية الاجتماعية
كشفت بياناتُ المركزِ الإحصائيِّ لدولِ مجلس التعاون لدول الخليج العربيَّة، أن البحرين حققت تقدمًا ملحوظًا في مؤشِّرِ التقدُّمِ الاجتماعي العالمي لعام 2025، متجاوزة متوسط الأداء العالمي والإقليمي، وذلك بشكل موازٍ لتقدم مماثل حققته دول الخليج الشقيقة.
ولفت التقرير إلى أن المملكةَ سجلت درجة تقدم اجتماعي بلغت 69.1 من أصل 100 نقطة لعام 2024، فيما يبلغ المتوسط العالمي ومنطقة المينا 60.3 نقطة، ومتوسط دول أوروبا 79.2 نقطة.
بشكل عام، يحاول المؤشر أو ما يعرف بمؤشر «AlTi» أن يجيب عن ثلاثة أسئلة أساسية هي: هل توفر الدولة الاحتياجات الأساسية لشعبها؟ هل تم وضع اللبنات الأساسية للأفراد والمجتمعات لتعزيز الرفاهية واستدامتها؟ هل هناك فرصة لجميع الأفراد لتحقيق إمكاناتهم الكاملة.
وبالنظر إلى الجوانب السابقة، نجد أن مؤشر التقدم الاجتماعي العالمي يركز على الجوانب غير الاقتصادية التقليدية للأداء الوطني مثل الناتج المحلي الإجمالي للفرد. لكنه يبقى مرتبطا بمؤشرات أخرى مثل التنمية البشرية ومؤشر منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية للحياة الأفضل. كما أنه يعدُّ استكمالا للمقاييس الاقتصادية الأخرى.
وتُقاس درجات المؤشرات من 0 إلى 100، حيث يُمثل الرقم 100 أفضل سيناريو ممكن، بينما يُشير الرقم 0 إلى أسوأ سيناريو ممكن. وهو يغطي 99% من سكان العالم.

معايير المؤشر
السؤال الذي يطرح نفسه هنا، ما مؤشر التقدم الاجتماعي العالمي وما أهميته؟ ما المعايير التي يرتكز عليها، وماذا يعكس تقدمُ أو تراجعُ أي دولة؟
تساؤلات ناقشناها بداية مع الأكاديمية والباحثة الاجتماعية الدكتورة أحلام القاسمي، التي تمهد لحديثها بالإشارة إلى أن مؤشر التقدم الاجتماعي العالمي لعام 2025 Global Social Progress Index، تصدره منظمة غير ربحية تدعى Social Progress Imperative)، ويعرف التقدم الاجتماعي العالمي Global Social Progress بأنه قدرة المجتمع على تلبية الاحتياجات الإنسانية الأساسية لمواطنيه، ووضع الأسس التي تُمكِّن المواطنين والمجتمعات من تحسين جودة حياتهم واستدامتها، وتهيئة الظروف المُناسبة لجميع الأفراد لتحقيق كامل إمكاناتهم.
*وما المعايير التي يعتمد عليها حساب التقدم الاجتماعي العالمي؟
-بشكل عام، يمتاز مقياس التقدم الاجتماعي العالمي بنهجه الشامل وتقييمه الدقيق لرفاهية المجتمع، ومصمم لقياس التقدم ودفع الإجراءات الرامية إلى تحسين جودة الحياة في المجتمعات حول العالم. وبغض النظر عن الأداء الاقتصادي لهذا البلد أو ذاك، فإن المقياس يوضح بدقة كيف يعيش الناس حقًا ومن يتخلف عن الركب. ويمكن لصانعي السياسات والمستثمرين والشركات ومواطني الدول استخدام المقياس لقياس النجاح وتحديد مجالات القوة أو الضعف المحددة لإعطائها الأولوية والتعلم من الآخرين.
ويتتبع مقياس التقدم الاجتماعي العالمي لعام 2025 أداء 170 دولة من عام 2011 إلى عام 2024 عبر المحركات الرئيسية للتقدم الاجتماعي. ويتألف المقياس من 57 مؤشرًا في الصحة والسلامة والتعليم والحقوق والبيئة وغيرها.
لكنه الوقت نفسه يركز على ثلاثة أبعاد للتقدم الاجتماعي: الاحتياجات الأساسية، وأسس الرفاهية، والفرص. ويندرج تحت كل بُعد أربعة أساسية، يتألف كل منها بدوره من مؤشرات محددة (يتراوح عددها بين 3-5) دالة على النتائج. وقد اختيرت المقاييس المتضمنة في المؤشر لأنها قابلة للقياس على نحو مناسب، باستخدام منهجية متسقة، من قبل منظمة Social Progress Imperative. ويهدف هذا الإطار إلى تحديد مجموعة واسعة من العوامل المترابطة فيما بينها التي تُظهِر أبحاث العلماء وتجارب أصحاب الخبرة العملية أنها تشكل دعائم التقدم الاجتماعي. ويتميز مقياس التقدم الاجتماعي بميزتين أساسيتين: استبعاد المتغيرات الاقتصادية، واستخدام مؤشرات دالة على النتائج عوضًا عن المدخلات.
نفخر بالإنجازات
*أكدت الأرقام تحقيق البحرين ودول الخليج تقدما ملحوظا في عام 2025 بمؤشر التقدم الاجتماعي العالمي، في رأيك، ما أبرز المقومات التي تميز البحرين في هذا الجانب؟
-بلا شك، يحق لنا أن نفخر بما أنجزته البحرين من تقدّم كبير وملحوظ في مجال التقدم الاجتماعي، حيث تمكنت من بناء أساس متين يدعم جودة حياة المواطنين والمقيمين، وذلك من خلال رؤية اقتصادية واضحة واستثمار في الإنسان. ويتضح هذا في مجالات التقدم الاجتماعي الثلاثة الأساسية: الاحتياجات الأساسية، وأسس الرفاهية، والفرص.
حيث نجد أن البحرين تقدم خدمات ممتازة في مجالات التعليم والصحة والمياه النظيفة والكهرباء ومنظومة الحماية الاجتماعية (التقاعد والتأمينات الاجتماعية والتأمين ضد العجز والتعطل...إلخ) وفي الوقت نفسه لا نجد أحياء عشوائية أو مساكن غير لائقة. كما يشعر الجميع على هذه الأرض بالأمان، وتوفّر الأطر القانونية والمؤسساتية لتمكين المرأة، وتعميم ثقافة التسامح والتنوع. وكل هذه أسس تسهم في تحقيق تقدم مطرد في مؤشر التقدم الاجتماعي العالمي.
ومثل كل بلدان العالم المتقدمة، فإن البحرين تسعى دائمًا إلى تحسين هذه الخدمات وتجويدها على كل المستويات، وذلك بما يضمن استدامة هذه الخدمات وشمولها لكل الفئات الاجتماعية على المدى الطويل.
وباختصار، تمتلك البحرين في رصيدها إنجازًا كبيرًا في مجالات التقدم الاجتماعي يعتمد على توفير الاحتياجات الأساسية وبيئة أعمال تنافسية وحماية اجتماعية واسعة وتوافر الفرص على قدم المساواة. ويرتكز التطوير المستقبلي على تحسين كل هذا وتجويده وضمان استدامته وشموليته.
دول تتراجع
* هل يعدُّ الارتفاع الكبير في مؤشر الرفاهية الاجتماعية أمرا إيجابيا دائما؟
-هذا سؤال مهم، فمن حيث المبدأ يعد مؤشر الرفاهية الاجتماعية واحدًا مِن أهم مؤشرات جودة الحياة والتقدم الاجتماعي، لكن علينا أن ننتبه إلى أن مفهوم الرفاهية الاجتماعية لا يعني ما نتصوره في أذهاننا لأول وهلة حين نسمع كلمة «رفاهية» أي حالة من البذخ والتبذير والخيرات الكثيرة الرغيدة.
فتعبير «الرفاهية الاجتماعية» يحدد حالة يتم فيها تلبية الاحتياجات الإنسانية الأساسية بحيث يكون الناس قادرين على التعايش بسلام في المجتمعات المحلية مع توفر فرص التقدم. وتتميز هذه الحالة بالمساواة في الحصول على خدمات الاحتياجات الأساسية وتقديمها مثل (المياه والغذاء والسكن والخدمات الصحية)، بالإضافة إلى توفير التعليم الابتدائي والثانوي والحفاظ على النسيج الاجتماعي والحياة المجتمعية.
وجرى العرف في العلوم الاجتماعية أن تسمى الدول التي تقدم هذه الخدمات بأنها «دول الرفاه الاجتماعي». وبحسب عالم الاجتماع البريطاني الشهير أنتوني غيدنز، فإن الرفاهية الاجتماعية تتحدّد في البلدان التي تقدم الخدمات الاجتماعية إلى مواطنيها، وهو تعريف يكاد ينطبق على كثير من الدول المتقدمة التي تسعى إلى تحقيق العدالة الاجتماعية والحد من عدم المساواة. وقد عرّفتها الأمم المتحدة بأنها «بمثابة مجموعة متسقة من الأنشطة والبرامج الموجهة نحو الخدمات الاجتماعية لتحسين حالة المجتمع المحلي والفرد».
لكن علينا أن ننتبه هنا إلى أن بعض البلدان الأوروبية التي كانت تسمى دول رفاه اجتماعي حتى عهد قريب بدأت تتراجع في هذا المستوى، وفي أغسطس هذا العام صرَّح المستشار الألماني «فريدريش ميرتس» إن بلاده لم تعد قادرة على تحمل تكاليف الرفاهية الاجتماعية. وفي بريطانيا وفرنسا، هناك توجه لإدخال تعديلات على نظام الرعاية الاجتماعية بحيث تشمل رفع سن التقاعد وتقليص الامتيازات وتقليص إعانات المرضى ذوي الحالات طويلة الأمد وخفض الإنفاق الحكومي على خدمات أخرى. مع العلم أن ألمانيا وفرنسا وبريطانيا هي أكبر القوى الاقتصادية في أوروبا، لكنها بدأت تشعر بأنها غير قادرة على تحمل تكاليف الرفاهية الاجتماعية، لأن استدامة الرفاهية الاجتماعية يتطلب ميزانيات قادرة على الدعم وتوفير مظلات الحماية الاجتماعية. إن تغيّر أسعار الطاقة عالميًّا، على سبيل المثال، قد يتسبب في إرباك منظومة الرفاهية الاجتماعية برمتها في كثير من البلدان.
وفي الوقت نفسه نجد أن هناك انتقادا كلاسيكيا لدول الرفاهية الاجتماعية، وهو أن هذه البرامج تعوِّد الناس على الاتكالية والاعتماد على الدولة في توفير الخدمات الأساسية، وهو ما يخلق سلوكيات اتكالية غير منتجة وغير مثابرة وغير مبادرة لدى الناس.
فعلى سبيل المثال، لو استعرضنا تجربة اليابان في الرفاهية الاجتماعية والتحديات التي أعقبتها، تُعد اليابان واحدة من أبرز النماذج العالمية في مجال الرفاه الاجتماعي، إذ استطاعت خلال العقود التي تلت الحرب العالمية الثانية أن تحقق مستوى متقدمًا من الخدمات الصحية والتعليمية، والضمان الاجتماعي. وقد ساعد هذا النموذج في تحقيق استقرار اجتماعي واقتصادي عالي انعكس على انضباط المجتمع الياباني وثقافة العمل الجماعي. غير أن هذا النموذج لم يَخلُ من التحديات، خاصة في المراحل التي تلت تحقيق مستويات متقدمة من الرفاه. وأبرز هذه التحديات تمثلت في ظهور مشكلات اجتماعية مثل شيخوخة السكان حيث أصبحت اليابان من أكثر الدول شيخوخة في العالم، مما زاد من أعباء الرعاية الصحية والتأمينات الاجتماعية، وقلّل من حجم القوة العاملة. كما أدّت معدلات المواليد المنخفضة إلى قلق كبير بشأن مستقبل النمو السكاني والتغير الديمغرافي للهرم السكاني.
كما بدأت ظاهرة العزلة الاجتماعية (Hikikomori)، وهي إحدى الظواهر السلبية التي صاحبت حالة الرفاه، حيث انسحب آلاف الشباب من الحياة العامة، مفضلين العزلة التامة، نتيجة لضغوط اجتماعية ونفسية متراكمة. إلى جانب ذلك، ظهر الإرهاق الوظيفي أو ما يُعرف بـ«كاروشي»، وهي حالات الوفاة الناتجة عن الإفراط في العمل، مما يوضح أن الرفاهية المعيشية لم تُقابل دائمًا بتحسن في جودة الحياة النفسية.
ومن الآثار الأخرى، ضعف دور الأسرة والمجتمع المحلي، وازدياد الاعتماد على الدولة في توفير الرعاية، ما خلق نوعًا من التراخي في الروابط المجتمعية التقليدية، التي كانت تلعب سابقًا دورًا أساسيًا في الدعم الاجتماعي.
وبالتالي تُظهر تجربة اليابان أن تحقيق الرفاه الاجتماعي، رغم كونه هدفًا نبيلًا، يجب أن يُدار بحذر، ويُصاحب بسياسات ديموغرافية وثقافية مستدامة، حتى لا يتحول إلى عبء اقتصادي واجتماعي طويل المدى.
والخلاصة أن الارتفاع الكبير في مؤشر الرفاهية هو إشارة إيجابية قوية يجب الاحتفاء بها، لكن لا يجب أن يكون غاية في حد ذاته. والتقييم الحقيقي يكون بفحص جودة واستدامة وشمولية هذا الارتفاع، ويبقى الارتفاع الكبير في الرفاهية الاجتماعية هو وسيلة لتحقيق حياة كريمة ومُرضية للناس.
علاقة تبادلية
من التساؤلات المهمة التي يثيرها موضوع التقدم الاجتماعي العالمي هو طبيعة العلاقة بين الظروف الاقتصادية والمؤشرات الاجتماعي. وهذا ما يوضحه لنا أستاذ الاقتصاد الدكتور أنيس الخياطي، لافتا إلى أن العلاقة بين الظروف الاقتصادية والمؤشرات الاجتماعية تعد علاقة معقدة، متبادلة ومتعددة الجوانب، حيث تؤثر الظروف الاقتصادية بشكل مباشر في العوامل الاجتماعية كالصحة والتعليم والرفاهية، بينما تؤثر الظروف الاجتماعية بدورها في النتائج الاقتصادية. وهذا الترابط يعني أن التغيرات في أحد الجانبين تؤثر حتمًا على الجانب الآخر.
وإجمالا، يمكن القول إن الوضع الاقتصادي يمكن أن يؤثر في المؤشرات الاجتماعية من خلال طرق متنوعة، من بينها:
•الإنفاق الحكومي: حيث يمكن للاقتصاد القوي أن يوفر للحكومات الموارد اللازمة لتمويل البرامج الاجتماعية، كالرعاية الصحية وتدعيم شبكة الأمان الاجتماعي. ولكن هذا يعتمد على سياسات تُعطي الأولوية للإنفاق الاجتماعي. كذلك، يسهم الاستثمار في البنية التحتية، مثل الطرق وشبكات الطاقة، في زيادة الإنتاجية وتحسين الوضع الاجتماعي ومستوى المعيشة بشكل عام.
•الفرص الاقتصادية: فالعوامل الاقتصادية مثل توفر الوظائف، ارتفاع الدخل والأجور، وإمكانية الحصول على القروض تتيح فرصًا أفضل للأفراد والأسر، مما يؤثر في مستوى معيشتهم ورفاهيتهم بشكل عام. كما يوفر النمو الاقتصادي القوي والمستدام أساساً متيناً للاستقرار الاجتماعي، ويسهم في خفض معدلات الجرائم، وزيادة الاندماج والثقة بين أفراد المجتمع.
• رأس المال البشري: فغالبًا ما يرتبط النمو الاقتصادي بزيادة الاستثمار في التعليم كزيادة عدد المؤسسات التعليمية والجامعات، مما قد يؤدي إلى قوى عاملة أكثر مهارة، وبالتالي، يعزز الإنتاجية ويحسن الأوضاع الاجتماعية. في المقابل، يمكن أن تحد الصعوبات الاقتصادية من فرص التعليم، وخاصةً للأفراد ذوي الدخل المنخفض، مما يؤدي بدوره إلى استمرار دورات الفقر.
• خيارات السياسات: عندما ننظر إلى طبيعة العلاقة بين الجانبين الاقتصادي والاجتماعي، نجد أنها تتشكل أساسا من خلال السياسات. ويمكن للسياسات الاجتماعية القوية أن تُخفف من الآثار الاقتصادية السلبية وتُرسي أسس التقدم الاجتماعي. في حين يمكن أن تؤدي المستويات العالية من عدم المساواة الاقتصادية إلى تآكل التماسك الاجتماعي، وقد تؤدي الفجوة الصارخة بين الأغنياء والفقراء إلى استقطاب اجتماعي وسياسي، مع احتمال أن يؤدي عدم الرضا إلى تأجيج التوتر وعدم الاستقرار.
من هنا يمكن القول إن الصلة بين البعدين الاقتصادي والاجتماعي ليست تلقائية، بل نتيجة للسياسات المتبعة. ومن المهم إدراك أن العلاقة بين الأوضاع الاقتصادية والمؤشرات الاجتماعية ليست علاقة أحادية الاتجاه. فهذه العوامل تعزز أو تقوض بعضها البعض باستمرار.
نقاط قوة
*أمام ذلك، ما نقاط القوة التي تدعم موقع البحرين في المؤشر؟ وما الجوانب التي تحتاج إلى تركيز أكبر؟
-عندما نفحص تفاصيل الأبعاد الثلاثة لمؤشر التقدم الاجتماعي، نجد أنها ترتكز على ثلاثة أبعاد:
الأول يركز على الحاجات البشرية الأساسية، ويتضمن أربعة جوانب هي: التغذية والصحة الأساسية، والمياه النظيفة، والسكن، والسلامة الشخصية.
والبعد الثاني (أسس العيش الكريم)، ويتضمن: أساسيات التعليم والوصول إلى المعرفة، والمعلومات والاتصالات، والصحة، والبيئة.
أما البعد الثالث (الفرص) فيتناول الحقوق الشخصية، والحرية الشخصية والاختيار، والتعليم العالي، والاندماج المجتمعي.
وهنا تشير بيانات مؤشر التقدم الاجتماعي لسنة 2025 إلى تحقيق جميع دول مجلس التعاون الخليجي درجات تفوق المتوسطين العالمي والإقليمي، حيث جاءت دولة الإمارات في صدارة دول المجلس بدرجة 74 نقطة، تليها الكويت بـ 75.6 نقطة، ثم قطر بـ 73.2 نقطة، والبحرين بـ 69.1 نقطة، والسعودية بـ 68.1 نقطة، فيما سجلت سلطنة عمان 71.2 نقطة.
ويشير أداء البحرين في مؤشر التقدم الاجتماعي إلى نقاط قوة في مجالات عديدة، وخاصة في مؤشرات البعدين الأول والثاني، حيث حققت المملكة معدلات إنجاز بنسبة 100% في عدد من المؤشرات الفرعية مثل مؤشر الحصول على خدمات الصرف الصحي الأساسية، ومؤشر الحصول على خدمات الكهرباء، ومؤشر استخدام الوقود النظيف والتكنولوجيا في الطهي، بالإضافة إلى مؤشر استخدام الإنترنت واستخدام الهواتف النقالة. كما حققت المملكة معدلات إنجاز عالية في مؤشرات أخرى كثيرة.
مع ذلك، ربما يبقى الأداء أقل في المجالات المتعلقة بالجودة البيئية كمؤشر تلوث الهواء الخارجي (بمعدل إنجاز 46.72%) ومؤشر تلوث الجسيمات الدقيقة العالقة في الهواء (بمعدل إنجاز 38%)، والتي ظلت بعيدة عن المتوسط العالمي.
وبما أن مؤشر التقدم الاجتماعي يحسب بناء على معدل المؤشرات الفرعية، كان لزاما محاولة تحسين كل المؤشرات للحصول على أفضل النتائج.
في هذا الإطار، يمكن تحسين تلوث الهواء من خلال مجموعة من الاستراتيجيات الاقتصادية، من ذلك:
- استثمار أكبر في الطاقة المتجددة: مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، مما من شأنه أن يقلل التكاليف على المدى الطويل ويخلق فرص عمل جديدة في قطاع الطاقة المتجددة.
- زيادة كفاءة الطاقة: من خلال تحسين كفاءة استخدام الطاقة في المباني والنقل والصناعات.
- تشجيع الابتكار التكنولوجي: من خلال دعم الشركات التي تطور تقنيات نظيفة، مثل تقنيات احتجاز الكربون أو المواقد المحسنة، مما يخلق فرصاً اقتصادية جديدة ويدعم الابتكار.
- تطبيق السياسات التحفيزية: كتسعير الكربون من خلال فرض ضريبة على انبعاثات الكربون لتشجيع الصناعات على الحد من انبعاثاتها، وتحويل الدعم إلى الطاقة المتجددة.
- خلق أسواق جديدة: كأسواق الكربون وتطوير وبيع منتجات تعزز بيئة نظيفة، مثل السيارات الكهربائية، أو حلول كفاءة الطاقة، أو مواد البناء المستدامة.

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك