العدد : ١٧٤٢٥ - الأحد ٠٧ ديسمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ١٦ جمادى الآخر ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٤٢٥ - الأحد ٠٧ ديسمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ١٦ جمادى الآخر ١٤٤٧هـ

الصفحة الأخيرة

علاقة مقلقة بين تلوث الهواء وزيادة خطر السمنة والسكري

الاثنين ١٣ أكتوبر ٢٠٢٥ - 02:00

كشفت‭ ‬دراسة‭ ‬دولية‭ ‬أن‭ ‬التعرض‭ ‬طويل‭ ‬الأمد‭ ‬لتلوث‭ ‬الهواء‭ ‬بالجسيمات‭ ‬الدقيقة‭ ‬يضعف‭ ‬الصحة‭ ‬الأيضية‭ ‬عبر‭ ‬تعطيل‭ ‬الوظيفة‭ ‬الطبيعية‭ ‬للدهون‭ ‬البنية‭ ‬في‭ ‬الجسم‭. ‬وتشير‭ ‬الأبحاث‭ ‬الحديثة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تلوث‭ ‬الهواء‭ ‬لا‭ ‬يؤثر‭ ‬في‭ ‬الرئتين‭ ‬والقلب‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬يمتد‭ ‬ضرره‭ ‬إلى‭ ‬الجهاز‭ ‬الأيضي‭ ‬أيضا،‭ ‬حيث‭ ‬يرتبط‭ ‬بارتفاع‭ ‬مخاطر‭ ‬الإصابة‭ ‬باضطرابات‭ ‬مثل‭ ‬داء‭ ‬السكري‭ ‬من‭ ‬النوع‭ ‬الثاني‭ ‬ومقاومة‭ ‬الأنسولين‭. ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬قاد‭ ‬فرانشيسكو‭ ‬بانيني،‭ ‬الأستاذ‭ ‬في‭ ‬مركز‭ ‬أمراض‭ ‬القلب‭ ‬الانتقالية‭ ‬والتجريبية‭ ‬بجامعة‭ ‬زيورخ‭ ‬ومستشفى‭ ‬زيورخ‭ ‬الجامعي،‭ ‬دراسة‭ ‬بحثية‭ ‬لتسليط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الرابط‭ ‬بين‭ ‬تلوث‭ ‬الهواء‭ ‬والاضطرابات‭ ‬الأيضية‭ (‬وما‭ ‬ينجم‭ ‬عنها‭ ‬من‭ ‬أمراض‭ ‬مثل‭ ‬السمنة‭).‬

وعرّض‭ ‬الباحثون‭ ‬فئرانا‭ ‬مختبرية‭ ‬لجزيئات‭ ‬دقيقة‭ ‬من‭ ‬نوع‭ ‬PM2.5‭ ‬‭ ‬جسيمات‭ ‬يقل‭ ‬قطرها‭ ‬عن‭ ‬2‭.‬5‭ ‬ميكرومتر‭ ‬ويمكن‭ ‬أن‭ ‬تُستنشق‭ ‬بعمق‭ ‬داخل‭ ‬الرئتين‭ ‬‭ ‬مدة‭ ‬ست‭ ‬ساعات‭ ‬يوميا،‭ ‬خمسة‭ ‬أيام‭ ‬في‭ ‬الأسبوع،‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬24‭ ‬أسبوعا،‭ ‬في‭ ‬تجربة‭ ‬تحاكي‭ ‬التعرض‭ ‬المزمن‭ ‬لتلوث‭ ‬المدن‭. ‬وبعد‭ ‬نحو‭ ‬خمسة‭ ‬أشهر،‭ ‬أظهرت‭ ‬الفئران‭ ‬المعرضة‭ ‬لتلك‭ ‬الجسيمات‭ ‬اضطرابات‭ ‬أيضية‭ ‬واضحة،‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬ضعف‭ ‬حساسية‭ ‬الأنسولين‭ ‬وتدهور‭ ‬وظيفة‭ ‬الدهون‭ ‬البنية،‭ ‬وهي‭ ‬الأنسجة‭ ‬المسؤولة‭ ‬عن‭ ‬توليد‭ ‬الحرارة‭ ‬وحرق‭ ‬السعرات‭ ‬الحرارية‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬توازن‭ ‬الطاقة‭ ‬في‭ ‬الجسم‭. ‬وأظهرت‭ ‬التحاليل‭ ‬الجزيئية‭ ‬أن‭ ‬التعرض‭ ‬لجزيئات‭ ‬PM2.5‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬اختلال‭ ‬في‭ ‬التعبير‭ ‬الجيني‭ ‬داخل‭ ‬خلايا‭ ‬الدهون‭ ‬البنية،‭ ‬حيث‭ ‬تعطلت‭ ‬الجينات‭ ‬المسؤولة‭ ‬عن‭ ‬إنتاج‭ ‬الحرارة‭ ‬واستقلاب‭ ‬الدهون‭ ‬والتعامل‭ ‬مع‭ ‬الإجهاد‭ ‬التأكسدي‭. ‬

كما‭ ‬سُجلت‭ ‬زيادة‭ ‬في‭ ‬تراكم‭ ‬الدهون‭ ‬وظهور‭ ‬مؤشرات‭ ‬تلف‭ ‬وتليّف‭ ‬في‭ ‬الأنسجة‭. ‬وتبين‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الاضطرابات‭ ‬ناتجة‭ ‬عن‭ ‬تغيرات‭ ‬فوق‭ ‬جينية‭ ‬تشمل‭ ‬تعديلات‭ ‬في‭ ‬مثيلة‭ ‬الحمض‭ ‬النووي‭ ‬وإعادة‭ ‬تشكيل‭ ‬بنية‭ ‬الكروماتين‭ (‬المادة‭ ‬التي‭ ‬يتكوّن‭ ‬منها‭ ‬الكروموسوم‭ ‬داخل‭ ‬نواة‭ ‬الخلية‭)‬،‭ ‬ما‭ ‬يؤثر‭ ‬في‭ ‬قدرة‭ ‬الجينات‭ ‬على‭ ‬التنشيط‭ ‬أو‭ ‬التثبيط‭ ‬دون‭ ‬تغيير‭ ‬الشفرة‭ ‬الوراثية‭ ‬ذاتها‭. ‬وقد‭ ‬حدد‭ ‬الباحثون‭ ‬إنزيمين‭ ‬رئيسيين‭ ‬يسهمان‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬العملية،‭ ‬هما‭ ‬HDAC9‭ ‬وKDM2B،‭ ‬إذ‭ ‬يقومان‭ ‬بتعديل‭ ‬بروتينات‭ ‬‮«‬هستون‮»‬‭ ‬التي‭ ‬يلتف‭ ‬حولها‭ ‬الحمض‭ ‬النووي‭. ‬وأظهر‭ ‬التحليل‭ ‬أن‭ ‬زيادة‭ ‬نشاط‭ ‬هذين‭ ‬الإنزيمين‭ ‬ارتبطت‭ ‬بانخفاض‭ ‬العلامات‭ ‬الكيميائية‭ ‬التي‭ ‬تعزز‭ ‬التعبير‭ ‬الجيني‭ ‬الطبيعي‭ ‬في‭ ‬خلايا‭ ‬الدهون‭ ‬البنية‭.‬

ويقول‭ ‬بانيني‭: ‬‮«‬عندما‭ ‬قمنا‭ ‬بتثبيط‭ ‬نشاط‭ ‬هذين‭ ‬الإنزيمين‭ ‬تجريبيا،‭ ‬تحسنت‭ ‬وظيفة‭ ‬الدهون‭ ‬البنية‭ ‬بشكل‭ ‬ملحوظ،‭ ‬بينما‭ ‬أدى‭ ‬تنشيطهما‭ ‬إلى‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬التدهور‭ ‬الأيضي‮»‬‭. ‬وتؤكد‭ ‬نتائج‭ ‬الدراسة‭ ‬أن‭ ‬تلوث‭ ‬الهواء‭ ‬بالجسيمات‭ ‬الدقيقة‭ ‬يشكل‭ ‬خطرا‭ ‬مباشرا‭ ‬على‭ ‬التوازن‭ ‬الأيضي‭ ‬في‭ ‬الجسم،‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬عبر‭ ‬الالتهابات‭ ‬أو‭ ‬الإجهاد‭ ‬التأكسدي،‭ ‬بل‭ ‬أيضا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تغيير‭ ‬الطريقة‭ ‬التي‭ ‬تُنظّم‭ ‬بها‭ ‬الجينات‭ ‬داخل‭ ‬الخلايا‭.‬

ويختم‭ ‬بانيني‭ ‬قائلا‭: ‬‮«‬تساعدنا‭ ‬هذه‭ ‬النتائج‭ ‬في‭ ‬فهم‭ ‬أعمق‭ ‬لكيفية‭ ‬إسهام‭ ‬الملوثات‭ ‬البيئية‭ ‬مثل‭ ‬PM2.5‭ ‬في‭ ‬تطور‭ ‬الأمراض‭ ‬الأيضية،‭ ‬كما‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬أهداف‭ ‬جديدة‭ ‬محتملة‭ ‬للوقاية‭ ‬والعلاج‮»‬‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا