كابول - (أ ف ب): أكدت حكومة حركة طالبان أمس الأحد استحالة إبرام أي اتفاق تعود بموجبه السيطرة على قاعدة باجرام الجوية في أفغانستان إلى واشنطن، بعدما توعد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بمعاقبة كابول في حال رفضها ذلك. وكان ترامب قد كشف خلال زيارة الدولة التي أجراها للمملكة المتحدة هذا الأسبوع، رغبته في استعادة القاعدة التي كانت تحت سيطرة واشنطن قبل الانسحاب من أفغانستان في عام 2021. وامس الأحد، قال قائد الجيش الأفغاني فصيح الدين فطرت: «أخيرا، قال البعض إنهم دخلوا مفاوضات مع أفغانستان لاستعادة قاعدة باجرام الجوية»، بحسب تصريحات أوردتها وسائل إعلام محلية. وأضاف أن «الاتفاق حتى على شبر واحد من أراضي أفغانستان مستحيل».
وتوعّد ترامب أفغانستان يوم السبت بـ«أمور سيئة» في حال امتنعت عن التجاوب مع طرحه بشأن قاعدة باجرام. وكتب على منصته تروث سوشال: «إذا لم تُعد أفغانستان قاعدة باجرام الجوية إلى من بناها، أي الولايات المتحدة الأمريكية، فستحدث أمور سيئة». ومن دون أن يأتي على ذكر واشنطن، أوضح فطرت أن «بعض الأشخاص» يريدون استعادة القاعدة من خلال «اتفاق سياسي». أضاف «لسنا في حاجة إليه».
وكان الرئيس الأمريكي قد أثار على نحو مفاجئ يوم الخميس فكرة استعادة السيطرة على القاعدة، وذلك خلال مؤتمر صحفي مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، في اليوم الأخير من زيارة دولة قام بها للمملكة المتحدة. وقال: «نريد استعادة تلك القاعدة»، مشيرا إلى أن «أحد الأسباب التي تجعلنا نريد القاعدة هو، كما تعلمون، أنها تبعد ساعة عن المكان الذي تصنع فيه الصين أسلحتها النووية». والسبت، سأل صحفيون في البيت الأبيض الرئيس الأمريكي ما إذا كان يدرس إرسال قوات أمريكية لاستعادة باجرام، فرد قائلا: «لن نتحدث عن ذلك، لكننا نتحاور الآن مع أفغانستان، ونريدها أن تعود في وقت قريب، فورا. وإذا لم يفعلوا ذلك، ستكتشفون ما الذي سأفعله»، من دون الخوض في أي تفاصيل.
وتقع قاعدة باجرام الجوية على مسافة 50 كيلومترا شمال كابول، وكانت محورية في العمليات العسكرية التي نفذتها الولايات المتحدة في البلاد مدة عقدين بعد غزوها للإطاحة بطالبان عقب هجمات 11 سبتمبر. لكن القوات الأمريكية وتلك التابعة لحلف شمال الأطلسي انسحبت من القاعدة في يوليو 2021 مع سيطرة طالبان على أجزاء واسعة من أفغانستان وزحفها سريعا نحو كابول، وصولا الى السيطرة على البلاد بأكملها.
وبُنيت القاعدة الجوية بمساعدة سوفيتية في خمسينيات القرن الماضي، ووسّعتها الولايات المتحدة خلال الحرب الباردة، ثم طورّها الروس واستخدموها خلال غزو أفغانستان بين عامي 1979 و1989. في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، كانت هذه القاعدة الضخمة الخاضعة لحراسة شديدة، أشبه بمدينة فعلية، اذ كانت تضم بعض المتاجر ومطعما لسلسلة «برغر كينغ» وسجنا. وتعاقب على العمل فيها مئات الآلاف من العسكريين والمتعاقدين. وزارها الرئيسان باراك أوباما (2012) وترامب (2019) خلال ولايته الأولى.
وقد أثارت منظمات بينها العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش مزاعم بحصول انتهاكات ممنهجة لحقوق الإنسان من قبل القوات الأمريكية في هذه القاعدة، خاصة فيما يتعلق بمعتقلي «الحرب على الإرهاب». وانسحبت قوات الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي من باجرام بشكل فوضوي في يوليو 2021، مع سيطرة طالبان على أجزاء واسعة من أفغانستان. وأثارت سيطرة الحركة على كابول في 15 اغسطس وعودتها الى الحكم بعد عقدين من الغزو الأمريكي، مخاوف الغربيين الذين غادروا في حال من الذعر. ومنذ عودته إلى السلطة ينتقد ترامب التخلي عن القاعدة ويحمّل سلفه جو بايدن المسؤولية بسبب طريقة إدارته للانسحاب الأمريكي من أفغانستان. ولكن واشنطن ابرمت أثناء ولاية ترامب الاولى في عام 2020 اتفاقا مع طالبان في الدوحة، ما مهد الطريق للانسحاب الأمريكي.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك